3 تحوّلات بارزة في عالم النقل

3 تحوّلات بارزة في عالم النقل
TT

3 تحوّلات بارزة في عالم النقل

3 تحوّلات بارزة في عالم النقل

من الطرقات الكهربائية السريعة إلى المطارات «المنبثقة فجأة»... يجب علينا تطوير بنى تحتية مستقبلية تكيّفية ومرنة وقابلة للتطوّر مع الوقت في مجال النقل.

النقل والحضارة
تُعدّ البنى التحتية - والبنى التحتية في مجال النقل تحديداً - عنصراً مساهماً في تأسيس الحضارات البشرية. وقد تقدّم عالمنا الحديث بفضل الطرقات السريعة وخطوط سكك الحديد والمطارات والمرافئ التي تسهّل حركة النّاس والبضائع على مستوى العالم. ولكن هذا العالم المتقدّم يشارف على تجاوز فعالية بنيته التحتية لناحية النموّ والتطوّر، إذ تحتاج الجسور التي بُنيت في عشر سنوات إلى ممرّات إضافية في السنوات العشر التي تليها، وتحتاج المطارات إلى مساحات ركنٍ أقلّ للسيّارات والمزيد من النقليات المشتركة، بالإضافة إلى المزيد من الموانئ التي تتنافس اليوم مع الدعم البحري لسفن الشحن التي يزداد عملها بطئاً بسبب الشاحنات العالقة في زحمة السير.
بوضوح واختصار: البنية التحتية التي نملكها في زمن معيّن ليست البنية التحتية التي سنحتاجها في الزمن الذي يليه.
فكّروا بالتغييرات التحوّلية التي ستواجه بنانا التحتية الحالية صعوبة في دعمها. أولاً، تتوسّع مدننا بشكلٍ مطرد ومن المتوقّع أن تصبح مسكناً لـ70 في المائة من البشر بحلول عام 2050. مما يعني أنّ البنية التحتية يجب أن تتوسّع وتتطوّر على نطاقٍ واسع. ثانياً، تواجه الكثير من مدننا تهديدات جدية ناتجة عن التغيّر المناخي على اعتبار أنّ أكثر من 90 في المائة منها يقع على السواحل، مما سيتطلّب تطوير بنية تحتية تكيّفية ومرنة. ثالثاً، لم تعد البنى التحتية تقتصر على الهياكل المادية فقط، إذ تسهم التقنيات اليوم كالذكاء الصناعي والواقع المعزز في تبديد الحدود الفاصلة بين المادي والرقمي، حتّى أنّها بدأت بدمجهما سوياً، وعلى بنيتنا التحتية التعامل مع هذا الواقع الجديد.
تفرض هذه التغيّرات التحوليّة ثلاث أنواع من القوى الخارقة التي سنحتاجها في الجيل المقبل من البنية التحتية في مجال النقل.

منظومة نقل ذكية
تميل البنية التحتية المادية إلى الصلابة، إذ تحصل زحمة السيارات مثلاً في اتجاهات محدّدة في بداية اليوم وتتكرّر في آخره. ولكنّ التقنيات الرقمية تساعد في تليين هذه الصلابة لأن التقاطع البطيء وغير الفعّال الموجود اليوم بإشاراته الضوئية وعرباته التقليدية سيشهد تحوّلاً جذرياً عندما تصبح العربات ذاتية القيادة متّصلة وتتحكّم بها أجهزة كومبيوتر.
تشهد البنية التحتية لوسائل النقل اندماج التقنيات الرقمية ولو بمقاربة تدريجية.
فقد أصبحت القياسات الحيوية (البيومترية) والروبوتيات اليوم شائعة في المطارات، وستشمل الطرقات في وقتٍ قريب. بدورها، تحوّلت وكالات النقل العامّة منذ وقتٍ طويل إلى أنظمة الدفع الخالية من الاحتكاك، وبدأت إدارات النقل باستخدام طائرات الدرون لمراقبة الازدحام على الطرقات السريعة. سيحافظ هذا الاتجاه على استمراريته ولكن في بنية تحتية مصممة في الأصل لتضمّ كلّ الإمكانات التي توفّرها التقنيات الرقمية.
كيف ستبدو هذه البنية التحتية التي ستولد بصيغة رقمية؟ ستأتي على شكل «مطارات منبثقة» تستخدم الواقع المعزز لنسخ العلامات الملاحية على مدارج مؤقّتة مطبوعة بالأبعاد الثلاثية، وأنظمة رؤية كومبيوترية لإدارة أبراج المراقبة عن بعد. يعتبر هذا النوع من المطارات غير الدائمة المدارة افتراضياً ضرورة إذا أردنا أن نلبّي حاجات صناعة السفر الجوي في العقود القليلة المقبلة، خصوصاً أن أعداد المسافرين تتغير حسب الموسم وتحلّق في مناسبات معيّنة.
سنحتاج أيضاً إلى محطات للعبّارات قادرة على التبديل بين مختلف أنواع الرحلات البحرية، من تلك التي تحمل عربات على متنها إلى تلك التي تقلّ الركاب الذين ينتظرون وسائل النقل المشترك. سيلعب هذا النوع من المحطات الذكية دوراً كبيراً في قياس تطوير العربات ذاتية القيادة والمشتركة لعلاقاتنا مع السيارات.

نقل بيئي مستدام
ترتبط انبعاثات الكربون بالدرجة الأولى بوسائل النقل على أنواعها من سيارات وقطارات وطائرات وسفن... وترتبط بدرجة أقلّ بالبنى التي تدعمها. يمكننا مثلاً أن نبشّر بزخم مبيعات العربات الكهربائية ونتجاهل في الوقت نفسه أنّ الطاقة المستمدة من الفحم لا تزال تسيطر على 22 في المائة من إنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة - يشهد هذا الرقم بعض التراجع ولكنّه لا يزال أعلى مرّتين من نسبة إنتاج الكهرباء من الشمس والرياح.
شهد عالمنا بعض النماذج على مقاربة الاستدامة. إذ بنت الصين أوّل طرقاتها السريعة المجهّزة بشحنٍ حثّي للعربات الكهربائية منذ أربعة أعوام، ويزداد اهتمام المطارات بالتزود بمصادر طاقة متجدّدة داخلية لتحقيق أهداف كضمان الفعالية وتحييد تكاليف الطاقة عن الارتفاعات والانخفاضات التي قد تشهدها السوق.
يضمّ مطار إنديانابوليس الدولي اليوم أكبر محطّة شمسية داخلية في العالم بشبكة تغطي 183 فدّاناً، وتعمل القطارات في هولندا منذ عام 2017 بالطاقة الهوائية حصراً. ومع ابتعاد العالم أكثر فأكثر عن الوقود الأحفوري، سنشهد استمرار هذا التحوّل نحو بنية تحتية للنقل تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة.
وبالإضافة إلى تركيبها لشبكات الطاقة الشمسية والهوائية، قد تعمد بعض المطارات إلى تطوير استنباتات زراعية عمودية مدمجة لإنتاج وقود طيران مستدام. يعتبر هذا النوع من الوقود القابل للاستخراج من أنواع مختلفة من المواد الخام، البديل الفعال الوحيد حالياً للوقود التقليدي الذي يشغّل الطائرات الكبيرة المستخدمة في الرحلات الطويلة. تتيح زراعة ومعالجة بعض أنواع المواد الخام كاليطروفة Jatropha والخريزة Salicornia في مزارع عمودية داخل المطار، الاستفادة من المساحات العقارية الكبيرة المتوفرة فيه وتجنّب المنافسة على الأراضي الزراعية.
من المتوقّع أن تشهد البيئات المدنية في العقد المقبل بروز طائرات الإقلاع والهبوط العمودي والسيارات الكهربائية ذاتية القيادة التي تحتاج إلى شبكات الطاقة النظيفة لدعم بطارياتها. ونظراً لشحّ المساحات المفتوحة في المدن، يجب أن نتوقّع المزيد من البنية التحتية الشبيهة بالـ«جفن» في سياتل، وهو عبارة عن مشروع يغطّي جزءاً من الطريق السريع الذي يفصل المدينة، هدفه إعادة وصل الأحياء المجاورة وتوفير مساحات عامّة جديدة. يمكن تصميم هذا النوع من البنى الهائلة الحجم على شكل مراكز طاقة شمسية تخدم أهدافاً أخرى كالسماح للعربات والطائرات الركن فوق الطرقات السريعة.

تداخل الوسائط
تعتمد بيئة النقل الحالية على الوسائط المتعدّدة، ولكنّ بيئة تنقّلنا المستقبلية ستكون متداخلة الوسائط. لقد أصبح هذا المستقبل نتيجة حتمية في عالم النقل الذي ستزداد أنظمته آلية واتصالاً وكهربائية وتشاركية؛ هذا المستقبل - الذي ستتوسّع خلاله إدارة الذكاء الصناعي لأنظمة النقل - سيعزّز المجالات التي تبرع فيها مختلف الوسائل (كالدراجات الهوائية والدراجات الكهربائية للرحلات السريعة في ساحات المدينة المزدحمة، والعربات الذاتية القيادة للتنقلات بين المدن، والطائرات ذات الإقلاع والهبوط العمودي للرحلات الجوية التي لا تتجاوز مسافتها 240 كلم...). بعدها، يمكن ربط هذه الأنظمة مع بعضها بشكلٍ يوازن بين فعالية النظام وحاجات الركّاب.
يحتاج عالم النقل إلى بنية تحتية تتطوّر لإيصال هذا النموذج المتداخل في المستقبل. كيف سيبدو هذا التطوّر؟ ستتحوّل البنية التحتية التي كانت في الماضي مكرّسة لوسائل نقل منفصلة إلى مساحات ذات نماذج متداخلة. ستستمرّ المطارات مثلاً في تسهيل الطيران التجاري، ولكنّ مساحات الركن فيها ستتحوّل إلى مراكز لأساطيل السيارات الذاتية القيادة، ومنصات للطائرات ذات الهبوط والإقلاع العمودي والمكوكات الجوية المستخدمة للرحلات القصيرة.
كما ستضيف شبكات مترو الأنفاق وخطوط سكك الحديد سيارات مخصصة للمسوحات التي تجريها إدارة أمن النقل على الركاب وتربطها بالمكوكات التي تنقلهم مباشرة إلى «الجهة الجويّة» من هذه المطارات؛ وسيتحوّل ما كان يعرف بمواقف انتظار الحافلات إلى أرصفة للمشاة تقودهم إلى الدراجات الهوائية والكهربائية، والسيارات المشتركة المركونة، والحافلات المنظّمة.
* عالم متخصص بالدراسات المستقبلية يتعاون مع شركات «بوينغ» و«إنتل» و«تويوتا» لتصميم نماذج مستقبلية. «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».



«نيويورك تايمز» تتحدث عن محنة العلماء الفلسطينيين

صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية
صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية
TT

«نيويورك تايمز» تتحدث عن محنة العلماء الفلسطينيين

صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية
صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية

لعقود من الزمن كان السعي وراء مهنة علمية في الأراضي الفلسطينية محفوفاً بالمخاطر. ثم هاجمت «حماس» إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مما أشعل حرباً في قطاع غزة مستمرة منذ أكثر من عام.

حوار مع علماء فلسطينيين

ومع قصف إسرائيل وغزو غزة في حملة للقضاء على «حماس»، تم تدمير المدارس واضطر الطلاب إلى مواصلة دراستهم عن بُعد أو وقفها تماماً. أما الأطباء فقد عملوا في ظروف متدهورة على نحو متزايد. وشعر الفلسطينيون خارج المنطقة أيضاً بآثار الحرب.

وقد تحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أربعة فلسطينيين يعيشون في غزة والضفة الغربية والخارج، حول الصراع الذي يَلوح في الأفق بشأن أبحاثهم العلمية وعملهم الطبي: كما كتبت كاترينا ميلر(*).

د. أسيد السر

من فلسطين الداخل... نحو هارفارد

* أسيد السر (32 عاماً): في عام 1948، انتقلت عائلة الدكتور أسيد السر إلى غزة من حمامة، وهي قرية على أرض أصبحت الآن جزءاً من إسرائيل. وقال السر، وهو طبيب مقيم في الجراحة العامة وباحث في تكساس، إنه أكمل دراسته في كلية الطب في غزة عام 2016، ودرس في جامعة أكسفورد لبعض الوقت، ثم انتقل إلى جامعة هارفارد عام 2019 لإجراء بحث حول جراحة الصدمات الطارئة.

وقال إن الدراسة في أوروبا والولايات المتحدة تختلف عن الدراسة في غزة. فالوصول غير المحدود إلى الكهرباء والمياه والإنترنت أمر مفروغ منه، والسفر، في الغالب، غير مقيد. وقال: «كان هذا صادماً بالنسبة لي».

في غزة، اختار والدا السر مكان العيش بناءً على المكان الذي سيكون لديهم فيه وصول ثابت إلى الإنترنت، حتى يتمكن هو وإخوته من متابعة دراستهم. بالنسبة إلى الكهرباء، كان لديهم مولد للطاقة. وإذا نفد غازه، كانوا يعتمدون على الألواح الشمسية والشموع والبطاريات.

وتوفر الدراسة في الخارج مزيداً من الفرص. لفعل ذلك، كان على السر التقدم بطلب للحصول على تصاريح من الحكومات في إسرائيل ومصر والأردن وغزة. وقال إن العملية قد تستغرق شهوراً. واستغرق الأمر منه ثلاث محاولات للحصول على القبول في أكسفورد. تقدم بطلب للحصول على ما يقرب من 20 منحة دراسية وفاز بواحدة. ومع هارفارد، استمر في التقديم. وقال السر إن هذه المثابرة شيء تعلمه من العيش في غزة.

