قمة طارئة حول «مأزق» بوروندي تدعو لوقف العنف.. بغياب نكورونزيزا

دول شرق أفريقيا طالبت بإرجاء الانتخابات في البلاد

قمة طارئة حول «مأزق» بوروندي تدعو لوقف العنف.. بغياب نكورونزيزا
TT

قمة طارئة حول «مأزق» بوروندي تدعو لوقف العنف.. بغياب نكورونزيزا

قمة طارئة حول «مأزق» بوروندي تدعو لوقف العنف.. بغياب نكورونزيزا

عقب أكثر من شهر على محاولة انقلاب ضد الرئيس البوروندي بيار نكورونزيزا، اجتمع أمس رؤساء دول شرق أفريقيا في دار السلام في تنزانيا لإيجاد مخرج للأزمة في بوروندي، ولن يشارك نكورونزيزا في القمة.
وطلب رؤساء دول شرق أفريقيا إرجاء الانتخابات في هذا البلد لفترة لا تقل عن شهر ونصف الشهر، ودعوا إلى إنهاء العنف. وأورد البيان الختامي للقمة أنه انطلاقا من «القلق الكبير حيال المأزق الراهن في بوروندي، فإن القمة تدعو إلى إرجاء طويل للانتخابات لا يقل عن شهر ونصف الشهر»، كما تدعو «كل الأطراف البورونديين إلى وضع حد لأعمال العنف». ويعتبر الاجتماع بالغ الأهمية لأن الأزمة شاملة بين الفريق الرئاسي والمتظاهرين الذين يرفضون ترشح نكورونزيزا لولاية ثالثة.
وقال المتحدث باسم الرئيس البوروندي لوكالة الصحافة الفرنسية: إن «الرئيس نكورونزيزا سيتمثل بوزير العلاقات الخارجية.. لأنه يقوم بحملة للانتخابات المقبلة».
وغاب الرئيس الرواندي بول كاغامي أيضا، كما قال مصدر قريب من الوفد الرواندي لوكالة الصحافة الفرنسية. وكان الرئيس نكورونزيزا شارك في قمة أولى في 13 مايو (أيار) الحالي، في أروشا العاصمة الاقتصادية التنزانية، وقد تعرقلت أعمالها من جراء محاولة انقلاب. وسرعت عودته إلى البلاد في فشل محاولة الانقلاب لكنها لم تخمد الاحتجاجات.
وعلى رغم من عمليات القمع الدامية للشرطة لم يضعف المتظاهرون الذين يرفضون ولاية ثالثة لنكورونزيزا. وقد اجتاحت الشرطة منذ أسبوعين الأحياء التي تشهد احتجاجات في بوجمبورا وتحاول يوميا أن تمنع فيها عبر إطلاق النار في الهواء كل تجمع، من دون أن تتمكن من إخماد نار الاحتجاج التي تتنقل من مكان إلى آخر.
ويعتبر المحتجون أن الولاية الثالثة مخالفة للدستور وتتناقض مع اتفاقات أروشا للسلام التي أنهت الحرب الأهلية البوروندية بين أكثرية الهوتو وأقلية التوتسي (1993 - 2006). ويعتبر أنصار السلطة هذا الترشيح شرعيا، لأن نكورونزيزا لم ينتخب في 2006 بل عينه البرلمان.
ويحذر المراقبون من حصول كارثة ويتحدثون عن «دوامة العنف» وعن «بلد على شفير الهاوية» وعن «أجواء الخوف والترهيب الشاملة».
وقد أسفرت أعمال العنف خلال شهر عن أكثر من ثلاثين قتيلا، غالبا ما قتلوا برصاص الشرطة. وتوجه إلى شبان الفريق الرئاسي تهمة التصرف كميليشيا عبر قتل معارض ورمي قنابل يدوية. ويذكر بعض الحوادث بالسنوات القاتمة التي سبقت الحرب الأهلية التي خرجت منها البلاد منهكة.
وتتصدى البلدان الأفريقية لمنطقة البحيرات العظمى التي تواجه اضطرابا مزمنا، لهذه الأزمة. وقد لجأ عشرات آلاف البورونديين إلى رواندا وتنزانيا.
ولأنهم لا يستطيعون اتخاذ موقف من الولاية الثالثة لنكورونزيزا، الذي تسبب في المشكلة، ويعتبره الفريق الرئاسي «خطا أحمر» غير قابل للتفاوض، سيصدر الرؤساء الأوغندي يوري موسيفيني والتنزاني جاكايا كيكويتي والكيني أوهورو كينيانا، توصية بإرجاء الانتخابات العامة التي يفترض أن تبدأ الجمعة المقبل بالانتخابات النيابية والبلدية.
وباستثناء فريق نكورونزيزا الذي يؤكد أنها ستجرى «في ظروف جيدة جدا»، يعتبر جميع أطراف الأزمة وشركاء بوروندي أن هذه الانتخابات التي أرجئت حتى الآن 10 أيام بضغط من المجموعة الدولية، لا يمكن أن تجرى في الظروف الراهنة.
وكانت الكنيسة الكاثوليكية والاتحاد الأوروبي أعلنا خلال الأسبوع انسحابهما من العملية الانتخابية، ورأت المعارضة أنه من «المتعذر» إجراء الانتخابات، داعية المجموعة الدولية إلى عدم تأمين غطاء للانتخابات خشية «اندلاع حرب أهلية». وقد فرت يوم الجمعة الماضي إلى الخارج نائبة رئيسة اللجنة الانتخابية ومفوضة أخرى من الأعضاء الخمسة للجنة.
وطالب المعارض اغاتون رواسا أول من أمس بتأجيل الانتخابات، معتبرا إياها «مهزلة»، بينما كرر المجتمع الأهلي البوروندي دعوة القادة الإقليميين «إلى حمل الرئيس نكورونزيزا على احترام اتفاقات أروشا، التي لا تنص سوى على ولايتين، والدستور وإلى التخلي عن ولاية ثالثة».
ودعا رواسا أيضا إلى تجديد المواعيد الانتخابية بعد التشاور مع «الأطراف المعنية». وفي خطوة جديدة، دعا إلى: «إرسال قوة تدخل عسكرية لتأمين سلامة الناس، ونزع سلاح ميليشيا ايمبونيراكوري وتفكيكها وهي رابطة شبيبة الحزب الرئاسي».
وفي بوجمبورا، شهدت ليلة أول من أمس إطلاق نار غزيرا وخصوصا في إحياء سيبيتوك ونياكابيغا وموساغا. وساد الهدوء المدينة صباح أمس باستثناء تجمع فرقته الشرطة بإطلاق الرصاص في الهواء في بوتيريري.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.