في وقت ما زالت فيه فرق كثيرة بالدوري الإنجليزي الممتاز تبحث عن صفقات لتدعيم صفوفها بفترة الانتقالات الصيفية الحالية، تحرك كل من مانشستر سيتي بطل الدوري الإنجليزي ووصيفه ليفربول مبكراً لينجزا مهمتهما الرئيسية من خلال التعاقد مع كل من المهاجمين النرويجي إيرلينغ هالاند والأوروغوياني داروين نونيز على التوالي، وهما الصفقتان اللتان ستضيفان كثيراً إلى الفريقين، وتجعلان من الصعب على الأندية الأخرى اللحاق بركبهما.
وتشعر جماهير فرق القمة مثل تشيلسي ثالث الترتيب، ومانشستر يونايتد الخامس بقلق من تأخر مسؤولي الناديين في عقد أي صفقات حتى الآن، خصوصاً في الأخير الذي يواجه ضغوطاً كبيرة إثر نتائجه المخيبة الموسم الماضي، ومغادرة كثير من نجومه دون أي تعويض.
يونايتد يتفاوض منذ شهرين لأجل ضم دي يونغ من برشلونة (د.ب.أ)
ويأمل تشيلسي في ضم المهاجمين البارزين الفرنسي عثمان ديمبلي من برشلونة، والإنجليزي الدولي رحيم ستيرلينغ من سيتي. ويذكر أن الألماني توماس توخيل المدير الفني لتشيلسي كان قد تعاون بشكل جيد مع ديمبلي عندما كانا الاثنان معاً في نادي بوروسيا دورتموند الألماني.
وينتهي عقد ديمبلي مع برشلونة بنهاية هذا الشهر، ما يجعل تفاوض تشيلسي معه سهلاً لضمه في صفقة انتقال حر. لكن في المقابل، يرتبط ستيرلينغ مع بطل الدوري الإنجليزي بعقد يستمر حتى نهاية الموسم المقبل، وتردد أن الأخير لن يفرط به بأقل من 60 مليون جنيه إسترليني.
تجدر الإشارة إلى أن تشيلسي في حاجة إلى تعزيز خط هجومه بعد إعارة البلجيكي الدولي روميلو لوكاكو إلى نادي إنتر ميلان الإيطالي.
كما تردد أن الرئيس الجديد لتشيلسي تود بوهلي التقى مع خورخي مينديز وكيل أعمال النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الأسبوع الماضي، في لشبونة، واستفسر الأول عن إمكانية ضم المهاجم المخضرم (37 عاماً) إذا كان يرغب في الرحيل عن مانشستر يونايتد.
أما يونايتد الذي عين الهولندي إريك تن هاغ مدرباً جديداً له، فما زال يخوض مفاوضات صعبة مع برشلونة الإسباني لضم صانع ألعابه الهولندي فرنكي دي يونغ، ومواطنه جورين تيمبر مدافع أياكس.
وذكرت تقارير أن كلا اللاعبين ارتبط بالانتقال إلى مانشستر يونايتد، منذ أن وصل تن هاغ نهاية الشهر الماضي، بعد أن قاد أياكس للتتويج بالدوري الهولندي.
وتحاول إدارة يونايتد إعادة هيكلة الفريق وقد أسندت لمدرب إنجلترا السابق ستيف ماكلارين مهمة مساعدة إريك تن هاغ بجانب المدرب المساعد الثاني الهولندي ميتشل فان در غاغ.
وسبق لماكلارين أن تولى المنصب ذاته بين 1999 و2001، حين كان الفريق بقيادة المدرب الأسطوري أليكس فيرغسون الذي قاد يونايتد إلى لقبه الأخير في الدوري الممتاز عام 2013 قبل الاعتزال، فيما كان فان در غاغ مساعداً لتن هاغ في أياكس أمستردام الموسم الماضي.
وفي محاولة لطمأنة الجماهير الساخطة التي كانت تخطط لوقفة احتجاجية أمام ملعب «أولد ترافورد»، التقى ريتشارد أرنولد، الرئيس التنفيذي لمانشستر يونايتد مع مجموعة من المشجعين في مقهى بالقرب من النادي، وشرح لهم أن النادي يعمل بخطط مدروسة للارتقاء بالفريق وإعادته لمنصات التتويج، وأن هناك ميزانية لعقد صفقات واعدة والمال ليس في الاعتبار. وجاءت نتائج يونايتد الباهتة في الموسم الماضي لتشعل الاحتجاجات المستمرة ضد عائلة آل غليزر الأميركية مالكة النادي.
لكن حتى الآن لم يحسم أي من تشيلسي ومانشستر يونايتد صفقات تؤكد خططهما للضغط على سيتي وليفربول في المنافسة على قمة الدوري.
ومن المهم للغاية أن يحصل اللاعب المنضم حديثاً إلى أي فريق على الوقت الكافي للتأقلم والتكيف قبل بداية الموسم الجديد. فإتمام التعاقد في شهر يونيو (حزيران) يعطي اللاعب الوقت اللازم لإنهاء متعلقاته خارج الملعب مبكراً، مثل تحديد المكان الذي سيعيش فيه، وإذا لزم الأمر ترتيب الأمور المتعلقة بتعليم أطفاله. هذا أمر مهم للغاية، لأنه يساعد اللاعب في أن يركز بشكل كامل داخل الملعب، وفي التكيف مع بيئة العمل الجديدة وكل تبعات ما يأتي لاحقاً.
وعلاوة على ذلك، يشعر لاعبو الفريق بدفعة كبيرة للغاية عندما يرون لاعباً من الطراز العالمي ينضم إلى فريقهم، لأنهم يدركون أن ذلك سيسهم في تطوير وتحسين الفريق. وإذا لم يتعاقد ليفربول مع بديل للنجم السنغالي ساديو ماني بسرعة، فمن الممكن أن يجعل هذا جماهير الفريق ولاعبيه يشعرون بعدم الارتياح، لأنهم يعلمون أن أحد مهاجميه المتميزين قد رحل ولم يتعاقد النادي مع لاعب قادر على تعويض الأهداف والتمريرات الحاسمة والمجهود الكبير الذي كان يبذله.
ويدرك اللاعبون الموجودون بالفعل أنه أصبح يتعين عليهم بذل مجهود مضاعف حتى يضمنوا مكانهم في التشكيلة الأساسية لأنهم سيدخلون في منافسة شرسة مع اللاعبين المنضمين حديثاً من أجل اللعب بشكل أساسي. ومن المؤكد أن اللاعبين يكونون دائماً بحاجة إلى بيئة تنافسية حتى يمكنهم التحسن والتطور.
وعندما يتم الانتهاء من الصفقات في وقت مبكر، فإن ذلك يؤثر على طريقة تفكير الجميع. لقد تحدثت إلى لاعب قال إن فريقه لم يتعاقد مع أي لاعب في أحد المواسم ولم يقدم أداء جيداً، لكنه في الموسم التالي تعاقد مع ثلاثة لاعبين بارزين وفاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، لأن اللاعبين الجدد بثوا الثقة والحماس في نفوس باقي اللاعبين.
أما بالنسبة لباقي الأندية المنافسة ضمن المراكز الستة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، فإن إبرام مانشستر سيتي وليفربول لمثل هذه الصفقات القوية يمثل ضغطاً كبيراً للغاية. إن رؤية أحد الفرق المنافسة وهو ينفق مبالغ مالية كبيرة من أجل التعاقد مع مهاجم مميز سيجعل اللاعبين في تلك الأندية يسألون لماذا لا تفعل أنديتهم الشيء نفسه، ولماذا يتعين عليهم الاكتفاء فقط بقراءة الشائعات المتعلقة بانتقالات اللاعبين بينما يضم مانشستر سيتي وليفربول لاعبين مميزين مثل هالاند ونونيز!
في الحقيقة، من الصعب للغاية على أي لاعب طموح أن يرى فريقه يعاني من الركود في الوقت الذي تدعم فيه الأندية الأخرى صفوفها من خلال التعاقد مع أبرز اللاعبين. ومن شأن ذلك أن يجعل هذا اللاعب الطموح يسأل نفسه كيف يمكن لفريقه أن ينافس هذه الأندية التي دعمت صفوفها بشكل كبير، على الرغم من أن ناديه كان متخلفاً عن تلك الأندية بالفعل حتى قبل أن تدعم صفوفها!
