«داعش» يبدد آمال سقوطه.. ويؤسس شرعية له كقوة حكم محلية

رسخ التنظيم أقدامه في محافظة الأنبار بالعراق من خلال هجوم تم التخطيط له بعناية

سيدة عراقية في حالة غضب عقب خروجها من منزلها في الرمادي مع طفلها بسبب تمدد «داعش» إلى مخيم إغاثة في عامرية الفلوجة (أ.ب)
سيدة عراقية في حالة غضب عقب خروجها من منزلها في الرمادي مع طفلها بسبب تمدد «داعش» إلى مخيم إغاثة في عامرية الفلوجة (أ.ب)
TT

«داعش» يبدد آمال سقوطه.. ويؤسس شرعية له كقوة حكم محلية

سيدة عراقية في حالة غضب عقب خروجها من منزلها في الرمادي مع طفلها بسبب تمدد «داعش» إلى مخيم إغاثة في عامرية الفلوجة (أ.ب)
سيدة عراقية في حالة غضب عقب خروجها من منزلها في الرمادي مع طفلها بسبب تمدد «داعش» إلى مخيم إغاثة في عامرية الفلوجة (أ.ب)

عندما تحدث مسؤولون غربيون وعراقيون الشهر الماضي عن تنظيم داعش، كان التركيز على تحديد مجموعة الهزائم التي منيت بها الجماعة الإرهابية في مدينة كوباني (عين العرب) في سوريا، والضربات الجوية المكثفة التي تلقتها، وطردهم من عدة مدن وبلدات يتزايد عددها يوما بعد يوم. مع ذلك على مدى الأسبوع الماضي أحدث تنظيم داعش تغييرا في الموازين، فخلال عطلة الأسبوع الماضي رسخ التنظيم أقدامه في محافظة الأنبار في العراق من خلال هجوم تم التخطيط له بعناية على مدينة الرمادي، عاصمة المحافظة. وفي يوم الأربعاء ازدادت مساحة الأراضي، التي سيطر عليها التنظيم في سوريا، وامتدت إلى مدينة تدمر ذات الأهمية التاريخية والاستراتيجية.
وبعد التصريحات عن تراجع التنظيم، جاء الهجومان ليثبتا خطأه كمثال مفاجئ على التزام التنظيم بقيمه الفلسفية الجوهرية وهي الاستمرار في القتال على عدة جبهات، والقيام بأعمال وحشية عنيفة من أجل إلقاء الرعب في نفوس المقاومة، وخصوصا إرساء أركان «الخلافة» في أراضي السنة التي تمتد على الحدود العراقية - السورية. وبذلك لم يتمكن التنظيم من الصمود أمام العراقيل وتجاوزها فحسب، بل صنع انتصارات جديدة. وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية في تقرير لصحافيين يوم الأربعاء: «لا يوجد هنا أي شخص بدءا برئيس الجمهورية وحتى من هم دونه في المنصب من يقول إننا سنتجاوز ما يحدث فورا. إن الوضع جد خطير». ورفض المسؤول ذكر اسمه التزاما بالقوانين.
وداخل العراق بدأ الهجوم، الذي شنه التنظيم، يتشكل بعد فترة قصيرة من الانتصار الذي حققته الحكومة خلال الشهر الماضي في مدينة تكريت. وصمد مقاتلو «داعش» أمام حملات ضاغطة متزامنة على أكبر المدن التي تضم مصافي نفط في شمال بغداد في مدينتي بيجي والرمادي. وفي ديالى، نظم «داعش» عملية هروب من السجن، وهو أمر يشتهر به حيث نفذ من قبل الكثير من العمليات على مدى سنوات ويمكن أن تساعد تلك العمليات التنظيم في تعزيز قدراته في المنطقة الشرقية. ويبدو حاليا أن توسيع نطاق العمليات أمر مقصود لتشتيت جهد قوات الأمن العراقية وضمان تفرقها حين يبدأ التنظيم أكبر زحف له على مدينة الرمادي الشهر الحالي على حد قول جيسيكا لويس ماكفيت، المحللة في معهد دراسة الحروب في واشنطن والذي يدعم اتخاذ الولايات المتحدة موقفا حازما في مواجهة خطر تنظيم داعش. وقالت ماكفيت: إن «الهجمات قد أنهكت وأضعفت بوجه خاص قوة مكافحة الإرهاب، التي تعد من القوات النخبوية في العراق، وهي الفرقة الذهبية التي تتسم بقدرة كبيرة على الحركة، وحاربت لفترة طويلة على الجبهتين في الرمادي وبيجي». وينظر إلى الوحدة، التي عملت عن كثب لنحو عشر سنوات مع القوات الخاصة الأميركية، باعتبارها أكفأ الوحدات التابعة للحكومة، رغم أن عددها صغير مقارنة بقوات الشرطة والجيش العراقية النظامية. وأوضحت ماكفيت قائلة: «حاول تنظيم داعش تشتيت قوات الأمن العراقية قدر الإمكان من أجل العثور على نقطة اختراق». وعندما بدأ هجوم «داعش» الكبير على مدينة الرمادي في وقت متأخر من يوم 14 مايو (أيار)، استغل موارد كانت معدة سلفا، حيث تم استخدامها في موجة عنف عصفت بالجزء الباقي من قوات الدفاع.
وكما هو معتاد، بدأ التنظيم الهجوم بمنفذ تفجيرات انتحارية، لكن كان ذلك على نطاق أوسع هذه المرة، حيث بلغ عدد السيارات المفخخة عشر سيارات، ويعتقد أن قوة المواد المتفجرة في كل سيارة منها كانت تعادل قوة المتفجرات المستخدمة في تفجير أوكلاهوما الذي وقع منذ عقدين من الزمان، بحسب ما أوضح مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية. وأسفرت التفجيرات عن دمار مبان بأكملها داخل المدينة. واستيقظت بعد ذلك خلايا نائمة لـ«داعش» مما ساعد التنظيم على السيطرة سريعا مع تقدم مقاتليه نحو مناطق جديدة في الرمادي بحسب روايات الشهود. وبدافع الخوف والإنهاك غادر المقاتلون السنة المحليون، الذين يدافعون عن المدينة منذ عام ونصف، مواقعهم بأعداد كبيرة يوم الأحد الماضي، وأدانهم الجنود لتخليهم عن أرضهم. ولم يتوقف التنظيم عند حدود مدينة الرمادي تطبيقا لنهجهم، الذي يستند إلى القتال على عدة جبهات، فقد زحف نحو أراض جديدة في سوريا. وبالسيطرة على مدينة تدمر، الصحراوية النائية الصغيرة من حيث المساحة والتي تتمتع بموقع استراتيجي قريب من قلب المدينة، يستولي التنظيم بذلك للمرة الأولى على مدينة سوريا من أيدي القوات التابعة للنظام لا المتمردين. واستهدف التنظيم مواقع تعاني فيه القوات التابعة للنظام من إنهاك وتوتر، ولن تجتهد في القتال من أجله نظرا لبعده. وعلى عكس الهجمات الانتحارية، التي استخدمها التنظيم في مدينة الرمادي، يبدو أنه فاز بمدينة تدمر بفضل مجموعة من الجنود المشاة العاديين، والدبابات، والأسلحة المضادة للطائرات الموضوعة على شاحنات، ومن خلال الاعتماد على ضعف الخصم، والخوف الشديد الذي تمكن التنظيم من غرسه في النفوس من خلال الأعمال الوحشية التي أجاد الإعلان عنها. وليس من قبيل المصادفة أن يقوم التنظيم قبل بضعة أيام من هجومه الرئيسي على مدينة تدمر بقطع رؤوس عشرات الجنود والمؤيدين للحكومة وأسرهم في قرية قريبة، ونشر صور العملية على نطاق واسع.
كذلك اختار التنظيم هدفه بحكمة، حيث يسكن مدينة تدمر عدد قليل من الناس ممن يسهل توفير سبل الحياة لهم والسيطرة عليهم، لكنها تظل جائزة غير مناسبة، حيث تعد مدخلا لحقول نفط وغاز طبيعي جديدة في وقت تستهدف فيه الضربات الجوية، التي تشنها قوات التحالف الدولي الكثير من موارد التنظيم من النفط في أماكن أخرى، وبها شبكة طرق مهمة، وبها كذلك موقع أثري قديم، مما يقدم له فرصة للدعاية وتهريب الآثار.
وأتاحت عمليات الهجوم لتنظيم داعش التمركز بشكل أعمق في أرض تصب طبيعتها الجغرافية الصحراوية ويأس سكانها في صالحه. وأصبح المقاتلون السنة المتطرفون بوجه خاص في محافظة الأنبار أقرب إلى قوة وطنية منهم إلى قوة غازية. وبعد إجبار تنظيم القاعدة في العراق الذي سبق «داعش» على البقاء تحت الأرض بفضل عمليات عسكرية أميركية دامية على مدى العقد الماضي، بدأ مقاتلو التنظيم في لم شمل أفرادها مرة أخرى بين العشائر السنة المتعاطفة معهم في شرق سوريا. وصمد التنظيم لسنوات أمام معارك ضد قوات النظام السوري، والاقتتال الداخلي مع خصومه من الجهاديين. ومع تطوره بدأ يحكم سيطرته على مناطق من سوريا، والتخطيط للعودة في غرب العراق، وهي خطوة لها الأولوية بحسب ما جاء في الوثائق التأسيسية للتنظيم.
