«زوي» عبق المطبخ اليوناني على النيل

عندما تعانق رائحة خبز الـ«بيتا» الجمبري المصري

جلسة جميلة مطلة على النيل
جلسة جميلة مطلة على النيل
TT

«زوي» عبق المطبخ اليوناني على النيل

جلسة جميلة مطلة على النيل
جلسة جميلة مطلة على النيل

تتسع شهرة الخبز على المائدة اليونانية القديمة كطبق أساسي يتم تقديمه على حدة، ومن بين أنواعه المختلفة يحظى خبز «بيتا» بمذاقه المميز ورائحته الزكية التي لا تضاهيها رائحة أخرى والمستمدة من مكوناته زيت الزيتون والزعتر؛ ما جعله ينال شهرة واسعة في شتى أنحاء البلاد.
من اليونان، أبحرَ «بيتا» عبر البحر المتوسط، إلى نيل القاهرة، حاملا معه مذاقات المطبخ اليوناني إلى الجمهور المصري، ليرسو في مطعم «زوي» (Zoé)، الكائن في مركب «فيرست نايل» التابع لفندق «فور سيزونز ريزيدانس»، والذي يعد الأحدث في مصر الذي يحمل الملمح اليوناني، حيث يمكن لزائره أن يشتم رائحة الـ«بيتا»، المنبعثة من أفران طهيه، إلى جانب تجريب أشهر أطباق المطبخ اليوناني بمذاقها الأصلي.
يتشابه المطبخ اليوناني في سماته مع مطابخ البحر الأبيض المتوسط الأخرى، فهو يستخدم الخضراوات والحبوب واللحوم، كما يعد زيت الزيتون أكثر عناصره حضوراً باستخدامه في معظم الأطباق، إلى جانب وجود المأكولات البحرية كجزء لا يتجزأ من النظام الغذائي فيه، مع تنوع أنواع الجبن، والتوسع في إضافة النكهات في كثير من الأحيان بشكل أكبر من مطابخ البحر الأبيض المتوسط الأخرى، مثل الزعتر والنعناع والثوم والبصل والشبت والكمون والكزبرة والأعشاب والتوابل «الحلوة»، كما يستخدم البقدونس كمقبلات في بعض الأطباق.
وهي السمات التي تعكسها قائمة الطعام في «زوي»، التي يقول عنها مدير المطعم أدهم علوان، لـ«الشرق الأوسط»، «تشهد قائمة الطعام تنوعاً في الأطباق والمقبلات والسلطات والحلويات، وبنسبة 60 في المائة أطباقها يونانية أصلية، والنسبة الباقية من مطابخ البحر الأبيض المتوسط الأخرى، وهي القائمة التي تقبّلها جمهور المطعم من المصريين والعرب والأجانب، حيث تقترب روح المطبخ اليوناني من نظيره الشامي خاصة اللبناني، لا سيما في أفكار المشاوي والمزات».
ولفت إلى أن المطبخ اليوناني كغيره من مطابخ البحر المتوسط التي وجدت رواجاً في السنوات الأخيرة، التي تتميز بالطعام الصحي.

