الرئيس الأوكراني: معركة سيفيرودونيتسك مصيرية ووحشية وستحدد مستقبل دونباس

قادة أوروبيون قالوا إن {روسيا ضعيفة في الحرب الإلكترونية}

مبنى جامعي يحترق بعد تعرضه لقصف روسي في ليسيتشانسك الواقعة على الضفة الغربية لنهر سيفيرسكي دونيتس في شرق أوكرانيا (أ.ف.ب)
مبنى جامعي يحترق بعد تعرضه لقصف روسي في ليسيتشانسك الواقعة على الضفة الغربية لنهر سيفيرسكي دونيتس في شرق أوكرانيا (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الأوكراني: معركة سيفيرودونيتسك مصيرية ووحشية وستحدد مستقبل دونباس

مبنى جامعي يحترق بعد تعرضه لقصف روسي في ليسيتشانسك الواقعة على الضفة الغربية لنهر سيفيرسكي دونيتس في شرق أوكرانيا (أ.ف.ب)
مبنى جامعي يحترق بعد تعرضه لقصف روسي في ليسيتشانسك الواقعة على الضفة الغربية لنهر سيفيرسكي دونيتس في شرق أوكرانيا (أ.ف.ب)

أكثر من مائة جندي أوكراني يقتلون و500 يصابون كل يوم في المعارك مع الجيش الروسي، حسب تقديرات وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، الذي قدم أمس (الخميس) هذه الأعداد مع تواصل معركة دونباس «المصيرية»، خصوصاً في مدينتي سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك، التي اعتبرها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي صعبة وحشية. وأشار زيلينسكي، إلى أن معركة السيطرة على مدينة سيفيرودونيتسك ستحدد مصير منطقة دونباس، بينما تنشر القوات الروسية الدمار في المدينة في هجوم يهدف للسيطرة على شرق أوكرانيا. وقال زيلينسكي في تسجيل فيديو نشر مساء الأربعاء «ندافع عن مواقعنا ونلحق خسائر فادحة بالعدو»، مؤكداً أنها «معركة شاقة جداً وصعبة جداً، وقد تكون واحدة من أصعب المعارك في هذه الحرب». وأضاف، أن «سيفيرودونيتسك لا تزال محور المواجهة في دونباس... إنها تعتبر إلى حد بعيد المكان الذي يتحدد فيه مصير دونباس الآن». وقال متحدث عسكري بريطاني، أمس، إن القوات الروسية كثفت جهودها للتقدم إلى الجنوب من بلدة إيزيوم بشرق أوكرانيا. وذكرت وزارة الدفاع البريطانية، أن «التقدم الروسي على محور إيزيوم ظل متوقفاً منذ أبريل (نيسان)، بعد أن استغلت القوات الأوكرانية تضاريس المنطقة بشكل جيد لإبطاء تقدم روسيا». وأضافت بريطانيا «من المحتمل أن تسعى روسيا إلى استعادة الزخم في هذه المنطقة من أجل المزيد من الضغط على سيفيرودونيتسك، ومنحها خيار التوغل أكثر في منطقة دونيتسك». وبعد الإخفاق في السيطرة على العاصمة كييف، قال الكرملين، إنه يسعى الآن إلى «تحرير» منطقة دونباس، حيث استقل الانفصاليون المدعومون من روسيا عن سيطرة الحكومة الأوكرانية في عام 2014. وكان الانفصاليون يسيطرون على ثلث دونباس تقريباً قبل بدء الغزو الروسي في 24 فبراير (شباط).
وبالنسبة لروسيا، يشكل الاستيلاء على سيفيرودونيتسك نقطة حاسمة من أجل السيطرة على كل حوض دونباس الشاسع الغني بمناجم الفحم. وقال زيلينسكي، إن «مصير دونباس يتحدد هناك في كثير من الجوانب». وقبل ساعات قليلة، أكد حاكم منطقة لوغانسك سيرغي غايداي، أن قوات موسكو «تسيطر على جزء كبير من سيفيرودونيتسك».
وقال، إن «المنطقة الصناعية ما زالت لنا ولا وجود للروس فيها»، موضحاً أن «المعارك لا تدور إلا في الشوارع داخل المدينة». وقال غايداي حاكم لوغانسك، إن وسط المدينة يتعرض للتدمير. وأضاف غايداي في تصريحات للتلفزيون الأوكراني في وقت متأخر من مساء الأربعاء «مقاتلونا صامدون في منطقة سيفيرودونيتسك الصناعية. لكن القتال لا يدور فقط في المنطقة الصناعية، ولكن في مدينة سيفيرودونيتسك نفسها». وتابع غايداي قائلاً، إن القوات الأوكرانية لا تزال تسيطر بالكامل على مدينة ليسيتشانسك المقابلة لها على الضفة الغربية لنهر سيفيرسكي دونيتس، لكن القوات الروسية تدمر المباني السكنية هناك. وفي وقت سابق الأربعاء، اعترف غايداي بأن القوات الأوكرانية قد تضطر إلى الانسحاب من سيفيرودونيتسك. وانسحب المقاتلون الأوكرانيون في سيفيرودونيتسك إلى ضواحي المدينة الأربعاء، لكنهم تعهدوا بالقتال هناك لأطول وقت ممكن.
