الرئيس سليمان لـ «الشرق الأوسط»: تغييب الرئيس هدفه «المقايضة» وفرض شروط غير دستورية

قال إن موقف المرشح من قتال اللبنانيين خارج أراضي البلاد أحد أسباب التأجيل

ميشال سليمان رئيس لبنان المنتهية ولايته («الشرق الأوسط»)
ميشال سليمان رئيس لبنان المنتهية ولايته («الشرق الأوسط»)
TT

الرئيس سليمان لـ «الشرق الأوسط»: تغييب الرئيس هدفه «المقايضة» وفرض شروط غير دستورية

ميشال سليمان رئيس لبنان المنتهية ولايته («الشرق الأوسط»)
ميشال سليمان رئيس لبنان المنتهية ولايته («الشرق الأوسط»)

وصف آخر رؤساء لبنان قبل الشغور، العماد ميشال سليمان عدم انتخاب خلف له منذ انتهاء ولايته في 25 مايو (أيار) 2014 بأنه «جريمة»، محذرا من أن ثمة فريقا «يريد أن يوحي للرأي العام أن غياب الرئيس لا يؤثر على الحياة السياسية، ويسعى لفرض دفاتر شروط غير قانونية ولا دستورية واختراع هرطقات ومبادرات».
وقال الرئيس سليمان لـ«الشرق الوسط» إن المشكلة الأساسية في عدم انتخاب الرئيس، «تظهر كأنها بسبب الخشية مما سيكون موقفه من قتال اللبنانيين خارج الأراضي اللبنانية، فإن وافق، فهناك من سيرفض انتخابه، وإن رفض فهناك من سيعطل عملية انتخابه، وفي الحالتين سيبقى الشغور سيد الموقف».
وفي ما يلي نص الحوار:

* ما الذي يعنيه دستوريًا ووطنيًا ألا يكون للبنان رئيس؟
- أخطر ما يُمكن أن تُعانيه البلاد على كلّ الأصعدة هو «تغييب الرئيس» عن سابق تصور وتصميم، وهذا ما يخالف جوهر الدستور، حيث يُفسِّر البعض أن مقاطعة جلسات الانتخاب هي حق ديمقراطي، في حين تتحدث الديمقراطية عن موالاة ومعارضة، ولا يجوز أبدًا التلطي خلف الدستور لضرب الانتظام العام وخلخلة موازين القوى في الحكم ومحاولة الإيحاء بأن هناك رئيس ظلّ في ظلّ غياب الرئيس.
* هل شغور الموقع الأول كل هذه المدة، يمكن أن يؤسس لمقولة إن لبنان لا يحتاج رئيسًا، وإن الأمور «ماشية» رغم غيابه.. وغياب فعالية المؤسسات الأخرى؟
- مع الأسف، يتبين من خلال الممارسة أن هناك فريقا يريد أن يوحي للرأي العام أن غياب الرئيس لا يؤثر على الحياة السياسية، ويحاول هذا الفريق الضغط باتجاه تجاوز كثير من الأعراف أو صلاحيات الرئيس، للتغطية على جريمة تعطيل الانتخاب، وللاستفادة من المحاصصة وتقاسم السلطة والسعي لتعطيل عمل الحكومة، بهدف المقايضة، وفرض دفاتر شروط غير قانونية وغير دستورية، واختراع هرطقات ومبادرات.
* كيف يمكن للبنان من دون رأس ومن دون أطراف فاعلة، مواجهة التحديات المحدقة به، وفي مقدمها تداعيات الوضع السوري، ومكافحة الإرهاب؟
- لا شكّ أن أول شرط من شروط مكافحة الإرهاب هو الدعم الشعبي للمؤسسات الرسمية التي تكافح هذا الإرهاب وتقدم كثيرا من التضحيات وأحيانا الشهداء في سبيل الدفاع عن الأرض والشعب. ومن هنا تبدو الضرورة ملحّة للحفاظ على تماسك هذه المؤسسات ومنحها كامل الثقة، وتقديم كامل الدعم غير المشروط لها. وإذا كان لا بدّ من تضحية ما في مكانٍ ما، تصبح التضحية أكثر من واجب، لأن المصلحة الوطنية تتقدم على كلّ المصالح الشخصية.
* هل ترون إمكانية لإنهاء هذه الأزمة، وهل من مقترحات؟
- المشكلة الأساسية في عدم انتخاب الرئيس، تظهر كأنها بسبب الخشية مما سيكون موقفه من قتال اللبنانيين خارج الأراضي اللبنانية، فإن وافق فهناك من سيرفض انتخابه، وإن رفض فهناك من سيعطل عملية انتخابه، وفي الحالتين سيبقى الشغور سيد الموقف، إلى حين تلتزم جميع القوى بـ«إعلان بعبدا» الذي يضمن تحييد لبنان عن سياسة المحاور، وبالتالي حمايته من كل المخاطر وأهمها تعطيل انتخاب الرئيس.
أما الحلّ الدائم بنظرنا، فهو احترام الدستور اللبناني وعدم محاولة ضربه عبر تعطيله، في حين علينا إيجاد كل السبل لتحصينه. وإنهاء هذه الأزمة يبدأ بالنزول إلى البرلمان والاحتكام إلى نتائج الانتخابات الرئاسية دون ربطها بالخارج.. وهي المقدمة الإجبارية لحلحلة كلّ العقد التي يعرفها الجميع.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.