قائمة طعام «زوي» تشهد تنوعاً في الأطباق اليونانية بمذاقها الأصلي

في حين يتحدث محمود الباسل، الطاهي الرئيسي للمطعم، عن أن المطعم يعتمد على طرق الطهي التقليدية المعروفة في المطبخ اليوناني، مثل فرن الـ«سوفيات»، أو الفحم، حيث التسوية الهادئة في درجة حرارة منخفضة في وقت طويل، بغرض أن يكتسب الطعام المُعد رائحة الفحم داخل الفرن دون اللجوء للشوايات، وهو ما يكون في صالح المذاق، وكذلك طهي الأسماك والجمبري عبر الكيس الحراري؛ ما يجعلها تحتفظ بالقيمة الغذائية مع نعومة ومرونة لحومها.
يدعو شيف المطعم زواره إلى اكتشاف الطعم اليوناني المميز عبر قائمة متنوعة، يقول عن مكوناتها «تبدأ القائمة بالمزات، ومن بينها يبرز طبق (هيتي بيتي) المكون من جبن الفيتا المخفوقة مع الفلفل الأحمر المحمص وزيت الزيتون وعصير الليمون، وطبق البنجر مع الحمص والثوم والطحينة. أما السلطات، فمنها سلطة فيتا اليونانية التقليدية المكونة من الطماطم والخيار والفلفل الحلو والزعتر والبصل وجبن فيتا، وساطة الأخطبوط المكونة من أخطبوط مشوي وزيت زيتون والليمون والبقدونس”.
الأطباق الرئيسية تتنوع بين المأكولات البحرية واللحوم، فمحبو مأكولات البحر، وفق ترشيحات الشيف محمود، يمكنهم تذوق طبق «جمبري ساجاناكي»، الذي يقدم الجمبري المشوي مع صلصة «ساجاناكي» المكونة من الطماطم والفلفل الرومي والبصل والأعشاب وجبن فيتا، والذي يتم شواء الجمبري مع الصلصة داخل الفرن ما يعطي مذاقاً مختلفاً. كذلك يمكن تجريب طبق «كتل فيش» أو السبيط، الذي يقطع مع البطاطس المخبوزة بالفرن مع البقدونس والليمون.
بالانتقال إلى اللحوم والدواجن، فأمامك خيارات متعددة، من بينها طبق «لامب شوب» أو ريش الضأن المشوية المتبلة التي تقدم مع صلصة «تزاتزيكي» الشهيرة، والذي يقول عنها شيف المطعم «طبق تزاتزيكي من المقبلات اليونانية التقليدية، ومن أشهر وصفات المطبخ اليوناني وأكثرها انتشاراً، وهو مزيج من الزبادي والخيار والثوم مع زيت الزيتون والنعناع، وهي المكونات التي تساعد على عملية هضم اللحوم والدواجن».
كذلك يمكن تجريب أسياخ الكفتة البقرية المتبلة، وهي من الأطباق المحببة لزوار المطعم، ومعها أيضاً «دجاج سوفلاكي»، وهي قطع صدور الدجاج المتبلة التي تقدم في أسياخ، وهما النوعان اللذان يقدم معهما صلصة «تزاتزيكي».
من الأصناف المنتشرة أيضاً ساندوتشات خبز «بيتا»، ومنها «ساندويتش جيروس» الذي يقدم الدجاج المتبل، و«ساندويتش كفتيديس»، وهو عبارة عن كرات اللحم اليونانية، وساندويتش الجمبري، وجميعها يقدم معها البطاطس المقلية.
أما قائمة الحلويات، فتبرز أشهر الحلويات المحلية اليونانية، وأشهرها «جالاكوبوريكو» أو رقائق الغلاش، و«لوكوماديس» وهي عبارة عن كرات العجين المقلية المضاف إليها العسل والجوز، وهي تشبه «لقمة القاضي» في المطبخ العربي.
يعود الباسل للحديث عن المطعم، وأنه يقدم وجبة الإفطار يومي السبت والأحد، ويتسع لـ150 شخصاً، يستقبلهم في مكان مغلق وآخر مفتوح حسب الرغبة، وكلاهما يتسم بديكورات أنيقة هادئة تنقسم بين اللونين الأبيض والأزرق، في إشارة إلى اليونان، وبما يتناسب مع زرقة مياه النيل، التي تطل عليها موائد المطعم كافة، كما استُمدت بعض الديكورات في الخلفيات من مفردات الحضارات اليونانية القديمة، ولم يغفل المطعم أنغام الموسيقى اليونانية الهادئة، التي تضفي إحساساً بالراحة النفسية؛ ما يجعل التجربة اليونانية ممتعة ومكتملة الأركان.


مقالات ذات صلة

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

مذاقات غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

البطاطا الحلوة بلونها البرتقالي، تُمثِّل إضافةً حقيقيةً لأي وصفة، لا سيما في المناسبات المختلفة. إذ يمكنك الاستمتاع بهذا الطبق في جميع الأوقات

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

كيف تحصل على برغر صحي ولذيذ في المنزل؟

عندما نفكر في الوجبات السريعة، تكون تلك الشريحة اللذيذة من اللحم التي تضمّها قطعتان من الخبز، والممتزجة بالقليل من الخضراوات والصلصات، أول ما يتبادر إلى أذهاننا

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات فطور مصري (إنستغرام)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات 
شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)

ودّع العام بوصفات مبتكرة للشوكولاته البيضاء

تُعرف الشوكولاته البيضاء بقوامها الحريري الكريمي، ونكهتها الحلوة، وعلى الرغم من أن البعض يُطلِق عليها اسم الشوكولاته «المزيفة»

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات طاولة العيد مزينة بالشموع (إنستغرام)

5 أفكار لأطباق جديدة وسريعة لرأس السنة

تحتار ربّات المنزل ماذا يحضّرن من أطباق بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة؛ فهي مائدة يجب أن تتفوّق بأفكارها وكيفية تقديمها عن بقية أيام السنة.

فيفيان حداد (بيروت)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.