«سخونة» مناطق حزام بغداد تعود إلى الواجهة بسبب هزات الرمادي الارتدادية

الانهيارات الأمنية في الأنبار تلقي بظلالها على أمن العاصمة

«سخونة» مناطق حزام بغداد تعود إلى الواجهة بسبب هزات الرمادي الارتدادية
TT

«سخونة» مناطق حزام بغداد تعود إلى الواجهة بسبب هزات الرمادي الارتدادية

«سخونة» مناطق حزام بغداد تعود إلى الواجهة بسبب هزات الرمادي الارتدادية

في الوقت الذي يرى فيه الشيخ إياد الجبوري، رئيس رابطة شيوخ حزام بغداد، أن «لا مخاوف حقيقية على بغداد بسبب يقظة العشائر المحيطة بالعاصمة، والتي تدرك مدى خطورة تنظيم داعش عليها وعلى كل العراقيين»، فإن الشيخ حميد الكرطاني أحد شيوخ العشائر المحيطة ببغداد يرى من جانبه، إن «المخاوف موجودة بسبب أن الجيش الذي يفترض أنه مسلح بأنواع مختلفة من الأسلحة الثقيلة بات يسلم المناطق من دون قتال، تاركا العشائر في العراء مثلما سبق أن حصل في الموصل واليوم في الرمادي».
مناطق حزام بغداد التي تمتد من أقرب نقطة إلى العاصمة من جهة قضاء أبو غريب فمناطق الرضوانية واليوسفية والمحمودية، وصولا إلى الكرمة وعامرية الفلوجة وقضاء الفلوجة نفسها، وهي ذات غالبية سنية، تحولت منذ أكثر من سنة ونصف السنة، عندما سيطر تنظيم داعش على قضاء الفلوجة وأعلنه ولاية من ولاياته، إلى واحدة من أكثر المناطق سخونة بسبب التهديدات المتواصلة للتنظيم من جهة وارتياب الحكومة في وجود خلايا نائمة في تلك المناطق الشاسعة.
لكن الشيخ إياد الجبوري يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «العلاقة التي تربط أبناء هذه المناطق سواء فيما بينها أو مع الجهات الأمنية المسؤولة تكاد تكون سببا رئيسيا لاستتباب الأمن وعدم وجود خروقات كبيرة تحصل فيها مما يؤكد أن هذه المناطق وأبناء العشائر يعملون وبتنسيق عالٍ مع قيادة عمليات بغداد والقطعات العسكرية الموجودة في هذه المناطق مما شكل حزاما حقيقيا حول بغداد».
من جهته، فإن الشيخ حميد الكرطاني يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن «أبناء العشائر في هذه المناطق أثبتوا أنهم مع حماية أمن مناطقهم وهم متعاونون مع أي جهد يصب في هذا الاتجاه، لكن العشائر، لا سيما السنية، لا تملك الأسلحة التي تستطيع بها الدفاع عن نفسها، ناهيك بأن تنظيم داعش يملك أحدث أنواع الأسلحة»، مشيرا إلى أن «الخوف موجود ويجب أن نكون واقعيين لأن الإمكانيات المتوفرة ليست بالمستوى المطلوب، وهو ما يتوجب على الحكومة الالتفات إلى هذه المناطق من أجل يكون حزام بغداد أقوى مما هو عليه اليوم».
وبعيدا عن شيوخ مناطق حزام بغداد فإن الصورة التي رسمها زعيم منظمة بدر وأبرز قادة «الحشد الشعبي» هادي العامري لتداعيات سقوط الرمادي على بغداد وكربلاء تثير مخاوف جدية من قادم الأيام في حال لم يحصل تطور مفاجئ يقلب الطاولة في الرمادي ويستعيدها من سيطرة تنظيم داعش. العامري وفي حديث له في مدينة كربلاء قال، إن «سقوط الأنبار هو خطر على كربلاء وبغداد»، مضيفا أنه نبه إلى «سقوط الأنبار وأبلغنا المرجعيات الدينية والحكومة، وأكدنا أن سقوطها سيلقي بظلاله على بغداد وكربلاء»، مبينا أن «الهدف من منع دخول (الحشد الشعبي) إلى الأنبار كان إسقاط المدينة بيد تنظيم داعش». وأشار المشرف على «الحشد الشعبي» إلى أن «الأسباب التي مهدت لسقوط الموصل هي ذاتها التي تسببت بسقوط الرمادي وأبرزها حزب البعث والماكينة الإعلامية والإشاعات والتصريحات»، مؤكدا أن «العمليات التي حصلت في الرمادي لم توجب انسحاب الجيش».
في السياق نفسه، أكد كاظم الشمري، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العراق أمام تحديات كبيرة، وهناك أطراف لا يروق لها أن يصل البلد إلى بر الأمان، خاصة الأمر الذي يدل على وجود مخطط ليس بالسهل لإعادة العراق إلى المربع الأول تمهيدا لتمزيقه إلى دويلات صغيرة وليس مجرد أقاليم». ويضيف الشمري قائلا إن «تنظيم داعش عدو واضح أمام أعيننا وأفكاره واضحة، وهنالك موقف عراقي ودولي موحد للتصدي له وإفشاله، لكن هناك دواعش الظل وهؤلاء قد يكون لتحركهم خطورة أكبر، خصوصا أنهم في ظاهرهم من الحلفاء وفي داخلهم سكاكين مغروزة في خاصرة العراق وشعبه، وعلينا جميعا التوحد لكشفهم ومحاسبتهم كي ينالوا جزاءهم العادل». ويرى الشمري أن «الحاجة باتت ماسة ليس فقط لتغيير القيادات العسكرية والأمنية الفاشلة أو المقصرة أو المتخاذلة، بل محاسبتها حسابا عسيرا، وذلك بإحالتها إلى المحاكم العسكرية المختصة لأن من غير المعقول أن نتحدث بين آونة وأخرى عن مخاطر تتهدد العاصمة بغداد في الوقت الذي يجب فيه أن يكون الهدف هو إعادة تحرير المدن والمحافظات التي استولى عليها تنظيم داعش منذ العام الماضي بدءًا من الموصل».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.