مهرجان المسرح العربي بدورته الثامنة في ضيافة الكويت

يرأسه الشيخ سلطان بن محمد القاسمي ويقام كل عام في دولة عربية

الشيخ سلطان بن محمد القاسمي
الشيخ سلطان بن محمد القاسمي
TT

مهرجان المسرح العربي بدورته الثامنة في ضيافة الكويت

الشيخ سلطان بن محمد القاسمي
الشيخ سلطان بن محمد القاسمي

تستضيف دولة الكويت مهرجان المسرح العربي في دورته الثامنة، الذي تقيمه بشكل سنوي الهيئة العربية للمسرح ومقرها الشارقة، ويرأسها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتحمل الجائزة اسمه.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن المهرجان الذي ينتقل كل عام في دولة عربية، سوف يقام هذه المرة في الكويت من العاشر، ولغاية السادس عشر من يناير (كانون الثاني)، العام المقبل، ويشارك فيه 15 عرضًا مسرحيًا من مختلف أنحاء الوطن العربي، وسوف تقدم 3 عروض في اليوم الواحد على ثلاثة مسارح هي: مسرح عبد الحسين عبد الرضا في السالمية، ومسرح التحرير في كيفان، ومسرح الدسمة.
وقال مراقب المسرح في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب حمد الرقعي، إنه من المزمع أن يتم دعوة نحو 300 شخصية مسرحية عربية، وستقام ورش مسرحية على هامش المهرجان.
وتحدث الرقعي عن زيارة قام بها وفد من الإمارات العربية إلى دولة الكويت، برئاسة الأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبد الله، وزار وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويتي الشيخ سلمان صباح سالم الحمود الصباح. كما التقى الوفد بالأمين العام للمجلس الوطني للثقافة المهندس علي اليوحة، والأمين العام المساعد لقطاع الفنون محمد العسعوسي، ومراقب المسرح حمد الرقعي، للتباحث حول استعدادات الكويت لإقامة هذا المهرجان، بحيث أبدى المسؤولون الكويتيون جاهزيتهم لاستضافته. وقد بدأت الاستعدادات منذ الآن، بتشكيل لجنة عليا للمهرجان لمتابعة الترتيبات اللازمة لذلك.
وقال الرقعي: «سيكون هناك مسابقة وجوائز توزع على أفضل عرض وأفضل إخراج وأفضل ممثل، وغيرها من الجوائز المتعلقة بتفاصيل العمل المسرحي. وذكر أن الأوساط المسرحية الكويتية مثل المعهد العالي للفنون المسرحية، والمسارح الأهلية، والهيئة العامة للشباب والرياضة، سوف يشتركون في هذه التحضيرات».
يذكر أن الدورة السابعة لمهرجان المسرح العربي كانت أقيمت في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي في مدينة الرباط بالمغرب.



رحلة مع الشعر عبر الأزمنة والأمكنة

رحلة مع الشعر عبر الأزمنة والأمكنة
TT

رحلة مع الشعر عبر الأزمنة والأمكنة

رحلة مع الشعر عبر الأزمنة والأمكنة

ليس أكثر من قصائد الشعر بمختلف اللغات وفي شتى العصور، ولكن ما عسى الشعر أن يكون؟ يقول جون كاري (John Carey) أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة أوكسفورد في كتابه «الشعر: تاريخ وجيز» (A Little History of Poetry)، (مطبعة جامعة ييل، نيوهفن ولندن، 2020) إن «صلة الشعر باللغة كصلة الموسيقى بالضوضاء. فالشعر لغة مستخدمة على نحوٍ خاص، يجعلنا نتذكر كلماته ونثمنها». وكتاب كاري الذي نعرضه هنا موضوعه أشعار عاشت على الزمن منذ ملحمة جلجامش البابلية في الألفية الثالثة ق.م وملحمتي هوميروس «الإلياذة» و«الأوديسة» في القرن الثامن ق.م حتى شعراء عصرنا مثل الشاعر الآيرلندي شيمس هيني (تُوفي في 2013) والشاعرة الأفرو - أميركية مايا أنجيلو (توفيت في 2014) والشاعر الأسترالي لس مري (توفي في 2019).

ليس الشعر كما يظن كثيرون خيالاً منقطع الصلة بالواقع أو تهويماً في عالم أثيري عديم الجذور. إنه كما يوضح كاري مشتبك بالأسطورة والحرب والحب والعلم والدين والثورة والسياسة والأسفار. فالشعر ساحة لقاء بين الشرق والغرب، ومجال للبوح الاعترافي، ومراوحة بين قطبي الكلاسية والرومانسية، وأداة للنقد الاجتماعي، ومعالجة لقضايا الجنس والعرق والطبقة. إنه كلمات يختارها الشاعر من محيط اللغة الواسع ويرتبها في نسق معين يخاطب العقل والوجدان والحواس. فالشعراء كما تقول الشاعرة الأميركية ميريان مور يقدمون «حدائق خيالية بها ضفادع حقيقية».

وتعتبر الشاعرة اليونانية سافو (630 ق.م-570 ق.م) من جزيرة لسبوس أول شاعرة امرأة وصلت إلينا أشعارها في هيئة شذرات (القصيدة الوحيدة التي وصلت إلينا منها كاملة عنوانها «أنشودة إلى أفروديتي» ربة الحب). المحبوبة في قصائدها تفاحة حمراء ناضجة في شجرة عالية بعيدة المنال. أو هي زهرة جبلية يطأها الرعاة الأجلاف بأقدامهم فتترك أثراً أرجوانياً على الأرض. وفى قصيدتها المعروفة باسم «الشذرة 31» ترى صديقة لها تتحدث مع رجل وتضاحكه فتتولاها الغيرة ويثب قلبها في صدرها وتشعر كأن ناراً ترعى في بدنها فتعجز عن الكلام وتغيم عيناها وترتعد فرائصها (للدكتور عبد الغفار مكاوي كتاب صغير جميل عن «سافو شاعرة الحب والجمال عند اليونان»، دار المعارف، القاهرة).

والشعر مشتبك بالدين كما هو الحال في غزليات الشاعر الفارسي حافظ الشيرازي (من القرن الرابع عشر الميلادي) الذي لا نعرف الكثير عن حياته. نعرف فقط أنه حفظ القرآن الكريم في طفولته واشتغل خبازاً قبل أن يغدو من شعراء البلاط ودرس الصوفية على يدي أحد أقطابها. وهو يستخدم صور الحب والخمر كما يفعل المتصوفة رمزاً إلى الحب الإلهي والوجد الصوفي والنشوة الروحية المجاوزة للحواس. وقد غدت قصائده من كنوز اللغة الفارسية، ودخلت بعض أبياته الأمثال الشعبية والأقوال الحكمية، ولا يكاد بيت إيراني يخلو من ديوانه.

كذلك نجد أن الشعر يشتبك بكيمياء اللغة وقدرتها على الإيحاء ومجاوزة الواقع دون فقدان للصلة به. يتجلى هذا على أوضح الأنحاء في عمل الشاعر الرمزي الفرنسي أرتور رامبو من القرن التاسع عشر. فعن طريق تشويش الحواس والخلط بين معطياتها يغدو الشاعر رائياً يرى ما لا يراه غيره وسيتكشف آفاق المجهول. فعل رامبو هذا قبل أن يبلغ التاسعة عشرة من العمر، وذلك في قصائده «السفينة النشوى» (بترجمة ماهر البطوطي) و«فصل في الجحيم» (ترجمها الفنان التشكيلي رمسيس يونان) و«اللوحات الملونة» أو «الإشراقات» (ترجمها رفعت سلام). وبهذه القصائد غدا رامبو - ومعه لوتريامون صاحب ديوان «أغاني مالدورور» - أباً للسريالية في العقود الأولى من القرن العشرين.

والشعر مشتبك بالسياسة خاصة في عصرنا الذي شهد حربين عالميتين وحروباً محلية وصراعات آيديولوجية ما بين نازية وفاشية وشيوعية وليبرالية وديمقراطية وأصولية دينية، كما شهد المحرقة النازية وإلقاء أول قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناجازاكي. وممن عاشوا أزمات هذا العصر الشاعر التشيكي ياروسلاف سيفرت (1986-1901) الحائز جائزة نوبل للأدب في 1984. إنه في ديوانه المسمى «إكليل من السوناتات» (1956) يخاطب مدينته براغ التي أحالتها الحرب العالمية الثانية إلى ركام معبراً عن حبه لها وولائه لوطنه. وشعر سيفرت يقوم على استخدام المجاز. وقد جاء في حيثيات منحه جائزة نوبل أن شعره الذي يمتاز بالوضوح والموسيقية والصور الحسية يجسد تماهيه العميق مع بلده وشعبه.

ومن خلال الترجمة يتمكن الشعر من عبور المسافات وإقامة الجسور وإلغاء البعد الزمني، وذلك متى توافر له المترجم الموهوب القادر على نقل روح القصيدة ونصها. هذا ما فعله المترجم الإنجليزي آرثر ويلي (توفي في 1966) الذي نقل إلى الإنجليزية كثيراً من الآثار الشعرية والروائية والمسرحية الصينية واليابانية.

ومن أمثلة ترجماته هذه القصيدة القصيرة من تأليف الإمبراطور الصيني وو-تي (القرن الأول ق.م) وفيها يرثي حبيبته الراحلة:

لقد توقف حفيف تنورتها الحريرية.

وعلى الرصيف الرخامي ينمو التراب.

غرفتها الخالية باردة ساكنة.

وأوراق الشجر الساقطة قد تكوّمت عند الأبواب.

وإذ أتوق إلى تلك السيدة الحلوة

كيف يتسنى لي أن أحمل قلبي المتوجع على السكينة؟

ويختم جون كاري هذه السياحة في آفاق الشعر العالمي، قديماً وحديثاً، شرقاً وغرباً، بقوله إن الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على طرح الأسئلة على الكون، بغية إدراك معنى الوجود، أسئلة لا تجد إجابة في الغالب، ولكن هذا التساؤل - من جانب الفيلسوف والعالم والشاعر - يمثل مجد الإنسان ومأساته معاً.