كما أن جائحة «كوفيد-19» ألقت الضوء على بعض المصطلحات، فأصبحنا نسمع «التباعد الاجتماعي»، كوسيلة للوقاية من الفيروس المسبب للمرض، فإن التفشي الحالي لجدري القردة سيستدعي بعض المصطلحات التي ستكون حاضرة في التغطيات الإعلامية، ومن أبرزها «التلقيح الحلقي».
ويعرف التلقيح الحلقي بأنه استراتيجية لمنع انتشار المرض، تعتمد على تطعيم المخالطين للمرضى، ومن هم على اتصال وثيق بهؤلاء المخالطين، لحصار المرض في دائرة لا يخرج عنها. ويقول أحمد سالمان، مدرس علم المناعة وتطوير اللقاحات في معهد «إدوارد جينر» بجامعة أكسفورد لـ«الشرق الأوسط»، إن «طبيعة جدري القردة، كفيروس مادته الجينية هي الحمض النووي (دي إن إيه)، تجعله بطيء الانتشار، على عكس الفيروسات التي تكون مادتها الجينية هي الحمض النووي الريبي (آر إن إيه)، مثل فيروس (كورونا المستجد)».
ويضيف: «هذه السمة تسمح بمحاصرة الفيروس في نطاق المصابين به ومخالطيهم، ومن هم على اتصال وثيق بالمخالطين، وحيث لا تجدي اللقاحات مع المصابين، يتم منحها لمخالطيهم ومن هم على اتصال بهم، لمحاصرة الفيروس، وهي الاستراتيجية التي نجحت في عام 2003 في محاصرة تفشٍّ لجدري القردة في الولايات المتحدة».
ونقلت شحنة من القوارض تم استيرادها من غانا الفيروس إلى كلاب البراري الأليفة في ولاية إلينوي، وأصابت أكثر من 70 شخصاً عام 2003، ونجحت استراتيجية «التلقيح الحلقي» حينها في احتواء هذا التفشي.
يقول سالمان: «بناء على المتوفر من بيانات حول التفشي الحالي وأعداد المصابين، ستكون استراتيجية التطعيم الحلقي هي الأنسب للاحتواء، ولن تكون هناك حاجة إلى حملات تطعيم موسعة، أو إعادة لتطعيم الجدري ضمن حملات التطعيم الروتينية للأطفال».
ومنذ ألغت دول العالم عام 1980 التطعيم بالجدري في التطعيمات الروتينية التي تمنح للأطفال، بعد استئصال المرض عالمياً، لم يعد لدى معظم الدول أي مخزون استراتيجي من هذا التطعيم، غير أن بعضها احتفظ بمخزون لمواجهة حالات الطوارئ، كما تمتلك بعض الدول مخزوناً من لقاح «جينوس» الذي تم اعتماده من هيئة الغذاء والدواء الأميركية في عام 2019، لمواجهة جدري القردة على وجه التحديد.
واستطاعت كندا توفير كميات من اللقاح الجديد، استخدمتها بداية من يوم الجمعة الماضي في حملة تطعيم شملت المخالطين لـ25 مريضاً بجدري القردة، ومن هم على اتصال وثيق بهم في مونتريال بمقاطعة كيبيك.
وقال مدير الصحة العامة في المقاطعة، الدكتور لوك بويلو، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي، إنهم سيقدمون جرعات من اللقاح للأشخاص الذين كانوا على اتصال وثيق أو الذين يعيشون مع أولئك الذين لديهم حالات مفترضة للمرض. وأوضح أن اللقاح لن يُعطى للأشخاص الذين لديهم حالات نشطة من جدري القردة؛ لأن الأوان فات لإحداث فرق.
وقالت الدكتورة كارولين كواتش، رئيسة لجنة التحصين في كيبيك، في المؤتمر الصحافي، إن اللقاح الذي تمت الموافقة عليه للوقاية من الجدري وفيروسات «الأورثوبوكس» الأخرى، ثبت أنه يقي من جدري القردة في الدراسات التي أجريت على الحيوانات. وأوضحت أن اللقاح يُعطى بشكل مثالي في غضون 4 أيام من التعرض للفيروس؛ لكن يمكن إعطاؤه لمدة تصل إلى أسبوعين بعد ذلك.
وأظهرت البيانات أنه إذا أعطيته في غضون 4 أيام، فستكون لديك فعالية جيدة جداً في الوقاية من المرض، وإذا قمت بإعطائه بين اليوم الخامس والرابع عشر، فقد لا يمنع المرض؛ لكنه قد يخفف الأعراض، كما تشير كواتش.
«التلقيح الحلقي»... استراتيجية وقائية مُجرّبة لحصار «جدري القردة»
يعتمد على تحصين مخالطي المرضى
«التلقيح الحلقي»... استراتيجية وقائية مُجرّبة لحصار «جدري القردة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة