أكينفينوا: مكانتي خارج الملعب أكبر بكثير مما فعلت داخله

المهاجم القوي يتحدث عن بقائه في الملاعب 22 عاماً رغم ضخامة جسمه

المهاجم القوي أكينفينوا خاض مباراته الأخيرة مع ويكومب (رويترز)
المهاجم القوي أكينفينوا خاض مباراته الأخيرة مع ويكومب (رويترز)
TT

أكينفينوا: مكانتي خارج الملعب أكبر بكثير مما فعلت داخله

المهاجم القوي أكينفينوا خاض مباراته الأخيرة مع ويكومب (رويترز)
المهاجم القوي أكينفينوا خاض مباراته الأخيرة مع ويكومب (رويترز)

«أعتقد أنه لا يتم استغلالي من الناحية الفنية كما ينبغي، لذلك يتعين على أي مدير فني يرغب في الحصول على خدماتي أن يتواصل معي عبر تطبيق (واتساب!)»، كانت هذه هي التصريحات التي أدلى بها أديبايو أكينفينوا في مقابلة تلفزيونية مباشرة من داخل أرض الملعب بعد تسجيله هدفاً على ملعب ويمبلي قبل ست سنوات قاد به نادي ويمبلدون للصعود لدوري الدرجة الثانية. والآن، لعب أكينفينوا مباراته الأخيرة ليسدل الستار على مسيرة كروية استمرت لمدة 22 عاماً على المستوى الاحترافي. تلقى أكينفينوا العديد من العروض، بما في ذلك من الأرجنتين وأستراليا، لكنه انتقل إلى ويكومب واندرارز، في البداية لمدة عام واحد ثم استمر لمدة ستة أعوام، وقضى أفضل فترات مسيرته الكروية على الإطلاق هناك. يقول أكينفينوا عن ذلك: «أتذكر أنني نظرت إلى صندوق الرسائل الواردة لي، وقلت لنفسي إنه كان يتعين علي أن أفعل هذا منذ سنوات! لقد كان شيئاً جنونياً».
وكان أكينفينوا يأمل أن يكتب فصلاً أخيراً من النجاح عندما لعب ويكومب أمام سندرلاند في نهائي ملحق الصعود لدوري الدرجة الأولى مؤخراً أمام نحو 70 ألف متفرج، لكن ويكومب خسر بهدفين دون رد. نشأ أكينفينوا في مايفيل ستيت في شمال لندن، ووقع أول عقد احتراف في ليتوانيا قبل أن ينتقل إلى باري تاون بحثاً عن فرصة للعب على المستوى الاحترافي في إنجلترا. وبعد ذلك لعب لأندية بوسطن وليتون أورينت وراشدين آند دايموندز، قبل أن يحط الرحال في دونكاستر. ولعب أكينفينوا، الذي أكمل الأربعين من عمره هذا الشهر، ما يقرب من 800 مباراة سجل خلالها أكثر من 200 هدف.
ويمكن القول إن أكينفينوا لاعب استثنائي لا يشبه أي لاعب آخر. لقد وصفه المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا بأنه «أسطورة في كرة القدم الإنجليزية»، كما أرسل له المدير الفني لليفربول يورغن كلوب رسالة تهنئة بالفيديو، وهي الرسالة التي انتشرت على نطاق واسع. ولديه 1.4 مليون متابع على «إنستغرام»، وله علامة تجارية في الملابس باسم «بيست مود أون» والتي تعني (وضع الوحش قيد التشغيل)، كما تحول اسمه إلى علامة تجارية عالمية. وبغض النظر عن مكانة لاعبي الفرق المنافسة، فإنهم ينتظرونه في النفق المؤدي إلى ملعب المباراة لطلب الحصول على قميصه بعد نهاية المباريات. لقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي على معرفة الجمهور باللاعب الذي قضى الجزء الأكبر من مسيرته الكروية يلعب في دوري الدرجتين الثالثة والرابعة.
يقول أكينفينوا: «مكانتي خارج الملعب أكبر بكثير مما فعلته داخل الملعب. نعم، هذا هو الحال بالفعل. إنه أمر محير للعقل بالنسبة لي. إنه أمر مدهش. أتذكر أنهم أجروا استطلاعاً حول سلسلة ألعاب (فيفا) بشأن أي بطاقة يريد المستخدمون اللعب بها، وانحصر الأمر بيني وبين ميسي، لكنني تفوقت على ميسي في نهاية المطاف. لقد جعلني ذلك أقول لنفسي: ماذا حدث؟ انتظر! ماذا ينقصني؟».
لا يعرف أكينفينوا كيف سيملأ أوقات فراغه بعد اعتزال كرة القدم، لكنه عازم على أن يواصل التدريبات للحفاظ على لياقته البدنية. وقد سمح له مديره الفني، غاريث أينسوورث، بالمشاركة في التدريبات مع زملائه مرتين فقط في الأسبوع. يقول أكينفينوا عن ذلك: «أنا معتاد على القيام ببعض الأمور، فعلى سبيل المثال أقود الدراجة لمدة 47 دقيقة صباح كل يوم، وأحاول حرق 850 سعراً حرارياً قبل التدريبات على مدار خمسة أيام في الأسبوع. هذه هي الأشياء الروتينية التي أقوم بها كل يوم. يساعدني ذلك على التخلص من أي ضغط أو توتر، وسأواصل القيام بذلك. أنا أستمتع بالعمل داخل صالة الألعاب الرياضية، ولا أحد يجبرني على الذهاب إليها. لدي ابنتان، وستبلغ إحداهما 16 عاماً قريباً، لذلك ربما ستدخل مرحلة البحث عن صديق قريباً، لذلك سأبقى في صالة الألعاب الرياضية من أجل ذلك أيضاً!»
تعرض أكينفينوا للسخرية على مر السنين، ويأمل أن تكون رحلته مصدر إلهام للآخرين. ويقول: «أنا لم أتغير عما كنت عليه في السابق، وأعتز بنفسي كما أنا. أقوى شيء نمتلكه كأفراد هو أن نبقى كما نحن. سيقول بعض الناس إن بنيتي الجسدية تشبه لاعبي الرغبي أو لاعبي المصارعة، وسيقولون إنهم لا يفهمون السبب وراء كل الضجة المثارة حولي. هذا جيد لأن كل منا من حقه أن يعبر عن رأيه، لكنني أريد أن يعرف الناس أن أقوى شيء نمتلكه هو عقلنا، وأنه إذا وثقنا في أنفسنا وفي قدراتنا فسوف نحقق ما نريد. العقل شيء قوي للغاية. وإذا قال الناس شيئاً ما عنك، فهذا لا يعني أنك كذلك بالفعل. لقد قيل لي إنني لا يمكنني أن ألعب كرة القدم لأنني ضخم للغاية، لكنني لعبت لمدة 22 عاماً! أنا لست بحاجة إلى إقرار من أحد لإثبات أنني قادر على القيام بشيء ما».
وعندما سُئل أكينفينوا عن الطريقة التي يريد أن يتذكره بها الناس، جاء رده سريعاً، حيث قال دون تفكير: «إن يتذكرونني كما أنا. أنا لم أخطط أبداً لأكون مختلفاً. لم أكن أخطط لأن أرفع 190 كغم في صالة الألعاب الرياضية، فأنا أتصرف بطبيعتي، لذلك عندما يتواصل معي أي شخص أو يراني وأنا ألعب سوف يكتشف على الفور أنني أتصرف بشكل تلقائي وطبيعي تماماً». لكن عندما سُئل عن اعتقاده بشأن الطريقة التي سيتذكره بها الناس بالفعل، توقف للحظة من أجل التفكير ثم قال: «كشخص يتمتع بشخصية كاريزمية، وحسن الخلق. هل أشعر في بعض الأحيان بأن الناس سيتذكرونني بأشياء أخرى غير ما قدمته داخل الملعب؟ نعم بالفعل أشعر بذلك. أنا أعرف تماماً أنني لم أكن لاعباً من الطراز العالمي، فأنا أنظر إلى نفسي على التلفاز وفي المرآة، وأعلم أنني لست كذلك، لكنني في الوقت نفسه أشعر بالراحة وأعرف نقاط قوتي».
وأضاف: «أتذكر أن بعض المعلقين على المباريات قالوا إن لمستي للكرة ليست سيئة بالنسبة للاعب بهذا الحجم الضخم، أو إنني لاعب قوي للغاية لكنني ألعب بطريقة لا بأس بها. لقد اعتدت على مثل هذه التعليقات، وأدرك أن البشر يحكمون على الأشياء من المظهر الخارجي. لكن بغض النظر عن حجمي، وما إذا كنت صخماً أو صغير البنية، فيمكنني تسديد الكرة بالرأس ولدي لمسة جيدة. أعلم أنني لست لاعباً مهارياً، لكنني أتفوق في أمور أخرى على جميع اللاعبين الآخرين، مثل تسديد الكرات بالرأس، وهذا هو ما ركزت عليه، خاصة في المراحل الأخيرة من مسيرتي الكروية. سأكون كاذباً لو قلت إنني كنت أعتقد أنني سأواصل اللعب حتى الأربعين من عمري، لكن هذا ما حدث بالفعل».
ويختتم أكينفينوا حديثه قائلاً: «أنا أبذل قصارى جهدي وأركز بشكل كامل في المباريات، سواء لعبت لمدة دقيقتين أو 10 دقائق أو 15 دقيقة. إنني أنسى أي شيء آخر بمجرد نزولي إلى أرض الملعب، وأقوم بواجباتي الدفاعية والهجومية، سواء كان الأمر يتعلق بمراقبة لاعب آخر أو تسديد الكرة بالرأس. لكن بمجرد أن تنتهي المباراة فإنني أنسى ما حدث تماماً وأبدأ في التفكير فيما سيحدث في المستقبل».


مقالات ذات صلة

الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

الرياضة الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

أصدرت محكمة في نابولي حكماً بالسجن، في حق مُدافع فريق «مونتسا» الدولي أرماندو إيتزو، لمدة 5 أعوام؛ بسبب مشاركته في التلاعب بنتيجة مباراة في كرة القدم. وقال محاموه إن إيتزو، الذي خاض 3 مباريات دولية، سيستأنف الحكم. واتُّهِم إيتزو، مع لاعبين آخرين، بالمساعدة على التلاعب في نتيجة مباراة «دوري الدرجة الثانية» بين ناديه وقتها «أفيلينو»، و«مودينا»، خلال موسم 2013 - 2014، وفقاً لوكالات الأنباء الإيطالية. ووجدت محكمة في نابولي أن اللاعب، البالغ من العمر 31 عاماً، مذنب بالتواطؤ مع «كامورا»، منظمة المافيا في المدينة، ولكن أيضاً بتهمة الاحتيال الرياضي، لموافقته على التأثير على نتيجة المباراة مقابل المال.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
الرياضة الدوري «الإسباني» يتعافى «مالياً» ويرفع إيراداته 23 %

الدوري «الإسباني» يتعافى «مالياً» ويرفع إيراداته 23 %

أعلنت رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم، اليوم (الخميس)، أن الأندية قلصت حجم الخسائر في موسم 2021 - 2022 لأكثر من ستة أضعاف ليصل إلى 140 مليون يورو (155 مليون دولار)، بينما ارتفعت الإيرادات بنسبة 23 في المائة لتتعافى بشكل كبير من آثار وباء «كوفيد - 19». وأضافت الرابطة أن صافي العجز هو الأصغر في مسابقات الدوري الخمس الكبرى في أوروبا، والتي خسرت إجمالي 3.1 مليار يورو، وفقاً للبيانات المتاحة وحساباتها الخاصة، إذ يحتل الدوري الألماني المركز الثاني بخسائر بقيمة 205 ملايين يورو. وتتوقع رابطة الدوري الإسباني تحقيق صافي ربح يقل عن 30 مليون يورو في الموسم الحالي، ورأت أنه «لا يزال بعيداً عن المستويات قب

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الرياضة التعاون يوقف قطار الاتحاد... ويمنح النصر «خدمة العمر»

التعاون يوقف قطار الاتحاد... ويمنح النصر «خدمة العمر»

منح فريق التعاون ما تبقى من منافسات دوري المحترفين السعودي بُعداً جديداً من الإثارة، وذلك بعدما أسقط ضيفه الاتحاد بنتيجة 2-1 ليلحق به الخسارة الثانية هذا الموسم، الأمر الذي حرم الاتحاد من فرصة الانفراد بالصدارة ليستمر فارق النقاط الثلاث بينه وبين الوصيف النصر. وخطف فهد الرشيدي، لاعب التعاون، نجومية المباراة بعدما سجل لفريقه «ثنائية» في شباك البرازيلي غروهي الذي لم تستقبل شباكه هذا الموسم سوى 9 أهداف قبل مواجهة التعاون. وأنعشت هذه الخسارة حظوظ فريق النصر الذي سيكون بحاجة لتعثر الاتحاد وخسارته لأربع نقاط في المباريات المقبلة مقابل انتصاره فيما تبقى من منافسات كي يصعد لصدارة الترتيب. وكان راغد ال

الرياضة هل يكرر الهلال إنجاز شقيقه الاتحاد «آسيوياً»؟

هل يكرر الهلال إنجاز شقيقه الاتحاد «آسيوياً»؟

يسعى فريق الهلال لتكرار إنجاز مواطنه فريق الاتحاد، بتتويجه بلقب دوري أبطال آسيا بنظامها الجديد لمدة عامين متتاليين، وذلك عندما يحل ضيفاً على منافسه أوراوا ريد دياموندز الياباني، السبت، على ملعب سايتاما 2022 بالعاصمة طوكيو، بعد تعادل الفريقين ذهاباً في الرياض 1 - 1. وبحسب الإحصاءات الرسمية للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، فإن فريق سوون سامسونغ بلو وينغز الكوري الجنوبي تمكّن من تحقيق النسختين الأخيرتين من بطولة الأندية الآسيوية أبطال الدوري بالنظام القديم، بعد الفوز بالكأس مرتين متتاليتين موسمي 2000 - 2001 و2001 - 2002. وتؤكد الأرقام الرسمية أنه منذ اعتماد الاسم الجديد للبطولة «دوري أبطال آسيا» في عا

فارس الفزي (الرياض)
الرياضة رغد النعيمي: لن أنسى لحظة ترديد الجماهير اسمي على حلبة الدرعية

رغد النعيمي: لن أنسى لحظة ترديد الجماهير اسمي على حلبة الدرعية

تعد الملاكمة رغد النعيمي، أول سعودية تشارك في البطولات الرسمية، وقد دوّنت اسمها بأحرف من ذهب في سجلات الرياضة بالمملكة، عندما دشنت مسيرتها الدولية بفوز تاريخي على الأوغندية بربتشوال أوكيدا في النزال الذي احتضنته حلبة الدرعية خلال فبراير (شباط) الماضي. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قالت النعيمي «كنت واثقة من فوزي في تلك المواجهة، لقد تدربت جيداً على المستوى البدني والنفسي، وعادة ما أقوم بالاستعداد ذهنياً لمثل هذه المواجهات، كانت المرة الأولى التي أنازل خلالها على حلبة دولية، وكنت مستعدة لجميع السيناريوهات وأنا سعيدة بكوني رفعت علم بلدي السعودية، وكانت هناك لحظة تخللني فيها شعور جميل حينما سمعت الج


عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
TT

عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

قبل 16 عاماً، فقد عثمان الكناني بصره فألمّ به خوف من فقدان صلته بكرة القدم التي يهواها منذ صغره. لكن إصراره على عدم الاستسلام دفعه إلى توظيف شغفه في تأسيس أوّل فريق للمكفوفين في العراق وإدارة شؤونه.

ويقول الرجل الذي يبلغ حالياً 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عندما فقدت بصري، عشت سنة قاسية، نسيت فيها حتى كيفية المشي، وأصبحت أعتمد في كل شيء على السمع».

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

في عام 2008، فقد المدير السابق لمكتبة لبيع الكتب واللوازم المدرسية، البصر نتيجة استعمال خاطئ للأدوية لعلاج حساسية موسمية في العين، ما أدّى إلى إصابته بمرض الغلوكوما (تلف في أنسجة العصب البصري).

ويضيف: «ما زاد من المصاعب كان ابتعادي عن كرة القدم». ودام بُعده عن رياضته المفضّلة 8 أعوام.

شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف (أ.ف.ب)

لكن بدعم «مؤسسة السراج الإنسانية» التي شارك في تأسيسها لرعاية المكفوفين في مدينته كربلاء (وسط) في 2016، شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف، حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف.

وظلّ يلعب مع هذا الفريق حتى شكّل في عام 2018 فريقاً لكرة القدم للمكفوفين وتفرّغ لإدارة شؤونه.

ويتابع: «أصبحت كرة القدم كل حياتي».

واعتمد خصوصاً على ابنته البكر لتأمين المراسلات الخارجية حتى تَواصلَ مع مؤسسة «آي بي إف فاونديشن (IBF Foundation)» المعنيّة بكرة القدم للمكفوفين حول العالم.

يتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً (أ.ف.ب)

وكانت «الفرحة لا توصف» حين منحته المؤسسة في عام 2022 دعماً ومعدات من أقنعة تعتيم للعيون وكُرات خاصة.

ويوضح: «هكذا انطلق الحلم الرائع».

ويؤكّد أن تأسيس الفريق أتاح له «إعادة الاندماج مع الأصدقاء والحياة»، قائلاً: «بعد أن انعزلت، خرجت فجأة من بين الركام».

4 مكفوفين... وحارس مبصر

وانطلق الفريق بشكل رسمي مطلع العام الحالي بعدما تأسّس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين في نهاية 2023، وتشكّل من 20 لاعباً من محافظات كربلاء وديالى، وبغداد.

ويستعد اليوم لأوّل مشاركة خارجية له، وذلك في بطولة ودية في المغرب مقرّرة في نهاية يونيو (حزيران).

ويتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد، مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً. ومن بين اللاعبين 10 يأتون من خارج العاصمة للمشاركة في التمارين.

يصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب (أ.ف.ب)

ومدّة الشوط الواحد 20 دقيقة، وعدد اللاعبين في المباراة 5، منهم 4 مكفوفون بالكامل بينما الحارس مبصر.

وخلال تمارين الإحماء، يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم.

وتتضمّن قواعد لعبة كرة القدم للمكفوفين كرات خاصة، ينبثق منها صوت جرس يتحسّس اللاعب عبره مكان الكرة للحاق بها.

ويقوم كلّ من المدرّب والحارس بتوجيه اللاعبين بصوت عالٍ.

يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً (أ.ف.ب)

بعد ذلك، يأتي دور ما يُعرف بالمرشد أو الموجّه الذي يقف خلف مرمى الخصم، ماسكاً بجسم معدني يضرب به أطراف المرمى، لجلب انتباه اللاعب وتوجيهه حسب اتجاه الكرة.

ويصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب لئلّا يصطدموا ببعضهم.

وحين يمرّ بائع المرطبات في الشارع المحاذي للملعب مع مكبرات للصوت، تتوقف اللعبة لبضع دقائق لاستحالة التواصل سمعياً لمواصلة المباراة.

تمارين الإحماء لأعضاء الفريق (أ.ف.ب)

وبحسب قواعد ومعايير اللعبة، يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً، بينما يبلغ ارتفاع المرمى 2.14 متر، وعرضه 3.66 متر (مقابل ارتفاع 2.44 متر، وعرض 7.32 متر في كرة القدم العادية).

لا تردّد... ولا خوف

وخصّصت اللجنة البارالمبية العراقية لألعاب ذوي الاحتياجات الخاصة راتباً شهرياً للاعب قدره ما يعادل 230 دولاراً، وللمدرب ما يعادل تقريباً 380 دولاراً.

لكن منذ تأسيس الفريق، لم تصل التخصيصات المالية بعد، إذ لا تزال موازنة العام الحالي قيد الدراسة في مجلس النواب العراقي.

ويشيد رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين طارق الملا (60 عاماً) بالتزام اللاعبين بالحضور إلى التدريبات «على الرغم من الضائقة المالية التي يواجهونها».

اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي (أ.ف.ب)

ويوضح: «البعض ليست لديه موارد مالية، لكن مع ذلك سيتحمّلون تكاليف تذاكر السفر والإقامة» في المغرب.

ويضيف: «أرى أن اللاعبين لديهم إمكانات خارقة لأنهم يعملون على مراوغة الكرة وتحقيق توافق عضلي عصبي، ويعتمدون على الصوت».

ويأمل الملّا في أن «تشهد اللعبة انتشاراً في بقية مدن البلاد في إطار التشجيع على ممارستها وتأسيس فرق جديدة أخرى».

ودخل الفريق معسكراً تدريبياً في إيران لمدة 10 أيام، إذ إن «المعسكر الداخلي في بغداد غير كافٍ، والفريق يحتاج إلى تهيئة أفضل» للبطولة في المغرب.

وعلى الرغم من صعوبة مهمته، يُظهر المدرّب علي عباس (46 عاماً) المتخصّص بكرة القدم الخماسية قدراً كبيراً من التفاؤل.

خلال تمارين الإحماء يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم (أ.ف.ب)

ويقول: «اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي، وهذا ما يشجعني أيضاً».

ويشير عباس، الذي يكرس سيارته الخاصة لنقل لاعبين معه من كربلاء إلى بغداد، إلى أن أبرز صعوبات تدريب فريق مثل هذا تتمثل في «جعل اللاعبين متمرّسين بالمهارات الأساسية للعبة لأنها صعبة».

وخلال استراحة قصيرة بعد حصّة تدريبية شاقّة وسط أجواء حارّة، يعرب قائد الفريق حيدر البصير (36 عاماً) عن حماسه للمشاركة الخارجية المقبلة.

ويقول: «لطالما حظيت بمساندة أسرتي وزوجتي لتجاوز الصعوبات» أبرزها «حفظ الطريق للوصول من البيت إلى الملعب، وعدم توفر وسيلة نقل للاعبين، والمخاوف من التعرض لإصابات».

ويطالب البصير الذي يحمل شهادة في علم الاجتماع، المؤسّسات الرياضية العراقية الحكومية «بتأمين سيارات تنقل الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أماكن التدريب للتخفيف من متاعبهم».

ويضيف: «لم تقف الصعوبات التي نمرّ بها حائلاً أمامنا، ولا مكان هنا للتردد، ولا للخوف».