الأسير الملقب بـ«أمير الظل» المحكوم 67 مؤبدًا طلب من «القسام» عدم التسرع في صفقة تبادل

مكالمة من صاحب أطول حكم في تاريخ إسرائيل تستدعي الاستنفار وتدخّل «الشاباك»

رجال شرطة إسرائيليون يقودون الأسير الفلسطيني عبد الله البرغوثي داخل محكمة إسرائيلية (أ.ف.ب)
رجال شرطة إسرائيليون يقودون الأسير الفلسطيني عبد الله البرغوثي داخل محكمة إسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

الأسير الملقب بـ«أمير الظل» المحكوم 67 مؤبدًا طلب من «القسام» عدم التسرع في صفقة تبادل

رجال شرطة إسرائيليون يقودون الأسير الفلسطيني عبد الله البرغوثي داخل محكمة إسرائيلية (أ.ف.ب)
رجال شرطة إسرائيليون يقودون الأسير الفلسطيني عبد الله البرغوثي داخل محكمة إسرائيلية (أ.ف.ب)

لم تكن فحوى الحديث الذي أجراه الأسير عبد الله البرغوثي، صاحب أطول حكم في تاريخ إسرائيل (67 مؤبدا) مع إذاعة حكومية رسمية تابعة لحركة حماس في قطاع غزة، هي الأمر المهم بالنسبة لأجهزة المخابرات الإسرائيلية، ولكن كيف تمكن الرجل الملقب «أمير الظل» من إجراء تلك المكالمة وهو يخضع لمراقبة شديدة وقاسية.
وفورا طلبت إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية من «الشاباك» (الأمن العام) المساعدة في إجراء تحقيق حول الأمر، للحصول على أداة الجريمة (الهاتف)، والأهم من ذلك كله محاولة فحص ما هي طبيعة المكالمات الأخرى التي أجراها الرجل المتهم بتنفيذ عمليات أدت إلى قتل 67 إسرائيليا على مدار سنوات، وما إذا كانت المكالمة نفسها تحمل أي رسائل محتملة.
وتمنع إدارة السجون الإسرائيلية حصول الأسرى الفلسطينيين على أي وسائل اتصال، لأسباب لها علاقة بالعقاب من جهة، وبالأمن من جهة ثانية، إذ نجح كثير من الأسرى في توجيه عمليات من داخل السجن نفسه، ولم تكتشف إسرائيل ذلك إلا عبر التحقيق مع معتقلين جدد.
ويجري هذا الإجراء على جميع السجون الإسرائيلية، لكنه يصبح مسألة أمنية حساسة في بعض السجون التي يقبع فيها أسرى محكومون بمؤبدات، مثل سجن رامون الذي اقتحمته قوات خاصة أمس بحثا عن هاتف البرغوثي.
وكانت إدارة مصلحة السجون وإدارة سجن رامون في النقب توعدتا البرغوثي بإيقاع أقصى العقوبات بحقه، وذلك بعد المكالمة التي أجراها مع محطة الرأي في غزة.
وقالت مصلحة السجون التي انتابها غضب شديد إنه لا يحق للبرغوثي إجراء اتصالات هاتفية، مرجحة أن يكون الاتصال قد جرى بواسطة جهاز هاتف جوال تم تهريبه إلى زنزانته. وأضافت: «إن إجراءات انضباطية ستتخذ بحق هذا السجين».
واقتحمت قوة من شرطة السجون الإسرائيلية غرفة البرغوثي أمس، بحثا عن الهاتف، ثم نقلته إلى العزل الانفرادي، ورد البرغوثي بإعلان الإضراب عن الطعام.
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، إن الأسير عبد الله البرغوثي أعلن الأحد عن البدء بإضراب مفتوح عن الطعام، بعد نقله إلى زنازين العزل في سجن «رامون».
وأكد مكتب إعلام الأسرى أن إدارة سجن «رامون» أخرجت الأسير البرغوثي إلى زنازين الحبس الانفرادي للسجن كإجراء عقابي.
وكان البرغوثي قد دعا قيادة «القسام» إلى عدم التسرع في إتمام صفقة تبادل أسرى مقبلة. وقال البرغوثي: «أوجه رسالة لحركة حماس وجناحها العسكري بعدم التسرع، فنحن صابرون صامدون كما عهدتمونا». وأضاف: «لن نبدّل ولن نغير وسنبقى ثابتين، حتى لو جرى إطلاق سراحنا اليوم أو بعد ألف عام». وطالب البرغوثي «القسام» بألا «تأخذهم الرأفة في التعامل مع العدو الإسرائيلي».
وردت كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، على البرغوثي بتأكيدها على «أن حرية الأسرى واجب والتزام». وخاطب أبو عبيدة المتحدث الرسمي باسم «القسام»، الأسرى الفلسطينيين، في تغريدة له عبر صفحته بـ«تويتر»، قائلا: «حريّتكم واجب والتزام، وسجّانكم إلى زوال».
والبرغوثي البالغ من العمر 43 عامًا يقضي حكما بالسجن المؤبد 67 مرة، بعد اتهامه بقتل 67 إسرائيليًا في سلسلة عمليات. واعتقلت إسرائيل البرغوثي في عام 2003، واتهمته بالانتماء إلى كتائب القسام، والمسؤولية عن كثير من العمليات في الضفة الغربية. وبقي البرغوثي في العزل الانفرادي حتى 2012، بعد رفض إسرائيل الإفراج عنه في صفقة تبادل الأسرى مع حماس.
ووضعت حماس اسم البرغوثي على رأس قائمة المطلوبين إلى جانب آخرين مثل عباس السيد، وكلهم مسؤولون من «القسام» في الضفة الغربية، لكن إسرائيل رفضت إتمام الصفقة.



«تفاهمات» استكمال «هدنة غزة»... هل تصمد أمام «مناورات» نتنياهو؟

فلسطينيون يسيرون وسط الدمار في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الدمار في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«تفاهمات» استكمال «هدنة غزة»... هل تصمد أمام «مناورات» نتنياهو؟

فلسطينيون يسيرون وسط الدمار في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الدمار في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

جهود مصرية - قطرية مكثفة أسفرت عن «حل مؤقت» لأزمة عدم تسليم الرهائن، السبت المقبل، بإعلان التزام «حماس» وإسرائيل باستكمال الهدنة، غير أن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفى الموافقة على دخول مساكن جاهزة من معبر رفح.

وبحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يتوقع أن تستمر التفاهمات الحالية ضمن مساعي استكمال الطرفين المرحلة الأولى من الاتفاق على أن تحدث «صعوبات وعراقيل إسرائيلية» في المرحلتين الثانية والثالثة الأخيرة «تهدد صمود الاتفاق»، متوقعين أن تستمر «مناورات نتنياهو» من أجل تخريب الاتفاق وحالة إشغال أميركية - إسرائيلية بملف التهجير تستهدف منح إسرائيل مزيداً من المساحات في الضفة الغربية.

امرأة فلسطينية تقف داخل مبنى متضرر بشدة في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

وكانت «حماس» أعلنت، الاثنين، أنها ستعلق إطلاق سراح 3 رهائن بموجب الاتفاق، بسبب ما قالت إنه انتهاك إسرائيلي لشروط الاتفاق، ورد الرئيس الأميركي دونالد ترمب على ذلك بالقول في مؤتمر صحافي وقتها إن على «حماس» إطلاق سراح جميع الرهائن الذين لا تزال تحتجزهم بحلول ظهر السبت، وإلا «فسنفتح أبواب الجحيم»، وتوعد نتنياهو بالعودة للحرب حال لم يتم التسليم.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لقناة «القاهرة الإخبارية»، الخميس، بـ«نجاح الجهود المصرية والقطرية في تذليل العقبات التي كانت تواجه استكمال اتفاق غزة والتزام الطرفين باستكمال تنفيذ الهدنة».

وجاء الإعلان تزامناً مع كشف «حماس»، في بيان صحافي الخميس، عن لقاء وفد من الحركة برئاسة خليل الحية رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد، وإجراء اتصال هاتفي مع رئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، بشأن «مجريات تطبيق اتفاق الهدنة، خاصة في أعقاب الخروقات الإسرائيلية المتتالية».

وتركز البحث خلال جميع اللقاءات والاتصالات على «ضرورة الالتزام بتطبيق بنود الاتفاق كافة، خاصة ما يتعلق بتأمين الإيواء وإدخال بشكل عاجل البيوت الجاهزة (الكرفانات) والخيام والمعدات الثقيلة والمستلزمات الطبية والوقود، واستمرار تدفق الإغاثة، وكل ما نص عليه الاتفاق» الذي بدأ مرحلته الأولى في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، مؤكدة أنه بعد تأكيدات من الوسطاء في مصر ستستمر في تطبيق الاتفاق.

في المقابل، قال متحدث باسم مكتب نتنياهو، الخميس، إن ما يتم تناقله حول حل الأزمة في قطاع غزة، «أخبار زائفة»، مؤكداً أن «معبر رفح يدار من قبل قوة متعددة الجنسيات، فقط من أجل إخراج سكان غزة لدول أخرى، ولن تدخل عبره منازل متنقلة إلى قطاع غزة».

عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن، يرى أننا إزاء مناورة إسرائيلية لا تريد أن تظهر علناً أنها تراجعت، مشيراً إلى أن «حماس» حققت الهدف من إعلانها السابق بتأكيد الوسطاء تدفق المساعدات لا سيما المرتبطة بالإيواء.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن «مناورة (حماس) للضغط على إسرائيل قبل أيام من التسليم نجحت بعد حوارات جادة تمت في هذا الصدد، وتمت العودة للاتفاق وإدخال مزيد من المواد التي تم تعطيلها سابقاً ضمن خروقات إسرائيلية عديدة».

ومن أبرز «الخروقات الإسرائيلية لاتفاق تهدئة بقطاع غزة»، بحسب مصدر مصري مطلع، «تكرار توغل الآليات العسكرية بشكل يومياً وهدم 4 منازل، وتحليق طيران الاستطلاع بصورة يومية في فترات المنع المحددة، وتأخير الانسحابات، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، وعدم دخول المعدات الثقيلة لرفع الركام، وعدم دخول أي كرفانات، وعدم السماح بدخول مواد البناء لإعادة ترميم المستشفيات ومراكز الدفاع المدني».

ويضاف لهذه الخروقات «استمرار التصريحات السياسية الإسرائيلية الداعية إلى تهجير مواطني القطاع»، الأمر الذي أعطى انطباعاً أن إسرائيل لا تريد الاستمرار في تنفيذ الاتفاق، بخلاف «التأخير في بدء مفاوضات المرحلة الثانية (قبل نحو 10 أيام)، وتسريب شروط تعجيزية لا يمكن القبول بها».

كما يضاف لذلك تحركات إسرائيلية لحشد عسكري، وأفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الخميس، بأن نتنياهو أجرى تقييماً أمنياً للوضع في القيادة الجنوبية قرب قطاع غزة مع كبار قادة وزارة الدفاع والمسؤولين الأمنيين.

وجاء ذلك تزامناً مع إعلان وزارة الخارجية الأميركية، الخميس، أن الوزير ماركو روبيو سيزور ألمانيا وإسرائيل والسعودية والإمارات من 13 إلى 18 فبراير (شباط).

ويعتقد رخا أن زيارة وزير الخارجية الأميركي قد توضح مسار الاتفاق لا سيما في مراحله المقبلة، متوقعاً أن تضع إسرائيل صعوبات وعراقيل وشروطاً في تنفيذ المرحلة الثانية التي لم تبدأ بعد.

ويرجح ألا تقبل واشنطن بعودة الحرب مرة أخرى، خاصة وهي في ورطة اقتصادية ولا تريد تقديم أي دعم مالي إضافي لإسرائيل، مشيراً إلى أنه على الأرجح ستحدث مساومات من أجل الاستحواذ على مساحات بالضفة الغربية.

ويتخوف الرقب من حالة إشغال أميركي - إسرائيلي بغزة، بينما المستهدف الاستحواذ على مساحة كبيرة من الضفة، مرجحاً أن تسير المرحلة الأولى من الاتفاق وتنفذ، على أن نشهد عقبات صعبة في المرحلتين الثانية والثالثة.