باريس والمغرب يعيدان تشغيل «المحركات الدبلوماسية»

طي صفحة الخلاف بعد توتر في العلاقات

باريس والمغرب يعيدان تشغيل «المحركات الدبلوماسية»
TT

باريس والمغرب يعيدان تشغيل «المحركات الدبلوماسية»

باريس والمغرب يعيدان تشغيل «المحركات الدبلوماسية»

يزور رئيس الوزراء المغربي عبد الإله ابن كيران و12 من وزرائه باريس غدا (الخميس) في إطار الدورة 12 «للقاء الرفيع المستوى» المغربي الفرنسي، وتعد هذه الزيارة هي الأولى منذ الأزمة الدبلوماسية التي عرقلت العلاقات بين البلدين لنحو عام.
ويأتي اللقاء ليتوج سلسلة لقاءات المصالحة التي بدأها البلدان مع التوقيع على اتفاقية تعاون قضائي جديدة نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي والتي أتاحت طي صفحة الخلاف.
وقال أحد المقربين من رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس: «لقد أصلحنا كل شيء، ويهدف هذا الاجتماع إلى تشغيل كافة محركات علاقتنا الثنائية».
وستعقد سلسلة من الاجتماعات الثنائية بداية من مساء اليوم (الأربعاء) ثم صباح الخميس بين رئيسي حكومة البلدين والوزراء قبل جلسة تضم الجميع بمقر رئاسة الحكومة الفرنسية.
ومن المقرر أن يتم بالمناسبة توقيع 20 اتفاقا ثنائيا.
وكانت العلاقات المغربية - الفرنسية قد شهدت توترًا خلال عام 2014، عند قيام قاضي التحقيق الفرنسي باستدعاء مسؤول الاستخبارات المغربية عبد اللطيف حموشي، الذي كان برفقة وزير الداخلية المغربي في باريس، للاستماع إليه في ادعاءات قضية تعذيب مواطن فرنسي من أصل مغربي، والذي سُجن في المغرب لعدة شهور وتردَّد أنه تعرض للتعذيب من طرف الشرطة السياسية في المغرب لأسباب مجهولة.
كما تعرّض وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، خلال زيارته إلى باريس، في مارس (آذار) 2014، لتفتيش ذاتي بمطار «شارل ديغول»، ووصف المغرب الإجراء بـ«المهين»، وردّ على الحادثتين بتعليق التعاون القضائي مع فرنسا، وتوجيه اتهام للحكومة الفرنسية بعدم احترام الأعراف الدبلوماسية المستقرة عالميًا.
وعمدت الرباط إلى تعليق التعاون القضائي بين البلدين فيما بدا التوتر في العلاقات بينهما على أكثر من صعيد. ورغم صدور إشارات متوالية من فرنسا لجهة رغبتها في إعادة وصل ما انقطع بين البلدين، بقيت الرباط متشددة في موقفها. وبرز التشدد في مناسبتين متقاربتين؛ الأولى: عندما رفض مزوار الذي جاء لباريس للتعزية بحادثة «شارلي إيبدو» المشاركة في المسيرة «المليونية»، والثانية: عندما ألغى بشكل مفاجئ ومن غير تفسير زيارة كان من المقرر أن يقوم بها إلى العاصمة الفرنسية يوم 23 يناير الماضي.
بيد أن الأمور بدأت في التحسن في شهر فبراير (شباط) الماضي عندما أعلن عن توصل وزيري العدل في البلدين بعد محادثات دامت يومين إلى تفاهم من أجل إعادة العمل بالتعاون القضائي بين باريس والرباط.
وأوضح بيان أصدرته وزارة العدل الفرنسية وقتها، إلى اتفاق وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا ونظيرها المغربي مصطفى الرميد على تعديل اتفاقية التعاون القضائي بين البلدين، مشيرًا إلى أن المباحثات جرت في أجواء من التفاهم بين البلدين والتأكيد على أهمية تبادل المعلومات في إطار احترام كل طرف للقوانين والمؤسسات القضائية في البلد الآخر والتزاماته الدولية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.