الحرب الروسية على أوكرانيا تتسبب في نفوق عدة آلاف من الدلافين

احد الدلافين النافقة جراء الحرب الروسية على أوكرانيا (فيسبوك)
احد الدلافين النافقة جراء الحرب الروسية على أوكرانيا (فيسبوك)
TT

الحرب الروسية على أوكرانيا تتسبب في نفوق عدة آلاف من الدلافين

احد الدلافين النافقة جراء الحرب الروسية على أوكرانيا (فيسبوك)
احد الدلافين النافقة جراء الحرب الروسية على أوكرانيا (فيسبوك)

كشف العلماء الذين يدرسون البحر الأسود أن «عدة آلاف» من الدلافين نفقت في المنطقة خلال الغزو الروسي المستمر لأوكرانيا، مما أثار مخاوف بشأن تأثير الحرب على النظم البيئية البحرية.
قال إيفان روسيف، مدير الأبحاث في متنزه «توزلا إستواريس» الوطني الطبيعي في أوكرانيا، في منشور على «فيسبوك» إن الثدييات البحرية كانت تنجرف على ساحل البحر الأسود المتاخم لعدة دول، بما في ذلك أوكرانيا وبلغاريا وتركيا ورومانيا، وفقاً لصحيفة «إندبندنت».
وأظهرت الصور التي نشرها الدكتور روسيف دلافين جرفتها المياه على الشاطئ ومعها ما يزعم أنها إصابات مرتبطة بالحرب، بما في ذلك آثار حروق من القنابل. وقال إن الثدييات البحرية مستمرة في الانجراف على السواحل بالحروق الناجمة عن القنابل والألغام الأرضية، فضلاً عن الإصابات الداخلية، كما تظهر عليها علامات المجاعة.
وأوضح روسيف: «أؤكد مرة أخرى أنه كانت هناك خسائر فادحة في الحرب بين الدلافين في البحر الأسود في الأسابيع الأخيرة».
واستناداً إلى البيانات التي جمعها فريقه بالإضافة إلى باحثين آخرين في جميع أنحاء أوروبا، بين روسيف أن «عدة آلاف» من الدلافين نفقت بالفعل وسط الحرب في أوكرانيا. وقال : «تحليل البيانات المتاحة التي جمعناها خلال ثلاثة أشهر من الحرب على ساحل حديقتنا الوطنية، وكذلك وفقاً للمواد المتوفرة من أوكرانيا وتركيا وبلغاريا ورومانيا واستناداً إلى الرسائل الشخصية لأصدقائي الأجانب، نفترض أنه بسبب الحرب الوحشية في البحر الأسود، نفق بالفعل عدة آلاف من الدلافين». وتابع: «البرابرة لا يقتلون المتحضرين فحسب، بل الدلافين الذكية أيضاً».

في العام الماضي، قدر فريق دولي مكون من أكثر من 100 عالم أنه قد يكون هناك حوالي ربع مليون من الدلافين في البحر الأسود، لكن من غير المعروف عدد هذه الدلافين المتبقية في المنطقة الآن.
كما دقت مؤسسة الأبحاث البحرية التركية جرس الإنذار بشأن آثار الحرب على النظم البيئية البحرية في المنطقة. وقالت في بيان في أبريل (نيسان): «بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فإن التنوع البيولوجي والأمن البحري والغذائي والبيئي عرضة للتهديد في البحر الأسود».
وحذرت مؤسسة البحث من التلوث البحري، إضافة إلى ضوضاء السفن الشديدة والأصداء منخفضة التردد اللتين تشكلان تهديداً خطيراً للأنواع البحرية، وخاصةً الدلافين التي تستخدم طرق تنشيط الصوت، مضيفة أن تسرب النفط والغاز من السفن العسكرية الغارقة قد يؤدي أيضاً إلى تفاقم الأضرار التي تلحق بالنظام البيئي.



من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.