يرى البعض أن قرار ليفربول ببيع ماني كان صحيحاً، ليس لأنه لم يكن جيداً بما فيه الكفاية، فقد كان أفضل لاعب في الأشهر الأخيرة من الموسم بعد عودته من كأس الأمم الأفريقية، لكن عندما يتم وضع الأموال على الطاولة للاعب ما في السنة الأخيرة من عقده مع النادي، فإن الخيار الأفضل هو الحصول على تلك الأموال بدلاً من أن يرحل بشكل مجاني بعد نهاية عقده. لقد كان من الواضح أن ماني يريد الرحيل، لذا فإن إيجاد بديل مميز له كان أفضل من إجباره على البقاء. ولأن جماهير ليفربول تؤمن في حكمة المدير الفني الألماني يورغن كلوب في استخدام أموال بيع ماني (30 مليون إسترليني) في تدعيم الفريق، فقد تركت الأمر للإدارة رغم شعورها بالحزن على فقدان مهاجم متميز بحجم السنغالي. كان مشهد ماني يرحل عن صفوف ليفربول قد جلب الحزن لجماهيره، لأنه كان لاعباً رائعاً سلوكاً ومهارة، لكن لا ينبغي أن يشعر النادي بالخوف من التغيير.
لقد أثبت ليفربول أنه يقوم بعمل رائع في سوق الانتقالات ويستخدم الأموال بذكاء بتعاقده مع نونيز لمدة ستة مواسم، وهو ما يعطي اللاعب متسعاً من الوقت من أجل النمو والتطور.
لقد أثبت نونيز مع بنفيكا البرتغالي أنه يمتلك قدرات وفنيات هائلة ويستحوذ على الكرة بشكل جيد ويجيد المراوغة، ورأينا ذلك عندما تسبب في متاعب كثيرة لليفربول في مباراته أمامه بدوري أبطال أوروبا، كيف كان الفريق بأكمله يتمحور حوله. لم تكن مهمة نونيز تقتصر على تسجيل الأهداف فقط، حيث كان يحتفظ بالكرة ويربط بين خطوط الفريق المختلفة، وهي الصفات التي جعلت ليفربول يسعى جاهداً للتعاقد معه.
هالاند قوة ضاربة جديدة تضاف لهجوم مانشستر سيتي (أ.ف.ب)
وفي مانشستر سيتي، يسعى المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا دائماً إلى التطور والتحسن بشكل مستمر. إنه يغير طرق اللعب وفقاً لكل مباراة، ويهتم بأدق التفاصيل، وهو ما ينتظر أن يفعله مع هالاند. من المؤكد أن مانشستر سيتي لم يكن ليقاتل من أجل التعاقد مع المهاجم النرويجي الشاب (20 عاماً) إذا لم يكن يعرف جيداً كيف سيستغل نقاط قوته. إن وجود لاعبين مميزين للغاية على الأطراف والانطلاقات الخطيرة للاعبي خط الوسط من العمق ستجعل هالاند على بُعد ما يتراوح بين ست وثماني ياردات من المرمى لاستغلال الفرص الخطيرة التي يخلقها الفريق، ما سيجعله قادراً على إحراز 20 هدفاً الموسم المقبل.
من المؤكد أن هناك كثيراً من التوقعات بشأن ما سيقدمه هالاند، لكن مانشستر سيتي الذي حصل بالفعل على 93 نقطة في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، لذلك لا يوجد مجال كبير للتحسن. لقد تعاقد مانشستر سيتي مع هالاند لمواصلة التطور من ناحية، وحرمان المنافسين من التعاقد مع مهاجم من الطراز العالمي من ناحية أخرى. وعلاوة على ذلك، يدرك مانشستر سيتي جيداً أنه سيحقق مكاسب مالية كبيرة إذا قرر بيع اللاعب في المستقبل، ربما إلى برشلونة أو ريال مدريد.
لكن هالاند سيواجه ضغوطاً كبيرة لإحداث الفارق مع مانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا، لكن يجب الوضع في الاعتبار أن معظم اللاعبين البارزين الذين ضمهم الفريق من قبل كانوا بحاجة إلى بعض الوقت من أجل الاستقرار والتكيف مع الطريقة التي يلعب بها غوارديولا. لقد استغرق الأمر من رحيم ستيرلينغ ثلاثة مواسم حتى يحرز أكثر من عشرة أهداف في الدوري الإنجليزي الممتاز، واستغرق الأمر من رودري وقتاً طويلاً للتكيف مع الدوري الإنجليزي الممتاز، كما أظهر جاك غريليش المنضم الموسم الماضي، مدى صعوبة التكيف مع الطريقة التي يلعب بها غوارديولا. لكن من المؤكد أن هالاند يمتلك الموهبة والمقومات التي تجعله قادراً على تحقيق النجاح في ملعب الاتحاد.
في النهاية، أصبح من الصعب للغاية على باقي أندية الدوري الإنجليزي الممتاز التغلب على مانشستر سيتي وليفربول داخل الملعب، وخارجه أيضاً، بسبب تحركات الناديين المدروسة بشكل رائع فيما يتعلق بالصفقات الجديدة.