السلطات المغربية تمنع فيلمًا سينمائيًا بسبب إساءته لصورة البلاد

عرض في «كان».. وأثار موجة استنكار واسعة لتقديمه صورة مهينة عن المرأة

جانب من تظاهرة الاحتجاج التي نظمها منتمون لحزب الاستقلال المعارض أمام البرلمان بالرباط مساء أول من أمس للتنديد بالفيلم (تصوير: مصطفى حبيس)
جانب من تظاهرة الاحتجاج التي نظمها منتمون لحزب الاستقلال المعارض أمام البرلمان بالرباط مساء أول من أمس للتنديد بالفيلم (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

السلطات المغربية تمنع فيلمًا سينمائيًا بسبب إساءته لصورة البلاد

جانب من تظاهرة الاحتجاج التي نظمها منتمون لحزب الاستقلال المعارض أمام البرلمان بالرباط مساء أول من أمس للتنديد بالفيلم (تصوير: مصطفى حبيس)
جانب من تظاهرة الاحتجاج التي نظمها منتمون لحزب الاستقلال المعارض أمام البرلمان بالرباط مساء أول من أمس للتنديد بالفيلم (تصوير: مصطفى حبيس)

قررت السلطات المغربية منع عرض فيلم سينمائي في صالات العرض، وذلك بسبب إساءته للقيم وصورة المرأة المغربية. وجاء هذا القرار بعد ضجة كبيرة وموجة استنكار واسعة أثارتها مقاطع مسربة من الفيلم، الذي يحمل عنوان «الزين لي فيك»، لمخرجه نبيل عيوش، وقد عرض الفيلم في إحدى فقرات مهرجان كان السينمائي في دورته الأخيرة.
وأعلنت وزارة الاتصال (الإعلام) المغربية في بيان أنه «بعد مشاهدة فريق من المركز السينمائي المغربي لعرض فيلم تحت عنوان (الزين لي فيك) في أحد المهرجانات الدولية، قررت السلطات المغربية المختصة عدم السماح بالترخيص لعرض هذا الفيلم في المغرب، نظرا لما تضمنه من إساءة أخلاقية جسيمة للقيم وللمرأة المغربية، ومس صريح بصورة المغرب».
وفي السياق ذاته، احتج عشرات من الشباب المنتمين لحزب الاستقلال المعارض، مساء أول من أمس، أمام مقر البرلمان «ضد الأعمال التي تستهدف تخريب القيم الوطنية باسم الفن»، ورفعوا لافتات تندد بالسماح لإنتاج فيلم من هذا النوع، مؤكدين أن «حرية التعبير لا تعني الميوعة والبذاءة».
ويتناول الفيلم موضوع الدعارة في مدينة مراكش، وبينت اللقطات المسربة من الفيلم استعمال الممثلات لغة بذيئة خادشة للحياء، وتصويرهن في أوضاع مخلة في جلسات المجون والخمر والرقص برفقه زبناء عرب.
وعلى الرغم من الضجة الواسعة والاستنكار الشديد الذي قوبل به الفيلم، دافع المخرج عيوش عن فيلمه، بحجة أنه يحكي عن «الواقع»، وقال بعد عرضه في مهرجان كان إن «الفيلم لا يضم مشاهد إباحية، بل مشاهد صادقة وأحيانا جريئة»، كما دافع عن الفتيات اللواتي مثلن دور المومسات في فيلمه، وذكر «أنهن لسن بنات ليل، لكنهن يعرفن مجال الدعارة جيدا، لأنهن يعشن في هذا الوسط»، ولم يتردد عيوش في الدفاع عن اللغة الساقطة التي استعملها في فيلمه.
