ليلة لا تنسى وحدث لا يتكرر كثيراً، وظاهرة أشبه بالزلزال في تاريخ الكرة السعودية، هكذا كانت أبرز ردود الأفعال بعد هبوط النادي الأهلي إلى دوري الدرجة الأولى لأول مرة في تاريخه الطويل، ليودع منافسات دوري الكبار في مفاجأة أصابت الجميع بالدهشة داخل المملكة وخارجها، خصوصاً أن الفريق الأهلاوي يعد أحد أركان الكرة العربية، والنادي الذي حصل على بطولات عديدة، ولديه قاعدة جماهيرية هي الأكبر رفقة الهلال والاتحاد والنصر، كأعلى الأندية شعبية في الملاعب السعودية.
وإذا كان الأهلي سيخسر الكثير من هبوطه إلى الأولى وتركه منافسات الكبار، فإن الدوري السعودي للمحترفين هو الآخر سيخسر جماهيرياً وتسويقياً واقتصادياً بالتأكيد من عدم مشاركة الفريق الغربي في البطولة خلال الموسم المقبل بشكل رسمي، نظراً لما يتمتع به الفريق من شعبية جماهيرية ونجوم كبار، بالإضافة إلى القيمة المالية لنجومه ومحترفيه.
وبلغ عدد إجمالي الحضور الجماهيري خلال الموسم 2021 - 2022 حتى الجولة قبل الأخيرة في دوري المحترفين السعودي نحو 1.781.920 مشجعاً طوال الفترة المنتهية. وسجل جمهور الأهلي حضوراً بلغ 227.018 مشجعاً على أرضهم وملعبهم، ليكون هو الحضور الثاني خلال الموسم مباشرة بعد جمهور الاتحاد الذي حضر بكثافة وصلت إلى 442.022 مشجعاً على أرض فريقهم في الصدارة.
ويمثل حضور الجمهور الأهلاوي نسبة 12.7 في المائة من الحضور الجماهيري الكامل لجميع أندية الدوري بالموسم المنتهي، لذلك فإن هذه النسبة ستغيب بشكل مؤكد عن مباريات الموسم المقبل بعد هبوط الأهلي إلى منافسات دوري يلو الأولى. ويمكن أيضاً توقع نسبة أكبر للجمهور، خصوصاً أن أنصار الأهلي كانوا يسافرون خلف فريقهم في جميع مدن المملكة، لذلك فإنهم كانوا يحضرون بكثافة أيضاً في المباريات خارج الديار، التي بلغ عددها 15 مباراة.
القيمة الجماهيرية للنادي الأهلي ليست فقط في موسم واحد، بل إن الفريق سجل حضوراً جماهيرياً عالياً في العقد الأخير وتنافس مع غريمه ونده التقليدي الاتحاد على تسجيل الأرقام القياسية في الحضور الجماهيري في ملعب «الجوهرة»، إذ تنافس الناديان على شراء التذاكر قبل المباريات بأيام في فترات طويلة في العقد الأخيرة، وهو ما جعل الأهلي ثانياً بعد الاتحاد على صعيد الحضور الجماهيري للملاعب.
ولا تتمحور قيمة النادي الأهلي في جماهيره وحضورها داخل الملعب أو خلال التدريبات فقط، بل أيضاً على مستوى القيمة التسويقية والمالية للفريق. فالأهلي يأتي رابعاً على صعيد أعلى الأندية قيمة سوقية في الدوري السعودي للمحترفين خلال موسم 2021 - 2022، حيث بلغت قيمة لاعبيه 26.50 مليون يورو في عام 2022، بنسبة تصل إلى نحو 8 في المائة من قيمة الدوري بالكامل التي تساوي 332 مليون يورو.
ويتصدر الهلال ترتيب أعلى الأندية قيمة سوقية بـ60.45 مليون يورو، ثم النصر بـ55.73، وبعدهما الاتحاد ثالثاً بـ32.50، ليحل الأهلي في المركز الرابع نظراً لما يضمه من محترفين ومحليين مثل المقدوني إزجان أليوسكي بـ6.5 مليون يورو، والسوري عمر السومة بـ3.5 مليون يورو، والدولي السعودي عبد الرحمن غريب بـ2.9 مليون يورو، حسب إحصاءات وأرقام موقع «ترانسفير ماركت» العالمي.
وبعيداً عن القيمة الجماهيرية والسوقية للنادي الأهلي، فإن الدوري السعودي للمحترفين سيفقد أيضاً هدافه التاريخي السوري عمر السومة مهاجم الأهلي، الذي سجل 143 هدفاً في 179 مباراة شارك خلالها في دوري المحترفين، ليكون هو الهداف رقم 1 للمسابقة بنظامها الذي يتماشى مع الاحتراف الكامل منذ موسم 2008 - 2009 وحتى الآن. كذلك لن يوجد المقدوني أليوسكي الذي يعد من أفضل لاعبي دوري المحترفين هذا الموسم، بعد تسجيله 6 أهداف وصناعته 9 في 27 مباراة شارك فيها.
ويمثل هبوط النادي الأهلي تحدياً حقيقياً أمام عدد من لاعبيه المحليين، خصوصاً الذين يشاركون باستمرار مع المنتخب السعودي الأول، مثل عبد الرحمن غريب الذي يعد أحد العناصر المهمة في قائمة المدرب الفرنسي هيرفي رينارد، مما يجعل اللاعب أمام مفترق طرق، إما بالوجود مع فريقه في دوري الأولى أو الانتقال إلى فريق آخر في دوري المحترفين حتى على سبيل الإعارة لمدة عام.
ويمثل التحدي أيضاً أن قيمة الدعم الاستراتيجي الذي تقدمه وزارة الرياضة لأندية دوري المحترفين أكبر بكثير مما تقدمه لأندية الدرجة الأولى، وهو ما يشكل عبئاً كبيراً على الأهلي حين يقوم بترتيب فاتورته السنوية.
في المقابل، حقق دوري الدرجة الأولى مكاسب بالجملة بعد انتقال الأهلي إلى أنديته، مع القيمة السوقية الكبيرة للنادي وارتفاع عدد جماهيره في كل مكان بالمملكة، لذلك فإن دوري الأولى سيستفيد من ذلك بزيادة نسبة الحضور الجماهيري في المدرجات، خلال المباريات التي سيخوضها الأهلي على ملعبه، بالإضافة إلى رفع القيمة الاقتصادية والسوقية للدوري بالكامل.
ووقعت شركة «يلو» لتأجير السيارات خلال شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2021 عقدها الرسمي مع دوري الدرجة الأولى السعودي، بقيمة تصل إلى نحو 10 ملايين ريال في السنة الواحدة، علماً بأن العقد يمتد لثلاثة أعوام، لذلك فإن بطولة دوري الأولى قد تحصل على عقود رعاية جديدة مع مشاركة الأهلي بين أنديتها، بالإضافة إلى رفع كفاءة النقل التلفزيوني الرسمي لمباريات الدوري، وإمكانية زيادة الاهتمام من جانب القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام بتغطية مباريات هذا الدوري بشكل أكثر احترافية، خصوصاً مع وجود النادي الأهلي بما يمتلكه من شعبية وجماهيرية، ليس فقط داخل المملكة بل في جميع البلاد العربية والخليجية.
هل خسر الدوري السعودي بـ«رحيل الأهلي»؟
كان مشجعوه الأكثر حضوراً في الملاعب خلال 10 سنوات بعد الاتحاد
هل خسر الدوري السعودي بـ«رحيل الأهلي»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة