مصر تشير إلى استمرار «نهجها السلمي» في التعامل مع نزاع «السد الإثيوبي»

السيسي قال إن بلاده لم تدخل في حرب لزيادة حصتها من مياه النيل

الرئيس السيسي خلال افتتاحه فعاليات المؤتمر الطبي الأفريقي الأول في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي خلال افتتاحه فعاليات المؤتمر الطبي الأفريقي الأول في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تشير إلى استمرار «نهجها السلمي» في التعامل مع نزاع «السد الإثيوبي»

الرئيس السيسي خلال افتتاحه فعاليات المؤتمر الطبي الأفريقي الأول في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي خلال افتتاحه فعاليات المؤتمر الطبي الأفريقي الأول في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، إن بلاده «لم تدخل في حرب مياه» من أجل زيادة حصتها من نهر النيل، والتي لم تتغير على مدار السنين منذ أن كان عدد سكان مصر يتراوح ما بين 3 أو 4 ملايين نسمة، في إشارة لاستمرار «نهجها السلمي» في التعامل مع نزاع «سد النهضة الإثيوبي».
وبين مصر وإثيوبيا نزاع مائي منذ أكثر من 10 سنوات حول «سد النهضة»، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة أن يقلص حصتها من المياه، علماً بأن مصر تعتمد في أكثر من 90 في المائة على حصتها من مياه النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، ولذلك تتحسب القاهرة من النقص المحتمل لهذه الحصة مع اقتراب إثيوبيا من تشغيل السد، وتطالب بضرورة إبرام «اتفاق يحدد آلية تشغيل وملء السد»، بالتوافق بين إثيوبيا ودول مصب النهر (مصر والسودان)».
وتساءل السيسي، على هامش افتتاحه، فعاليات المعرض والمؤتمر الطبي الأفريقي الأول، أمس بالقاهرة: «هل بسبب هذا دخلنا في حروب مع أشقائنا لكي نزود هذه الحصة؟»، وأجاب: «لا لم ندخل في حرب بل عملنا على تعظيم مواردنا».
ونفت مصر في أكثر من مناسبة عزمها الدخول في حرب مع إثيوبيا بسبب نزاع السد، مؤكدة اتباعها الوسائل السياسية السلمية، للوصول إلى حل للقضية التي «تصفها بـ«الوجودية»، رغم تعثر المفاوضات».
ورغم أن حديث السيسي عن دخول حرب مياه، جاء في سياق الزمن الماضي، فإنه يشير إلى السياسة المصرية للتعامل مع الأزمة بوجه عام، كما أوضحت الدكتورة سماء سليمان وكيلة لجنة الشؤون الخارجية والعربية والأفريقية لـ«الشرق الأوسط»، والتي لفتت إلى تأكيد مصر في بيانات رسمية للخارجية «استعدادها ورغبتها في التوصل إلى اتفاق بشأن «سد النهضة» وفقاً لقواعد القانون الدولي ومن خلال مفاوضات»، ورفضها الدائم الحديث عن الوسائل غير السلمية»، التي ستضر الجميع، على حد قولها.
وأجرت مصر برامج معالجة ثلاثية متطورة للمياه، وفقاً للسيسي، الذي أكد أن «بلاده تعمل على الاستفادة من المياه المتواجدة بأكبر قدر ممكن، بما يؤهلها كي تكون أول أو ثاني دولة في العالم تعظم وتستفيد من معالجات وتحلية المياه لصالح شعبها».
وتعد مصر من أكثر دول العالم التي تعاني من الشح المائي، الأمر الذي دفع الحكومة المصرية، لوضع خطة لإدارة الموارد المائية حتى عام 2037 باستثمارات تتجاوز الـ50 مليار دولار، من المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار، تهدف لتحسين نوعية المياه، وتنمية موارد مائية جديدة، وترشيد استخدام الموارد المتاحة حالياً، وتوفير البيئة الداعمة لقضايا المياه».
من جهة أخرى، أعلن السيسي، أمس، إطلاق مبادرة مصرية لتقديم 30 مليون جرعة لقاح ضد «فيروس كورونا» للدول الأفريقية، بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي». وقال خلال جلسة حوارية بعنوان «نحو نظم صحية مرنة ومستدامة في أفريقيا» ضمن فعاليات المعرض والمؤتمر الطبي الأفريقي، إن «القدرات المتواجدة في مصر متاحة للأشقاء»، لافتاً إلى «مساهمته في إنهاء فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي (سي) في مصر». وقال السيسي إنه «تمت الاستعانة بشركات أميركية في التجربة المصرية، حيث تم التحدث معهم للمساهمة في توفير علاج فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي (سي) بتكلفة مالية تستطيع مصر من خلالها الإنفاق على علاج ملايين المصابين»، مضيفاً: «وجدنا خلال تلك الفترة أن الدواء تبلغ تكلفته نحو 10 آلاف دولار للفرد، وحصلنا عليه من الشركات بتكلفة أقل من ذلك بكثير»، وشكر الشركات التي أسهمت في ذلك». وتابع السيسي، موجهاً حديثه لشركات الأدوية: «أفريقيا سوق واعدة، تضم نحو مليار و350 مليون نسمة، وخلال نحو 20 أو 30 سنة سيصبح 2.5 مليار نسمة»، مؤكداً أن أفريقيا سوق كبيرة لها مستقبل، حيث إن نسبة 60 إلى 65 في المائة من سكانها شباب وأكثر من ذلك، وهي فرصة كبيرة». وأوضح السيسي أن المشكلة دائماً تكون في قلة الموارد وشح الأموال المخصصة، مشيراً إلى تجربة مصر في تقديم خدمة طبية بالمعايير العالمية لـ100 مليون مواطن «ورغم قدراتنا الاقتصادية المحدودة قدمنا خدمة طبية مميزة بما تعنيه هذه الكلمة». وشدد السيسي، على أن مصر تستهدف الانتهاء من منظومة التأمين الطبي الشامل خلال 10 سنوات بدلاً مما كان مقدراً من قبل بـ15 سنة لتقديم خدمة طبية متميزة للمواطنين». وتناول السيسي مشكلة الزيادة السكانية، وقال إن عدد المواليد في مصر يزيد تقريبا بنحو 2.5 مليون نسمة سنوياً، والوفيات نحو 500 ألف، بما يعني أن نحو 2 مليون نسمة بحاجة إلى 4 آلاف سرير بتكلفة نحو 2.5 مليار دولار سنوياً للصحة. ونبه السيسي إلى أن الخطوة الأولى في بناء التنمية الحقيقية تأتي من خلال تحقيق الاستقرار والأمن وهذا تحدٍ قد يعجز بعض الدول».


مقالات ذات صلة

كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

العالم العربي كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

جددت الاشتباكات بين قوات الجيش السوداني، وقوات «الدعم السريع»، المخاوف من دخول السودان في موجة جديدة من الاضطرابات، يمكن أن تؤثر على ملف «سد النهضة»، في وقت تستعد فيه إثيوبيا للملء الرابع لبحيرة السد، الذي يثير خلافات بشأنه مع دولتي المصب (السودان ومصر). وأكد مراقبون وخبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن للاضطرابات الأخيرة في السودان «تأثيراً مباشراً» على أكثر من ملف إقليمي، من بينها أزمة «سد النهضة»، لافتين إلى أن «الارتباك السياسي» سيضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع المنتظر أن يبدأ صيف هذا العام، الأمر الذي «يلقي بمزيد من الأعباء على الجانب المصري، وتحركاته الدولية والأممية في الملف». و

العالم العربي كيف يؤثر النزاع في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

كيف يؤثر النزاع في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

جددت الاشتباكات بين قوات الجيش السوداني، وقوات «الدعم السريع»، المخاوف من دخول السودان في موجة جديدة من الاضطرابات، يمكن أن تؤثر على ملف «سد النهضة»، في وقت تستعد فيه إثيوبيا للملء الرابع لبحيرة السد، الذي يثير خلافات بشأنه مع دولتي المصب (السودان ومصر). وأكد مراقبون وخبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن للاضطرابات الأخيرة في السودان «تأثيراً مباشراً» على أكثر من ملف إقليمي، من بينها أزمة «سد النهضة»، لافتين إلى أن «الارتباك السياسي» سيضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع المنتظر أن يبدأ صيف هذا العام، الأمر الذي «يلقي بمزيد من الأعباء على الجانب المصري، وتحركاته الدولية والأممية في الملف». و

العالم العربي «سد النهضة»: «الملء الرابع» يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

«سد النهضة»: «الملء الرابع» يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

مع اقتراب عملية الملء الرابع لخزان «سد النهضة» الإثيوبي على نهر النيل، تأججت الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا، وسط تصعيد متوقع خلال الفترة القادمة في ظل جمود المفاوضات. وفيما اتهمت إثيوبيا مصر بـ«تسييس القضية»، رافضة الحصول على «إذن مسبق» من أجل الشروع في عملية الملء، قالت الخارجية المصرية إن إثيوبيا «تتنصل من المسؤولية القانونية». وتبني إثيوبيا «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل، منذ عام 2011، ووفق الهيئة الحكومية المسؤولة عن المشروع، فقد اكتمل 90 في المائة من عمليات البناء.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم العربي «سد النهضة»: الملء الرابع يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

«سد النهضة»: الملء الرابع يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

مع اقتراب عملية الملء الرابع لخزان «سد النهضة» الإثيوبي على نهر النيل، تأججت الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا، وسط تصعيد متوقع في ظل جمود المفاوضات. وفيما اتهمت إثيوبيا مصر بـ«تسييس القضية»، رافضة الحصول على «إذن مسبق» من أجل الشروع في عملية الملء، قالت الخارجية المصرية إن إثيوبيا «تتنصل من المسؤولية القانونية». وتبني إثيوبيا «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل، منذ عام 2011، ووفق الهيئة الحكومية المسؤولة عن المشروع، فقد اكتمل 90 في المائة من عمليات البناء.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم العربي «معركة علمية» بين القاهرة وأديس أبابا لحسم النزاع المائي

«معركة علمية» بين القاهرة وأديس أبابا لحسم النزاع المائي

تسعى إثيوبيا إلى «انتفاضة بحثية علمية» تخدم موقفها في نزاعها المائي مع مصر، التي نجحت في فرض حضور دولي مبني على «نشر معلومات مغايرة للحقيقة»، بحسب وزير المياه والطاقة الإثيوبي هبتامو إيتافا. وتتنازع إثيوبيا مع كل من مصر والسودان، بسبب «سد النهضة»، الذي تبنيه على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير توترات مع دولتي المصب. وتقول القاهرة إن السد، الذي يقام منذ 2011، وقارب على الانتهاء بنحو 90 في المائة، يهدد «حقوقها» في مياه النهر الدولي، مطالبةً بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم ينظم قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة».

محمد عبده حسنين (القاهرة)

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.