القوات الانفصالية تعلن اقترابها من السيطرة الكاملة على أراضي «جمهورية لوغانسك»

«معظم سيفيرودونيتسك» في أيدي الروس... وواشنطن تدرس إرسال صواريخ أقل مدى لكييف لتجنب التصعيد مع موسكو

القوات الانفصالية تعلن اقترابها من السيطرة الكاملة على أراضي «جمهورية لوغانسك»
TT

القوات الانفصالية تعلن اقترابها من السيطرة الكاملة على أراضي «جمهورية لوغانسك»

القوات الانفصالية تعلن اقترابها من السيطرة الكاملة على أراضي «جمهورية لوغانسك»

مع تواصل المواجهات على طول محاور القتال في إقليمي لوغانسك ودونيتسك شرق أوكرانيا، حمل إعلان رئيس جمهورية لوغانسك الانفصالية الموالي لموسكو ليونيد باسيتشنيك اقتراب قواته من تحقيق سيطرة كاملة على أراضي الإقليم، وفقاً للتوزيع الإداري قبل إعلان الانفصال في عام 2014، مؤشراً إلى حجم الصعوبات التي تواجهها القوات الروسية في إخضاع هذه المنطقة، لجهة حديثه عن وجود نحو 10 آلاف عسكري أوكراني يتحصنون في لوغانسك وحدها.
وجاء ذلك وسط معلومات عن أن الولايات المتحدة تبحث في بدائل لراجمات صواريخ تريد تقديمها لكييف من خلال تقديم صواريخ مداها أقل، وذلك بهدف تجنب التصعيد مع روسيا.
ورأى الزعيم الانفصالي باسيتشنيك، في تصريح لوكالة «تاس» الروسية، أن «المهمة الرئيسية للقوات (الموالية لروسيا) حالياً تكمن في تحرير منطقتي سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك؛ حيث ينتشر حوالي 10 آلاف عنصر من التشكيلات الأوكرانية المسلحة». وقال إن «ثلث سيفيرودونيتسك تم تحريره، وأصبح تحت سيطرة قوات لوغانسك». وأشار إلى أن «القتال يدور الآن في مناطق مأهولة بالسكان، والهجوم لا يسير بالسرعة التي نتمناها». وتابع: «قبل كل شيء، نريد الحفاظ على البنية التحتية للمدينة قدر الإمكان»؛ مشيراً إلى أن «أهداف الجانب الأوكراني عكس ذلك، فهم يستخدمون تكتيك الاختباء خلف السكان المدنيين في سيفيرودونيتسك منذ بداية العملية العسكرية».

