مؤتمر في القاهرة يبحث استراتيجية لتنقية عقول الشباب العربي من الفكر المتطرف

طالب منتدى إسلامي عقد بالقاهرة أمس بتنقية عقول الشباب العربي من التبعية والاتكالية لمواجهة الفكر المتطرف والعنف، داعيا إلى ضرورة تحويل الشباب العربي من العقلية المستسلمة المقلدة إلى عقلية تتسم بالنضج والوعي، لافتا إلى أن الجماعات الإرهابية المتطرفة وفي مقدمتها «داعش» تعتمد على العقول الذليلة المنقادة.
شارك في المنتدى، الذي عقده المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف لوضع آليات لتجديد الخطاب الديني، وزراء من الحكومة المصرية وعلماء دين ومفكرون وسياسيون. وقال وزير الثقافة المصري عبد الواحد النبوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة مستمرة في بذل العطاء والعمل من أجل تجديد الخطاب الديني»، لافتا إلى أن «قضية تجديد الخطاب مسؤولية كل مؤسسات الدولة المصرية»، في حين اعتبر مصدر مسؤول في الأوقاف أن «المنتدى.. استجابة لدعوات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتطوير الخطاب الديني»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة تتجه لتدريب آلاف الأئمة والخطباء على أحدث الأساليب العلمية والتكنولوجية لنشر فكر الإسلام الوسطي الصحيح ونبذ الفكر المتطرف الهدام».
من جانبه، قال وزير الأوقاف المصري، الدكتور محمد مختار جمعة، إنه «يجب أن نكون جميعا على مستوى الحدث والمسؤولية من ناحية تجديد الخطاب الديني الذي دعا له الرئيس»، مضيفا أن «آليات تجديد الخطاب يجب أن تجمع ولا تفرق وأن تيسر ولا تعسر وأن تبشر ولا تنفر، وأن يعتمد تجديده على فكرة أن الإسلام يدعو إلى السلام في الأرض».
وأكد جمعة أنه لا يمكن أن يكون الخطاب الديني وحده العامل الوحيد في مواجهة التطرف، بل يجب أن يكون بجانبه خطاب علمي وثقافي وفني وإعلامي.
وأشار وزير الأوقاف إلى أن الجماعات الإرهابية المتطرفة تعتمد على العقول الذليلة المنقادة، وتابع بقوله: «هدفنا أن يكون هناك خطاب ديني وسطي بعيدا عن التشدد والتكفير والتطرف والإرهاب، ويجب أن يعتمد مفهوم الخطاب علي فكرة السلام، لأن الإسلام هدفه نشر السلام في الأرض».
وأضاف جمعة أن الأوقاف تعمل على مواجهة الإلحاد والتسيب، لأن تلك الظواهر لا تقل أهمية عن مواجهة الإرهاب، لافتا إلى أن الوزارة أصدرت كتابا عن مواجهة الإلحاد والتطرف استجابة لدعوة الرئيس، بضرورة القيام بثورة دينية.
وطالب السيسي المؤسسة الدينية في البلاد أكثر من مرة في لقاءات رسمية وغير رسمية سرعة تجديد الخطاب الديني لمواجهة الفكر المتطرف. ويرى مراقبون أن «منتدى الأوقاف الأول، أمس، يعد أول خطوة على أرض الواقع لتنفيذ ما طلبه الرئيس، بالتوازي مع لقاءات يجريها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، اليوم (الثلاثاء) مع مفكرين وأدباء في مقر مشيخة الأزهر بالدراسة للاتفاق على وثيقة لتطوير الخطاب. وتشهد البلاد أحداث عنف وإرهاب منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم العام قبل الماضي، وتحمل السلطات المصرية جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها مرسي، مسؤولية الإرهاب الذي يضرب البلاد.
من جانبه، قال المصدر المسؤول نفسه في الأوقاف، إن «العلماء أكدوا في نهاية المنتدى نبذهم للإرهاب والغلو ورفض ربط الإرهاب بالأديان»، وطالبوا بإيجاد آليات لتحصين الشباب من الوقوع في أخطاء الجماعات المتطرفة».
وبدأت فعاليات منتدى السماحة والوسطية أمس، في أحد فنادق القاهرة، تحت رعاية الرئيس السيسي وبحضور كبار علماء الدين وجمع كبير من المفكرين والمثقفين والكتاب والإعلاميين ورجال الكنيسة المصرية. وقال مفتي مصر، الدكتور شوقي علام، خلال مشاركته في المنتدى أمس، إن «تجديد الخطاب الديني ضرورة حتمية لا بد منها، والأمة لن تتقدم إلا بوجود عقول تتعامل بحداثة»، مضيفا أن «أئمة الإسلام اعتنوا بقضية تجديد الخطاب عناية دقيقة، ونحن في حاجة ماسة إلى منهج أصيل بسيط يعيننا على شؤون الحياة كلها».
وتابع المفتي، في كلمته بالندوة: «نحن بحاجة إلى تجديد الآليات في كل المجالات سواء التعليمية أو الثقافية أو الدينية وغيرها، ولا بد من الاهتمام بقضايا الشباب، والتعامل بحرفية مع مواقع التواصل الاجتماعي التي يعتمد عليها الشباب بشكل كبير في الوقت الحالي، وتلك القضايا تحتاج إلى التضافر منا جميعا».
في سياق متصل، قال الدكتور النبوي وزير الثقافة إن الثقافة واحدة من أهم أدوات مصر وقوّتها الناعمة، وتتعامل دائما مع أكثر القضايا تعقيدا.. ونحن الآن في موقف حرج وصعب، إذ تمر بمرحلة صعبة للغاية، وعلينا أن نتكاتف من أجل الوصول إلى رؤية مشتركة بشأن كل القضايا.