أسفر حادث إطلاق النار على عسكريين في ثكنة بوشوشة الواقعة غرب العاصمة التونسية يوم أمس، عن مقتل 8 عسكريين، من بينهم منفذ العملية، وإصابة عشرة آخرين بجراح، أحدهم إصابته خطيرة. وأسفر الهجوم عن مقتل ضابط رفيع المستوى في الجيش التونسي برتبة عقيد.
وطوقت الوحدات الأمنية بسرعة منطقة شارع 20 مارس (آذار) بباردو، وعززت حضورها قرب الثكنة، ونفذت حملة تفتيش وتمشيط واسعة في محيط الثكنة العسكرية القريبة من البرلمان، خشية أن تكون العملية ذات طابع إرهابي أو من تنفيذ مجموعة إرهابية.
وأثار سماع إطلاق النار حالة من الهلع في محيط المنطقة، وسارعت قوات الأمن إلى إخلاء مدرسة ابتدائية قريبة من مكان الحادث من التلاميذ خشية تعرضهم للنيران، وصعد عدد من الأمنيين من قوات مكافحة الإرهاب فوق أسطح المباني المحاذية، في محاولة للسيطرة على الوضع الأمني.
وجد الحادث صباحا في ثكنة عسكرية لا تبعد سوى مسافة كيلومترين من متحف باردو، الذي شهد هجوما إرهابيا يوم 18 مارس الماضي، وأدى إلى مقتل 23 سائحا أجنبيا.
وخلال مؤتمر صحافي عقد أمس بمقر وزارة الدفاع التونسية، قدم بلحسن الوسلاتي المتحدث باسم الوزارة تفاصيل حول الحادثة، فأكد أن العسكري منفذ العملية الدموية عمد في بادئ الأمر إلى طعن زميله المكلف بنقطة الحراسة، ثم استولى على سلاحه وفتح النار بصفة عشوائية على زملائه المصطفين لأداء تحية العلم الصباحية ليتسبب في قتل 7 منهم، وإصابة 10 آخرين، أحدهم في حالة حرجة، قبل أن يتم القضاء عليه.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، نفى الوسلاتي الصبغة الإرهابية عن الحادث، وشدد على أن العملية معزولة ولا صلة لها بالأعمال الإرهابية الأخيرة. وفي السياق نفسه، قال إن المعطيات كلها تؤكد على أنه عمل فردي خال من أي دوافع إرهابية.
وبشأن الدوافع الحقيقية لهذا العمل المسلح، أفاد بأنها غير معروفة بدقة إلى حد الآن وهي من مشمولات التحقيق العسكري الذي فتح في الغرض. وقال أيضا إن ما وقع في الثكنة العسكرية ليس عملا إرهابيا، وإن الحادثة تتلخص في تصرف أحادي من أحد أفراد الجيش على خلفية شخصية بحتة دفعته إلى إطلاق النار على زملائه الموجودين أثناء تحية العلم الصباحية.
ونفى أن يكون العسكري الجاني يعاني من مشكلات نفسية عميقة، ولكنه يعاني في المقابل من سلوك مضطرب، وهو ممنوع من حمل السلاح. وأشار إلى أن إجراء منع حمل السلاح، وتغيير مقر العمل، غالبا ما يُتخذ لمدة محددة في حال ملاحظة اضطرابات ومشكلات، على بعض عناصر المؤسسة العسكرية، وهذا الإجراء يتخذ في كل الوحدات العسكرية في العالم، على حد تعبيره.
من ناحيته، قال محمد علي العروي المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية: «إن الحادثة ليست إرهابية ولا علاقة لها بالأنشطة الإرهابية التي تحاربها المؤسسة الأمنية والعسكرية منذ سنوات». وقال مؤكدا إن الأمر لا يتعلق «بهجوم إرهابي».
وبشأن ما راج حول اتصال الجاني بجهات إرهابية وتفكيره في السفر إلى سوريا للقتال، وإبلاغ زوجته السلطات الأمنية التونسية عن نيته تلك، قال الوسلاتي إن هذا الأمر غير ثابت بالمرة، وأكد في المقابل خبر تعرضه لمشكلات عائلية أدت أخيرا إلى انفصاله عن زوجته باللجوء إلى الطلاق.
وقال الوسلاتي إن العسكري يبلغ من العمر نحو 30 سنة وهو يعاني من اضطرابات في السلوك ومشكلات عائلية، وتم توجيهه في الآونة الأخيرة إلى منشأة عسكرية غير حساسة تقدم خدمات إدارية وعسكرية فحسب. وكانت القوات المسلحة التونسية قد رفعت درجة التأهب منذ هجوم باردو، خشية حدوث عمليات إرهابية تقضي على أمل الخروج بموسم سياحي مميز أو تؤدي كذلك إلى تراجع نسق الاستثمار المعطل منذ فترة طويلة، إلا أن العملية حدثت هذه المرة داخل المؤسسة العسكرية، ولم يحصل الهجوم من خارجها.
ونفى الوسلاتي الأخبار الواردة حول وجود عدد من الإرهابيين خلف سور المسجد المحاذي للثكنة العسكرية، وأنهم من قاموا بإطلاق النار على العسكريين. وكانت وكالة الأنباء التونسية الرسمية قد أوردت معطيات أولية عن الحادث وقالت إنه جرى إطلاق نار كثيف في مسجد بمنطقة 20 مارس في باردو، وتم إخلاء مدرسة هناك دون أن يعرف مصدر إطلاق النار. وبشأن هذه الحوادث القاتلة داخل المؤسسة العسكرية قال محمد المؤدب، وهو عقيد عسكري متقاعد، لـ«الشرق الأوسط» إن مثل تلك العمليات كان يحدث قبل الثورة، ولكن يقع التعتيم عليها ولا يسمع بها عموم التونسيين. واعتبر أن المؤسسة العسكرية ليست بمنأى عن مثل هذه الحوادث، على حد تعبيره.
تونس: 8 قتلى في ثكنة عسكرية خلال تحية العلم بالقرب من البرلمان ومتحف باردو
المتحدث باسم وزارة الدفاع: العملية معزولة ولا صلة لها بالأعمال الإرهابية
تونس: 8 قتلى في ثكنة عسكرية خلال تحية العلم بالقرب من البرلمان ومتحف باردو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة