التطورات في سوريا ستدفع بـ«الخيار الثالث» إلى الواجهة

«اجتماع دولي مزدوج» في باريس لمناقشة الملفين العراقي والسوري

التطورات في سوريا ستدفع بـ«الخيار الثالث» إلى الواجهة
TT

التطورات في سوريا ستدفع بـ«الخيار الثالث» إلى الواجهة

التطورات في سوريا ستدفع بـ«الخيار الثالث» إلى الواجهة

«اجتماع دولي مزدوج» سيلتئم في باريس وبناء على دعوتها طيلة يوم الثلاثاء القادم وسينكب على الوضعين العراقي والسوري للنظر في التطورات الحاصلة وكيفية التعاطي معها فيما يحقق تنظيم «داعش» تقدما على الجبهتين الأمر الذي تمثل في احتلال الرمادي وتدمر، المدينتين الاستراتيجيتين. ولم تسجل الضربات الجوية التي تقوم بها قوات التحالف ضد «داعش» في البلدين أي نجاح\. وبالنظر إلى المستوى المرتفع للاجتماع المزدوج الذي سينعقد على المستوى الوزاري وبحضور رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في القسم المخصص منه للعراق، فقد سارعت المصادر الفرنسية إلى استباق الاجتماع برسالة واضحة تدعو العبادي إلى انتهاج سياسة «جامعة للأطياف» ما يعني ضمنا أن السياسة التي اتبعها حتى الآن لم تكن كذلك، في إشارة إلى التعامل مع المكون السني العراقي والحاجة إلى جعله طرفا وازنا كالطرفين الشيعي والكردي في الحكومة العراقية. وما تقوله باريس يبدو أنه تحول إلى قناعة أوروبية راسخة عبرت عنها أمس «وزيرة» خارجية الاتحاد فدريكا موغريني التي أعلنت أمس في روما، بمناسبة منحها جائزة معهد دراسات السياسات الدولية في العاصمة الإيطالية أن داعش «لن تهزم طالما لم تعالج الأسباب العميقة لانغراسها في سوريا والعراق».
تقول المصادر الفرنسية إن الاجتماع في الأساس كان مخصصا للعراق. وسبق لباريس أن استضافت اجتماعا مشابها في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي. لكن يبدو أن باريس قررت إصابة عصفورين بحجر واحد بالنظر للتشابك بين الملفين ولأن غالبية الوزراء المدعوين ضالعة فيهما معا. وتتوقع باريس مشاركة نحو عشرين وزير خارجية بينهم وزراء خارجية، إلى جانب فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وممثل عن الأمم المتحدة وآخر عن الاتحاد الأوروبي فضلا عن وزراء الخارجية العرب الذين تشارك بلادهم في التحالف. تريد باريس التي شكلت مجموعات عمل للتحضير للاجتماع أن يتطرق الوزراء الحاضرون لموضوعين رئيسيين: الأول، رؤية الحكومة العراقية لتطور الوضع في بلادها وتقويمها لما يجري ميدانيا وسياسيا وخططها المستقبلية على الصعيدين العسكري - الأمني والسياسي - الاجتماعي. والثاني مراجعة الدول الفاعلة في التحالف العسكري للاستراتيجيات والخطط العسكرية التي اتبعت حتى الآن واقتصرت على الضربات الجوية إضافة لعمليات التسليح والتدريب للقوات العسكرية العراقية أو للبيشمركة وغيرها. ويسود الانطباع في العاصمة الفرنسية أن الخطط المنفذة «غير فاعلة». وفي الحالتين، سيكون موضوع محاربة الإرهاب ممثلا بـ«داعش» أو يغيرها هو «الطبق الرئيسي» للاجتماع.
وبحسب باريس، فإنه من المنتظر أن تكون لهذه التطورات الميدانية «تبعات» ليس من الواضح اليوم الاتجاه الذي ستصب فيه. ولذا، فإن مشاركة وزير الخارجية الروسية المحتملة سيرغي لافروف في الجزء المخصص لسوريا ستكون، بحسب باريس: «بالغة الأهمية» إذ إن التحولات الميدانية السلبية للنظام «قد تدفع» موسكو المتخوفة من الأصولية، للبحث عن البديل الممكن عبر العودة إلى مؤتمر جنيف الذي فشل بسبب رفض ممثلي النظام البحث في المرحلة الانتقالية وقيام سلطة تنفيذية كاملة الصلاحيات. بالإضافة لذلك، تقول مصادر دبلوماسية في العاصمة الفرنسية إن اقتراب استحقاق نهاية شهر يونيو (حزيران) بالنسبة للبرنامج النووي الإيراني «له أيضا انعكاساته». وفي هذا السياق ثمة «مدرستان»: تقول الأولى إنه ليس من مصلحة إيران أن تصل إلى هذا الاستحقاق فيما نظام الأسد مهدد بالتهاوي، الأمر الذي سيضعف موقفها الأمر الذي سيدفعها لزيادة دعمها لدمشق بالسلاح والرجال. والثانية، تعتبر أن تراجع النظام قد يكون الورقة التي قد «تساوم» عليها إيران لإظهار «الإرادة الطيبة» لتسوية هذا الملف. ومع احتلال «داعش» لمدينة تدمر الاستراتيجية واقترابها أكثر فأكثر من دمشق، يرى من كان يراهن على النظام من الغربيين لجبه التنظيم، أن رهانه قد لا يكون صائبا وأنه يتعين البحث عن بديل آخر. لكن ضعف المعارضة السورية السياسية والعسكرية جعل البديل ضامرا وغير مقنع. ولذا، فإن التطورات الأخيرة ستدفع، وفق ما قاله دبلوماسي أوروبي لـ«الشرق الأوسط» بـ«الخيار الثالث» إلى الواجهة مجددا كحل يخرج النظام ولا يدخل «داعش». فهل سينجح الوزراء المجتمعون الأربعاء القادم في «تمكين» الخيار الثالث أم أن ما عجزوا عن القيام به منذ أربع سنوات سيعجزون أيضا عن اجتراحه في القادم من الأيام؟.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».