خريطة الفرز السياسي الجديد في أميركا اللاتينية... بانتظار انتخابات البرازيل

مانويل لوبيز أوبرادور (أ.ب)
مانويل لوبيز أوبرادور (أ.ب)
TT

خريطة الفرز السياسي الجديد في أميركا اللاتينية... بانتظار انتخابات البرازيل

مانويل لوبيز أوبرادور (أ.ب)
مانويل لوبيز أوبرادور (أ.ب)

> تجاوز فوز المرشح اليساري غوستافو بيترو في الانتخابات الرئاسية الكولومبية الحيّز المحلي من حيث كسره التوازنات التقليدية في المشهد السياسي الذي كان يتناوب على قيادته اليمين طوال عقود. إذ عزّز فوزه عدد قادة دول «المحوَر الإقليمي» للقوى التقدمية، أو ما بات يعرف بـ«اليسار الجديد» الذي يضمّ المكسيكي مانويل لوبيز أوبرادور والأرجنتيني ألبرتو فرنانديز، وأخيراً التشيلي غابرييل بوريتش، مع احتمال أن ينضمّ إليه البوليفي لويس آرسيه والبيروفي بيدرو كاستيو.
إلا أن الحديث عن قيام جبهة تقدمية واسعة في أميركا اللاتينية ما زال سابقاً لأوانه، في انتظار نتائج معركة الانتخابات الرئاسية البرازيلية أواسط الخريف المقبل بين الرئيس الحالي اليميني جايير بولسونارو والرئيس الأسبق اليساري لويس إيغناسيو لولا. وتجدر الإشارة إلى أن التوجه الذي يقوده المكسيكي أوبرادور والأرجنتيني فرنانديز لإحياء مشروع «الاندماج الأميركي اللاتيني»، والذي أعرب الرئيس الكولومبي المنتخب عزمه الانضمام إليه، كان تبدّى بوضوح في القمة الأخيرة للبلدان الأميركية اللاتينية التي استضافتها أخيراً الولايات المتحدة في لوس أنجليس. ففي هذه القمة تكرّست المسافة التي تباعد بين واشنطن ومحيطها الإقليمي، كما سُمعت أيضاً أصوات تنادي بتجاوز «منظمة البلدان الأميركية» والاستعاضة عنها بمشروع آخر يستثني الولايات المتحدة.
واللافت، أن ثمة تشابهاً كبيراً بين هذا النصر «التاريخي» الذي حققه بيترو، ووصول لوبيز أوبرادور إلى الحكم في المكسيك عام 2018. وللعلم، فإن المكسيك وكولومبيا - وهما أكبر دولتين ناطقتين بالإسبانية في القارة الأميركية - هما البلدان الوحيدان بين بلدان أميركا اللاتينية الكبرى التي لم يسبق أن حكمها اليسار. وهذا يعني أن ثمّة تغييراً هيكلياً قد طرأ على المشهد الانتخابي لا يستبعد أن تتسع دائرته الجغرافية لتشمل دولاً أخرى. وفي هذا السياق، كان الكاتب الكولومبي الشهير غابرييل غارسيّا ماركيز، المعروف بميوله اليسارية وبعلاقاته الشخصية الوطيدة مع العديد من الزعماء اليساريين في أميركا اللاتينية - وفي طليعتهم قائد الثورة الكوبين الراحل فيديل كاسترو -، يقول، إن «الفارق الوحيد بين الليبراليين والمحافظين الذين يتناوبون على الحكم في بلاده، هو أن الأوائل يذهبون إلى قداس الساعة السادسة، بينما يذهب الآخرون إلى قداس الساعة السابعة».
ولكن بعد إعلان فوز غوستافو بيترو في الانتخابات الكولومبية، علّق الكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا - الذي كان شيوعياً في شبابه قبل أن يصبح مدافعاً عن الفكر اليميني - قائلاً «لقد أخطأ الكولومبيون في اختيارهم ولن يمرّ وقت طويل قبل أن يشعروا بالندم».
في أي حال، مما لا شك فيه اليوم هو أن الرياح السياسية تجري بمشتهى سفينة اليسار في أميركا اللاتينية، حيث تسابق قادة المكسيك والأرجنتين وتشيلي على تهنئة الرئيس الكولومبي الجديد الذي يشكّل فوزه «ترسيخاً للديمقراطية ودفعة هائلة نحو اندماج أميركا اللاتينية»، كما قال الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرناديز. ولكن في انتظار نتائج انتخابات البرازيل لمعرفة ما إذا كان لولا سيعود إلى الحكم ويتزعّم المحور التقدمي في أميركا اللاتينية ويقود المسيرة نحو تحقيق الحلم الاندماجي الذي ينادي به منذ عقود، يواجه الرئيس الكولومبي الجديد بيترو تحديات كبيرة لتحقيق الوعود الإصلاحية التي أطلقها خلال حملته الانتخابية. وللعلم، يحتاج تحقيق هذه الوعود والتعهدات إلى غالبية برلمانية لا يملكها في الوقت الحاضر، ومن المستبعد جداً أن يحصل عليها في القريب المنظور... في حين أعلنت المعارضة اليمينية، أنها لن تدّخر وسيلة مشروعة لعرقلة مشروعه السياسي.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»