الرئيس المصري يبدأ اليوم زيارة «محفوفة بالأزمات» إلى ألمانيا

تتزامن مع جلسة «إعدام مرسي».. وأنباء عن مد أجل الحكم

الرئيس المصري يبدأ اليوم زيارة «محفوفة بالأزمات» إلى ألمانيا
TT

الرئيس المصري يبدأ اليوم زيارة «محفوفة بالأزمات» إلى ألمانيا

الرئيس المصري يبدأ اليوم زيارة «محفوفة بالأزمات» إلى ألمانيا

يبدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم (الثلاثاء) زيارة رسمية مرتقبة إلى العاصمة الألمانية برلين، يلتقي خلالها المستشارة أنجيلا ميركل. لكن الزيارة، التي سبقتها انتقادات ألمانية كبيرة لأوضاع حقوق الإنسان في مصر خاصة أحكام الإعدام الصادرة بحق قيادات الإخوان المسلمين، تعد محفوفة بالأزمات خاصة في توقيتها المتزامن مع جلسة تعقدها محكمة جنايات القاهرة اليوم للنطق بالحكم على الرئيس الأسبق محمد مرسي والعشرات من قيادات الإخوان على رأسهم مرشد الجماعة محمد بديع، في قضيتي الهروب من السجن والتخابر، بعد أن أحالت أوراقهم في الجلسة الماضية إلى المفتي تمهيدا للحكم بإعدامهم.
وبينما نقلت وسائل إعلامية «قومية» عن مصادر قضائية توقعاتها بقيام قاضي المحكمة بمد أجل النطق بالحكم، في ظل أنباء عن «عدم انتهاء المفتي من إعداد رأيه الشرعي»، رغم أنه غير ملزم قانونا. قال المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية السفير السيد أمين شلبي لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المنتظر أن يثير الوجود الإخواني والتركي، غير القليل في ألمانيا، بعض التشويش على زيارة السيسي، من خلال إقامة تظاهرات وتأجيج المنظمات الحقوقية الغربية على مصر»، لكنه أشار أيضا إلى «وجود إشارات مشجعة في المقابل بعد أن أعلن عدد من الجاليات المصرية في أوروبا توجههم إلى برلين لإظهار الدعم الشعبي للسيسي».
وتشكل زيارة السيسي إلى ألمانيا منعطفا كبيرا في العلاقات السياسية بين البلدين، بعد أن كانت برلين أحد أبرز الدول التي تحفظت على عزل مرسي عام 2013، وما تبعه من إجراءات تتعلق بالمسار الديمقراطي.
ويصل السيسي إلى ألمانيا مساء اليوم، وقال محمد حجازي سفير مصر في برلين إن الجالية المصرية في ألمانيا ستستقبله بوقفة ترحيب وتأييد أمام مقر إقامته بالعاصمة، فيما يبدأ برنامج زيارته بلقائه صباح غدا (الأربعاء) الرئيس الألماني يواخيم جاوك في قصر الرئاسة البوليفو، قبل أن يتوجه للقاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في جلسة مباحثات ثنائيه تشمل الأوضاع في الداخل المصري، وسبل تعزيز العلاقات بين البلدين وجهود مكافحة الإرهاب، وكذلك الأوضاع في المنطقة.
عقب المباحثات يعقد السيسي والمستشارة الألمانية مؤتمرا صحافيا، بعدها يتوجه إلى مقر إقامته حيث يستقبل وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير، يلي ذلك توجهه إلى وزارة الاقتصاد، حيث يلقي كلمة الختام في الملتقى الاقتصادي الألماني المصري، بحضور وزير الاقتصاد زيجمار جابريال، حيث يتم التوقيع على أربع اتفاقيات هامة مع شركة «سيمنز» الألمانية في مجال الطاقة، بحضور وزير التجارة والصناعة المصري منير فخري عبد النور، ووزيرة التعاون الدولي نجلاء الأهواني.
وفي اليوم الثاني للزيارة يلتقي السيسي كبار رجال الأعمال الألمان، وفولكر كاودر زعيم الكتلة البرلمانية لاتحاد الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الاجتماعي المسيحي بالبرلمان الألماني «البوندستاج»، وعدد من البرلمانيين.
يرافق السيسي وفد رسمي كبير يضم وزراء ورجال أعمال وإعلاميين بالإضافة إلى عدد كبير من الفنانين المصريين. وقال السفير حجازي إن «الزيارة تأتي في منعطف هام تمر به أوروبا والمنطقة يستلزم التشاور والتنسيق على أعلى المستويات من جانب القيادة السياسية في البلدين». وأوضح حجازي في تصريحات له نشرتها وكالة أنباء الشرق الأوسط «الرسمية» أن الدور الذي قامت به مصر على مدار فترة تولي السيسي الحكم أثبت بما لا يدع مجالا للشك قدرتها على استعادة المبادرة الإقليمية وكذلك استعادة حيويتها الاقتصادية والتصدي للهجمة الإرهابية الشرسة التي تتعرض لها دول المنطقة والتي باتت تلاحق أوروبا حاليا، خصوصا فيما يتعلق بالتدفقات المستمرة للاجئين والجريمة المنظمة والهجرات غير الشرعية وفلول الإرهاب.
وأضاف السفير: «برنامج الزيارة سيكون حافلا بموضوعاته السياسية والاقتصادية والاستثمارية، وسط تطور في الميزان التجاري بين مصر وألمانيا الذي يصل لأعلى رقم له في عام 2014 وهو 4.4 مليار يورو».
وسبق الزيارة جدل دبلوماسي بين القاهرة وبرلين، بعد أن وجه وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير، ورئيس البرلمان نوربرت لامرت، انتقادات إلى القاهرة بسبب قرار إحالة أوراق مرسي وعدد من قيادات جماعة الإخوان البارزين إلى المفتي لاستطلاع رأيه في حكم متوقع بإعدامهم.
وأعلن لامرت أنه قرر «إلغاء» لقاء مقرر مع الرئيس المصري خلال زيارته لبرلين، موضحا أن السبب يعود إلى «انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر». كما أكدت الحكومة الألمانية أنها ستناقش وضع حقوق الإنسان في مصر. وقال المتحدث شتيفن زايبرت الجمعة الماضية إن «الحكومة الألمانية تقوم بتقييم وضع حقوق الإنسان في مصر في جميع اللقاءات التي تجمعها مع المسؤولين المصريين».
لكن السفير السيد أمين شلبي، المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية، قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إن العلاقات المصرية الألمانية علاقات «تقليدية»، مشيرًا إلى أنه «رغم بعض الغيوم في العلاقات بين البلدين بعد «ثورة 30 يونيو» والشكوك التي سادت لدى المسؤولين الألمان فيما يتعلق بمسار مصر الديمقراطي، لكن هناك لقاء لا يلتفت إليه الكثيرون، وهو اجتماع السيسي بميركل في دافوس بسويسرا مطلع العام الحالي، حيث أعادت المستشارة فيما يبدو تقييمها لشخصية السيسي واقتناعها بأنه القائد الذي يمكن التعاون معه».
وتابع: «رغم التشويش الذي تثيره بعض التيارات في ألمانيا، مدعومة بالوجود الإخواني غير القليل، إضافة إلى الوجود المكثف للجالية التركية في ألمانيا، كان هناك نوع من التصميم من الجانب الألماني والمصري على إتمام هذه الزيارة، فالسياسية المصرية تدرك أن المواجهة في هذه الحالات أمر أفضل».
وتعد تركيا من أبرز الدول المعارضة للنظام المصري الحالي، كما تستضيف المئات من قيادات جماعة الإخوان على أراضيها.
وأضاف شلبي أن «مصر تدرك وجود تحفظات ألمانية فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان وقضايا الحريات، لكنها ستقوم بمواجهة ذلك عبر توضيح الصورة والحقائق والتطورات السياسية في مصر». ونوه السفير السابق إلى قيام الجاليات المصرية ومنظمات المجتمع المدني المصرية في أوروبا بحشد لاستقبال السيسي في ألمانيا لإظهار الدعم الشعبي له.
من جهة أخرى، تصدر محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بأكاديمية الشرطة (شرق القاهرة)، اليوم (الثلاثاء)، حكمها في قضيتي اقتحام السجون والتخابر، المتهم فيهما العشرات من قيادات جماعة الإخوان، على رأسهم مرسي.
وكانت المحكمة قد قررت الشهر الماضي إحالة أوراق مرسي و106 آخرين للمفتي في قضية «اقتحام السجون»، كما أحالت أوراق 16 من قيادات الإخوان للمفتي في قضية «التخابر»، وحددت جلسة 2 يونيو (حزيران) المقبل للنطق بالحكم. وأثار الحكم انتقادات من عدة منظمات ودول. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن مفتى الجمهورية شوقي علام، لم ينته بعد من إعداد تقرير الرأي الشرعي، والذي يعد غير ملزم للقاضي، لكن القاضي يفضل دائما الأخذ به لاستناده للأحكام الشرعية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم