حي مصر الجديدة يخاصم اسمه احتفاء بعقده الأول من قرنه الثاني

شكل استراحة محارب للمشاهير ومبادرة شعبية للحفاظ على تراثه

حي الكوربة بمصر الجديدة في الستينيات، ، و حديقة الميريلاند بمصر الجديدة في الستينيات، و قصر البارون إمبان مؤسس مصر الجديدة ليلا
حي الكوربة بمصر الجديدة في الستينيات، ، و حديقة الميريلاند بمصر الجديدة في الستينيات، و قصر البارون إمبان مؤسس مصر الجديدة ليلا
TT

حي مصر الجديدة يخاصم اسمه احتفاء بعقده الأول من قرنه الثاني

حي الكوربة بمصر الجديدة في الستينيات، ، و حديقة الميريلاند بمصر الجديدة في الستينيات، و قصر البارون إمبان مؤسس مصر الجديدة ليلا
حي الكوربة بمصر الجديدة في الستينيات، ، و حديقة الميريلاند بمصر الجديدة في الستينيات، و قصر البارون إمبان مؤسس مصر الجديدة ليلا

لسنوات ليست بعيدة، كان الذهاب إلى حي مصر الجديدة يمثل بالنسبة للقاهريين خاصة الذين يسكنون في وسط القاهرة أو في أحيائها الشعبية القديمة نوعا من النزهة الخاصة. فالحي الذي يقبع (شرق القاهرة) رغم حداثة تاريخه، كان يتمتع بخصوصية فريدة، قلما تنافسه فيها أحياء أخرى، فهو ليس منغلقا في رقيه مكتفيا بطبيعته الخاصة، كأحياء مثل الزمالك والمعادي، وإنما يجذبك هذا الرقي ببساطته وروحه الحميمة التي لا تشكل مزيجا من الكوزموبوليتانية، يتقاطع فيها إيقاع الحياة الشعبية، وإيقاع العصر الحديث بأناقته الآسرة، سواء في أنماط السلوك والتقاليد التي وثقت علامة أصالة وحب للحي في تلك السنوات، ولا تزال رغم ما اعتراه من متغيرات، تشكل عتبة حنين متجددة لأجوائه.
هذه الأيام.. وتحديا في يوم 23 مايو (أيار) الحالي احتفل حي مصر الجديدة بمرور 110 أعوام على إنشائه الذي يرجع إلى 23 مايو عام 1905، وهو اليوم الذي تم فيه توقيع عقد إنشاء شركة تحت اسم «واحات عين شمس» والمعروفة الآن باسم «شركة مصر الجديدة». وكان الغرض الرئيسي هو إنشاء خط سكة حديد وخطوط ترام لربط منطقة وسط القاهرة بالمدينة الجديدة في مقابل بناء حي جديد على مساحة 25 كم مربع، وأطلق عليه «هليوبوليس»، وهو اسم يوناني أطلقه اليونانيون على مدينة «أون» المصرية القديمة، التي تعني مدينة «الشمس». وكانت تجمع حيي «المطرية وعين شمس» المتاخمين لمصر الجديدة.
أسس حي مصر الجديدة البلجيكي البارون إدوارد إمبان، بمساعدة بعض الشركاء المصريين، وكان بمثابة ملتقى لمختلف الأعراق والأجناس والأديان، وحرصوا على اختيار مجموعة متميزة من المهندسين والمعماريين من مختلف الجنسيات لتصميم وبناء الحي مما أعطى له طابعًا متميزًا ونمط حياة الحضارة الأوروبية الحديثة، بداية من تصميم الطرق والشوارع والمباني ذات التصميمات المميزة، والحدائق الكثيرة والمساحات المفتوحة.
وتبرز الأهمية الجغرافية لمصر الجديد كونها بوابة العاصمة القاهرة من الناحية الشرقية وأحد مداخلها، وهي أول من يستقبل القادمين من أنحاء العالم لوجود مطار القاهرة الدولي بها، كما تعد أحد مداخل العاصمة الأساسية للقادمين من مدينتي الإسماعيلية والسويس.
ومنذ إنشائه تمتع حي مصر الجديدة بوضعية مجتمعية خاصة، فتم عمل شركة إسكان خاصة به، وتشغيل خط مترو سريع لربطه بالقاهرة نظرا للتوسع العمراني في ذلك الوقت، وأيضا شركة كهرباء، كما افتتح أول فندق عالمي به وهو فندق «هليوبوليس بالاس».
وعرفت شوارع وميادين ومقاهي مصر الجديدة خطوات الكثير من المشاهير في عالم الأدب والفن والسياسة الذين فضلوا السكن بها، ومن أبرز الأدباء: يحيى حقي، وعباس العقاد، وصنع الله إبراهيم، ومن الفنانين: رشدي أباظة، وعبد المنعم مدبولي، وحسن يوسف، وليلى علوي، ومن السياسيين: صلاح نصر، وكمال الجنزوري، وصفوت الشريف، وأحمد رشدي، أحد أشهر وزراء الداخلية في مصر في فترة الثمانينات.