كان السر في تكساس في 7 أكتوبر 2023. لكنَّ عائلته عادت إلى منزلها في غزة، وتعيش بالقرب من مستشفى الشفاء. في العام الماضي، داهمت إسرائيل مستشفى الشفاء. ثم انتقلت عائلة السر المباشرة منذ ذلك الحين إلى الجنوب، ودُمرت منازلهم في غزة، كما قال، فيما كان يواصل تدريبه الطبي في تكساس.

د. وفاء خاطر

فيزيائية بجامعة بيرزيت

* وفاء خاطر (49 عاماً). نشأت وفاء خاطر في الضفة الغربية، وهي منطقة تقع غرب نهر الأردن تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. ثم انتقلت إلى النرويج لمتابعة دراستها للدكتوراه في الفيزياء بجامعة بيرغن.

أتيحت لها الفرصة للبقاء في النرويج بشكل دائم، لكنها عادت إلى الضفة الغربية للتدريس في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد الاحتلال الإسرائيلي. تتذكر قائلةً: «قال لي جميع زملائي النرويجيين في ذلك الوقت: هل أنتِ مجنونة؟ لكنني قلت لهم: «هذا هو الوطن، وأنا في مهمة».

والآن، تعمل خاطر أستاذة في جامعة بيرزيت، وهي من أوائل الفلسطينيين الذين مارسوا مهنة دراسة طبيعة وسلوك الجسيمات دون الذرية. وقالت: «لم يتخيل كثير من الناس أبداً أن هناك علوماً توجد في فلسطين».

وأضافت أن غياب مجتمع بحثي صحي في الضفة الغربية المحتلة يحد من فرصها للتعاون العلمي، لذا فقد سعت إلى بناء شبكة. وقد دعت زملاء أوروبيين للتحدث في جامعات الضفة الغربية، ودفعت طلاب الفيزياء الفلسطينيين لحضور برامج بحثية صيفية في الخارج.

وقالت إن البحث النظري يمكن أن يزدهر في الضفة الغربية، لكنَّ «الفيزياء التجريبية ليست لها أي فرصة تقريباً». وأوضحت أن الجامعات تكافح لدفع ثمن المعدات والبنية الأساسية للمختبرات، وتعتمد على التبرعات.

مرصد جامعة بيرزيت

وقد افتُتح في عام 2015، وهو أحد المرافق الفلكية القليلة في الضفة الغربية. موَّله رامز حكيم، رجل أعمال فلسطيني - أمريكي. وقالت خاطر: «كانت هذه هي المرة الأولى التي يمكن فيها لطلابنا رؤية تلسكوب والنظر إلى السماء».

حتى عندما يتم تأمين التمويل، قد يكون من الصعب استيراد الأدوات التجريبية إلى الضفة الغربية وغزة، لأن بعض المعدات اللازمة للبحث يمكن استخدامها أيضاً لأغراض عسكرية. تصنف إسرائيل مثل هذه السلع على أنها «استخدام مزدوج» وتتطلب إذناً للمدنيين في الأراضي الفلسطينية لشرائها.

التدريس عن بُعد في الضفة الغربية

بعد هجوم 7 أكتوبر، بدأت خاطر وأعضاء هيئة التدريس الآخرون في جامعتها التدريس عن بُعد. وقالت إن زيادة نقاط التفتيش في الضفة الغربية، نتيجة للوجود العسكري الإسرائيلي المتزايد بعد هجوم «حماس»، جعلت من الصعب على الطلاب والأساتذة حضور الفصول الدراسية شخصياً. استؤنفت التدريس وجهاً لوجه بشكل محدود في الربيع الماضي. ولكن بعد ذلك في أكتوبر، بعد وقت قصير من شن إيران هجوماً صاروخياً على إسرائيل تسبب في سقوط الشظايا على الضفة الغربية، أعلنت بيرزيت أن واجبات التدريس والإدارة ستنتقل عبر الإنترنت من أجل السلامة.

أمضت خاطر الصيف في تدريس دورة فيزياء عبر الإنترنت للطلاب في قطاع غزة. وقالت إن تسعة عشر طالباً سجلوا، لكن أكثر من نصفهم تركوا الدراسة لأنهم يفتقرون إلى الكهرباء المستقرة أو الوصول إلى الإنترنت.

