أحدث الإعلان عن دواء يعالج نوعاً معيناً من السرطان بنسبة شفاء تصل إلى مائة في المائة، ضجة امتزج فيها العلم مع المبالغات، حتى كاد البعض يظن أن هذا الدواء المسمى «دوستارليماب»، هو منقذ البشرية من هذا الداء اللعين، وهو ما تنفيه أندريا سيرسيك، المدير المشارك بمركز «ميموريال سلون كيترينج» للسرطان بنيويورك، ورئيس الفريق البحثي الذي عمل على تجارب استخدام الدواء، التي أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أنه «دواء من ضمن الأدوية المناعية المعتمدة أخيراً لعلاج نوع محدد من السرطانات».
وتقول سيرسيك، إنه توجد العديد من العلاجات المناعية، بما ذلك «دوستارليماب»، التي تم اعتمادها والموافقة عليها لعلاج السرطانات المتقدمة (سرطانات المرحلة الرابعة)، شريطة أن يكون المرضى ممن يفتقدون لجين يسمى «إصلاح عدم التطابق».
ويعمل هذا الجين في الخلايا الطبيعية على إصلاح الطفرات الناتجة عن أخطاء النسخ، فأثناء انقسام الخلية ونسخ حروف الحمض النووي، يمكن أن تُكتب بعض الحروف بشكل خاطئ، ويؤدي تراكم هذه الأخطاء إلى حدوث طفرات جينية، قد تكون صامتة وحميدة، وقد تؤدي إلى الأورام الخبيثة.
وتضيف: «الميزة في تجاربنا التي تم نشرها أخيراً في دورية (نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسين)، أننا قدمنا (دوستارليماب) لمرضى في المرحلة المبكرة من سرطان المستقيم، كانوا يعانون من نقص في جين إصلاح عدم التطابق».
وحقق المرضى معدل شفاء كامل بنسبة 100 في المائة، من دون الحاجة إلى الإشعاع الكيميائي والجراحة، ولا تعلم سيرسيك إن كان هؤلاء المرضى معرضين لعودة الورم مرة أخرى أم لا، كما يحدث مع بعض المرضى الذين يخضعون لعلاجات إشعاعية وجراحية للسرطان، وتقول: «لدينا متابعة عن كثب بعد الانتهاء من العلاج، عن طريق التنظير والتصوير بالرنين المغناطيسي، فهناك حاجة إلى متابعة التجربة على المدى الطويل للتأكد من أن الأورام لن تنمو مرة أخرى».
والآلية التي يستخدمها الدواء، هي جسم مضاد أحادي النسيلة مضاد لنوع من البروتينات، يسمى PD - 1»»، ففي مرضى السرطان الذين يفتقدون لجين «إصلاح عدم التطابق»، يلعب هذا البروتين دوراً في مساعدة الأورام السرطانية على التخفي من هجوم الجهاز المناعي، وهو ما يساعدها على التكاثر والنمو في أمان، ولكن الجسم المضاد يعمل على إبطال مفعول هذا البروتين، بما يجعل الخلايا السرطانية مرئية للجهاز المناعي.
وكشفت سيرسيك أن «بروتين (PD - 1)هدف دوائي معروف جيداً في العديد من العلاجات المناعية، التي تمت دراستها والموافقة عليها لعلاج السرطانات المتقدمة بما في ذلك سرطان القولون والمستقيم».
وتضيف: «دواء (دوستارليماب) هو واحد من هذه الأدوية المعتمدة في الأساس لعلاج سرطان بطانة الرحم، وجميع السرطانات المتقدمة التي تفقد لجين (إصلاح عدم التطابق)، ولا تزال دراستنا عن استخدامه في المرحلة المبكرة من السرطانات التي تعاني من نقص الجين مفتوحة وتجمع العديد من المرضى».
وأجريت التجارب الإكلينكية في هذه الدراسة على 14 مريضاً بالغاً فوق سن الـ18 عاماً يعانون من سرطان المستقيم، وهناك حاجة لتجربة العلاج في المرحلة المبكرة على مرضى آخرين يعانون من نقص جين (إصلاح عدم التطابق)، على أن تشمل التجارب مرضى يعانون من أنواع أخرى من السرطان، غير سرطان المستقيم.
وتقول سيرسيك، «يمكن أن تكون نتائجنا مع مرضى سرطان المستقيم هي (قمة جبل الجليد)، ونحن نتحرى الآن إذا كانت الطريقة نفسها قد تساعد سرطانات أخرى ممن يعاني مرضاها من نقص الجين، ونقوم حالياً بتسجيل المرضى المصابين بسرطان المعدة والبروستاتا والبنكرياس».
بسؤالها عن السعر المرتفع للدواء، الذي تصل تكلفة الجرعة منه إلى 11 ألف دولار في هذه المرحلة التجريبية، تقول سيرسيك، «هذا السؤال يوجه للشركة المنتجة (غلاكسو سميث كلاين)».
وشركة «غلاكسو سميث كلاين» المنتجة لـ«دوستارليماب»، هي شركة أدوية بريطانية عالمية متعددة الجنسيات، تقوم بالأبحاث في علوم الأحياء البيولوجية وإنتاج اللقاحات والأدوية، ومقرها مدينة لندن.
رئيسة «دوستارليماب»: مستمرون للتغلب على السرطان
قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس الوحيد الذي يستهدف تعويض نقص جين وراثي
رئيسة «دوستارليماب»: مستمرون للتغلب على السرطان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة