الاتحاد الأوروبي يتخلى عن الحظر الشامل للنفط الروسي

قادة الدول الأعضاء يفكرون في استخدام أموال روسية مجمدة في إعادة إعمار أوكرانيا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي مخاطباً القمة الأوروبية في بروكسل عبر الفيديو أمس (رويترز)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي مخاطباً القمة الأوروبية في بروكسل عبر الفيديو أمس (رويترز)
TT

الاتحاد الأوروبي يتخلى عن الحظر الشامل للنفط الروسي

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي مخاطباً القمة الأوروبية في بروكسل عبر الفيديو أمس (رويترز)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي مخاطباً القمة الأوروبية في بروكسل عبر الفيديو أمس (رويترز)

طوال الساعات الأخيرة من مساء الأحد وصباح أمس الاثنين كان السؤال الذي يتردد على ألسنة مندوبي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الذين يديرون المفاوضات التحضيرية للقمة الاستثنائية التي انطلقت بعد ظهر أمس في بروكسل: ما هي الفائدة من هذه القمة إذا كانت كل الطرق مسدودة أمام أي اتفاق حول الحزمة السادسة من العقوبات والتدابير المشتركة التي من شأنها كبح ارتفاع أسعار المحروقات والطاقة؟ والإجابة التي كانت تكررها الرئاسة الفرنسية التي أصرت على القمة، أن الهدف هو إنقاذ وحدة الصف الأوروبي التي يخشى أن تتصدع تحت وطأة المفاضلة بين مواصلة الصدام مع موسكو أو البحث عن مسارات للتفاوض معها.
كان واضحاً في الأيام الأخيرة أن الاتحاد الأوروبي تخلى عن فكرة فرض حظر شامل على النفط الروسي والاكتفاء بمنع تصديره إلى الدول الأعضاء عبر الطرق البحرية، ما يتيح لبلدان مثل المجر أن تواصل استيراد الكميات التي تشكل 65 في المائة من احتياجاتها، وسحب اعتراضها على الحزمة السادسة من العقوبات. لكن رغم ذلك، ما زال ظل الفشل يخيم على القمة بعد العراقيل التي ظهرت في الساعات الأخيرة، ليس فقط أمام الموافقة على حزمة العقوبات الجديدة، بل أيضاً بسبب التباين بين الدول الأعضاء حول الموقف العام للاتحاد الأوروبي من النزاع، حيث يدفع فريق باتجاه فتح قنوات للتفاوض مع الرئيس الروسي فيما يصر الفريق الآخر على الاستمرار في المواجهة والتشدد مع الكرملين.
ويتضمن الاقتراح المعروض على القمة إشارة إلى (التمييز بين حظر استيراد النفط الروسي عبر الطرق البحرية الذي يفترض أن يدخل حيز التنفيذ بحلول نهاية العام الجاري، والإعفاء المؤقت من الحظر للنفط الذي يصل عبر أنبوب دروزبا). هذا التمييز يعفي المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك من تطبيق العقوبات التي تقول حكومات هذه البلدان إنها ستؤدي إلى أزمة اقتصادية واجتماعية خطيرة فيها. وكان المسؤول عن السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل قد طرح هذا الاقتراح منذ أسابيع عندما وصلت المفاوضات مع المجر إلى طريق مسدود، لكن الدول الأعضاء رفضته لأنه يكسر وحدة الصف الأوروبي التي باتت اليوم على المحك، وأصبح الهدف يقتصر على التوصل إلى اتفاق يحفظ ماء الوجه ويفتح الباب أمام حظر صادرات النفط الروسي التي تشكل أحد المصادر الرئيسية لتمويل نظام الرئيس فلاديمير بوتين.
يشار إلى أن إعفاء المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك بصورة مؤقتة من هذه العقوبات يعني قطع إمدادات النفط الروسي إلى بلدان الاتحاد الأوروبي بنسبة 15 في المائة، لكن برز في الساعات الأخيرة تطور آثار موجة استياء بين الشركاء الأوروبيين بعد أن أعلنت ألمانيا، التي يمر أنبوب «دروزبا» عبر أراضيها، رغبتها في الاستفادة من الإعفاء، الأمر الذي يؤدي إلى خفض الإمدادات الخاضعة للعقوبات إلى أقل من 65 في المائة من إجمالي الصادرات الأوروبية إلى الاتحاد الأوروبي. وكان الاستياء قد بلغ حد وصف طلب ألمانيا الاستفادة هي أيضاً من هذا الإعفاء بأنه «غير مقبول ولا يحتمل النقاش» من جانب فرنسا وإيطاليا وإسبانيا خلال الاجتماع التحضيري الأخير صباح أمس الاثنين.
وفيما أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عند دخوله القمة عن تفاؤله بالتوصل إلى (توافق في الآراء حول الحزمة السادسة)، قال رئيس الوزراء المجري فكتور أوروبان إن بلاده لا يمكن أن توافق على الاقتراح المطروح في صيغته الحالية. كما قالت رئيسة المفوضية أورسولا فون در لاين إن التوقعات بالتوصل إلى اتفاق خلال هذه القمة (متدنية، لكني على ثقة من أن الاتفاق ليس بعيداً).
وهناك توافق إلى حد كبير على باقي بنود الحزمة السادسة والتي تتضمن عزل سبيربنك، أكبر بنك في روسيا، عن نظام سويفت للمدفوعات الدولية، وحظر دخول المحطات الإذاعية والتلفزيونية الروسية في الاتحاد الأوروبي، وإدراج آخرين على قائمة أفراد تم تجميد أصولهم. لكن مسؤولاً كبيراً في المفوضية الأوروبية قال إن الحزمة بأكملها، بما في ذلك حظر النفط، يجب أن يتم الاتفاق عليها دفعة واحدة. وقالت رئيسة وزراء إستونيا كايا كالاس إن من الواقعي التوصل إلى اتفاق حول حظر النفط الروسي في غضون أسابيع قليلة، مشيرة إلى أنها تأمل أن يتم ذلك في قمة الاتحاد الأوروبي المقبلة المقررة في يومي 23 و24 يونيو (حزيران).
لكن إحدى النتائج الملموسة للقمة يرجح أن تكون دعم الزعماء لحزمة قروض الاتحاد الأوروبي بقيمة تسعة مليارات يورو حتى تتمكن أوكرانيا من الحفاظ على استمرار عمل حكومتها ودفع الرواتب لمدة شهرين تقريباً. وأظهرت مسودة البيان الختامي، حسب «رويترز»، أن زعماء الاتحاد الأوروبي سيدعمون إنشاء صندوق دولي لإعادة بناء أوكرانيا بعد الحرب، دون تفاصيل، ويريدون بحث إمكانية مصادرة أصول روسية مجمدة لهذا الغرض. وسيتعهد الزعماء بتسريع العمل لمساعدة أوكرانيا على نقل حبوبها خارج البلاد إلى المشترين العالميين عبر السكك الحديدية والشاحنات بسبب إغلاق القوات البحرية الروسية الطرق البحرية المعتادة واتخاذ خطوات للاستغناء عن الطاقة الروسية بشكل أسرع. وأظهرت المسودة أن الزعماء مستعدون لاستكشاف طرق للحد من ارتفاع أسعار الطاقة، بما في ذلك جدوى وضع حد أقصى مؤقت للأسعار وتقليص الروتين بشأن طرح مصادر للطاقة المتجددة والاستثمار في ربط شبكات الطاقة الوطنية عبر الحدود لتعزيز مساعدة الدول لبعضها.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: روسيا تنشر المزيد من القوات الكورية الشمالية في كورسك

أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر المزيد من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم السبت، إن موسكو بدأت في إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.