مخطط حوثي للتخلص من القضاة «المناوئين» عبر محاكم التفتيش

مسلحون حوثيون في محافظة الجوف اليمنية يهتفون بشعار الجماعة بعد حصولهم على حصص غذائية (وسائل إعلام حوثية)
مسلحون حوثيون في محافظة الجوف اليمنية يهتفون بشعار الجماعة بعد حصولهم على حصص غذائية (وسائل إعلام حوثية)
TT

مخطط حوثي للتخلص من القضاة «المناوئين» عبر محاكم التفتيش

مسلحون حوثيون في محافظة الجوف اليمنية يهتفون بشعار الجماعة بعد حصولهم على حصص غذائية (وسائل إعلام حوثية)
مسلحون حوثيون في محافظة الجوف اليمنية يهتفون بشعار الجماعة بعد حصولهم على حصص غذائية (وسائل إعلام حوثية)

حذّرت مصادر قضائية في صنعاء من مخطط لتطهير جهاز القضاء من القضاة الذين لا يؤيدون الفكر الطائفي لميليشيات الحوثي، أو يرفضون الرضوخ لتوجيهات ما تسمى «المنظومة العدلية» التي أسستها الميليشيات، ووضعت ابن عم زعيمها محمد الحوثي على رأسها.
قرار تشكيل لجان لمراقبة القضاة والعاملين في المحاكم ومحاكمتهم، هو الأداة التي ستستخدم لتحقيق هذه الغاية، طبقاً للمصادر التي فضلت حجب هويتها خشية البطش، بعدما تمكنت الميليشيات من تسريح أكثر من 120 ألف معلم يعارضون التوجهات الطائفية، من خلال قطع رواتبهم وفصلهم من الخدمة والتضييق عليهم وقامت بإحلال عناصر طائفيين بدلاً منهم.
ورغم أن وجود الميليشيات الانقلابية غير قانوني، فإنهم استولوا على السلطة بالقوة في سبتمبر (أيلول) 2014، وعلى مؤسسات الدولة، ويواجهون انتقادات لاذعة واتهامات بالفشل في إدارة المؤسسات المختطفة.
وقال قاضيان في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحوثيين وبعدما فشلوا في ترويض غالبية القضاة والسيطرة الكاملة على الجهاز القضائي من خلال تعيين أحد قادتها على رأس ما يسمى مجلس القضاء الأعلى، تحولوا نحو التدرج في تلك المساعي من خلال تشكيل ما تسمى «المنظومة العدلية»، ضمن تقاسم مؤسسات الدولة اليمنية، حيث أوكلت هذه المهمة إلى القيادي محمد الحوثي.
بدأ الحوثي مهامه - بحسب المصادر - بتغيير أكثر من 500 محرر عقود قانونية وشرعية، ومنع عملية بيع وشراء العقارات إلا بموافقة مسبقة من المنظومة التي يرأسها، وهو ما مكنه من الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي في صنعاء وبقية المحافظات، في الوقت الذي يواصل سعيه لتطبيق خطة تسريح محرري العقود الشرعية في جهاز القضاء.
ويقول صادق، وهو أحد القضاة طلب الإشارة إلى اسمه الأول فقط، إن قرار تشكيل لجان إدارية لمراقبة ومحاكمة القضاة والعاملين في المحاكم، خطوة تستهدف أساساً القضاة الذين يتمسكون باستقلاليتهم ويعارضون التوجهات الحوثية أو مطالب القيادات الانقلابية بإصدار أحكام لصالحها، كما تهدف إلى إعادة سيطرة العناصر التي تنتمي إلى الجماعة سلالياً أو تناصرهم سياسياً على جهاز القضاء كما كان ذلك قبل أن يتم إنهاء هذه السيطرة خلال العقدين الماضيين.
وأشار إلى أن الحوثي اعتمد على قطع الرواتب كأداة لتطفيش العاملين في القضاء، ومع ذلك صمدوا وتحملوا كثيراً من المعاناة جراء اعتمادهم على نصف راتب شهري، لكنه عاد اليوم إلى ما يقول إنه نظام «أنصف الناس من نفسك».
أما القاضي عبد الجبار وهو الآخر اكتفى باسمه الأول خشية الانتقام، فيوضح أن الاستقالات المتواصلة للقضاة وأعضاء النيابة وإن ذكر فيها أنها لأسباب مرتبطة بالوضع المعيشي نتيجة صرف نصف راتب فقط، لكن الحقيقة أنها مرتبطة بمحاكم التفتيش التي جرى تشكيلها وتستهدف إهانة القضاة والعاملين في السلطة القضائية.
وقال القاضي: «لو كانت الاستقالات بسبب الرواتب فلماذا لم تقدم منذ ثلاثة أعوام لأن القضاة يستلمون نصف راتب فقط نتيجة قرار الحوثيين منع تداول الطبعة الجديدة من العملة في مناطق سيطرتهم، ما اضطر وزارة العدل في الحكومة الشرعية إلى وقف تحويل رواتب أعضاء السلطة القضائية». وتوقع عبد الجبار أن تتواصل الاستقالات، وجزم أنها تخدم توجهات الحوثيين وتحقق أهدافهم في تسريح القضاة الذين يرفضون المساس باستقلالية سلطتهم أو العمل وفق توجهات طائفية، قائلاً: «إن المواجهة هي الخيار المناسب فهناك نصوص دستورية وقانونية تجرم المساس باستقلال القضاة».
يؤكد المحامي وليد عقلان أن الحوثي يهدف إلى الدفع بخيرة القضاة إلى الاستقالة من أجل إحلال المقربين من الميليشيات، ويرى أن إسداء النصائح لهؤلاء القضاة بعدم إفساح المجال للحوثي لتنفيذ مخططه العبثي هو الوسيلة المناسبة.
وأضاف عقلان: «القضاة رجال موقف، صبروا حتى بلغت الحلقوم، صبروا على انعدام الرواتب لفترات، صبروا على المضايقات والتضييق عليهم، من أجل الناس، لكنّ للصبر حدوداً، فكيف يصبر قاضٍ وهو يدرك أن هناك مشرفاً لا يعرف كوعه من بوعه، يترصد به بل وسيطلب منه الحضور كلما قدمت شكوى ضده، وأي إهانة أكثر من هذه للقضاة».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.