وشكلت شوارع مصر الجديدة مسرحا للكثير من الأفلام السينمائية، من أبرزها فيلم «علموني الحب» لأحمد رمزي وإيمان، والمطرب سعد عبد الوهاب، وعبد السلام النابلسي. كما برزت على المسرح في أكثر من عمل، من أشهرها مسرحية «عفاريت مصر الجديدة» بطولة عبد الرحمن أبو زهرة، ومحسنة توفيق، وعبد السلام محمد، وتوفيق الدقن.
وتحفظ ذاكرة مصر الجديدة أن منطقة «الكوربة» الشهيرة بها، كانت نقطة انطلاق الضابط ‏يوسف‏ ‏صديق‏ ‏وجنوده‏ لاقتحام ‏مبنى ‏قيادة‏ الجيش فجر يوم الثورة في 23 يوليو (تموز) عام 1952، وهذه الواقعة شكلت حجر النجاح للثورة.
وعلاوة على المباني والقصور الأثرية التي تحتويها مصر الجديدة، ومن أهمها قصر البارون إمبان مؤسس مصر الجديدة، وقصرا لملموم باشا ونوبار باشا رجلي الحكم بمصر في فترة الباشا محمد علي، أصبحت مصر الجديدة حاليا مقرا للحكم في مصر، ففيها قصر «الاتحادية» الرئاسي، وقصر العروبة، ومقار الكثير من المؤسسات العسكرية، كما يوجد بها عدد من أهم الأندية الرياضية في مصر هي: نادي الشمس، وهليوليدو، والنصر، وهليوبوليس، ومعظمها يضم أعضاء من كبار المسؤولين ورجال الأعمال، كما تنتشر بها عدد من الملاهي ودور السينما الحديثة.
وفي محاولة للحفاظ على تراث مصر الجديدة تكونت مبادرة «تراث مصر الجديدة في عام 2011» كمبادرة شعبية تضم مجموعة من الشباب المتخصصين في التراث الحضاري والمعماري، وذلك ردا على تدهور نوعية وجودة الحياة والتراث الثقافي والمعماري في جميع أنحاء هليوبوليس، خاصة بعدما تهدمت الكثير من المباني القديمة والعريقة لتحل محلها مبان جديدة، واختفت بعض الأماكن المرتبطة بذكريات أهالي مصر الجديدة.
ويقول شكري أسمر، المتحدث الرسمي باسم المبادرة، إنها مؤسسة تحت التأسيس، وتضم عددًا من المشاريع المهمة وتعرض تقارير انتهاك المباني الأثرية ذات القيمة الثقافية العالية إلى الجهات الحكومية والتنفيذية أملاً في إيجاد حلول إيجابية.
وحول الخطة التي تسعى لتحقيقها المبادرة، أوضح أسمر، أنها تتركز في إنشاء قائمة من الإجراءات الوقائية للحفاظ على مناطق التراث المعماري المتميز والمباني التراثية في مصر الجديدة، بالإضافة إلى التعديلات المقترحة على لوائح المناطق ذات التراث المعماري المتميز الصادرة عن هيئة التنسيق الحضاري في يناير (كانون الثاني) عام 2014، وإعداد وثائق ومقترحات للمشاريع الخاصة مثل: تجديد مترو مصر الجديدة، وحماية وإعادة تنشيط حديقة الميريلاند، ومشروع متحف لمصر الجديدة داخل قصر البارون. كما تسعى المبادرة إلى تعزيز الوعي العام من خلال الفعاليات الثقافية والاجتماعية للترويج لتراث حي مصر الجديدة. إضافة إلى حماية المساحات الخضراء وزيادتها وتنميتها، وحل مشكلة المرور ومنظومة المواصلات العامة، والنظافة وإدارة المخلفات.
وتعمل المبادرة لدفع العمل المشترك مع المسؤولين الحكوميين والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتقييم والتعرف على التراث الحديث للمنطقة وتشجيع أهالي المنطقة للمشاركة للمحافظة على تراث الحي.
وكانت حديقة «الميريلاند»، بمصر الجديدة التي تعد من أكبر حدائق القاهرة بمصر الجديدة، وبها بحيرات مائية وأشجار، قد تم قطع مجموعة من الأشجار النادرة التي يتعدى عمرها أكثر من 80 عاما، وثمنها يصل إلى 300 ألف دولار، مما أثار غضب سكان المنطقة، وتم عقد اجتماع مع رئيس الحي هشام خشبة، ومساعد محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية أحمد تيمور، لمنع هذه التجاوزات المدمرة للبيئة، والتي تشوه جمال منطقة مصر الجديدة. كما زار الدكتور خالد فهمي وزير البيئة، هذه الحديقة وأصدر قرارا بإيقاف أي أعمال داخل الحديقة، لحين توفيق الأوضاع طبقا للتراخيص المتعلقة بمشروع تطوير حديقة الميريلاند.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.