البُنى التحتية الخضراء حلول تفتقدها المجتمعات المهمشة

مناطق كثيرة في الهند تأثرت من زيادة معدل الفيضانات (إ.ب.أ)
مناطق كثيرة في الهند تأثرت من زيادة معدل الفيضانات (إ.ب.أ)
TT

البُنى التحتية الخضراء حلول تفتقدها المجتمعات المهمشة

مناطق كثيرة في الهند تأثرت من زيادة معدل الفيضانات (إ.ب.أ)
مناطق كثيرة في الهند تأثرت من زيادة معدل الفيضانات (إ.ب.أ)

تعمل مدن عربية كثيرة على توسيع بناها التحتية لمواجهة الهطولات المطرية الومضية والعواصف المدارية القاسية التي تنتج عنها فيضانات، تسببت خلال السنوات الماضية بخسائر كبيرة بشرية ومادية. وتتضمن هذه المشاريع تنفيذ أنابيب وقنوات لتصريف مياه الأمطار، وحواجز ومجاري وجسوراً لإعادة توجيه السيول وإبعادها عن التجمعات الحضرية وخطوط المواصلات.
وتُصنف هذه المشاريع، التي تسود الخرسانة في أغلب هياكلها، ضمن مشاريع البنى التحتية الرمادية. وهي تشمل أيضاً الخزانات والقنوات المائية ومحطات المعالجة التي يجري تنفيذها لمواجهة تحديات الأمن المائي. وفي المقابل، يمكن لحلول تقوم على الطبيعة، وتُعرف بالبنى التحتية الخضراء، تقديم مساهمة معتبرة في مواجهة التحديات البيئية بتكاليف أقل وعوائد أكبر.
قصص نجاح ومصاعب
تمثل الحلول الطبيعية، أو البنى التحتية الخضراء، أداة تم اختبارها بنجاح لتحقيق الفوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية. وفي كثير من الحالات، يمكنها إقلال الاعتماد على البنى التحتية «الرمادية»، التي قد تلحق ضرراً بالبيئة والتنوع البيولوجي، وغالباً ما تكون أعلى كلفة في البناء والصيانة.
وتُعرف البنى التحتية الخضراء بأنها شبكة مخططة استراتيجياً، من المناطق الطبيعية وشبه الطبيعية مع ميزات بيئية أخرى، يجري تصميمها وإدارتها لتقديم مجموعة واسعة من خدمات النظام البيئي مثل تنقية المياه، وتحسين جودة الهواء، وتوفير مساحة للترفيه، وتخفيف حدة تغير المناخ والتكيف معه. ويمكن لهذه الشبكة من المساحات الخضراء (الأرضية) والزرقاء (المائية) تحسين الظروف البيئية، وتعزيز صحة المواطنين ونوعية حياتهم. كما تدعم الاقتصاد الأخضر، وتخلق فرص عمل، وتحافظ على التنوع البيولوجي.
في الولايات المتحدة، تعاني معظم المدن تراكماً كبيراً في صيانة بناها التحتية الرمادية، التي تصل قيمتها إلى مئات مليارات الدولارات على المستوى الوطني. وفي المقابل، تلعب الأشرطة الحدائقية القليلة التكاليف في مدينة أوكلاند غرب كاليفورنيا دوراً حاسماً في إبطاء الجريان السطحي الذي يسبب الفيضانات. كما تثبت هذه الأشرطة الحدائقية فاعليتها في تحسين جودة المياه من خلال تصفية الجريان السطحي.
ولا يقتصر دور المسطحات الخضراء على التخفيف من مخاطر الفيضانات، فالنباتات والمتنزهات لها دور تبريدي يقلل من ظاهرة «جزر الحرارة الحضرية»، التي تتمثل في ارتفاع الحرارة ضمن المدن بضع درجات نتيجة قيام الأسطح المرصوفة والطرق الإسفلتية بامتصاص الحرارة نهاراً ثم إشعاعها إلى المحيط القريب.
كما تلعب الحدائق العامة والفراغات المفتوحة أدواراً اجتماعية وصحية في المناطق الحضرية المكتظة. وتؤكد الدراسات المختلفة على أن جلب الطبيعة إلى داخل المدن أمر ضروري للوصول إلى مدن صحية، حيث لا يقتصر دور المتنزهات على الترفيه، وإنما يمتد ليشمل دعم الحالة النفسية والاجتماعية للمواطنين، إلى جانب تحسين الوضع البيئي والحد من مخاطر العواصف وحماية التنوع الحيوي.
