نقاط الميليشيات الحوثية على امتداد طرق اليمن بين الرفض الشعبي والاستهداف العسكري

المسافرون يعجزون عن التمييز بين النقاط العسكرية غير النظامية ونقاط المتمردين الذين يرتدون أزياء الجيش الحكومي

عناصر من الجيش يرابطون في عربتهم على هامش احتفالات اليمنيين بالذكرى الـ 25 لوحدة اليمن في صنعاء أمس (رويترز)
عناصر من الجيش يرابطون في عربتهم على هامش احتفالات اليمنيين بالذكرى الـ 25 لوحدة اليمن في صنعاء أمس (رويترز)
TT

نقاط الميليشيات الحوثية على امتداد طرق اليمن بين الرفض الشعبي والاستهداف العسكري

عناصر من الجيش يرابطون في عربتهم على هامش احتفالات اليمنيين بالذكرى الـ 25 لوحدة اليمن في صنعاء أمس (رويترز)
عناصر من الجيش يرابطون في عربتهم على هامش احتفالات اليمنيين بالذكرى الـ 25 لوحدة اليمن في صنعاء أمس (رويترز)

يوما عن يوم تتزايد معاناة اليمنيين جراء الحرب التي أدخلت البلاد فيها ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله، وذلك بانقضاضهم على السلطة وتمردهم على الشرعية الدستورية، وباتت الحركة في المدن بلا حراك وظيفي أو نشاط اقتصادي، وتوقفت دورة الحياة اليومية، جراء انعدام المشتقات النفطية والغاز المنزلي، فتوقفت أكثر من 80 في المائة من وسائل النقل بين العاصمة وعواصم المحافظات، ففي الطريق من صنعاء إلى محافظة الحديدة، وهو طريق استراتيجي حيث تنقل خلاله البضائع من ميناء الحديدة ويستخدم بصورة كبيرة من كافة شرائح المجتمع اليمني، بات هذا الطريق خاليا من السيارات والقاطرات التي تنقل البضائع وغير ذلك، فعلى مدى أربع ساعات من السفر المتواصل، لا تجد سوى محلات قليلة جدا هي التي تفتح أبوابها للزبائن، وأيضا، ازدهار «السوق السوداء» لبيع المشتقات النفطية، وفي غالبها مغشوشة، وبمبالغ طائلة، في حالة ابتزاز واضحة للمسافرين الذين تتقطع السبل بهم، جراء فرارهم من العاصمة صنعاء، بسبب الضربات الجوية المتواصلة لقوات التحالف، وبحسب بعض السائقين في الخطوط الطويلة لـ«الشرق الأوسط»، فإن خط الحديدة - صنعاء، يعد محظوظا لأنه ما زالت به حركة مرور مركبات وسيارات، على العكس من الخطوط الأخرى بين المحافظات، وذلك يرجع للأهمية القصوى لمحافظة الحديدة بالنسبة للعاصمة صنعاء، فالحديدة هي الميناء الرئيسي للقسم الشمالي من البلاد، ولا تبعد سوى 240 كيلومترا عن صنعاء (غربا).
وأكد مسافرون على هذا الطريق الجبلي الملتوي لـ«الشرق الأوسط» أن الطريق بين صنعاء والحديدة، بات مخيفا، جراء انتشار عصابات التقطع، والنقاط العسكرية غير النظامية، فمنذ سيطرة الحوثيين على صنعاء وبقية المحافظات الشمالية، نشرت الميليشيات المسلحة لجماعة الحوثي نقاطا عسكرية غير نظامية أو شبه رسمية، حيث يستخدم عناصر الميليشيات البزات ومواقع النقاط العسكرية بدلا عن قوات الجيش، واختلط تلك القوات بعناصر الميليشيات، وفي الغالب لا يستطيع المسافرون التمييز بين النقاط الحكومية وتلك التي ينصبها المتقطعون على الطريق العام، ولعل ما يجعل عناصر الميليشيات والمسلحين المتقطعين متشابهين، هو نفس الملابس وطريقة وضع النقاط التي هي أقرب إلى الكمائن، منها إلى النقاط العسكرية الرسمية، وبحسب تأكيد المسافرين، فإنهم لا يشعرون بالاطمئنان للسفر في طريق لا يستطيع المرء التمييز فيها بين الجيش والأمن والميليشيات، إضافة إلى أن تلك الميليشيات انتشرت بشكل كبير، في مناطق على طول الطريق.
وخلال الأيام القليلة الماضية، تعرضت بعض نقاط الجيش والأمن والميليشيا، لعمليات عسكرية للمقاومة الشعبية التهامية «بعد تزايد سطوة تلك النقاط وتدخلها في شؤون المواطنين السكان في تلك المناطق ومضايقتها للمسافرين»، بحسب قول البعض، ومن أبرز النقاط التي تم استهدافها نقطة في مثلث طريق يربط بين محمية برع وحمام السخنة الطبيعي وعدد من المديريات التهامية والجبلية، وقال سكان قرب جبل واقر بمديرية المراوعة لـ«الشرق الأوسط» إن «أفراد نقطة الميليشيات الحوثية كانوا يتدخلون في الشاردة والواردة من شؤون المواطنين اليومية في تلك المنطقة المشهورة زراعيا وسياحيا»، غير أنهم أشاروا إلى انتهاء الصخب والممارسات غير القانونية لأولئك الأفراد، بعد أن تعرضوا لهجوم على يد المقاومة الشعبية، حيث امتدت هجمات المقاومة لتشمل نقاطا أخرى للميليشيات ومراكز أمنية يحتلها المسلحون الحوثيون.
ولعل من أبرز ما يشاهده المرء في طريق الحديدة - صنعاء، هو ذلك العدد من المسافرين، ليس كما في الأيام الاعتيادية، حيث تكون رحلاتهم إما تجارية واقتصادية أو سياحية وترفيهية في المحافظة الساحلية (الحديدة)، فكثير ممن يغادرون صنعاء، هم من السكان الذين ينزحون إلى الحديدة على اعتبار أنها أكثر أمنا من صنعاء، بصورة نسبية، لكن معاناة اليمنيين لا تتوقف بالانتقال من مدينة إلى أخرى، فهناك قاسم مشترك، وهو الضربات الجوية التي تستهدف مواقع الميليشيات الحوثية في طول وعرض البلاد، وهي المواقع التي سلمها لهم المخلوع علي عبد الله صالح، وأيضا، قاسم آخر وهو الوضع الاقتصادي المتردي جراء انعدام الخدمات والكهرباء والمشتقات النفطية، خاصة في ظل الصيف القائظ.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.