وبدا الأسبوع الماضي أن سيفيرودونيتسك على وشك السقوط بأيدي الجيش الروسي. لكن القوات الأوكرانية شنّت هجوماً مضاداً، وتمكنت من الصمود على الرغم من التفوق العددي للجيش الروسي. لكن يبدو أن القوات الروسية تتقدم حالياً. قال محامي رجل أعمال أوكراني تملك شركته مصنع آزوت للمواد الكيميائية في المدنية، إن نحو 800 مدني محاصرون في المنشأة التي لجأوا إليها. ولم تؤكد السلطات الأوكرانية هذه المعلومات. والوضع أكثر تعقيداً في أجزاء أخرى من دونباس. فقد صرح غايداي بأن مدينة ليسيتشانسك المجاورة يسيطر عليها الجيش الأوكراني بالكامل، لكنها تتعرض لقصف «قوي وفوضوي»، واتهم القوات الروسية باستهداف المستشفيات ومراكز توزيع المساعدات الإنسانية «عمداً».
وتابع، أن القوات الروسية «تطلق (قذائف) من العيار الثقيل والدمار هائل». وفي مدينة باخموت دمرت مدرسة بالكامل في قصف الأربعاء. وتتناثر كتب محترقة بين الأنقاض، كما ذكر صحافيون من وكالة الصحافة الفرنسية. ولم تحرز القوات الروسية سوى تقدم بطيء حتى الآن؛ ما دفع المحللين الغربيين إلى القول، إن الغزو الروسي الذي بدأ في 24 فبراير تحول إلى حرب استنزاف، مع حالات تقدم محدودة ثمنها دمار هائل وخسائر فادحة. وفي مواجهة ضغط القوات الروسية، يؤكد الأوكرانيون أنهم في حاجة ماسة إلى أسلحة أقوى. وأعلنت واشنطن ولندن تسليم أنظمة قاذفات صواريخ متعددة يصل مداها إلى ثمانين كيلومتراً، وهي أكبر قليلاً من الأنظمة الروسية لكن من غير الواضح متى سيتمكن الأوكرانيون من البدء في استخدامها. وحتى الآن اكتفى الغرب بتسليم أسلحة مداها أقل.
وقالت سفيرة كييف لدى الولايات المتحدة، أوكسانا ماركاروفا، لشبكة «سي إن إن»، إن القوات الروسية تفوق القوات الأوكرانية عدداً بكثير في لوغانسك ودونيتسك، اللتين تشكلان معاً دونباس، وهي منطقة يتحدث الكثير من سكانها الروسية. ولكنها أردفت قائلة «كما رأينا بالفعل في معركة كييف، قد نخسر شيئاً مؤقتاً. نحاول بالطبع تقليل ذلك لأننا نعرف ما (يمكن) أن يحدث (عندما) يسيطر الروس على أراضٍ، لكننا سنستعيدها». وفي سوليدار في دونيتسك، احتمى السكان في الأقبية بينما ضربت القذائف البلدة الأربعاء. وقالت واحدة من السكان لم تذكر اسمها «نتعرض للقصف ليل نهار... نبقى في القبو طيلة الوقت تقريباً». وتبعد سوليدار 18 كيلومتراً فقط عن بلدة باخموت، التي تقع عند بداية طريق إمداد حيوي لمدينتي ليسيتشانسك وسيفيرودونيتسك.
وفي سياق متصل، اتفق قادة أوروبيون في مجال الدفاع العسكري الإلكتروني على أن فاعلية روسيا في استخدام القدرات الرقمية في حربها ضد أوكرانيا كانت أقل بكثير من المتوقع.
وقال الجنرال كارل موليندا، رئيس مركز الأمن السيبراني الوطني البولندي «كنا متيقنين جداً من أنه سيكون هناك بيرل هاربور سيبراني بالاستناد إلى خبرات سابقة لسلوك روسيا وقدراتها». وأكد خلال اجتماع منتدى الأمن السيبراني الدولي الذي يعقد في مدينة ليل شمال فرنسا إلى أن أوكرانيا كانت متأهبة و«صمدت بوجه الهجمات الروسية». وأضاف موليندا، أن هذا أظهر أنه بالإمكان الاستعداد لحرب إلكترونية ضد روسيا التي اعتبرها «جيدة في القدرات الهجومية، لكنها ليست جيدة بما يكفي في الدفاع». وأعطى مثالاً هجمات إلكترونية عدة ضربت روسيا، وإن كانت نتيجة جهد قراصنة مستقلين بشكل أساسي.
أما الكولونيل روموالداس بيتكيفيشيوس رئيس الأمن السيبراني في ليتوانيا فقال، إن روسيا «غير جاهزة لشن حرب إلكترونية منسقة ونشطة». وصرح لوكالة الصحافة الفرنسية أن هناك «آلاف الأنشطة الإلكترونية في كل مكان في أوكرانيا»، مضيفاً «لكنني لا أعتقد أنه مخطط لها بشكل جيد جداً». وأدلى الجنرال ديدييه تيسيير، رئيس قوة الدفاع السيبرانية الفرنسية، بملاحظة مشابهة حول عدم التنسيق والتواصل بين الهجمات الإلكترونية والهجوم العسكري على الأرض. وقال «ربما لم يتمكنوا من تنظيمها بالطريقة التي أرادوها»، لافتاً إلى أن قدراتهم «ليست قوية كما كنا نتخيل». لكنه مع ذلك أشار إلى أن تحليل هذا النزاع معقد بسبب اقتحام مجموعات قرصنة مستقلة لساحة المعركة، إضافة إلى تدخل شركات مثل مايكروسوفت وستارلينك أيضاً لتقديم الدعم لأوكرانيا. وشبّه تيسيير النزاع الحالي في الفضاء الإلكتروني بـ«كأس العالم للرغبي، حيث جميع الفرق متواجدة في الميدان من دون قمصانها المميزة، والجمهور موجود أيضاً، وعليك أن تعمل على منع تحويل محاولات الهجمات إلى أهداف».


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.