وبدأت الحملة في نهاية عام 2013، وأسفرت عن السيطرة على مدينة الفالوجة وبعض أجزاء الأنبار. وفي يونيو (حزيران) 2014 جاءت القفزة الأكبر لتنظيم داعش نحو العراق، حيث سيطر بشكل مباغت على مدينة الموصل، ذات الأغلبية السنية والتي تقع في شمال العراق وتعد ثاني أكبر مدن العراق، وزحف نحو تكريت. وخلال الأشهر القليلة الماضية تم طرد التنظيم من بعض المناطق، التي سيطر عليها خلال الصيف الماضي، ومن بينها مدن وبلدات في الشمال بالقرب من إقليم كردستان، وفي محافظة ديالى في الشرق. وفي سوريا انسحب التنظيم خلال الأيام القليلة الماضية من المناطق الشمالية في حمص، حيث اضطر إلى قتال جماعات أخرى، ولم يتمكن من الفوز بتأييد الكثير من السكان المحليين كما حدث في شرق سوريا.
وقال براين فيشمان، محلل في مجال مكافحة الإرهاب في مؤسسة «نيو أميركا»، والذي قضى سنوات في دراسة تنظيم القاعدة في العراق وتنظيم داعش: «يتمدد تنظيم داعش، ويتم التصدي لتقدمه ودفعه نحو المناطق التي يستطيع إحكام السيطرة عليها. الموطن التاريخي لهذا التنظيم هو الفالوجة والرمادي والأنبار والموصل».
وقد حصل التنظيم بما حققه من نصر في مدينة الرمادي على آخر مركز رئيسي في أرض العرب السنة، وحقق المزيد من التوسع بالتقدم نحو مدينة تدمر. ورأى حسن حسن، مؤلف كتاب «داعش: داخل جيش الإرهاب»، هذا التحول كتحد لأعداء التنظيم. وقال: «من الصعب غزو تلك المناطق، أو استعادتها لعدم وجود أي مقاومة تذكر للتنظيم هنا من جانب السكان المحليين».
ومع ترسخ أقدام التنظيم ازداد قسوة في قتال العشائر السنة التي تعارضه، وأخذ في نشر عمليات الذبح الجماعي ضد المعارضين. ونجح التنظيم في تأسيس شرعية له كقوة حكم محلية بين السكان الذين لم يعارضوه بحماس وقوة من خلال استغلال شعور السنة بالظلم الواقع عليهم من الحكومة الشيعية في بغداد، والنظام العلوي في دمشق. وقال جلال زين الدين، صحافي سوري يعمل في وكالة أنباء مناهضة للحكومة في أراضي «داعش»: «الحل الوحيد لهذا الوضع هو تشكيل حكومة وطنية ومصالحة في كل من العراق وسوريا، وهو أمر محال في الوقت الحالي. لذا سيبقى تنظيم داعش في المنطقة ويقيم دولة تمتد حدودها من الرقة وحتى الموصل».
ومن عدة أوجه لا يزال التنظيم ملتزما ومتمسكا برؤيته الموضحة في أدبياته منذ سنوات، والتي تبين كيف سيؤسس التنظيم «الخلافة» أو «الدولة الإسلامية» ويحكمها. ورغم اختلافه مع «القاعدة» في رغبته في السيطرة على أراض، يرى التنظيم نفسه في حرب مستمرة دائمة مع أعدائه المحيطين به، وتترسخ رؤيته لأراضيه باعتبارها منطقة نفوذ لا تحكمها حدود. وصك فيشمان في دراسته للتنظيم مصطلح لما أصبح عليه الحال وهو «الحكم الأميبي». وقال: «إنهم يرون الخلافة كمجموعة من البشر تعيش على أرض تقع في نطاق سيطرة الخلافة لا بقعة جغرافية محددة. مما يمثل أهمية بالنسبة إليهم هم الولاء للخليفة».
وتعد مدينة الرمادي موضع حسد، ومن أسباب ذلك ما تتمتع به من قيمة رمزية كمكان تقاوم فيه بعض عشائر السنة «داعش». مع ذلك استعاد التنظيم زخمه، وازداد ترسخ أقدامه أكثر من ذي قبل حتى قبل هزيمته في كوباني وتكريت. ومثل بعض المسؤولين الأميركيين، كانت ماكفيت ترى أن مدينة تكريت بوجه خاص خسارة كبيرة أضعفت التنظيم كثيرًا. وقالت: «ظننت أن التنظيم قد فقد قدرته على القيام بما قام به مؤخرًا. لقد بدا حقا أن دفة الحرب تتغير على نحو يضر بـ(داعش)». مع ذلك أقرت بتغير الأمور الآن. وأضافت قائلة: «مثلت مدينة الرمادي بالنسبة إلينا خسارة أكبر مما كانت تمثل تكريت ل(داعش)» في إشارة إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وشركاؤها من العراقيين.
* خدمة «نيويورك تايمز»



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».