المستشار الألماني فاجأ نظراءه: أوروبا جاهزة لمواجهة التحرر من الطاقة الروسية

جاءت تصريحات شولس بعد ان كانت موسكو خفّضت صادرات الغاز الى المانيا بنسبة 60 في المائة عبر خط نورد ستريم(رويترز)
جاءت تصريحات شولس بعد ان كانت موسكو خفّضت صادرات الغاز الى المانيا بنسبة 60 في المائة عبر خط نورد ستريم(رويترز)
TT

المستشار الألماني فاجأ نظراءه: أوروبا جاهزة لمواجهة التحرر من الطاقة الروسية

جاءت تصريحات شولس بعد ان كانت موسكو خفّضت صادرات الغاز الى المانيا بنسبة 60 في المائة عبر خط نورد ستريم(رويترز)
جاءت تصريحات شولس بعد ان كانت موسكو خفّضت صادرات الغاز الى المانيا بنسبة 60 في المائة عبر خط نورد ستريم(رويترز)

بعد أربع وعشرين ساعة من التصريح المفاجئ الذي أدلى به وزير الاقتصاد الألماني عندما قال «إن ألمانيا دخلت أزمة غاز» وإن هذه المادة أصبحت سلعة نادرة، فاجأ المستشار الألماني أمس الجمعة نظراءه في مستهل اليوم الثاني من أعمال القمة الأوروبية المخصص للبحث في موضوع الطاقة حيث قال: «إن أوروبا جاهزة لمواجهة قرار التحرر من الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية... لكنها ستواجه صعاباً، وعليها الإسراع في الاستعداد لوقف استيراد المحروقات من روسيا». وجاءت تصريحات شولتس بعد أن كانت موسكو قد خفضت صادرات الغاز إلى ألمانيا بنسبة 60 في المائة عبر خط نورد ستريم، فيما أفادت مصادر إعلامية ألمانية بأن حكومة برلين تعتزم تفعيل جزء من خط نورد ستريم 2 الذي كانت قد قررت تجميده، وتحويله لاستجلاب الغاز الطبيعي المسال عبر سواحل بحر البلطيق.
وكان واضحاً من النقاش الذي دار في الشطر الأول من اليوم الثاني الذي خصصته القمة لتحديد موقف مشترك من أزمة الطاقة التي بدأت ترخي بظلال كثيفة على المهد الاقتصادي الأوروبي، أن تداعيات الاجتياح الروسي لأوكرانيا وما تبعها من عقوبات أوروبية على موسكو وردود عليها من الكرملين، قد زعزعت التحالفات التقليدية داخل الاتحاد حيث بدأت الدول الأعضاء تنسج روابط خارج دوائر التحالف الجغرافي المعهودة بين بلدان الشمال والجنوب، أو الشرق والغرب. وبعد أن وافقت الدول الأعضاء بالإجماع على ست حزم من العقوبات ضد موسكو، بدأت التحالفات الجديدة تتشكل وفق درجة التشدد في مواجهة روسيا، ومدى الاستعداد لتزويد أوكرانيا بالأسلحة، ما ينذر بفترة طويلة من التحالفات المرحلية بعد تفكك المحاور السابقة داخل الاتحاد.
ولا شك في أن المجموعة الأكثر تضرراً هي مجموعة «فيسغراد» التي تضم بولندا والمجر وتشيكيا وسلوفاكيا، والتي باتت في الحكم المنتهية بفعل القطيعة بين الحكومة البولندية ورئيس الوزراء المجري فكتور أوربان بسبب علاقته الوثيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. يضاف إلى ذلك أن مثلث «فايمار» الذي يجمع وارسو وبرلين وباريس بدأت تظهر عليه علامات التصدع نتيجة إصرار المحور الفرنسي الألماني على عدم إذلال بوتين إذا تجاوب وأنهى الحرب قريباً. كما أن ثمة خلافات متنامية بين الدول المؤسسة، ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والبينيلوكس، حول الموضوع الشائكة المطروحة أمام الاتحاد، مثل الانقياد وراء الولايات المتحدة في صدامها المباشر مع بوتين، أو إطالة الحرب حتى انهيار روسيا، أو تسريع وتيرة انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد.
وفي حديث مع سوزي دنيسون مديرة البرنامج الأوروبي في مجلس العلاقات الخارجية تقول: «أعتقد أننا سنشهد في الأشهر المقبلة المزيد من التحالفات التي ستقوم حول مواضيع محددة، في الوقت نلاحظ كيف أن بلداناً، مثل بولندا، عادت تكتشف أهمية المشروع الأوروبي، فيما تجنح حكومات أخرى نحو مواقف قومية للدفاع عن مصالحها المباشرة». وتعتقد دنيسون أن الوحدة التي أبداها الشركاء الأوروبيون حتى الآن في موضوع العقوبات، لن تصمد طويلاً في وجه تداعيات هذه العقوبات على اقتصادات الدول الأعضاء، وتتوقع ألا يقتصر الشرخ على ارتفاع أسعار الطاقة أو موضوع اللاجئين، بل سيكون أكبر مع مرور الوقت بين الذين يسعون إلى إنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن، وأولئك الذين يراهنون على هزيمة موسكو.
وتجدر الإشارة إلى أن كل مكالمة هاتفية يجريها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع فلاديمير بوتين تستدعي موجة من الغضب والانتقادات من لندن بولندا ودول البلطيق التي تتهم باريس بالتواطؤ مع الكرملين، كما أن المستشار الألماني شولتس يتعرض باستمرار لسهام الذين يرفضون أي تفاهم مع موسكو قبل تغيير القيادة الروسية. وليس أوضح للتعبير عن موقف هذه الدول من الكلام الذي صدر أمس في القمة على لسان رئيس وزراء ليتوانيا حيث قال: «إذا لم نواصل الضغط على روسيا فلن نتمكن من ضمان الأمن في أوروبا، والسلام لن يتحقق إلا من خلال النصر في أرض المعركة».
وتقول مصادر أوروبية مسؤولة عن ملف البلدان الشرقية إن المجر تبدو في طريقها إلى العزلة ضمن محيطها الجغرافي، خصوصاً بعد التغيير الحكومي في تشيكيا والجهود التي تبذلها سلوفاكيا منذ فترة للتجاوب مع مطالب بروكسل، علماً بأن العلاقات بين المجر وبولندا ستحتاج لجهد كبير ووقت طويل من أجل ترميمها. ولا شك في أن إعادة تشكيل التحالفات تعطي فرصة لبعض الشركاء من أجل تعزيز مواقعهم عن طريق إقامة تحالفات ومحاور في مجالات محددة، مثل إسبانيا المرشحة لتلعب دوراً حيوياً في مساعدة الاتحاد على التخلص من الاعتماد على صادرات المحروقات الروسية عن طريق مصادر الطاقة المتجددة التي تتقدم فيها على بقية الدول الأعضاء. يضاف إلى ذلك أن ضعف المحور الألماني الفرنسي وبروز دور الدول الشرقية، من شأنه أن يفسح في المجال أمام إيطاليا وإسبانيا لزيادة نفوذهما داخل الاتحاد.


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.