مجري القحطاني لـ«الشرق الأوسط»: الإعلام الخليجي يحمل لواء المنافسة لمماثلة الإعلام العالمي

رئيس الجهاز الخليجي للإذاعة والتلفزيون يرى أن الساحة الإعلامية تنافسية وليست تكاملية

مجري بن مبارك القحطاني  -    شعار المهرجان
مجري بن مبارك القحطاني - شعار المهرجان
TT

مجري القحطاني لـ«الشرق الأوسط»: الإعلام الخليجي يحمل لواء المنافسة لمماثلة الإعلام العالمي

مجري بن مبارك القحطاني  -    شعار المهرجان
مجري بن مبارك القحطاني - شعار المهرجان

صرح مجري بن مبارك القحطاني، مدير عام جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج، في حوار مع «الشرق الأوسط» بأن لدى الجهاز «رؤية لتحويل دوره وهويته، إلى اتحاد إعلامي خليجي يؤطر العمل الإعلامي، ويواكب المنظمات المهنية المشابهة على المستوى الإقليمي والعالمي». واعتبر «أن الساحة الإعلامية ساحة تنافس وليست ساحة تكامل، وأن مواثيق الشرف الإعلامي لا يمكن تطبيقها، وتتوقف عند تحديد أطر التنافس فقط، مع مراعاة الخطوط العامة وهموم المنطقة».
القحطاني أشار في الحوار إلى أن الإعلام الخليجي مؤثر على مستوى المنطقة، ويحمل لواء المنافسة لمماثلة الإعلام العالمي. كما قال إن الدعايات السلبية الممنهجة والموجهة ضد دول مجلس التعاون لن تتوقف، وهي محفز لرؤية كامل الصورة المتعلقة بنا، مع الإبقاء على فرص الحوار الذي يلتزم الاحترام والموضوعية».
وعلى مشارف انطلاق النسخة الخامسة عشر من مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون، الذي تستضيفه مملكة البحرين بنهاية الشهر الجاري، قال القحطاني، إن «المهرجان الخليجي من المهرجانات القليلة التي تتطور من نسخة إلى أخرى، وأن طيفاً كاملاً من الجهد يبذل للتحفيز والتطوير والاهتمام بكل المبدعين»، لافتاً إلى أن جوائز المهرجان «كانت بطاقة عبور بالنسبة لمعظم نجوم الخليج، في تاريخهم الفني وسيرهم الشخصية».
كذلك لفت القحطاني إلى أن منطقة الخليج «تتميز بثراء المواهب، وقوة البنية التحتية، مع وجود بعض التحديات والفرص»، معبراً عن اهتمام المهرجان بالإعلام الرقمي، وبتنمية قدرات أبناء دول مجلس التعاون، والمؤسسات والهيئات الحكومية، وتحفيزها لتبني لغة العصر، باعتباره واجهة المستقبل.
وفيما يلي نص الحوار:
> ما أبرز ما ستركز عليه الدورة الخامسة عشر من مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون؟
- «المهرجان الخليجي للإذاعة والتلفزيون، مهرجان تاريخي، بدأ عام 1980 في الكويت، واستمر فيها لثلاث دورات قبل انتقاله عام 1994 إلى البحرين واستمر فيها. وكان قد توقف لظروف مختلفة، من ضمنها غزو الكويت، وجائحة كوفيد - 19، وبعض المسببات في المنطقة... ولكن أبرز ما تركز عليه هذه النسخة من المهرجان، هي الإبقاء على تميزه وحضوره، كما كان طوال دوراته الماضية، بوصفه أكبر تجمع للإعلاميين والفنانين والمنتجين والمشاركين في الأعمال الإذاعية والتلفزيونية في العالم العربي.
أما الجديد في هذه النسخة، فهو التوسع في إتاحة الفرصة للصحافة الإلكترونية، التي لديها إنتاجات مرئية، للمشاركة في هذا المهرجان والمنافسة بأعمالها، كنوع من التحفيز، سيما وأن أعداد الصحف الإلكترونية الآن كبير في منطقة الخليج، ونستشرف فيها مستقبل الإعلام الرقمي والذكي، وتستحق بذلك مكافأة على هذا الجهد والتميز، استعداداً للمستقبل.
أيضاً قمنا بإبدال أسماء الجوائز الذهبية والفضية في المهرجان، إلى قيمة رمزية، وأصبحت باسم جائزة الشراع الذهبي والفضي، بهدف تعميق الهوية الخليجية والخصوصية التي يتمتع بها الإنسان وثقافته المحلية».
> يقدم المهرجان جوائز في الإعلام الرقمي... كيف يجري تصنيف وتقييم المواد المتعلقة بهذه الفئة؟
- «يفتح باب المشاركة في هذه المسابقة للأعمال التي ينتجها أبناء دول الخليج، وتشمل مواد تعتمد على المشاهد التمثيلية أو الرسوم المتحركة، والمؤثرات الصوتية والحركية، وتتناول المواضيع الاجتماعية والثقافية والرياضية والترفيهية... ويجري تقييم تلك المواد حسب شروط المسابقة، ومن ذلك أن تكون مقدمة باللغة العربية، والالتزام بالآداب العامة.
ثم إننا مهتمون عبر هذا الفرع من المسابقة، بتنمية قدرات الأفراد من أبناء دول مجلس التعاون، وكذلك المؤسسات والهيئات الحكومية التي لديها إنتاجات تصنف كإعلام رقمي، وتتطلب تحفيزاً للغة العصر، وتتعاطى مع جهاز ذكي ومتلقي أذكى. ونحن نتعامل الآن مع الإعلام الرقمي باعتباره واجهة المستقبل... ولذلك خصصت له عدة جوائز».
> هل ساهم جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج في بلورة ميثاق إعلامي ورؤية موحدة، تخدم المشترك الخليجي بين دوله وشعوبه؟
«الساحة الإعلامية ساحة تنافس وليست ساحة تكامل. ونحن نعتقد بوجود التقارب وتوحيد الرؤى فيما يتعلق بأن يكون التنافس في أطر محددة. ولدى الجهاز الخليجي رؤية لتحويل دوره ومسماه وهويته ورسالته إلى مؤسسة أو هيئة خليجية أو اتحاد إعلامي خليجي، يؤطر العمل الإعلامي، ويواكب لكل المنظمات المهنية المشابهة على المستوى الإقليمي والعالمي... ولدينا اليوم أعضاء فاعلون من دول مجلس التعاون في تلك الاتحادات العالمية. ومن هنا نرى من الأولى أن يكون ذلك نواة للعمل الإعلامي الخليجي، وأن ينبثق من نفس هذه الطبيعة والمكانة. ومنطقة الخليج تتميز بثراء المواهب وقوة البنية التحتية، مع وجود بعض التحديات والفرص. ولهذا أنا ضد وجود ميثاق إعلامي، لأنه جهد مبذول مؤطر لا يحقق أي معايير أو يمكن تطبيقه، لكون الساحة الإعلامية تنافسية وليست تكاملية، مع وجود خطوط رئيسة للشعوب والقيادات وهموم للمنطقة، تعزز هوية المنطقة وريادتها... ينبغي مراعاتها وإبرازها والاهتمام بها».
> ما هو سبب الانقطاعات المتكررة للمهرجان، قبل استئنافه مجدداً هذا العام؟
- «عندما نعود لفترة توقف المهرجان من عام 1984 حتى عام 1994، ومرة أخرى خلال السنوات القليلة الماضية بسبب جائحة كوفيد - 19 التي شلت الحياة العامة في مجمل دول العالم، والخليج جزء من العالم. لقد تأثرت دول الخليج بالجائحة التي لا تزال بعض آثارها مستمرة، وقبل ذلك مرت بعض الظروف الأخرى التي شهدتها المنطقة... ونلاحظ أن الأسباب دائماً خارج إرادتنا. الأحداث الطارئة هي التي كانت تؤدي إما إلى غياب أو تأجيل تنظيم دورات المهرجان، والتأثير على مردوده، إلا أننا نحرص دائماً على تطبيق والتزام أعلى محددات ومعايير النجاح عند تنفيذه».
> انطلق المهرجان قبل 40 سنة... هل تلمس آثار منتجة لدورات المهرجان، وهل هناك رؤية لتطويره خلال السنوات المقبلة؟
- «أعتقد أن مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون من المهرجانات القليلة التي تتطور من نسخة إلى أخرى. فقد بدأ باسم ملتقى الخليج للتلفزيون، ثم أضيفت الإذاعة، وتغير اسمه بعد مدة من ملتقى إلى مهرجان. وهذا يتجاوز المسميات إلى المعايير المتخذة والأساليب المتبعة، وطبيعة الجوائز وفئاتها، التي توسعت لاستهداف 40 حقلا في مجالات الإذاعة والتلفزيون والصحافة والإعلام الرقمي وخريجي الجامعات، وطيف كامل من الجهد يبذل للتحفيز والتطوير والاهتمام بكل المبدعين. ويكفي أن جوائز المهرجان كانت بطاقة عبور بالنسبة لمعظم نجوم الخليج، في تاريخهم الفني وسيرهم الشخصية... وهو علامة تميز في مسيرة كثرة من النجوم. ولدينا في هذه النسخة برنامج باسم «مروا من هنا» نركز من خلاله على نجوم العالم العربي الذين حصدوا جوائز في المهرجان، وتلقوا دعم وتشجيع خلال دوراته المختلفة».
> يواجه الخليج دعايات سلبية ممنهجة ضد دوله ومجتمعاته، فهل ستتبنى جلسات المهرجان عناوين لبلورة عمل ورسالة تتعامل مع هذه الدعاية الموجهة ضد الخليج؟
