حملة «خنق الرقاب» التي أحرجت حماس أثناء حرب غزة قد تأخذها إلى «الجنائية»

رفضت اتهامات «جرائم الحرب» في تقرير أمنستي واتهمت الأهالي بإعدام العملاء

حملة «خنق الرقاب» التي أحرجت حماس أثناء حرب غزة قد تأخذها إلى «الجنائية»
TT

حملة «خنق الرقاب» التي أحرجت حماس أثناء حرب غزة قد تأخذها إلى «الجنائية»

حملة «خنق الرقاب» التي أحرجت حماس أثناء حرب غزة قد تأخذها إلى «الجنائية»

رفضت حركة حماس أمس، تقرير منظمة العفو الدولية (أمنستي) الذي اتهمها صراحة بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، أثناء العدوان الإسرائيلي على القطاع الصيف الماضي، وعدت الحركة التقرير مسيسا ويفتقر إلى المعايير المهنية، ويستند إلى ادعاءات لا أساس لها من الصحة.
وفيما نفت الحركة أي علاقة لها بقتل مشتبهين بالتخابر مع إسرائيل، قال مسؤولون حمساويون إن الأهالي هم الذين قتلوهم.
واتهمت أمنستي حركة حماس بارتكاب جرائم حرب بحق مدنيين فلسطينيين في قطاع غزة أثناء حرب إسرائيل الأخيرة على غزة. وجاء في تقرير نشرته المنظمة أمس أن قوات حماس قامت بحملة وحشية شملت عمليات اختطاف وتعذيب وقتل غير مشروع بحق فلسطينيين، بحجة تعاونهم مع إسرائيل أو على خلفية نزاعات سياسية.
وأشار التقرير إلى أن إدارة حماس أطلقت العنان لأجهزتها الأمنية لارتكاب عمليات فظيعة تقشعر لها الأبدان، بحق معتقلين لديها، يمكن وصف بعضها بجرائم حرب.
وقالت منظمة العفو: «في فوضى الصراع، أطلقت إدارة حماس القائمة بحكم الواقع، العنان لقواتها الأمنية لتنفيذ انتهاكات مفزعة، من بينها انتهاكات ضد أشخاص محتجزين لديها. وكانت هذه الأفعال التي تقشعر لها الأبدان والتي يعد بعضها جرائم حرب، تهدف إلى الانتقام وبث الخوف في أرجاء قطاع غزة».
وخص التقرير بالذكر حادث إعدام 6 رجال أمام مسجد العمري في غزة، على مرأى مئات الأشخاص بمن فيها أطفال.
واتهمت منظمة العفو الدولية حماس بأنها تجاهلت بتصرفاتها القواعد الأساسية للقوانين الإنسانية الدولية.
وقال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العفو الدولية: «إنه لأمر مروع لأقصى حد، أنه بينما كانت إسرائيل تنزل الموت والدمار بشعب غزة على نطاق هائل... انتهزت قوات حماس الفرصة لتسوية الحسابات بلا رحمة، منفذة سلسلة من عمليات القتل غير المشروع وغيرها من الانتهاكات الجسيمة».
ويشير تقرير أمنستي إلى حملة أطلق عليها آنذاك اسم «خنق الرقاب»، واستهدفت إعدام مشتبهين بالتخابر مع إسرائيل في وضح النهار.
وشوهد في اليوم الـ46 للحرب، ملثمون يرتدون ملابس سوداء ويقتادون «العملاء» الذين غطوا رؤوسهم حفاظا على سمعة عائلاتهم، أمام حشد من الناس إلى موقع تنفيذ الإعدام، ويضعونهم في صف ويطلقون عليهم الرصاص مباشرة. وجاء ذلك بعد يوم من تمكن إسرائيل من استهداف 3 من كبار قادة كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، في غزة.
ونفت حماس أي علاقة لها بالأمر بعد تقرير أمنستي. وانتقد فوزي برهوم المتحدث باسم حماس التقرير، قائلا إنه «موجه ضد المقاومة الفلسطينية وحركة حماس، وتجن على الحركة، ويفتقر إلى المهنية والمصداقية، وتعمد التهويل والتضخيم دون الاستماع إلى كافة الأطراف ومن كل المستويات ودون التدقيق في صحة المعلومات».
وقالت حماس في بيان رسمي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه، إنه لا علاقة لحماس بأعمال القتل المذكورة، محملة الاحتلال المسؤولية «بسبب تجنيده عملاء يتسببون في أعمال القتل والتخريب ضد شعبنا الفلسطيني».
وأرجعت حماس عمليات القتل إلى دافع الانتقام لدى أهالي الضحايا الفلسطينيين، بعد هروب عملاء من السجون بفعل القصف الإسرائيلي. وأضافت الحركة: «المجتمع الفلسطيني بطبعه مجتمع قبلي وقضية الثأر بالنسبة له قضية مجتمعية معروفة، ولا سيما إذا كان الثأر من العملاء، وهذا الهروب من السجن كان فرصة لبعض ذوي الضحايا أن ينتقموا لأبنائهم من هؤلاء العملاء».
وأكدت حماس أن النيابة العامة ووزارة الداخلية ما زالتا تجريان تحقيقا في هذه القضية.
وقالت وزارة الداخلية إن التقرير غير دقيق، وإن أبوابها مفتوحة أمام المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية.
وفي هذا الوقت أكد القيادي في حماس محمد فرج الغول، أنه «خلال الحرب التي استمرت 51 يوما، لم يكن هناك تواجد لأي أجهزة أمنية لتحفظ الأمن، مما جعل ظروف الحرب تؤدي إلى هروب الجناة، ودفع بعض الأهالي أن يأخذوا ثأرهم بأنفسهم».
وعبر الغول عن استغرابه من إصدار المنظمة تقريرا دون أي تحقيق أو أدلة، مقابل «جرائم صهيونية واضحة وضوح الشمس ويعترف بها الاحتلال بشكل واضح».
وطالب الغول برفض التقرير جملة وتفصيلا، داعيا لفضح جرائم الاحتلال وتقديم قادته لمحكمة الجنايات الدولية حتى لا يفلت المجرم من العقاب.
وكانت أمنستي انتقدت إسرائيل في مارس (آذار) الماضي، واتهمتها بارتكاب جرائم حرب أثناء الصراع. وقال الفلسطينيون إنهم سيستخدمون تقرير أمنستي ضد إسرائيل في الجنايات الدولية.
لكن من شأن التقرير الجديد أن يستخدم من قبل إسرائيل أو حلفائها في محكمة الجنايات، لاتهام مضاد لحماس بارتكاب جرائم حرب.
وكانت الجهة التي تقف خلف إعدام العملاء، أوقفت ذلك فورا بعد انتقادات واسعة فلسطينية ودولية «للإعدامات العشوائية» في قطاع غزة، واتهمت معظمها حماس.
واستغلت إسرائيل صور هذه الإعدامات وشبهت حماس آنذاك بـ«داعش»، ورد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للحركة، في حينه، بأن «حماس مختلفة تماما عن (داعش)، حماس لا تعتمد العنف الديني ولا تستهدف المدنيين».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.