حل لغز الاحمرار الدائم للمريخ

«شياطين الغبار» والرياح النهارية سبب الضباب المستمر

«شياطين الغبار» تتسبب في الاحمرار الدائم للمريخ (ناسا)
«شياطين الغبار» تتسبب في الاحمرار الدائم للمريخ (ناسا)
TT

حل لغز الاحمرار الدائم للمريخ

«شياطين الغبار» تتسبب في الاحمرار الدائم للمريخ (ناسا)
«شياطين الغبار» تتسبب في الاحمرار الدائم للمريخ (ناسا)

وجد فريق كبير من الباحثين المنتسبين إلى مؤسسات متعددة في الولايات المتحدة وإسبانيا وفرنسا وفنلندا أن «شياطين الغبار» المتكررة والرياح المتحدرة أثناء النهار، هي سبب ضباب المريخ المستمر في الغلاف الجوي.
وفي ورقتهم المنشورة في مجلة «ساينس أدفانسيس»، تصف المجموعة البحثية دراستهم للبيانات الخاصة بأول 216 يوماً مريخياً من رحلة العربة المتجولة «برسفيرنس روفر»، التابعة لوكالة «ناسا» الفضائية الأميركية، عبر سطح أجزاء من الكوكب الأحمر وما تعلموه منها.
وعرف العلماء لسنوات عديدة أن المريخ يبدو أحمر، لا بسبب الغبار الذي يغطي سطحه فحسب، لكن لأن الكثير من هذا الغبار ينتقل عالياً في الغلاف الجوي للكوكب.
وما بقي لغزاً حتى الآن هو العوامل المسؤولة عن إبقاء الغبار عالياً. وأظهرت الأبحاث السابقة أن المريخ يتعرض لعواصف ترابية كبيرة ودورية تحمل كميات هائلة من الغبار في الغلاف الجوي، لكن دراسة العواصف أظهرت أنها ليست متكررة بما يكفي لتفسير استمرار وجود الغبار في الغلاف الجوي.
ولمعرفة السبب الحقيقي، درس الباحثون البيانات من العربة المتجولة «برسفيرنس روفر»، وهي مُجهزة بلوحة من المستشعرات تُعرف مجتمعة باسم محلل ديناميكيات بيئة المريخ (MEDA)، وهي تشمل أنظمة لمراقبة ضغط الهواء ودرجة الحرارة وسرعة الرياح، ولديها أيضاً أجهزة لتحليل تشتت الغبار من خلال ضوء الشمس، وتحتوي العربة الجوالة أيضاً على ميكروفون يمكنه الاستماع إلى الرياح وكاميرات لالتقاط الصور.
ووجد الباحثون أن «شياطين الغبار» منتشرة بكثرة على سطح المريخ، على الأقل في الجزء الذي تسير فيه العربة الجوالة «برسفيرنس روفر» على الكوكب، ووجدوا أنه يتم إنتاج شيطان غبار واحد على الأقل بالقرب من العربة الجوالة كل يوم.
وشياطين الغبار، هي زوبعة ترابية قوية تشبه الأعاصير في الشكل، وتتشكل عندما ترتفع درجة حرارة الأرض مما يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الهواء القريب من السطح ويرتفع، وأثناء ارتفاع الهواء، يمكن أن يتلامس مع أجزاء صغيرة من الهواء البارد في الأعلى مما يؤدي بدوره إلى تدوير عمود الهواء.
ووجد الباحثون أيضاً أن رياح المتحدر النهاري كانت شائعة جداً أيضاً، وكانت هذه الأحداث أقل شيوعاً من شياطين الغبار، لكنها تميل إلى سحب المزيد من الغبار من السطح إلى الغلاف الجوي، ويفترض الباحثون أن أحداث الرياح مجتمعة توفر تفسيراً معقولاً لاستمرار الغبار في الغلاف الجوي.
ويثني الباحث محمد يوسف، أستاذ جيولوجيا المياه بمركز بحوث الصحراء بمصر، على هذه النتائج، لكونها تفسر ظاهرة، قد تعرض البعثات الروبوتية وكذلك البشرية المتوقعة للمريخ للخطر، حيث تؤثر مثلاً على الرؤية البشرية وتعوق عمل خلايا الطاقة الشمسية الضرورية من أجل توفير الطاقة للروبوتات ولأي رحلات بشرية متوقعة، وبالتالي لا بد من الوقوف على أسبابها وفهمها آلية حدوثها.
يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن فهم ما يحدث في المريخ يساعد أيضاً في فهم بعض الظواهر على الأرض، لأن كلا الكوكبين تجمعهما ظروف متشابهة، ومن الممكن أن يتم تفسير أشياء تحدث على المريخ من خلال متابعة نظريتها في الأرض، والعكس صحيح.
وفي دراسة سابقة ليوسف نشرتها مجلة «علوم الفضاء» الدولية في أبريل (نيسان) 2020، نجح في تحديد «دلتا جيزارو»، كإحدى المناطق على المريخ التي يحتمل أن توجد بها مياه، من خلال دراسة الأودية والدلتاوات والرواسب النهرية التي تتكون على سطح الأرض بفعل المياه، ووجد أن منطقة «دلتا جيزارو» بكوكب المريخ تحتوي على الأشكال نفسها، وفق الصور التي أتاحتها وكالات الفضاء الدولية.


مقالات ذات صلة

رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً

يوميات الشرق الكويكبات الجديدة رُصدت بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً

تمكن فريق من علماء الفلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة من رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ باميلا ميلروي نائبة مدير «ناسا» وبيل نيلسون مدير «ناسا» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

«ناسا» تعلن تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» للعودة إلى القمر

أعلن مدير إدارة الطيران والفضاء (ناسا)، بيل نيلسون، تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» الذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر لأول مرة منذ 1972.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم رائدا الفضاء سونيتا ويليامز وباري ويلمور (أ.ب)

مرور 6 أشهر على رائدَي فضاء «ناسا» العالقين في الفضاء

مرّ ستة أشهر على رائدَي فضاء تابعين لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) عالقين في الفضاء، مع تبقي شهرين فقط قبل العودة إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق رحلة ولادة الكسوف الاصطناعي (أ.ب)

«عرض تكنولوجي» فضائي يمهِّد لولادة أول كسوف شمسي اصطناعي

انطلق زوج من الأقمار الاصطناعية الأوروبية إلى الفضاء، الخميس، في أول مهمّة لإنشاء كسوف شمسي اصطناعي من خلال تشكيل طيران فضائي مُتقن.

«الشرق الأوسط» (كيب كانافيرال فلوريدا )
يوميات الشرق نموذج ثلاثي الأبعاد لسطح كوكب الزهرة تم إنشاؤه بواسطة الكمبيوتر من قبل وكالة «ناسا» يظهر بركان سيف مونس الذي يظهر علامات نشاط مستمر في هذه الصورة المنشورة دون تاريخ (رويترز)

دراسة ترجّح عدم احتواء كوكب الزهرة على المحيطات إطلاقاً

من المرجح أن أي ماء في الغلاف الجوي لكوكب الزهرة بقي على شكل بخار، وأن الكوكب لم يعرف المحيطات، وفق دراسة أجرتها جامعة كامبريدج.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»