كيف تحول عقال الحارات إلى عبء إضافي على سكان صنعاء؟

الحوثيون يوكلون لعقال الحارات مهام شركة الغاز لمعاقبة معارضيهم

كيف تحول عقال الحارات إلى عبء إضافي على سكان صنعاء؟
TT

كيف تحول عقال الحارات إلى عبء إضافي على سكان صنعاء؟

كيف تحول عقال الحارات إلى عبء إضافي على سكان صنعاء؟

تلخّص نكتة شعبية مستلهمة من الواقع، جرى تداولها، بشكل واسع، في وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً كيف يتدبر ويؤمن اليمنيون احتياجاتهم المعيشية الأساسية في معظم المدن اليمنية في ظل أوضاع إنسانية ومعيشية متردية وشبه مستحيلة.
وبحسب الطرفة، فإن أفراد الأسرة اليمنية يوزعون المهام فيما بينهم بشكل يومي: فمهمة الأولاد هي الانتظار والوقوف في طوابير بشرية طويلة تصطف، بالأيام لا الساعات، أمام محطات التزود بالوقود. مهمة البنات الذهاب إلى المساجد والخزانات العامة للوقوف في طوابير بشرية، أقل عدداً، تصطف منذ الصباح الباكر، كل في حارته وحيه، من أجل تعبئة مياه للاستخدام المنزلي وتخزينها في علب بلاستيكية "دبيب ماء" تتراوح سعتها بين 5 إلى 20 لترا. وفي حين تتمثل مهمة الأمهات في الوقوف في طوابير بشرية كبيرة أمام محلات بيع الغاز المنزلي، على قلتها، تعد مهمة الآباء أو الأزواج الأقل بذلاً للجهد والوقت وتقتصر على شحن هواتف جميع أفراد العائلة وأجهزة الخزن الكهربائي في مقاهي الانترنت والاستراحات والأماكن التي يرتادونها في ساعات المقيل بعد العصر بشكل يومي.
هذه باختصار، وبشيء من التبسيط والمحاكاة، صورة مقربة عن معاناة اليمنيين والأوضاع المعيشية الكارثية التي يعاني منها اليمنيون منذ نحو شهر، في ظل تصعيد ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس صالح وحروبهم المدمرة في عدن وتعز ومعظم محافظات الجنوب، وانقلابهم على الشرعية، ورفضهم تنفيذ قرار مجلس الأمن 2166، بالتزامن مع توقف حركة الملاحة البحرية والجوية، وتفاقم الأزمة الغذائية والتموينية، وانعدام الوقود والمشتقات النفطية والمواد الغذائية والطبية، وانقطاع التيار الكهربائي عن معظم المدن اليمنية، وارتفاع أسعار كل السلع والمواد والخدمات إلى أضعاف أسعارها في الأوضاع الاعتيادية في بلد يعد دخل الفرد فيه الأقل على مستوى الشرق الأوسط.
لكن ما أسهم في تردي الأوضاع المعيشية، بشكل مؤثر وصادم، أن ميليشيات الحوثي عملت، بشكل حثيث، طوال الأشهر التي أعقبت اجتياحها لصنعاء في 21 سبتمبر(أيلول) المنصرم التي سبقت "عاصفة الحزم"، على تعطيل دور الوزارات والمؤسسات الحكومية تدريجياً، والحلول محلها، أو اختراقها وانتزاع بعض صلاحياتها، ودمج ميليشياتها وكوادرها داخل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية. ذلك أن "اللجان الشعبية" الحوثية (وهو اسم الدلع لميليشيات الحوثي) صارت بديلاً فعلياً لقوات النجدة والشرطة العسكرية والأمن المركزي" المسؤولة عن حفظ الأمن في المدن. أما "اللجان الثورية" فقد صارت بديلاً فعلياً لأربع جهات رقابية في جهاز الدولة، هي: الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والهيئة العليا للفساد، وهيئة مراقبة المناقصات والمزايدات، واللجنة العليا للمناقصات. في حين أوكلت مهام الشركة اليمنية للغاز ووزارة النفط لصالح عقال الحارات كمسؤولين عن بيع احتياجات المواطنين من الغاز المنزلي بدلاً عن شركة الغاز اليمنية.
وبدلاً عن أن يكونوا جزءا من الحل، تحول عقال الحارات في العديد من المدن اليمنية إلى مشكلة إضافية وعبء آخر يضاف إلى أعباء المعيشة اليومية لمعظم اليمنيين. وبدلاً من أن يعملوا على التخفيف من المعاناة المعيشية لليمنيين، ولو بشكل نسبي، تحول الكثير من عقال الحارات، وبخاصة في العاصمة صنعاء، إلى "جواسيس" لصالح الجماعة، وأدوات تنكيل وعقاب بالمواطنين المعارضين لسلوك ميليشيات الحوثي وعائلاتهم. ذلك أن ميليشيات الحوثي أوكلت لعقال الحارات مهمة توزيع الاحتياجات الأساسية للمواطنين وبخاصة مادة الغاز المنزلي التي انعدمت من السوق المحلية منذ الأسابيع الأولى لغارات "عاصفة الحزم"، وارتفعت أسعارها في السوق السوداء إلى ضعفي سعرها المقرر من قبل وزارة النفط وشركة الغاز.
وشكا العديد من المواطنين في أكثر من حارة وحي لـ«الشرق الأوسط» سلوك عقال الحارات ودورهم في تفاقم الأزمة التموينية واختلاق الأزمات، وتعمدهم إخفاء الكميات المتوفرة وتوزيعها لأنصار وأشياع جماعة الحوثي فقط، أو بيعها بضعف أسعارها بشكل سري كما هو شائع منذ أسابيع عن طريق العقال (تباع أسطوانة الغاز حالياً بسعر خمسة آلاف ريال، في حين لا يتعدى سعرها الرسمي 1500 ريال).
عدا ذلك، يشعر العديد من الناشطين والحقوقيين والإعلاميين المعارضين لجماعة الحوثي بالقلق من قيام ميليشيات الحوثي بعقابهم وعائلاتهم، من خلال عقال الحارات، عن طريق حرمانهم من احتياجاتهم الأساسية كالغاز المنزلي الذي يوزع بشكل محدود ويباع بشكل انتقائي مزاجي وفق أهواء عقال الحارات. إذ أقدم في الأسابيع القليلة الماضية عقال الحارات في جميع أنحاء العاصمة صنعاء بتسجيل أسماء وعائلات جميع سكان المدينة وعدد أفراد كل عائلة، في قوائم يخشى العديد من الناشطين الحقوقيين، من أن تكون قوائم ومعلومات ذات طابع استخباراتي أكثر من كونها خدميا، خاصة وأن الكثير من المواطنين لم يحصلوا على الغاز بعد مضي نحو شهر على تسجيل أسمائهم لدى عقال الحارات.
وحذرت الناشطة الحقوقية البارزة إشراق المقطري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من قيام ميليشيات الحوثيين بعقاب معارضيهم وعائلاتهم عن طريق حرمانهم من احتياجاتهم الأساسية كالغاز المنزلي، مشيرة إلى تلقيها العديد من البلاغات عن وجود حالات يتم فيها توزيع الغاز على أساس مناطقي من قبل بعض عقال الحارات، الأمر الذي سيعمق الشرخ الاجتماعي الآخذ في الاتساع بين اليمنيين بعد اجتياح الحوثيين لعدن وتعز والضالع ولحج وما ارتكبته ميليشياتهم من جرائم في هذه المحافظات.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.