رئيس الجزائر يتعهد «قطع الطريق أمام نزعة التسلط»

بدأ «المجلس الأعلى للشباب» في الجزائر، أمس، أعماله رسمياً بصفته هيئة استشارية لدى رئاسة الجمهورية، ترفع إليها كل سنة تقريراً عن أوضاع الشباب، الذين يمثلون 70 في المائة من تركيبة السكان (45 مليون جزائري حسب آخر إحصاء)، خصوصاً ما تعلق بقطاع الشغل والتعليم العالي والتكوين المهني، ومشكلات التنمية في المناطق الفقيرة.
وقال الرئيس عبد المجيد تبون، أثناء إشرافه على تنصيب «مجلس الشباب» في العاصمة، إنه سعى، منذ وصوله إلى الحكم نهاية 2019، إلى «تأسيس رؤية جديدة للحكم، تقوم على مؤسسات بعيدة عن الشوائب التي شوهت سيرها، وأضرت بمصداقيتها، وبعيداً عن المؤسسات التي زرعت في نفس المواطن التوجس والريبة»، في إشارة، ضمناً، إلى تسيير شؤون الحكم في فترة الرئيس السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، التي تميزت بالفساد وسوء التسيير.
وتحدث تبون عن «انحرافات مست هيبة المؤسسات، وزعزعت الثقة وأساءت لصورة الدولة. فقد كنا قبل سنتين ونصف أمام واقع يملي علينا مراجعة جذرية لأساليب الأداء، وإحداث قطيعة مع الممارسات التي أنتجت نفور المواطن من كل ما يرمز إلى الدولة والسلطة».
وبحسب الرئيس؛ فإن الظرف الحالي «يستدعي تضافر كل الجهود لتعزيز اللحمة الوطنية، وتقوية الجبهة الداخلية، أمام ما يواجهنا من تحديات إقليمية صعبة، ورهانات دولية معقدة»، مبرزا أن الحكومة «تراهن بكل ثقة على شبابنا لمواجهة هذه التحديات»، وموضحاً أن تنصيب رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للشباب «هو المحطة الأخيرة في المسار، الذي تمت مباشرته وفاءً لما تم التعهد به أمام الشعب، وسنجعل من هذا المجلس فضاء للحوار والتداول وتبادل الأفكار، وتقديم المقترحات وتقلد المسؤوليات».
وأكد الرئيس أنه ينتظر مـن أعضاء «المجلس» مشاركتهم في «تصميم ومتابعة وتقييم المخطط الوطني للشباب والسياسات العمومية المتعلقة به، وأن يجعلوا من انخراط الشباب في الحياة السياسية على رأس الأولويات في هذه المرحلة، التي فتحنا فيها الأبواب واسعة أمامه لتبوؤ المسؤوليات والمهام القيادية في المؤسسات وفي الهيئات المنتخبة، والتي نعمل فيها على توفير كل الحوافز المشجعة للشباب الطموح، الراغب في اقتحام عالم الأعمال والمقاولات».
وعاد تبون إلى ترتيبات أجراها بعد تسلمه السلطة، أهمها تعديل الدستور في 2020، ثم الانتخابات البرلمانية والبلدية، التي جرت، حسبه، «وفق منطق انتخابي جديد لا غبار على نزاهته، مع حرصنا على إبعاد المال الفاسد عن السياسة في هذه الانتخابات». ثم تنصيب «المحكمة الدستورية»، و«المرصد الوطني للمجتمع المدني». وتعني هذه الإجراءات، حسب الرئيس، أن «هناك تغييراً جوهرياً في هرم المؤسسات الدستورية».
في سياق ذلك، وعد تبون بـ«تحقيق تطلعات الجزائريين»، وبناء دولة «يردع فيها القانون كل من مد يده إلى المال العام، وتقطع الطريق أمام نزعة التسلط، وترسيخ القناعة لدى الجميع بأن أفضل طريق لتجنب الانزلاق والتسلط هو ممارسة المسؤوليات الملقاة على عاتقنا بصدق ونزاهة، والاضطلاع بها على أحسن وجه». كما وعد بـ«جزائر طريقها إلى الرفعة والسؤدد، معززة بشبابها الطموح».
وعين تبون لرئاسة «مجلس الشباب» مصطفى حيداوي، وهو أحد كوادر «ديوان الحج والعمرة». وتتكون الهيئة من 348 عضواً؛ نصفهم نساء، من بينهم 232 عضواً ينتخبون في المحافظات الـ58، مدة عهدتهم 4 سنوات غير قابلة للتجديد. ويعطي الدستور لرئيس الجمهورية الحق في تعيين 10 أعضاء، فيما 20 عضواً يمثلون الحكومة وأجهزتها المكلفة شؤون الشباب. أما بقية الأعضاء فيمثلون المهاجرين وتنظيمات الشباب ذوي الإعاقة.
يذكر أن الرئيس الأسبق الجنرال اليامين زروال استحدث عام 1995 «مجلساً أعلى للشباب». وعندما وصل بوتفليقة إلى الحكم عام 1999 ألغاه بحجة أن «البرلمان والمجالس المنتخبة هي أفضل مكان تطرح فيه مشكلات فئة الشباب، والحكومة والهيئات التابعة لها هي الآلية الوحيدة لمعالجة قضاياه».