المغربي عبد الفتاح كيليطو: النص الحي هو الذي تعاد ترجمته

في محاورة مع مترجمه بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط

كيليطو
كيليطو
TT
20

المغربي عبد الفتاح كيليطو: النص الحي هو الذي تعاد ترجمته

كيليطو
كيليطو

«الترجمة لا تبدأ بذلك الفعل المعلن الذي ينقل النص الأصلي إلى لغة مغايرة، بل هي فعل صامت يمارسه الكاتب داخل المطبخ الحميمي للكتابة».
يقول عبد الفتاح كيليطو وكأنه بذلك يزكي كلام مترجمه الذي حاوره، الجمعة، بالرباط، في المعرض الدولي للنشر والكتاب، في جلسة احتشدت بعشاق الأدب ومتابعي تجربة فريدة في الكتابة النقدية والإبداعية، ومدرسة متميزة في تحيين قراءة النصوص الكلاسيكية، العربية والغربية على السواء. والمحاور هو عبد السلام بنعبد العالي، المفكر الذي واكب نصوص صديقه كيليطو، في ثنائية خلاقة أثمرت توسيع نطاق تلقي أعمال كيليطو الصادرة بالفرنسية. يقول بنعبد العالي، إن ازدواجية اللغة تسكن النص الأصلي، إذ ثمة حوار خفي بين اللغتين، مستحضراً كتاب كيليطو «أتكلم جميع اللغات لكن بالعربية». بعبارة أكثر وضوحاً: «في قلب كل كاتب يقبع مترجم».
ماذا يحدث بين النص الأصلي وترجمته؟ هناك محبة وانجذاب. لا أحد منهما يود العيش دون الآخر، بل إن حياة كليهما رهينة بوجود الآخر. أحياناً يوجد تنافر، لكنه أساساً تنافر بين لغتيهما.
يمعن كيليطو في تجسيد العلاقة الحميمة بين النص وترجمته مستدعياً تلك العبارة الغرامية المألوفة: «لن أستطيع العيش بدونك». الترجمة تعلق بالنص وتحن إليه لكنها لا تغني عنه. في المقابل، يتحدث عبد السلام بنعبد العالي، عن حنين النص الأصلي إلى ما يتمم لغته ويكمل نقصه. الترجمة إذن ليست نقلاً آلياً، بل تأخذ النص الأصلي إلى تفجير المعاني والدلالات بما يتجاوز النيات والمرامي الواعية للمؤلف. لذلك يتحدث المترجم عن «دين متبادل» بين الناقل والمنقول.
لا المترجم ولا المؤلف يتحكمان في اللعبة، لأن الترجمة عملية معقدة تتجاوزهما. والترجمة، كما بنعد العالي، تكشف للمؤلف نفسه ما تضمره اللغة الأصلية، إنها تكشف الخصائص الخبيئة للنص. لذلك فإن تهمة الخيانة لا تخص المترجم حصراً، بل تطال المؤلف أيضاً، لأنه لا يتملك المعاني ولا يتحكم فيها. النص يفلت من قبضة صاحبه.
فعل منفتح بامتياز يقود كيليطو إلى القول إنه لا يمكن أن يتفق مترجمان على ترجمة جملة تنتمي إلى الأدب. قد يبلغ الاختلاف حد العداوة. خلاصة ساخرة يلقي بها صاحب «حصان نيتشه» الذي لا يتشدد في سياق مراجعة ترجمات نصوصه إلا تجاه العنوان والفصول. لم يتردد في التوقف عن قراءة ورقته المختصرة التي تعددت طياتها، والزج بالجمهور في اختبار مفتوح يكشف الصعوبة الأزلية لفعل الترجمة. يسأل: كيف تترجمون؟ fins de la littérature؟... بعضهم قال: نهايات الأدب، وآخرون: غايات. ابتسم كيليطو... ثم لم يفصل.
عكس تدفق أسئلة الحضور تلك النكهة الخاصة التي يكتسيها متن كيليطو، وحقيقة أن نصوصه صنعت طائفة متذوقة من القراء يتابعون مشروعه بشغف المريد. أسئلة قلقة قابلها كيليطو، على عادته، بأجوبة مفتوحة وشديدة الاقتضاب. يبدو متردداً في الحسم، حتى في القضايا التي تبدو قريبة من البداهة. كان يصدر أزمة الجواب باسماً إلى صديقه عبد السلام، لكنه انبرى متحمساً وهو يقول: «النص الحي هو الذي تعاد ترجمته. توقف الترجمة يعني وفاة النص».



أكثر من نصف مليون شخص زاروا معرض مسقط للكتاب في أسبوعه الأول

الفعاليات المخصصة للطلاب والشباب تلقى إقبالاً ملحوظاً في معرض مسقط الدولي للكتاب (الشرق الأوسط)
الفعاليات المخصصة للطلاب والشباب تلقى إقبالاً ملحوظاً في معرض مسقط الدولي للكتاب (الشرق الأوسط)
TT
20

أكثر من نصف مليون شخص زاروا معرض مسقط للكتاب في أسبوعه الأول

الفعاليات المخصصة للطلاب والشباب تلقى إقبالاً ملحوظاً في معرض مسقط الدولي للكتاب (الشرق الأوسط)
الفعاليات المخصصة للطلاب والشباب تلقى إقبالاً ملحوظاً في معرض مسقط الدولي للكتاب (الشرق الأوسط)

يمنحُ حضور طلاب وطالبات المدارس العمانية معرض مسقط الدولي للكتاب زخماً كبيراً للمعرض الذي يمتلئ بالزوار الذين قُدِّر عددهم بنحو نصف مليون زائر مع انتهاء الأسبوع الأول من المعرض.

وتجتذب الفعاليات المخصصة للطلاب والتي تزيد على 155 فعالية، منها العروض التفاعلية والترفيهية والمبادرات الشبابية والمجتمعية، آلاف الطلاب الذين يتوافدون للمعرض. وتنظم المدارس رحلات يومية لتعويد طلابها على أجواء الثقافة التي يحتضنها المعرض.

وبالإضافة إلى الطلاب، هناك الشباب، وهم الفئة الأكثر حضوراً في معرض الكتاب، حيث يتوزعون في أروقة المعرض حاملين مجموعات من الكتب بين أيديهم.

ويقول أحد العارضين: «الشباب هم الشريحة الأكثر بحثاً عن الجديد... يأتون إلينا يبحثون عن الأعمال الأدبية، بعضهم يحمل قائمة محددة بأسماء روايات، وآخرون يستطلعون الجديد».

الشباب هم الأكثر حضوراً في معرض مسقط الدولي للكتاب (الشرق الأوسط)
الشباب هم الأكثر حضوراً في معرض مسقط الدولي للكتاب (الشرق الأوسط)

وفي حين تسجل الروايات الأدبية نسبة الإقبال الكبرى في المعرض، يُقْبل العُمانيون على الكتب الفكرية والدراسات النقدية، وتسجل كتب التراث أيضاً نسبة يُعتد بها في هذا المعرض.

ويقول ناشر مصري: «يأتي طلاب الجامعات بحثاً عن الكتب المنهجية أو المعاجم، أو تلك التي تساعدهم في فهم المقررات الدراسية ككتب القانون والإدارة والاقتصاد».

وبنحو عام، يبدو الارتياح على دور النشر المشاركة في المعرض، فمع ازدحام تنظيم معارض الكتب في وقت واحد (الرباط، وأبوظبي، ومسقط)، برز معرض مسقط من حيث تسجيل حجم إقبال وشراء مرتفع نسبياً، وهو ما يوفر فرصة للناشرين لتعزيز مكاسبهم في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج، إلا أن المتسوقين شكواً أيضاً من المبالغة في الأسعار، قياساً للأعوام السابقة.

ويشارك في معرض مسقط الدولي للكتاب 674 دار نشر تمثل 35 دولة، ويتميز المعرض بالتنوع الكبير في دور النشر من مختلف البلدان العربية، مع حضور لافت لدور النشر العراقية والسورية واللبنانية.

وتتصدر مصر الدول المشاركة بالمعرض بـ119 دار نشر، تليها سلطنة عمان بـ98، ولبنان بـ73، وسوريا بـ69، إضافة إلى مشاركة عدد من دور النشر العربية والأجنبية.

ندوة في أكاديمية المرأة العمانية في معرض مسقط للكتاب (الشرق الأوسط)
ندوة في أكاديمية المرأة العمانية في معرض مسقط للكتاب (الشرق الأوسط)

ويبلغ عدد العناوين والإصدارات المدرجة في المعرض نحو 681041 عنواناً منها 467413 إصداراً عربياً و213610 إصدارات أجنبية، وتنقسم دور النشر المشاركة في المعرض ما بين 640 بصورة مباشرة، و34 بصورة غير مباشرة، وتتوزع على 1141 جناحاً.

بينما بلغ عدد المجموعة العُمانية 27464 كتاباً، وعدد الإصدارات الحديثة التي طُبعت بين 2024 و2025 نحو 52205 كتب.

أما الفعاليات الثقافية التي تتوزع داخل أروقة المعرض أو في القاعات الرئيسية، فتسجل فرصة للشباب لخوض تجارب في الحوار الثقافي. ويشهد المعرض إقامة 211 فعالية ثقافية وبرنامجاً متنوعاً تتوزع ما بين مسابقات ترفيهية ومبادرات علمية وعروض مسرحية وجلسات ثقافية في عدد من الأجنحة التي تشهد مشاركة الجهات ذات العلاقة بصناعة ونشر الكتاب، وحضور مؤلفين للتوقيع على إصداراتهم.

كما يشهد تقديم فقرات «حكايات شعبية عمانية» بمشاركة عدد من «الحكواتيين»، إلى جانب تنظيم برامج للفنون التشكيلية ومسابقات الإلقاء وكتابة القصة والشعر.