مقتل 20 شرطيًا بشمال كينيا في هجوم نفذته جماعة الشباب الصومالية

الاعتداء يأتي بعد أيام قليلة على إعادة انتشار قوات الأمن الكينية بالمنطقة

جندي أصيب خلال الهجوم الذي نفذته حركة الشباب الصومالية ضد قافلة جنود كينيين في مقاطعة جاريسا ليلة أول من أمس (إ.ب.أ)
جندي أصيب خلال الهجوم الذي نفذته حركة الشباب الصومالية ضد قافلة جنود كينيين في مقاطعة جاريسا ليلة أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

مقتل 20 شرطيًا بشمال كينيا في هجوم نفذته جماعة الشباب الصومالية

جندي أصيب خلال الهجوم الذي نفذته حركة الشباب الصومالية ضد قافلة جنود كينيين في مقاطعة جاريسا ليلة أول من أمس (إ.ب.أ)
جندي أصيب خلال الهجوم الذي نفذته حركة الشباب الصومالية ضد قافلة جنود كينيين في مقاطعة جاريسا ليلة أول من أمس (إ.ب.أ)

أعلنت الشرطة الكينية أمس أن ما لا يقل عن 20 من رجال الشرطة قتلوا في كمين نصبته جماعة الشباب المسلحة في شمال شرق كينيا، إذ قال مسؤول بالشرطة طلب عدم الإفصاح عن هويته لوكالة الأنباء الألمانية إن المسلحين فجروا قافلة مؤلفة من خمس سيارات، تقل أفراد أمن، كانت في طريقها إلى قرية يومبيس في مقاطعة جاريسا ليلة أول من أمس الاثنين، لكنه لم يذكر عدد القتلى أو عدد المفقودين بالتحديد.
ويأتي هذا الهجوم بعد أسبوع واحد من هجوم جماعة الشباب على قرى يومبيس، وويلمارير، وداماجالي في مقاطعة جاريسا، ولكن صدتهم قوات الشرطة والجيش سريعا.
وقالت الشرطة إن المسلحين عادوا لقرية يومبيس ليلة أول من أمس، وسيطروا عليها، وأكد المفتش جوزيف بوينت في بيان أن ضابطين أصيبا بجروح خطيرة، كما أصيب ثلاثة بجروح طفيفة عندما تعرضت الدوريتان لهجوم في منطقتي فافي ويومبيس.
من جهتها، أعلنت حركة الشباب الصومالية أنها قتلت 25 ضابطا، إلا أن وسائل إعلام محلية ذكرت في وقت سابق أن نحو 20 قتيلا سقطوا، بينما قال المفتش بوينت إنه «نتيجة للهجوم استجابت مجموعة من الضباط لتعزيز القوة، ولدى وصولها إلى المكان اشتبكت مع المهاجمين في معركة حامية بالنيران».
ووقع الهجوم بعد أيام فقط على عملية انتشار جديدة لقوات الأمن الكينية في المنطقة، بعد أن تعرضت لعدد كبير من الهجمات، التي شنها متطرفون على صلة بتنظيم القاعدة في الأسابيع الأخيرة.
وكانت قرية يومبيس الأسبوع الماضي مسرحا لعملية شنتها حركة الشباب، إذ ذكرت الصحافة الكينية أن المتمردين المدججين بالسلاح جمعوا السكان، وشرحوا لهم فكرهم المتطرف، ورفعوا علمهم على مركز خال للشرطة. كما وقع حادث مماثل في مسجد بالمنطقة قبل أيام.
وعلى غرار المناطق الكينية الأخرى المتاخمة للحدود الصومالية، تشهد منطقة غاريسا هجمات متكررة يشنها عناصر حركة الشباب. وقد توعد بعض أفرادها، الذين أعلنوا أيضا مسؤوليتهم عن الهجوم الدامي على مركز «ويستغيت» التجاري في نيروبي، والذي أوقع 67 قتيلا في سبتمبر (أيلول) 2013، بشن حرب ضروس على كينيا، ما لم تسحب قواتها التي تتعقبهم في جنوب الصومال منذ أواخر 2011.
ومن أجل صد هجمات المتطرفين، وعدت السلطات بتعزيز التدابير الأمنية، وحتى بناء جدار أو أقسام من جدار على طول الحدود لمنع تسلل عناصر حركة الشباب، خصوصا بعد أن أسفرت الهجمات الدامية التي شنت في 2014 في كل من مانديرا ولامو عن مقتل أكثر من 160 فردا.
لكن بعض المحللين يشككون في هذه الوعود، ويعربون عن اعتقادهم بأن خلايا حركة الشباب موجودة في كينيا، إذ تقوم بالتجنيد وتنشط من غير أن تضطر إلى اجتياز الحدود، كما ينتقد بعض المراقبين عموما سياسة كينيا غير المثمرة على صعيد مكافحة الإرهاب، وخصوصا انتقاد السكان الصوماليين والمسلمين الذي لا يؤدي إلا إلى زيادة التوترات.
وأعلنت جماعة الشباب، التي تطالب بانسحاب القوات الكينية من الصومال، مسؤوليتها عن الهجوم، إذ قال المتحدث باسمها عبد العزيز أبو مصعب لإذاعة {الأندلس} الموالية للمتمردين: «لقد نفذ مقاتلونا عملية ناجحة، وقتلوا أكثر من 20 رجل شرطة كينيّا. كما دمرنا خمس سيارات تابعة للشرطة الكينية خلال العملية»، مضيفا أن «عدد القتلى يمكن أن يكون أعلى بكثير من الرقم المعلن».
وتطالب جماعة الشباب بانسحاب القوات الكينية من الصومال، وقد قامت مرارا وتكرارا بشن هجمات عبر الحدود.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.