المقاومة التهامية تستهدف الحوثيين.. وهم يهاجمون أحياء الحديدة انتقاما

ثلاث سفن تجارية وناقلتا بترول تصل إلى ميناء المحافظة

عربة «بي إم بي» بعد سيطرة عناصر المقاومة عليها في عدن أمس («الشرق الأوسط»)
عربة «بي إم بي» بعد سيطرة عناصر المقاومة عليها في عدن أمس («الشرق الأوسط»)
TT

المقاومة التهامية تستهدف الحوثيين.. وهم يهاجمون أحياء الحديدة انتقاما

عربة «بي إم بي» بعد سيطرة عناصر المقاومة عليها في عدن أمس («الشرق الأوسط»)
عربة «بي إم بي» بعد سيطرة عناصر المقاومة عليها في عدن أمس («الشرق الأوسط»)

أكدت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحي المقاومة التهامية، الموالية لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، كبدت جماعة الحوثي المسلحة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد العسكري جراء استهدافهم في جميع مديريات إقليم تهامة.
وقال أحد المقربين من المقاومة التهامية لـ«الشرق الأوسط» إن «مدينة حرز، شمال القناوص بمدينة الحديدة، شهدت اشتباكات عنيفة بين مسلحي المقاومة التهامية الشعبية وجماعة الحوثي المسلحة، وذلك في ظل استمرار المقاومة في ملاحقة المسلحين الحوثيين في جميع مدن ومحافظات إقليم تهامة وطردهم من الإقليم ومن جميع المرافق الحكومية التي تسيطر عليها بما فيها ميناء الحديدة، ثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن، وأدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجماعة، بالإضافة إلى استهداف المقاومة لطقم خاص لجماعة الحوثي المسلحة في جولة الصدفة بشارع الخمسين بمدينة الحديدة، غرب اليمن، أدى على أثرها إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المسلحين الحوثيين».
وأضاف: «هاجم مسلحو المقاومة الشعبية التهامية، أيضا، قلعة الكورنيش التاريخية، على ساحل البحر الأحمر، التي استولى عليها جماعة الحوثي المسلحة واتخذوها سكنا لهم، وإن الأنباء أكدت سقوط قتلى وجرحى من المسلحين الحوثيين، وإن هذه الأخيرة هاجمت بشكل عنيف أحياء الشام والهنود والحوك، في مدينة الحديدة، وقطعوا جميع الشوارع المؤدية إلى هذه الأحياء، وكذا منعوا السكان من الوصول إلى هذه الأحياء».
وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «أحد قيادات جماعة الحوثي المسلحة، من أبناء مران بصعدة، ويدعى سالم راصع أبو عبد الملك، قد لقي مصرعه أثناء هجوم مسلحي المقاومة التهامية، الأسبوع الماضي، على مقر مديرية المرواعة، إحدى مديريات محافظة الحديدة»، مشيرا إلى أن الإحصائية التي لديهم بعدد قتلى وجرحى المسلحين الحوثيين قد وصلت إلى أكثر من 150 قتيلا و386 جريحا، بينهم أفراد وقيادات من الجماعة، وأن قتلى جماعة الحوثي في اليومين الأخيرين من جراء غارات طائرات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية قد وصلوا إلى أكثر 70 قتيلاً وأكثر من 100 جريح، وأن مستشفيات الحديدة تكتظ بقتلاهم وجرحاهم».
وفي مديرية الزيدية، إحدى مديريات محافظة الحديدة في غرب اليمن، يقول شهود محليون لـ«الشرق الأوسط» إن «جماعة الحوثي المسلحة تبحث عن شاب لم يتجاوز الـ18 عاما وإنهم سينسفون منزله إن لم يسلم نفسه إليهم، في حين يسعى أعيان المنطقة للصلح وعدم نسف المنزل».
ويؤكد الشهود المحليون أن سبب ملاحقة المسلحين الحوثيين عن الشاب تميم جابر في مديرية الزيدية يعود إلى «اعتراض مسلح يتبع جماعة الحوثي المسلحة في إحدى محطات البترول، يُقال إنه مشرف توزيع البترول، على لباس الشاب تميم، وطلب منه تغييره، وإن تميم رفض ذلك مطلقًا فقام المسلح الحوثي بصفعه، وهو ما لم يسكت عنه الشاب تميم وقام برد الصفعة على الحوثي بصفعة ألقت به وسط الصفوف، وبعد استفاقته من الصفعة بعد دقائق باحثًا عن سلاحه قام بإطلاق الرصاص على الشاب تميم، غير أن أحدهم كان واقفًا بمحاذاة الحوثي وقام برفع فوهة سلاحه إلى الأعلى، وبعدها أعطت جماعة الحوثي مهلة 48 ساعة لأم تميم إذا لم يسلم ابنها نفسه وإلا فإنهم سيفجرون المنزل، مع العلم أن والد تميم مغترب في السعودية»، موضحا أن بعض أعيان المديرية يحاولون التوسط لجماعة الحوثي لعدم نسف المنزل والصفح عنه كونه لا يزال شابا.
