واشنطن تتودد إلى المرشح الأقوى لقيادة الهند بعد سنوات من نبذه

لقاء مرتقب بين السفيرة الأميركية ومودي اليوم.. على غرار اجتماعات أوروبية مماثلة

واشنطن تتودد إلى المرشح الأقوى لقيادة الهند بعد سنوات من نبذه
TT

واشنطن تتودد إلى المرشح الأقوى لقيادة الهند بعد سنوات من نبذه

واشنطن تتودد إلى المرشح الأقوى لقيادة الهند بعد سنوات من نبذه

أبدت الولايات المتحدة إشارات إيجابية تجاه ناريندرا مودي مرشح حزب المعارضة الرئيس في الهند لمنصب رئاسة الوزراء في الانتخابات العامة المرتقبة في أبريل (نيسان) المقبل، وذلك بعد تسع سنوات من عده شخصا منبوذا، على خلفية موقفه من المذابح التي تعرض لها مسلمون في ولايات غوجارات.
وتعتزم السفيرة الأميركية لدى الهند، نانسي باول، عقد اجتماع مع رئيس حكومة ولاية غوجارات اليوم الخميس، في إشارة إلى وضع حد لحالة الرفض السياسي والدبلوماسي التي كانت تمارسها واشنطن ضده. ويرى محللون أن هذا الاجتماع رفيع المستوى يعد تحولا في موقف الولايات المتحدة تجاه مودي منذ أن أقدمت الخارجية الأميركية على إلغاء تأشيرته إلى الولايات المتحدة عام 2005 بموجب قانون يمنع استقبال المسؤولين الأجانب المتورطين في ارتكاب «انتهاكات شديدة ضد الحريات الدينية». ومنذ ذلك الإجراء، لم يتقدم مودي بطلب للحصول على تأشيرة أخرى.
تعرض مودي لانتقاد شديد بسبب تراخيه في منع أعمال الشغب الدينية التي وقعت في ولاية غوجارات، التي كان يشغل منصب رئيس وزرائها عام 2002 والتي راح ضحيتها أكثر من ألف شخص، غالبيتهم من المسلمين.
وكان مودي دائما ما ينفي تلك الاتهامات، إذ أجرت إحدى المحاكم العليا تحقيقا حديثا أثبت عدم وجود أي دليل يستدعي ملاحقته قضائيا على خلفية تلك الأحداث.
ويربط محللون سياسيون مسعى الولايات المتحدة لإقامة علاقات جديدة مع مودي بما يمكن أن يلقيه فوزه المحتمل بمنصب رئاسة الوزراء على العلاقات الثنائية بين البلدين. ويقول المحلل السياسي براشانت جها، إن قرار الولايات المتحدة تجديد علاقتها بناريندرا مودي، ينبع من اعترافها بأنها لا تستطيع تحمل تجاهل الرجل الذي يمكن أن يصبح رئيس وزراء واحدة من أهم حلفاء واشنطن. ويضيف جها: «لم يتوقع أحد أن الرجل، الذي رفضت واشنطن منحه تأشيرة دخول، سيصبح من أقوى المرشحين لشغل منصب رئيس وزراء الهند في وقت من الأوقات. تحاول الإدارة الأميركية حاليا تعديل أوضاعها حتى لا تجد نفسها في موقف محرج في حال فاز مودي في الانتخابات».
وكانت الولايات المتحدة استغرقت وقتا أطول من الدول الغربية، مثل بريطانيا، حتى تنبهت إلى حقيقة أن مودي أصبح واحدا من أهم المرشحين للفوز بمنصب رئيس وزراء الهند.
وكان أداء مودي وشعبيته المتنامية خلال العام الماضي - اللذان بفضلهما استطاع حزب «بهاراتيا جاناتا» الفوز بالانتخابات في أربع من أهم ولايات الهند في 2013 – جعلاه الرجل المرشح الأوفر حظا للفوز بمنصب رئيس وزراء بعد انتخابات أبريل المقبل. وحققت ولاية غوجارات واحدا من أعلى المعدلات ضمن الولايات الهندية، مما شجع الغرب على فتح قنوات اتصال مع رئيس حكومة الولاية.
ومنذ فوز مودي بمنصب رئيس حكومة ولاية غوجارات في ديسمبر (كانون الأول) 2012 للمرة الثالثة على التوالي، بدأت الدول الغربية، التي كانت تتبنى موقفا متحفظا تجاهه، تعترف بكونه السياسي الأكثر شعبية في الهند. وكان السفير البريطاني لدى الهند قرر إذابة الجليد مع مودي وأدى له زيارة في أكتوبر (تشرين الأول) 2012. وفي يناير (كانون الثاني) 2013، أقام سفير ألمانيا في نيودلهي مأدبة غداء جمعت مودي بسفراء دول الاتحاد الأوروبي لدى الهند. وفي أغسطس (آب) 2013، قابل المفوض السامي لأستراليا لدى الهند مودي ودعاه لزيارة أستراليا. وفي الوقت ذاته، وجهت بريطانيا دعوة رسمية لمودي ليزور بريطانيا.
ويبدو أن لقاء السفيرة الأميركية مودي يأتي في نفس سياق مواقف الدول الغربية التي تقوي علاقتها مع الرجل قبل توليه منصب رئاسة الوزراء.
في غضون ذلك، حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من ردود الفعل تجاه لقاء باول مع مودي، ووصفت موقف الولايات المتحدة بـ«الانتهازي». ويبقى اسم مودي الأكثر تكرارا على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
وفي الوقت نفسه، كانت هناك ردود فعل سياسية حادة من جانب خصوم مودي السياسيين. وعلق نيلوتبال باسو، عضو الأمانة المركزية لـ«الحزب الشيوعي الهندي»، على اجتماع باول ومودي المرتقب بقوله: «لقد أصبح مودي بمثابة القبطان الذي يمسك بيده دفة الشركات الهندية، التي تعد جزءا لا يتجزأ من البنية المالية الدولية التي تقودها الولايات المتحدة. وعليه، يسعى الأميركيون للاجتماع بذلك القبطان». ويقول راجيش ديكسيت، الأمين العام لحزب «ساماجوادي»: «في البداية، يعمدون إلى إذلال شخص ما، ثم بعد ذلك يحاولون أن يصنعوا منه نصف إله. ما ينبغي فعله الآن هو تجاهل تلك التطورات».
ونقلت صحيفة «هندوستان تايمز» الهندية عن جان محمد، الموظف السابق في منظمة العفو الدولية الذي كان ضمن من شاركوا في الحملة الداعية لرفض منح مودي تأشيرة دخول لأميركا «لم تعد القوى التي طالبت بحرمان مودي من التأشيرة بمثل القوى التي كانت عليها في السابق بواشنطن. كان هاجس الحرية الدينية يسيطر على إدارة الرئيس (الأميركي السابق) جورج دبليو بوش، لكن ذلك الاتجاه فقد موقعه المهم على قائمة أولويات إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما، فمجتمع الأعمال الأميركي يمارس ضغوطا أكبر». وكانت العلاقات بين الهند والولايات المتحدة شهدت في الآونة الأخيرة توترا سياسيا حادا على خلفية توقيف دبلوماسية هندية في الولايات المتحدة بتهمة دفع أجر متدن لخادمتها والكذب بشأن تأشيرة العمل الخاصة بها، إلا أن ذلك الجدل خف بعدما سمح للدبلوماسية ديفياني خوبراغادي بالعودة للهند.
ناريندرا مودي



السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
TT

السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)

تعكف الرياض والقاهرة على وضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري»، وفق ما أعلنه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي. وهو ما عدَّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «خطوة على طريق تعميق التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية».

وقال عبد العاطي، في تصريحات متلفزة، مساء الخميس: «نعمل حالياً على وضع الهيكل التنسيقي للمجلس المصري - السعودي»، مؤكداً على «العلاقة الاستراتيجية الوطيدة، والتنسيق المستمر بين البلدين».

وكان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد شهدا في ختام مباحثاتهما بالقاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التوقيع على تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي» برئاسة الرئيس السيسي، وولى العهد السعودي.

ومنتصف الشهر الماضي، وافقت الحكومة المصرية على قرار تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي». وأوضحت الحكومة في إفادة لها، أن «المجلس يهدف إلى تكثيف التواصل وتعزيز التعاون بين مصر والمملكة العربية السعودية في مختلف المجالات التي تهم الجانبين».

وعدَّ الإعلامي السعودي، خالد المجرشي، «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري» بمثابة «خطوة تؤكد إمكانية توسيع تكامل العلاقات بين الرياض والقاهرة، في إطار سلسلة من الخطوات التي بدأت قبل نحو عقد من الزمان».

وقال إن «المجلس يأتي في إطار بناء الآلية المستقبلية لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما مع توجيهات رسمية من قادة البلدين لتشجيع الاستثمار والتبادل التجاري». واستشهد المجرشي بما سبق أن قاله وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، عن تكليفه بتشجيع الاستثمار في مصر.

ونهاية عام 2018، قال القصبي، خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات «مجلس الأعمال المصري - السعودي»، إنه «تلقى تكليفاً واضحاً من ولي العهد السعودي بأن يعد نفسه وزيراً بالحكومة المصرية سعياً لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «وجود مجلس أعلى للتنسيق بين القاهرة والرياض من شأنه تذليل أي عقبات أمام التعاون الثنائي لا سيما أنه برئاسة الرئيس السيسي وولي العهد»، موضحاً أن «المجلس خطوة لتعميق العلاقات بين السعودية ومصر في مختلف المجالات».

بدر عبد العاطي خلال استقبال الأمير فيصل بن فرحان بالقاهرة في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وأوضح عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية بالبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، أن «السعودية ومصر هما قبة الميزان في المنطقة، وتعزيز التعاون بينهما ضروري لمواجهة التحديات الإقليمية»، وَعَدَّ سعيد «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «نقطة بداية لمواجهة التحديات، وتحقيق الاستقرار الإقليمي».

وأضاف: «لا تستطيع دولة عربية واحدة مواجهة عدم الاستقرار الإقليمي»، مشيراً إلى أن «تعميق العلاقات السعودية - المصرية من خلال (مجلس التنسيق الأعلى) من شأنه حماية القاهرة والرياض من الأخطار، وأيضاً التنسيق لمواجهة ما يحيط بالمنطقة من تحديات».

وكان وزير الخارجية المصري أكد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في القاهرة، سبتمبر (أيلول) الماضي، أن «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «سيكون مظلة شاملة لمزيد من تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، والدفع لآفاق التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتنموية والاستثمارية، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووفق بيان الحكومة المصرية، الشهر الماضي، «يتألف المجلس من عدد من الوزراء والمسؤولين من البلدين في المجالات ذات الصلة»، كما «يعقد اجتماعات دورية بالتناوب في البلدين، ويحق له عقد اجتماعات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك». والمجلس «سيحل محل الاتفاق الخاص بإنشاء اللجنة العليا المصرية - السعودية المشتركة».