وتستثمر العديد من المدن في حماية الأراضي الرطبة والغابات كنُظم ترشيح طبيعية، مثلما فعلت مدينة نيويورك باستثمار 1.7 مليار دولار في حماية مساحة واسعة من الأحراج في جبال كاتسكيل التي تعد مصدر مياه الشرب الأساسي للمدينة. وقد أتاحت هذه الاستثمارات توفير تكاليف تنقية المياه التي تتطلب إنفاق 10 مليارات دولار لبناء محطة معالجة جديدة وأكثر من 100 مليون دولار سنوياً لتشغيل المحطة.
وتواجه البنى التحتية الخضراء عدداً من الإشكاليات المرتبطة بالتمويل، لا سيما في مناطق المجتمعات المهمشة والأكثر فقراً. ففي الولايات المتحدة تمثل الفيضانات مشكلة كبيرة في الأحياء ذات الدخل المنخفض التي يعيش فيها «الملونون». وتضم هذه الأحياء عدداً أقل من المتنزهات، كما تعد بنيتها التحتية مهملة في أغلب الحالات.
وفي الاتحاد الأوروبي، أظهر تقرير صدر عن وكالة البيئة الأوروبية مطلع هذه السنة غياب المساواة الاجتماعية في الوصول إلى المساحات الخضراء والزرقاء الحضرية في جميع أنحاء أوروبا. ووجد التقرير أن المدن في شمال وغرب أوروبا تميل إلى امتلاك مساحات خضراء أكثر من مدن الجنوب والشرق. وفي حين توصي منظمة الصحة العالمية بأن يقيم جميع الناس ضمن مسافة 300 متر من المساحات الخضراء، فإن أقل من نصف سكان المدن في أوروبا يحظون بذلك.
وتظهر مشاكل تمويل البنى التحتية الخضراء اعتباراً من مرحلة التخطيط، حيث يتم تنفيذ المساحات الخضراء كعمل تكميلي لمشاريع الطرق أو البناء، نتيجة تباين الأولويات وغياب التنسيق الهندسي، مما يزيد كلفتها ويقيد مساحتها. وكما هو الحال في البنى التحتية الرمادية، تتطلب البنى التحتية الخضراء إجراء صيانة مستمرة للحفاظ عليها سليمة وخالية من المخلفات، وغالباً ما تحول مصاعب التمويل المستمر دون استدامة البنى التحتية الخضراء.
وسواء أكانت المدن تنفق على البنية التحتية الرمادية أو الخضراء، فإن المناخ الأكثر سخونة يضع مزيداً من الضغوط على ميزانياتها السنوية. واللافت أن أكثر المدن حول العالم تفتقر إلى بيانات محدثة لهطول الأمطار، تعكس زيادة شدة العواصف المطرية خلال السنوات الماضية، وهذا يعني أن مشاريع البنى التحتية الجديدة ما زالت تنفذ من دون مراعاة تغير المناخ.
ومع أنه من المعروف أن التخطيط للتكيف مع الأمطار الغزيرة يتطلب بناء أنظمة أكبر لتصريف الجريان السطحي، لكن استبدال أنابيب الصرف الطويلة وزيادة سعة البنى التحتية القائمة يفوقان عادة قدرة المدن على التمويل. ويظهر هنا دور البنى التحتية الخضراء في إقلال الحاجة لاستبدال البنى التحتية الرمادية، إذ لو كانت الحدائق قادرة على امتصاص بعض الجريان السطحي، فلا داعي للتوسع في شبكة صرف مياه الأمطار.
خطط طموحة واستثمارات بالمليارات
رغم أنه لا يمكن التعويل بشكل كامل على البنى التحتية الخضراء، فإن الكثير من الدول تجد فيها عاملاً مساعداً في التخفيف من مخاطر تغير المناخ بتكاليف معقولة. ففي الولايات المتحدة، مثلاً، ستوفر وكالة حماية البيئة منحاً بأكثر من 11 مليار دولار لمشاريع البنى التحتية للمياه في المدن الأميركية خلال السنوات الخمس المقبلة، وستكون حصة البنى التحتية الخضراء ومشاريع كفاءة استخدام المياه 10 في المائة.
في الاتحاد الأوروبي، تشكل شبكة «ناتورا 2000» العمود الفقري للبنى التحتية الخضراء في المنطقة. وتمثل هذه الشبكة أكبر مجموعة منسقة من المناطق المحمية في العالم، حيث تمتد على 18 في المائة من أراضي الاتحاد الأوروبي و8 في المائة من مناطقه البحرية. وفي حين تشمل الشبكة مناطق طبيعية محمية بشكل صارم، فإن معظم أراضيها لا تزال ملكية خاصة، لكن يُفرض على أصحابها تطبيق مبادئ الحفظ والاستخدام المستدام.
ومنذ 2013، تبنت المفوضية الأوروبية استراتيجية البنى التحتية الخضراء التي تسعى لضمان أن تصبح حماية واستعادة وإنشاء وتعزيز البنى التحتية الخضراء جزءاً لا يتجزأ من التخطيط المكاني والتنمية الإقليمية، عندما تقدم بديلاً أفضل أو مكملاً للخيارات الرمادية القياسية. ووفق أحدث البيانات المتاحة، تشكل المساحات الخضراء والزرقاء، المخصصة للحدائق والمتنزهات وأشجار الشوارع والأحواض المائية والأراضي الرطبة، 42 في المائة من مساحة المدن في 38 دولة عضواً في المنطقة الاقتصادية الأوروبية.
وفي الصين، اعتبر المؤتمر الوطني لنواب الشعب أن مكافحة التلوث ستكون إحدى معاركه الحاسمة الثلاث، التي تشمل أيضاً الحد من الفقر ومعالجة المخاطر المالية. وقد تبنت وزارة البيئة الصينية بعض التدابير لتحسين جودة الهواء وتدعيم النظم البيئية، تشمل إقامة مساحات خضراء جديدة، وتنفيذ ممرات بيئية تسمح للأنواع الحية بالتنقل بين الموائل التي مزقتها الأنشطة البشرية. وفي شنغهاي، يتم استثمار 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في مشاريع التنمية البيئية الحضرية، بما فيها مشاريع عزل الكربون وأنظمة المتنزهات الحضرية وآليات حماية النظام البيئي.
وفي مصر، أشارت وزارة المالية إلى خططها في زيادة التمويل الأخضر بعد نجاحها في سبتمبر (أيلول) 2020 بطرح أول إصدار حكومي سيادي للسندات الخضراء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وسيستهدف هذا التمويل تنفيذ مشاريع استثمارية صديقة للبيئة تساعد في إحداث تغيير جذري في البنى التحتية لتصبح أكثر مرونة مناخياً. وكانت الحكومة المصرية خصصت في مشروع الموازنة العامة الجديدة ملياري جنيه لدعم التحول إلى المشروعات الصديقة للبيئة.
وعلى صعيد المؤسسات المالية، أعلن البنك الإسلامي للتنمية عن جمع مليار يورو من الصكوك الخضراء في عام 2019، و2.5 مليار دولار من صكوك الاستدامة في عام 2021، وأنه يقوم باستثمار هذه الأموال في البنى التحتية الخضراء والمرنة التي ستخلق الملايين من الوظائف الخضراء في المستقبل القريب. وكان البنك تعهد في 2019 بجعل 35 في المائة على الأقل من عملياته موجهة لتمويل المناخ بحلول 2025.
لقد نجحت المجتمعات على مر التاريخ في عقد تحالفات وثيقة مع الطبيعة، فمن حدائق بابل المعلقة إلى الشوارع المزينة بأشجار البرتقال في إشبيلية كان الاستثمار في المساحات الخضراء على الدوام مؤشراً على تطور الحضارات ونضوجها. وتبرهن ظروف الجائحة والحرب التي يشهدها العالم أكثر من أي وقت مضى ضرورة الخروج من حالة العزلة والركود إلى رحاب الطبيعة وحلولها، التي تدعم الاقتصاد وتحافظ على البيئة وتحمي صحة الإنسان.



ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
TT

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024، حيث ارتفعت درجات الحرارة بوتيرة تزيد بمقدار المثلين عن المتوسط العالمي في العقود الأخيرة.

وأصبحت الموجات الحارة في المنطقة أطول وأكثر حدة، وفقاً لأول تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يركز على المنطقة.

وقالت سيليست ساولو الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «ترتفع درجات الحرارة بمعدل مثلي المتوسط العالمي، مع موجات حرّ شديدة ومرهقة للمجتمع إلى أقصى الحدود».

وخلص التقرير إلى أن متوسط درجات الحرارة في عام 2024 تجاوز متوسط الفترة من 1991 إلى 2020، بمقدار 1.08 درجة مئوية، فيما سجّلت الجزائر أعلى زيادة بلغت 1.64 درجة مئوية فوق متوسط الثلاثين عاماً الماضية.

وحذّرت ساولو من أن الفترات الطويلة التي زادت فيها الحرارة عن 50 درجة مئوية في عدد من الدول العربية كانت «حارة للغاية» بالنسبة لصحة الإنسان والنظم البيئية والاقتصاد.

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

وأشار التقرير إلى أن موجات الجفاف في المنطقة، التي تضم 15 بلداً من أكثر بلدان العالم ندرة في المياه، أصبحت أكثر تواتراً وشدة، مع اتجاه نحو تسجيل موجات حرّ أكثر وأطول في شمال أفريقيا منذ عام 1981.

وخلص التقرير إلى أن مواسم الأمطار المتتالية، التي لم يسقط فيها المطر، تسببت في جفاف في المغرب والجزائر وتونس.

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن أكثر من 300 شخص في المنطقة لقوا حتفهم العام الماضي بسبب الظواهر الجوية القاسية، ولا سيما موجات الحر والفيضانات، في حين تضرر ما يقرب من 3.8 مليون شخص.

وأكّد التقرير الحاجة الماسة للاستثمار في الأمن المائي، عبر مشروعات مثل تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إلى جانب تطوير أنظمة الإنذار المبكر للحدّ من مخاطر الظواهر الجوية. ويمتلك نحو 60 في المائة من دول المنطقة هذه الأنظمة حالياً.

ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في المنطقة بمقدار 5 درجات مئوية، بحلول نهاية القرن الحالي، في ظل مستويات الانبعاثات الحالية، استناداً إلى التوقعات الإقليمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.


دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
TT

دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

تعيش مع البشر مئات الملايين من القطط في جميع أنحاء العالم، سواء أكانت سيامية أو فارسية أو من سلالة ماين كون أو غيرها. لكن على الرغم من شعبيتها كحيوانات أليفة، ظلّ تاريخ استئناسها وتربيتها بالمنازل سرّاً صعباً يستعصي على العلماء.

وتقدم دراسة جينية جديدة نظرة في هذه المسألة، من خلال تحديد التوقيت الزمني لمرحلة رئيسية في تدجين القطط، عندما استُقدمت القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا.

ووجد الباحثون أن القطط الأليفة وصلت إلى أوروبا منذ ما يقرب من ألفي عام، في أوائل عصر الإمبراطورية الرومانية، ربما من خلال التجارة البحرية.

ويحتمل أن يكون البحارة قد جلبوا بعض هذه القطط لاصطياد الفئران على متن السفن التي كانت تجوب البحر المتوسط حاملة الحبوب من حقول مصر الخصبة إلى الموانئ التي تخدم روما والمدن الأخرى في الإمبراطورية الرومانية مترامية الأطراف.

تتناقض هذه النتائج مع الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأن الاستئناس حدث في عصور ما قبل التاريخ، ربما قبل 6 إلى 7 آلاف سنة، حينما انتقل المزارعون من الشرق الأدنى والشرق الأوسط القديم إلى أوروبا لأول مرة، حاملين القطط معهم.

قطة (أ.ف.ب)

وقال عالم الجينات كلاوديو أوتوني، من جامعة روما تور فيرجاتا، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت اليوم (الخميس)، في مجلة «ساينس»: «أظهرنا أن أقدم جينومات للقطط المنزلية في أوروبا تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية وما بعدها»، بداية من القرن الأول الميلادي.

استخدمت الدراسة بيانات جينية من بقايا القطط من 97 موقعاً أثرياً في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأدنى، وكذلك من قطط تعيش في الوقت الحاضر. قام الباحثون بتحليل 225 عظمة من عظام القطط، الأليفة والبرية، التي ترجع إلى نحو 10 آلاف سنة مضت إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وأنتجوا 70 جينوماً قديماً للقطط.

ووجد الباحثون أن بقايا القطط من مواقع ما قبل التاريخ في أوروبا تنتمي إلى القطط البرية، وليس القطط الأليفة القديمة.

كانت الكلاب هي أول حيوان مستأنس من قبل البشر، إذ انحدرت من فصيلة ذئاب قديمة مختلفة عن الذئاب الحديثة. وجاءت القطط الأليفة في وقت لاحق، منحدرة من القط البري الأفريقي.