ولا تزال السفن والحاويات المحملة بالنفط والبضائع والمساعدات الغذائية تصل إلى ميناء الحديدة، ثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن، الذي يخضع لسيطرة جماعة الحوثي المسلحة، وعلمت «الشرق الأوسط» أنه «رست 3 سفن تجارية وناقلتا بترول بميناء الحديدة، وأن الناقلتين CHAN KAIT - FLOK BEAUTY تحملان 30 ألف طن من البترول وثلاثة سفن تجارية تحمل 34 ألفا و577 طنا، من الخشب و761 حاوية بضائع مختلفة».
وأوضح كشف حركة السفن الصادر عن إدارة الحركة الملاحية بميناء الحديدة أن «السفينة BEST SECCJES تحمل على متنها 30 ألفا و889 طنا من الحديد لا تزال منتظرة بالغاطس للرسو على الأرصفة بينما السفينة FLOK BEAUTY تنتظر الخروج بعد إفراغ حمولتها 125 ألفا و3 أطنان من مادة البترول».
وفي نفس السياق، سيطرت المقاومة الشعبية بمحافظة مأرب مسنودة بالجيش الموالي لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي على جبل مرثد في جبهة المخدرة صرواح، غرب مأرب، وقتل في الاشتباكات التي جرت بين المقاومة والمسلحين الحوثيين أكثر من 3 مسلحين حوثيين وشخص من المقاومة بينما جرح آخرون من الطرفين.
وأكدت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» مقتل 4 مسلحين حوثيين بقذيفة هاون بمنقطة بمنطقة مجزر، شمال مأرب، أطلقها عليهم مسلحو المقاومة الشعبية خلال المواجهات التي دارت بينهم وبين المسلحين الحوثيين».
وكانت محافظة مأرب قد شهدت عرضا عسكريا للمنطقة العسكرية الثالثة احتفاء باليوبيل الفضي للوحدة اليمنية. وخلال الحفل، قال محافظ محافظة مأرب رئيس اللجنة الأمنية، الشيخ سلطان بن علي العراد، في كلمته إن «المقاومة الشعبية في مأرب تقوم بمهمة إسناد الجيش في الدفاع عن مأرب والمصالح الوطنية العليا، ونحتفل بهذه الذكرى المجيدة والوطن يمر بمنعطف تاريخي عصيب ووضع سياسي وأمني استثنائي، حيث أدخلته قوى الشر والظلام في سلسلة من الأزمات بدأت بالانقلاب على مخرجات الحوار الوطني واختطاف مسودة الدستور والاعتداء على المعسكرات ووضع مؤسسة الرئاسة والحكومة رهن الإقامة الجبرية وفرض سلطة الانقلاب بقوة السلاح ليتحول الوطن من الدولة إلى اللادولة ومن الشرعية إلى اللاشرعية، مستخدمة في ذلك المال العام وسلاح الجيش لتدمير المؤسسات والبنية التحتية وإقلاق السكينة العامة».
وأضاف: «من المؤسف أن تعود علينا هذه الذكرى المجيدة وعصابات القتل والإجرام تزرع بذور الطائفية والمذهبية والمناطقية وتقود حربا بالوكالة لتوزع الموت من ظهور الدبابات والمصفحات وفوهات المدافع وكل أصناف الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة المنهوبة من معسكرات الجيش والأمن على محافظات الجمهورية وإلى صدور الأبرياء والعزل من أبناء الشعب لإخضاعهم بالقوة لقبول حكم ميليشيا مسلحة تمجد الحرب وتحتقر السلام وتحارب قيم المدنية ولحرية والمواطنة المتساوية».
وكانت المنطقة العسكرية الثالثة قد أقامت عرضًا عسكريًا في مقر المنطقة بساحة العروض، وشارك في العرض خمس وحدات عسكرية هي اللواء 14 مدرع واللواء 13 ميكا وكتيبة القوات الخاصة ومعسكر قوات الأمن الخاصة ولواء الدفاع الجوي وقوات النجدة وبحضور السلطة المحلية ممثلة بمحافظ المحافظة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.