أما سيرهي جايداي حاكم إقليم لوغانسك الأوكراني فقال إن القوات الروسية تسيطر الآن على معظم مدينة سيفيرودونتسك لكنها لم تطوقها. وجاء كلامه بعد ساعات من إعلان رئيس إدارة سيفيرودونيتسك التابع لحكومة كييف، أولكسندر ستريوك، إن الروس يسيطرون الآن على نصف المدينة. وأضاف: «للأسف، انقسمت المدينة إلى نصفين؛ لكن في الوقت نفسه لا تزال المدينة تدافع عن نفسها. ما زالت أوكرانية»، بحسب وكالة «رويترز»، ناصحاً من لا يزالون محاصرين في داخلها بالبقاء في الأقبية.
وتقول أوكرانيا إن روسيا دمرت جميع البنية التحتية الحيوية للمدينة بقصف لا هوادة فيه، أعقبته موجات متتالية من الهجمات البرية التي أسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا. ولا يزال آلاف من السكان محاصرين. وتتقدم القوات الروسية نحو وسط المدينة ولكن ببطء، ولم تنجح في تطويق المدافعين الأوكرانيين الصامدين هناك، حسبما ذكرت «رويترز» التي نقلت أيضاً عن حاكم المنطقة سيرهي غايداي نفيه -في تصريحات للتلفزيون الأوكراني- احتمال محاصرة القوات الأوكرانية في سيفيرودونيتسك، رغم إقراره بأنها قد تضطر في النهاية إلى التقهقر عبر نهر سيفيرسكي دونيتس إلى مدينة ليسيتشانسك على الضفة المقابلة.
وقال ستريوك، رئيس إدارة المدينة، إن إجلاء المدنيين لم يعد ممكناً. وألغت السلطات جهود إجلاء السكان بعد هجوم الاثنين أسفر عن مقتل صحافي فرنسي.
وقال يان إيغلاند، الأمين العام لوكالة الإغاثة التابعة لمجلس اللاجئين النرويجي، والتي كانت تعمل منذ فترة طويلة انطلاقاً من سيفيرودونيتسك، إنه «أصيب بالهلع» من الدمار الذي لحق بها. وأضاف: «نخشى أن يظل ما يصل إلى 12 ألفاً من المدنيين محاصرين في مرمى تبادل إطلاق النار في المدينة، دون أن يكون لديهم ما يكفي من الماء أو الغذاء أو الدواء أو الكهرباء. القصف شبه المستمر يجبر المدنيين على البحث عن ملاجئ وأقبية، مع فرص قليلة فقط أمام من يحاول الهروب».
وعلى جبهة دونيتسك، بدا الموقف أمس مماثلاً لجهة التعقيدات التي تواجه العملية العسكرية؛ إذ أعلنت القوات الانفصالية في الإقليم أن هجمات الجيش الأوكراني زادت وتيرتها بشكل ملحوظ. وقالت إن القوات الأوكرانية وجهت قصفاً مركزاً استمر نحو 90 دقيقة على 4 مدن في الإقليم، هي: بانتيليمونوفكا، وأولكساندريفكا، وياسينوفاتايا، فضلاً عن مدينة دونيتسك. ووفقاً للناطق العسكري الروسي، فقد استخدمت في الهجمات قذائف من عيار 122 ملليمتراً.
وفي أماكن أخرى من ساحة المعركة، وردت تقارير قليلة عن تحرك كبير أمس الثلاثاء في الشرق. وتقول أوكرانيا إن موسكو تحاول مهاجمة مناطق أخرى على طول الجبهة الرئيسية، بما في ذلك الضغط باتجاه مدينة سولفيانسك. أما في الجنوب، فقد قالت أوكرانيا في الأيام الأخيرة إنها صدت القوات الروسية على ضفة نهر إينهوليتس الذي يشكل حدوداً لمقاطعة خيرسون التي تسيطر عليها روسيا. لكن تقارير مساء أمس أفادت بأن القوات الأوكرانية تحاول اختراق جبهة الجنوب للاقتراب من خيرسون.
وتزامنت هذه التطورات في الإقليمين مع إعلان الجيش الروسي أنه عثر على 152 جثة لمقاتلين أوكرانيين في ملاجئ تحت الأرض في مصنع آزوفستال في ماريوبول الذي سيطر عليه مطلع مايو (أيار) بعد حصار طويل. وقال الناطق العسكري الروسي إيغور كوناشينكوف، إنه «تم العثور هناك على 152 جثة لمقاتلين وجنود القوات المسلحة الأوكرانية كانت مخزنة في حاوية ليس بها تبريد». وأضاف أن السلطات الروسية لم تتلق بعد أي طلبات لنقل الجثث للقيادة الأوكرانية. وأوضح أنه تم اكتشاف ألغام أسفل الجثث، قائلاً إن الجانب الأوكراني ربما كان ينوي تفجير الحاوية من أجل تحميل روسيا مسؤولية القتل.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان، نقلاً عن أسرى من مسلحي آزوف، إن تلغيم الجثث التي تُركت في آزوفستال تم بناء على تعليمات من كييف، من أجل توجيه مزيد من الاتهامات للجانب الروسي.
وأوضحت الدفاع الروسية أن هناك هدفين من التلغيم: الأول إلحاق الضرر بالقوات الروسية، والثاني هو محو أي أثر لهوية القتلى وتصنيفهم في عداد المفقودين، كي تتجنب كييف دفع تعويضات لذويهم.
ولفتت الوزارة إلى أن الجانب الروسي يخطط لتسليم تلك الجثث التي عُثر عليها في آزوفستال إلى ممثلي أوكرانيا في المستقبل القريب.
وفي إطار الحصيلة اليومية للعمليات القتالية، قال الناطق العسكري إن طيران القوات المسلحة الروسية أسقط مقاتلة أوكرانية من طراز «سوخوي 25» بالقرب من منطقة نيكولاييف. كما دمرت القوات المسلحة الروسية 5 مواقع قيادة للقوات المسلحة الأوكرانية، و13 منطقة تجمع عسكرية، بصواريخ روسية عالية الدقة. وزاد أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية أسقطت أيضاً 6 مُسيَّرات أوكرانية. ودمر الطيران الروسي 3 مواقع قيادة أوكرانية، و69 مركز تجمع عسكري ومعدات عسكرية، ومحطة رادار ومستودعين للذخيرة تابعين للقوات المسلحة الأوكرانية.
على صعيد آخر، أفادت مصادر روسية بأن نظام الحرب الإلكترونية التابع للجيش الروسي أفشل مهمة طائرة مُسيَّرة تابعة لحلف «الناتو» فوق البحر الأسود، كانت تحاول إجراء استطلاع لصالح أوكرانيا. ونقلت وكالة «نوفوستي» عن مصدر وصفته بأنه مطلع أن «أنظمة الحرب الإلكترونية الروسية أحبطت مهمة طائرة من دون طيار استراتيجية لحلف «الناتو» فوق البحر الأسود، والتي اقتربت من ساحل شبه جزيرة القرم. ويحتمل أنها كانت تحاول جمع معلومات حول المنشآت والقوات الروسية لصالح القوات الأوكرانية. وأشار إلى أن «وحدات الحرب الإلكترونية تمكنت من التدخل في أجهزة الاستشعار اللاسلكية للطائرة المُسيَّرة، ما جعل مهمتها بلا جدوى».
- راجمات الصواريخ الأميركية
ورغم إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنه لن يتم تسليم أوكرانيا راجمات صواريخ بعيدة المدى يمكنها «ضرب الأراضي الروسية»، لتفادي التصعيد مع موسكو، فإن أوساطاً عدة تحدثت عن «بدائل» أخرى قد لا تؤدي إلى زيادة التوتر مع روسيا، وتسمح في الوقت نفسه لأوكرانيا بصد الهجوم الروسي في دونباس.
وتحدثت مصادر عسكرية عن بدائل صاروخية لا يتعدى مداها 70 كيلومتراً، يمكن أن توفر في المرحلة الأولى على الأقل قدرة لتمكين الأوكرانيين من الدفاع عن أنفسهم، في وجه الهجوم الروسي الكبير في دونباس. وقال رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال مارك ميلي، في مقابلة تلفزيونية، أول من أمس، إن «البنتاغون» على تواصل دائم ومستمر مع كييف «لتجنب التصعيد»، وإن «الأيام القليلة المقبلة ستكشف عن نتائج ما يمكن أن يحدث»، في إشارة إلى المعارك الجارية في دونباس. وأضاف أن الولايات المتحدة تحاول إدارة الصراع في أوكرانيا بعناية، خلال دعمها بالسلاح، لتجنب التصعيد؛ حيث الخطر يبقى كبيراً، وهناك دائماً إمكانية للتصعيد في الحرب الروسية. وشدد ميلي على ضرورة الحفاظ على اتصال دائم مع كييف لضمان إدارة نشطة للأخطار، مؤكداً أن وزير الدفاع لويد أوستن على اتصال دائم بوزير الدفاع الأوكراني، وأن الأيام القليلة المقبلة ستكشف عن نتائج ما يمكن أن يحدث.
- خسائر فادحة للضباط الروس الصغار
في غضون ذلك، رجَّحت وزارة الدفاع البريطانية أن يكون الهدف الحالي للروس هو السيطرة على كامل منطقتي دونيتسك ولوغانسك، عبر تشديد القصف العنيف على مدينة سيفيرودونيتسك المهمة التي تشهد معارك شوارع على مشارفها مع القوات الأوكرانية المدافعة. وأشارت الوزارة إلى أن استيلاء روسيا على منطقة ليمان في دونيتسك، يدعم جهودها في تطويق مدينة سيفيرودونيتسك، وإغلاق الجيب الأوكراني في لوغانسك. وأضافت أن روسيا حققت نجاحات أكبر من تلك التي تحققت في الفترة السابقة، عبر حشد القوات وتركيز إطلاق النار على منطقة صغيرة نسبياً، مما يجبرها على تقبل تعرض قواتها لهجمات في بعض المناطق التي تحتلها.
من جهة أخرى، أفادت وزارة الدفاع البريطانية بأن روسيا تكبدت على الأرجح خسائر مدمرة في صفوف ضباطها من الرتب المتوسطة والصغيرة في الصراع. وأضافت أن قادة الألوية والكتائب انتشروا على الخطوط الأمامية، ما عرضهم للخطر المباشر، في ظل تحملهم مسؤولية أداء وحداتهم من قبل قادة الجيش والكرملين. وبالمثل، كان على صغار الضباط قيادة العمليات التكتيكية الأقل مستوى؛ حيث يفتقر الجيش إلى كادر من ضباط الصف المدربين تدريباً عالياً الذين يؤدون هذا الدور لدى القوات الغربية.
ورجحت وزارة الدفاع البريطانية أن يؤدي فقدان نسبة كبيرة من جيل الشباب من الضباط المحترفين إلى تفاقم مشكلات الجيش الروسي المستمرة في تحديث نهجه في القيادة والسيطرة. وأضافت أنه من المرجح الآن، أن تكون المجموعات التكتيكية التي أعيد تشكيلها من الناجين من المعركة الأولى من وحدات متعددة، أقل فاعلية بسبب الافتقار إلى القادة الصغار، مع وجود تقارير متعددة موثوقة عن حركات تمرد موضعية بين القوات الروسية في أوكرانيا. ومن المرجح أن يؤدي الافتقار إلى قادة الفصائل المتمرسين وذوي المصداقية إلى مزيد من الانخفاض في الروح المعنوية، واستمرار الانضباط السيئ.


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا ترمب وزيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي: ترمب قادر على وقف بوتين

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الخميس إن بمقدور الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أن يحسم نتيجة الحرب المستعرة منذ 34 شهرا مع روسيا،

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناة تلغرام)

زيلينسكي: عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب قد يساعد في إنهاء حرب أوكرانيا

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد يساعد على إنهاء الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا صورة من مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية 7 نوفمبر 2024 يُظهر جنوداً من الجيش الروسي خلال قتالهم في سودجانسكي بمنطقة كورسك (أ.ب)

روسيا: كبّدنا القوات الأوكرانية خسائر جسيمة على محور كورسك

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، اليوم الخميس، أن الجيش الروسي استهدف القوات المسلحة الأوكرانية بمقاطعة كورسك، وكبّدها خسائر فادحة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.