قال ماركو دي مارتينو، عالم الحفريات بجامعة روما تور فيرجاتا، والمؤلف المشارك في الدراسة: «دخول القطط الأليفة إلى أوروبا مهم لأنه يمثل لحظة مهمة في علاقتها طويلة الأمد مع البشر. فالقطط ليست مجرد نوع آخر وصل إلى قارة جديدة. إنها حيوان أصبح مندمجاً بعمق في المجتمعات البشرية والاقتصادات حتى المعتقدات».

وحدّدت البيانات الجينية مرحلتين لدخول القطط إلى أوروبا من شمال أفريقيا. فمنذ ما يقرب من 2200 سنة، جلب البشر القطط البرية من شمال غربي أفريقيا إلى جزيرة سردينيا، التي تنحدر قططها البرية الحالية من تلك القطط المهاجرة.

لكن هذه القطط لم تكن أليفة. فهناك هجرة منفصلة من شمال أفريقيا بعد نحو قرنين من الزمان، شكّلت الأساس الجيني للقطط المنزلية الحديثة في أوروبا.

تشير نتائج الدراسة إلى أنه لم تكن هناك منطقة أساسية واحدة لترويض القطط، بل لعبت عدة مناطق وثقافات في شمال أفريقيا دوراً في ذلك، وفقاً لعالمة الآثار الحيوانية والمؤلفة المشاركة في الدراسة، بيا دي كوبير، من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية.

وقالت دي كوبير: «يتزامن توقيت الموجات الوراثية لإدخال القطط من شمال أفريقيا مع الفترات التي تكثفت فيها التجارة حول البحر المتوسط بقوة. ومن المرجح أن القطط كانت تسافر لصيد فئران على متن سفن الحبوب، لكن ربما أيضاً كحيوانات ذات قيمة دينية ورمزية».

كانت القطط مهمة في مصر القديمة، وكان ملوك مصر يحتفظون بقطط أليفة، وأحياناً يحنطونها لدفنها في توابيت أنيقة.

ولعب الجيش الروماني القديم، الذي انتشرت مواقعه العسكرية في جميع أنحاء أوروبا، وحاشيته، دوراً أساسياً في انتشار القطط الأليفة في جميع أنحاء القارة، وتشهد على ذلك بقايا القطط التي اكتشفت في مواقع المعسكرات الرومانية.

ويرجع تاريخ أقدم قط مستأنس في أوروبا تم تحديده في الدراسة، وهو قط مشابه وراثياً للقطط المنزلية الحالية، إلى ما بين 50 قبل الميلاد و80 ميلادية من بلدة ماوترن النمساوية، وهي موقع حصن روماني على طول نهر الدانوب.

ومع ذلك، لم تكشف الدراسة عن توقيت ومكان التدجين الأولي للقطط.

قال أوتوني: «تدجين القطط أمر معقد، وما يمكننا قوله حالياً هو توقيت دخول القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا. لا يمكننا أن نقول الكثير عما حدث قبل ذلك، وأين حدث».


إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
TT

إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)

أصدرت السلطات المحلية في إسطنبول، اليوم (الاثنين)، مرسوماً يقضي بحظر إطعام الكلاب الضالة داخل المدينة في المستقبل، وكذلك منع وجودها في الأماكن العامة بالمدينة.

وقالت السلطات إنه سيتم منع الكلاب الضالة من الوجود على الأرصفة، والمرافق الصحية والتعليمية، والمطارات، ودور العبادة، والمتنزهات، وذلك بهدف منع انتشار الآفات والتلوث البيئي.

ولم يتم تقديم أي تفاصيل حول العقوبات المحتملة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وتهدف الإجراءات الجديدة أيضاً إلى تسريع عملية الإمساك بالكلاب التي لا مالك لها وتعقيمها، وإيوائها في ملاجئ الحيوانات. وستكون البلديات مسؤولة عن تنفيذ القواعد الجديدة.

وأصبحت هذه القضية محل جدل كبيراً منذ صدور قانون العام الماضي، يسمح في حالات معينة بإعدام الكلاب الضالة. ويمكن الآن إلزام البلديات بإمساك الحيوانات الضالة وإيوائها في ملاجئ خاصة.

وتقوم هذه الملاجئ بالبحث عن مالكين جدد للاعتناء بهذه الحيوانات.