أثار القرار المفاجئ لمهرجان الجونة السينمائي بتأجيل دورته السادسة التي كانت مقررة إقامتها خلال الفترة من 13 إلى 22 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، التكهنات حول استمراره في أعقاب الاستقالات المتتالية لبعض كوادره البارزة. واعتبر متابعون بيان المهرجان «غير مقنع»، لعدم إشارته إلى أسباب التأجيل، أو تحديد موعد جديد لانعقاد المهرجان، الذي تواصلت فعالياته خلال العامين الماضيين رغم تداعيات جائحة كورونا.
وذكرت إدارة المهرجان، في بيانها، أول من أمس: «أنه حرصاً على تعزيز الدور الحيوي الذي يلعبه مهرجان الجونة السينمائي على المستويين الفني والسياحي، محلياً وعالمياً، تقرر تأجيل الدورة السادسة آخذاً في الاعتبار التحديات العالمية الحالية، التي قد تعوق إضفاء الصبغة العالمية والإقليمية، التي تسعى إدارة المهرجان لتحقيقها والتأكيد عليها منذ دورته الأولى».
وشدد المهرجان على نيته أن تكون الدورة المقبلة انعكاساً قوياً لرسالة «الجونة السينمائي» ليكون منصة فاعلة إقليمياً وعالمياً في القريب العاجل، وأوضح كذلك أن «تأجيل هذه الدورة سيتيح مزيداً من الوقت لوضع استراتيجية متكاملة للدورة السادسة ترتقي إلى التوقعات المتزايدة من المهرجان، وتسمح بالتركيز على الجانب الفني والسينمائي للدورات المقبلة»، منوهاً بأن «اللجنة المنظمة ستقوم بالإعلان عن الاستعدادات والمستجدات التي تطرأ على الفعاليات بشكل دوري في الفترة المقبلة».
وأعربت الناقدة ماجدة خير الله، عن مخاوفها من أن «يؤدي تأجيل الدورة السادسة لمهرجان الجونة إلى تفككه» على حد تعبيرها، وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أخشى أن تهتز الأمور ويذهب أفراد فريق العمل للبحث عن مكان آخر، لأن ما حدث كان غريباً، وربما يشير إلى وجود خلافات داخلية لا نعرفها دفعت لتأجيل انعقاده، لكن يظل السبب الحقيقي غير معروف».
وتابعت: «حزنت لتأجيل المهرجان بعدما حقق مكانة بين المهرجانات الكبرى، وصار نقطة تلاقٍ مهمة بين السينمائيين المصريين والعرب والأجانب، كما تميز باختيارات أفلامه في مختلف البرامج والفعاليات».
ويرى متابعون أن الدورة الخامسة للمهرجان كانت مؤشراً للوصول إلى هذه النتيجة، فقد شهدت تقديم المخرج أمير رمسيس استقالته من منصبه كمدير فني للمهرجان قبل حفل الختام، دون الخوض في أسبابها، فيما أشارت تقارير إلى وجود خلاف في وجهات النظر بين رمسيس وبعض مسؤولي المهرجان.
كما قدمت الفنانة بشرى، مدير العمليات والمؤسس المشارك للمهرجان، استقالتها من منصبها في شهر مارس (آذار) الماضي، وبررت قرارها في تصريحات صحافية قائلة: «إن وجودها بمهرجان الجونة على مدى سبع سنوات أثر على عملها كممثلة»، معتبرة استقالتها فرصة لأخذ فترة راحة وإتاحة المجال لدماء جديدة تتولى المسؤولية»، غير أن إدارة المهرجان لم تعلن طوال الفترة الماضية عن عناصر جديدة تؤدي مهام رمسيس وبشرى، ما أثار كثيراً من التساؤلات.
ورغم حضور انتشال التميمي، مدير المهرجان، لفعاليات «كان السينمائي» فإنه على غير العادة لم يقم المهرجان حفل استقبال للتمهيد لدورته السادسة مثلما اعتاد.
وأثار قرار تأجيل المهرجان كثيراً من ردود الأفعال على مواقع السوشيال ميديا، ووصف الفنان الفلسطيني كامل الباشا هذا الخبر بأنه «مؤسف جداً»، راجياً أن يكون تأجيلاً لا إلغاء للمهرجان الذي شكل حالة عربية وعالمية سينمائية فريدة.
وقال المخرج السينمائي المصري مجدي أحمد علي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجونة السينمائي حقق نجاحاً كبيراً وتسبب في حراك للسينما المصرية والعربية، فبينما يوجد بالمغرب 43 مهرجاناً سينمائياً، فإن عدد المهرجانات المصرية مخيب للآمال، إذ مفترض أن يكون هناك مهرجان في كل محافظة، كما أن الجونة من المهرجانات المهمة التي تؤكد دور رجال الأعمال في التنمية الثقافية، لا سيما أن نجيب وسميح ساويرس يهتمان بهذا الأمر ويقيمان مسابقة باسم أحمد فؤاد نجم وأخرى أدبية وفنية».
ورجح أن «تكون الأسباب الاقتصادية وراء قرار تأجيله»، موضحاً: «المهرجان نظم دورتيه السابقتين في ظل أزمة كورونا، ولم يتوقف رغم توقف مهرجانات عالمية كبرى».
بدوره، نفى المخرج المصري يسري نصر الله، عضو اللجنة الاستشارية الدولية للمهرجان، الشائعات التي ترددت حول توقف المهرجان، مؤكداً أن «فكرة إلغاء المهرجان غير مطروحة»، موضحاً في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما حدث هذا العام من مشاكل اقتصادية ورفع سعر الفائدة جعل المهرجان يتخذ قرار التأجيل تحسباً للصعوبات الاقتصادية المتوقعة في الفترة المقبلة، محاولاً إيجاد توازن لضمان استمراره في تقديم رسالته، لأن الجونة السينمائي يقدم دعماً للسينما المستقلة، ومنصته تعد من أهم المنصات الداعمة لصناع الأفلام في المنطقة العربية».
واستبعد نصر الله تأثر المهرجان بهذا التأجيل، قائلاً: «هناك مهرجانات كثيرة توقفت خلال وباء كورونا أو بسبب الصراعات السياسية، ونظمت نفسها مجدداً، لأن العالم في ارتباك حقيقي، واقتصادات السينما تحتاج إلى إعادة نظر في ظل هذه الظروف».
ونجح مهرجان الجونة على مدى دوراته الخمس السابقة في استقطاب أفضل الأفلام العالمية التي انفرد بعروضها الأولى، وكرم كبار النجوم المصريين والعرب والأجانب ومنحهم جوائز الإبداع، ومن بينهم عادل إمام، وداود عبد السيد، وخالد الصاوي، ومي مصري، وهيام عباس، وفورست ويتكر، وسيلفستر ستالوني، كما ساند عدداً كبيراً من صانعي الأفلام العرب، وأسهم في تمويل أفلامهم عبر منصته السينمائية.
«الجونة السينمائي» يواجه عاصفة تكهنات بعد تأجيله المفاجئ
يسري نصر الله لـ«الشرق الأوسط»: الصعوبات الاقتصادية وراء القرار
«الجونة السينمائي» يواجه عاصفة تكهنات بعد تأجيله المفاجئ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة