الثني: ميليشيات «فجر ليبيا» سلمت سرت إلى تنظيم داعش

الكتيبة 166 تتهم البرلمان السابق بعرقلة دعمها قبل انسحابها من مدينة القذافي

عناصر من حرس الحدود والجمارك الليبية في عرض بالعاصمة طرابلس أمس (أ.ف.ب)
عناصر من حرس الحدود والجمارك الليبية في عرض بالعاصمة طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

الثني: ميليشيات «فجر ليبيا» سلمت سرت إلى تنظيم داعش

عناصر من حرس الحدود والجمارك الليبية في عرض بالعاصمة طرابلس أمس (أ.ف.ب)
عناصر من حرس الحدود والجمارك الليبية في عرض بالعاصمة طرابلس أمس (أ.ف.ب)

اتهم عبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا، ميليشيات «فجر ليبيا» التي تسيطر على العاصمة طرابلس، بتسليم مدينة سرت الساحلية ومسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي تسليما مباشرا إلى تنظيم داعش، واعتبر أن «ما حدث هو تواطؤ كبير جدا بتسليم مدينة بالكامل لهذه المجموعات الإرهابية».
ولفت الثني في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس بمقر الحكومة في مدينة البيضاء، إلى أن مجموعة «فجر ليبيا» تحركت منذ أكثر من شهر ونصف ووصلت للهلال النفطي محاولة منها للاستيلاء على مصدر دخل الشعب الليبي والتعدي عليه، وقال: إن «السؤال الذي يطرح نفسه كيف استطاعت هذه المجموعات أن تصل لهذا المكان رغم وجود مجموعة (داعش) في مدينة سرت وأيضا انسحابها ورجوعها».
ورأى أن «سيطرة (داعش) مؤشر سلبي وانتشارها في سرت ما لم تتوحد الصفوف ولم يتم رفع التسليح سيتمدد هذا السرطان وسيصل لمدن أخرى وستكون عملية المقاومة كبيرة جدًا وسيدفع الشعب ثمنا كبيرا للقضاء على هذه المجموعات».
واستغرب الثني عدم اتخاذ المجتمع الدولي موقفا حازما حيال ما يحدث في ليبيا، واستنكر موقفه المتخاذل، لافتا إلى أنه إذا بقي المجتمع الدولي ساكتا فإن المدن الليبية سيصلها تهديد هذه المجموعات مدينة تلو المدينة ويصبح القضاء على هذه المجموعات صعبا جدا، مشيرا إلى أن ما يحدث في العراق الآن دليل على ذلك.
وطالب المجتمع الدولي بالقيام بواجباته تجاه ما يحدث في ليبيا ورفع الحظر عن التسليح حتى يستطيع الجيش الليبي أن يواجه هذه المجموعات لحماية سكان المدن والنساء والأطفال والقضاء على الإرهاب في ليبيا.
وحول محاولة اغتياله الفاشلة الأسبوع الماضي لدى خروجه من مقر مجلس النواب بمدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، كشف الثني النقاب عن تلقيه رسالة تهديد من شخص يدعى فرج بو الخطابية شخصيا عن طريق علي القطراني النائب بمجلس النواب.
وقال: إن فحوى الرسالة أن وصوله لمدينة طبرق سيتحمل المسؤولية والتداعيات التي ستطرأ نتيجة ذلك، مشيرا إلى أنه أحال الرسالة الخطية إلى المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الذي قال في المقابل بأن هذا التهديد ليس له أي معنى وعلى الحكومة أن تأتي لمدينة طبرق للمساءلة.
وشدد على أن التحقيق في محاولة قتله يجب أن يشمل آمر الحرس الرئاسي لأنه هو من طلب من الحكومة المغادرة، مطالبا مجلس النواب بفتح تحقيق شفاف ليعلم الجميع الأسباب.
وتابع الثني «وامتثلنا لتعليمات السيد الرئيس وذهبنا لمدينة طبرق وحدث ما حدث، ونطالب السيد رئيس مجلس النواب باتخاذ الإجراءات القانونية حيال كل من تشوبه شائبة فيما حدث يوم الثلاثاء الماضي وأن يأخذ القانون مجراه».
وقال الثني إن حكومته جاهزة للمساءلة أمام البرلمان وإنها لم تتهرب منها وكانت على استعداد تام للإجابة على أسئلة النواب، موضحا أن حكومته تعمل بميزانية هي قرض من المصارف التجارية وقيمتها 1.5 مليار دولار أميركي فقط.
من جهتها، دعت ميليشيات فجر ليبيا من تبقى من أعضاء الجماعة الليبية المقاتلة وقيادات الإخوان المسلمين وقادة مجلس شورى ثوار بنغازي، لإصدار بيانات إعلامية يعلنون فيها تبرؤهم من تنظيم داعش الإرهابي، وطالبتهم بالالتحاق فورا بجبهات القتال بأقصى سرعة لقطع الطريق على المتربصين بالثورة والثوار.
وقالت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «لهذا ندعو هؤلاء أن يعلنوا عاجلا غير آجل فك أحزابهم وجماعاتهم إن وجدت أيضا، لقطع الطريق على من يتربص بالثورة والقضاء عليها في آخر فصولها».
وحثت قادة «فجر ليبيا» على ضرورة وسرعة تشكيل قوة من كل المدن والقبائل برئاسة العقيد طيار صلاح بادي للتحرك العاجل والسريع تجاه مدينة سرت ومساندة الكتيبة 166 امتثالا لأوامر نوري أبو سهمين القائد الأعلى للجيش الليبي ورئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق غير المعترف به دوليا.
لكن الكتيبة 166 التابعة لحكومة طرابلس اتهمت في المقابل، البرلمان السابق بإعاقة دعمها، وقالت في بيان بثته صفحتها الرسمية على «فيسبوك»: «لو تمكن تنظيم داعش من التفشي، فالمسؤول الأول عن تفشي هذا المرض هو المؤتمر العام».
وطالبت الكتيبة التي كانت قد تخلت عن قواعدها في سرت بعدما كانت مكلفة بتأمين المواقع الحيوية والرسمية بداخلها، المجلسين البلدي والعسكري لمدينة مصراتة بتحمل مسؤولياتهما تجاه ما حدث.
إلى ذلك، أعلنت السلطات الأمنية في العاصمة طرابلس العثور على جثة عضو البرلمان السابق سالم الهمالي الذي اختطف قبل نحو عشرة أيام في منطقة أسبيعة في الضواحي الجنوبية للعاصمة.
واختطف مجهولون الهمالي عضو البرلمان السابق عن مدينة ترهونة، خلال توجهه إلى مقر إقامته في ترهونة التي تبعد نحو 80 كيلومترا جنوب طرابلس.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».