د. ضحى البرغوثي

طبيبة وابنة عالم في الفيزياء الفلكية

ضحى البرغوثي (25 عاماً). درست الدكتورة ضحى البرغوثي، وهي طبيبة باطنية في الضفة الغربية، الطب لمدة ست سنوات في جامعة القدس. أنهت عامها التدريبي أو التدريب بعد التخرج في أكتوبر من العام الماضي، قبل أسبوع واحد من اندلاع الحرب.

كان مستشفى «المقاصد» في القدس، حيث تدربت البرغوثي، على بُعد بضع دقائق فقط سيراً على الأقدام من منزلها. ولكن حتى قبل الحرب، كان عليها أن تغادر مبكراً لساعات للتنقل عبر نقاط التفتيش المطلوبة للوصول إلى العمل في الوقت المحدد. بعد 7 أكتوبر 2023، داهم جنود إسرائيليون مستشفى «المقاصد»، واعتقلوا المرضى من غزة وأقاربهم.

في أكتوبر الماضي، اعتُقل والد ضحى، عماد البرغوثي، وهو عالم فيزياء فلكية في جامعة القدس، ووُضع قيد الاعتقال الإداري، وهي ممارسة تُستخدم لاحتجاز الفلسطينيين دون توجيه اتهامات رسمية، للمرة الرابعة.

بعد اعتقاله الأول في عام 2015، منعته السلطات الإسرائيلية من مغادرة الضفة الغربية، وهو ما قالت ضحى البرغوثي إنه قيَّد فرصه في التعاون العلمي.

في بيان لصحيفة «نيويورك تايمز»، قال الجيش الإسرائيلي إن عماد البرغوثي اعتُقل بسبب شكوك في «العضوية والنشاط في جمعية غير قانونية، والتحريض والمشاركة في أنشطة تُعرِّض الأمن الإقليمي للخطر». فيما صرّح عالم الفيزياء الفلكية بأنه ليس منتمياً أو مؤيداً لـ«حماس».

بعد ستة أشهر من الاعتقال، أُطلق سراح والدها فيما وصفته البرغوثي بـ«ظروف صحية مروعة»، بما في ذلك فقدان الوزن الشديد، والاشتباه في كسر الأضلاع وتلف الأعصاب في أصابعه.

د. رامي مرجان (الى اليسار)

مركّبات جديدة مضادة للسرطان

* رامي مرجان (50 عاماً). وصف رامي مرجان، الكيميائي العضوي في الجامعة الإسلامية في غزة، حياته المهنية بأنها طريق مليء بالعقبات، حيث قضى سنوات في محاولة إنشاء مجموعة بحثية وقليل من الأدوات العلمية أو المواد الكيميائية التي يمكن استخدامها لإجراء تجارب متطورة. وكتب في نص لصحيفة «التايمز»: «ليست لدينا بنية أساسية للبحث».

يركز مرجان على إنشاء مركَّبات جديدة ذات تطبيقات محتملة في الأدوية المضادة للبكتيريا والفطريات والسرطان. وهو يستخدم التخليق متعدد الخطوات، وهي تقنية تخضع فيها المركّبات المبدئية لسلسلة من التفاعلات الكيميائية لتحويلها إلى المنتج النهائي المطلوب. تتطلب هذه العملية استخدام المذيبات والأجهزة لتحديد التركيب الكيميائي للمركب في كل خطوة، ولكن لأن كثيراً من هذه الأدوات تعدها إسرائيل معدات ذات استخدام مزدوج، فإن مرجان وزملاءه غير قادرين على أداء ذلك بشكل صحيح.

«غزة أجمل مكان في وطني»

تمكن مرجان من نشر بعض أعماله في المجلات الأكاديمية. لكنه قال إن نقص الموارد في غزة حدَّ من إنتاجه البحثي مقارنةً بأبحاث زملائه في الخارج.

وقد حصل على الدكتوراه من جامعة مانشستر في عام 2004، ثم عاد إلى غزة. وقال: «أردت أن أنقل الخبرة والمعرفة إلى شعبي». أجبره العنف على إخلاء منزله في مدينة غزة والانتقال إلى دير البلح، وهي مدينة في الجزء الأوسط من غزة تعرضت لإطلاق النار حيث استهدف الجيش الإسرائيلي ما قال إنها «مراكز قيادة وسيطرة» لـ«حماس» هناك.

واعترف مرجان بأن قراره العودة إلى القطاع منعه من تحقيق أحلامه في مهنة علمية. لكنه لم يندم على ذلك، وقال: «غزة هي أجمل مكان، وهي جزء صغير من وطني».

* خدمة «نيويورك تايمز»

اقرأ أيضاً