ونالت الممثلة التي أدت الدور الرئيسي في الفيلم سيلا من الانتقادات والشتائم على مواقع التواصل الاجتماعي، التي أطلقت حملة تدعو إلى مقاطعة الفيلم، ورغم ذلك ظلت تدافع عن دور المومس الذي أدته، وقالت إنها «فخورة ومقتنعة بتجسيدها للشخصية»، كما تحججت الممثلة، المدعوة لبنى أبيضار، بدورها بأن الفيلم يعرض «واقعا لا يمكن إنكاره»، وقالت إنها «تؤيد رؤية المخرج». لكن الانتقادات التي تعرضت لها أجبرتها على إخفاء وجهها عند ارتيادها الأماكن العامة خشية التعرف عليها، حيث سربت لها صور وهي تخفي وجهها بنقاب داخل أحد المقاهي.
وردا على الحجج التي ساقها منتجو الفيلم، قال النائب البرلماني عادل تشيكيطو، عن حزب الاستقلال، خلال تظاهرة الاحتجاج إن «فيلم عيوش مس بكرامة وشرف المرأة المغربية، ويمثل تهديدا جديا لمنظومة الأخلاق»، وأضاف أننا «أصبحنا اليوم نصارع أناسا من بني جلدتنا يسيئون للمرأة المغربية، بعدما كنا نصارع الأجانب الذين يسيئون لصورة المرأة المغربية في الإعلام».
وكان حميد، الأمين العام لحزب الاستقلال، قد استبق التظاهرة التي نظمها شباب حزبه بالتعبير عن استنكاره للفيلم في مهرجان خطابي نظمه الأحد الماضي، وقال بهذا الخصوص «نحن لا نقبل الحداثة الهوجاء الحمقاء.. والفيلم يسيء للوطن وللدين ولكل المغاربة، كما يسيء إلى المرأة المغربية التي بنت جامعة القرويين وربت الأجيال»، ودعا المخرج عيوش إلى التراجع عن فيلمه و«العودة إلى الله».
ورفعت جمعية حقوقية مغربية شكوى لدى وكيل الملك (النائب العام) بالمحكمة الابتدائية بمدينة مراكش ضد مخرج الفيلم لأنه «يشجع ويحرض على الدعارة»، ويمثل «إخلالا علنيا بالحياء»، وهو ما يعاقب عليه القانون، بينما اختلفت وجهات نظر المخرجين والنقاد بشأن الفيلم بين مؤيد ومعارض. فالمؤيدون يرون أن «حرية الفن لا حدود لها»، في حين يرى المعارضون أن «استفزاز القيم والأخلاق لا علاقة له بحرية الإبداع».
وفي هذا السياق، قال المخرج السينمائي محمد المصباحي لـ«الشرق الأوسط» إنه «يؤيد قرار منع الفيلم مائة في المائة لأننا دولة إسلامية والفيلم يمثل تحديا للإسلام ولأخلاقنا وقيمنا». وأضاف أن «إنتاج هذا النوع من الأفلام يدخل ضمن سياسة إسرائيلية تهدف إلى تدمير أخلاق الشعوب الإسلامية والعربية عن طريق أفلام الخلاعة والجنس».
جدير بالذكر أن المخرج عيوش هو ابن نور الدين عيوش، رجل الأعمال المغربي الذي أثار ضجة كبيرة قبل سنتين بدعوته إلى استبدال اللغة العربية الفصحى بالعامية المغربية في التدريس، وكان صدور الفيلم مناسبة ربط فيها المنتقدون بين موقف عيوش الأب من العربية، وبين موقف ابنه الذي يسعى إلى نشر الرذيلة في المجتمع المغربي، بحسب منتقديه.
من جانبه، قال إدريس الإدريسي الناقد السينمائي المغربي لـ«الشرق الأوسط» إنه «ضد منع فيلم عيوش لأنه حقه المشروع ولأنه أنتجه بوسائله الخاصة دونما اعتماد على المال العام، ويبقى الجمهور هو الحكم، ما دامت السينما لا تقتحم البيوت، بل هي اختيار شخصي لمن أراد الذهاب للقاعات السينمائية». مشيرا إلى أن «منعه لن يؤدي سوى إلى منحه المزيد من الدعم الإعلامي الدولي ليظهر ضحية، ويظهر المغرب بلدا متخلفا يقمع الحريات».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.