- «فيما يتعلق بالتعامل مع الدعايات السلبية ضد دول مجلس التعاون، نعتقد أنها لن تتوقف، بل نجدها محفزاً لرؤية كامل الصورة المتعلقة بنا، مع الإبقاء على فرص الحوار الذي يلتزم بالاحترام والموضوعية. وفي هذه الدورة من المهرجان، خصوصاً، نولي اهتمام بالهوية الخليجية... وخصصنا جوائز للبرامج الثقافية في الإذاعة والتلفزيون حول إبراز الهوية والمكانة التاريخية الخليجية، وجوانب الحضارة والسياحة والثقافة والطموحات لدى الإنسان الخليجي، وتسليط الضوء على التطور الكبير في هذه الجوانب.
وهنا نحن نواكب في ذلك بعض المبادرات الخليجية المركزية، مثل مبادرة السعودية الخضراء، والشرق الأوسط الأخضر... إذ خصصنا جائزة للبيئة باسم خليجنا أخضر، دعماً لهذا التوجه، وتثبيتاً لشراكتنا كخليجيين مع العالم في حماية الكرة الأرضية والكون وصون حياة البشرية.
وفي سياق متصل، نحن نشجب كل الدعايات المذهبية والعنصرية والآيديولوجية السلبية. وتجمعنا في المهرجان مهني وإعلامي، ولدينا دورات وورش عمل تتعلق بمستقبل الإعلام الخليجي، وتجارب شبابية في الإعلام حول النجومية والمسؤولية من مشاهير الإعلام الجديد، وثمة نقاش حول دور المرأة في الإعلام الخليجي، وإعادة النظر في انخراط غير المهنيين في مجالات الإعلام، كما نبحث وضع أطر تحدد المجال حتى لا يكون تجارة سوداء».
> تخوض دول الخليج تحدياً تنموياً كبيراً، وتستضيف مناسبات عالمية... كيف تقيم أداء مؤسسات الإعلام الخليجي، وهل تواكبت مع النقلات التنموية التي يشهدها الخليج اليوم؟
- «إننا نناقش باستمرار، وعلى مستوى القيادات، مستقبل الإعلام الخليجي. والجهاز له دور كبير في هذا الموضوع، ولدينا لجان عاملة في العمل الإذاعي والتلفزيوني والتوثيق الإعلامي والتدريب والمنتجات والفعاليات الكبرى التي تنظم على مستوى الخليج... وطبعاً الأداء متفاوت بسبب تغير المراحل، والآن نجد أن القدرات الشبابية والمرأة الخليجية يحتاجون إلى دعم وتمكين مستمرين، مع تمازج الخبرات لإنتاج إعلام خليجي مؤثر.
لا شك أن الإعلام الخليجي مؤثر على مستوى المنطقة، ويحمل لواء المنافسة لمماثلة الإعلام العالمي. وأعتقد أن لدينا نماذج إعلامية قادرة على الوصول إلى كل مكان في العالم، ولكن التحدي قائم ومستمر... ما يحتم أن يتوافر لدينا الطموح للنظر إلى الأمام، وتبني مشروع يتجاوز مجرد تسيير الأعمال في مداها القصير، ونأتي في ذلك بمثال رؤية السعودية 2030 التي وضعت ملامح العمل لآجال بعيدة. ومن هنا لا بد من وضع مشروع إعلامي يحاكي مكانة السعودية وبقية دول الخليج وتأثيرها في العالم.
علينا أن نستثمر البنية التحتية والمواهب الخليجية، والاعتماد على أبناء الخليج وضمان تمكينهم، وفهم السوق الإعلامي والإعلاني، والمتلقي الذي تطورت وظيفته، وفحص المستقبل والتوجهات الإعلامية الجديدة. ولقد حرصنا في الجهاز الخليجي على مجالات إدارة الأزمات، واستخدامات الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وحققنا أرقام قياسية في تدريب شباب وشابات الخليج، وشعارنا الآن البناء للمستقبل واستشرافه، آملين أن نحقق كل طموحاتنا».


مقالات ذات صلة

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شخص يلوّح بعلم تبنته المعارضة السورية وسط الألعاب النارية للاحتفال بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

فور سقوطه... الإعلام السوري ينزع عباءة الأسد ويرتدي ثوب «الثورة»

مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، وجد الإعلام السوري نفسه مربكاً في التعاطي مع الأحداث المتلاحقة، لكنه سرعان ما نزع عباءة النظام الذي قمعه لعقود.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».