جوني ديب وآمبر هيرد... الفيلم الأكثر مشاهدة في رصيد النجمين

كيف تحول صراعهما إلى قضية رأي عام فيها الأبطال والأشرار

جوني ديب في قاعة المحكمة (رويترز)
جوني ديب في قاعة المحكمة (رويترز)
TT

جوني ديب وآمبر هيرد... الفيلم الأكثر مشاهدة في رصيد النجمين

جوني ديب في قاعة المحكمة (رويترز)
جوني ديب في قاعة المحكمة (رويترز)

لم تنعم العلاقة يوماً بين الثنائي الهوليوودي جوني ديب - آمبر هيرد بالهدوء، فحتى أقصى لحظات حبهما كانت عاصفة وسريعة العطب في آن.
لم يَعش زواجهما أكثر من سنة و3 أشهر، على عكس الصراعات القضائية بينهما، التي عاشت أكثر من 6 سنوات قابلة للتمديد.
لكن، ما الذي حول حكاية انفصال زوجين إلى قضية رأي عام ينقسم فيها المتابعون بشراسة، ويسمحون لأنفسهم بتصنيف شخصيات الحكاية؟ منهم مَن يُجلس ديب على عرش الأبطال ويضع هيرد في خانة الأشرار، فيما آخرون يدافعون عنها ويهاجمونه.

التسلسل الزمني لحكاية آمبر وجوني

كانت آمبر ممثلة مبتدئة يوم التقت جوني خلال تصوير فيلم «يوميات روم (The Rum Diary)» عام 2009، واقتضى سيناريو الفيلم أن تجمعهما قصة حب لم تتحول إلى واقع إلا بعد 3 سنوات، عندما بدآ يتواعدان.
في عام 2014 تطورت المواعدة إلى خطوبة، وما هي إلا سنة حتى عُقد قرانهما في حفلٍ لم يحضره سوى الأهل والأصدقاء. أوحت الحميمية تلك بأن الثنائي يحاول حماية قصته، لكن الواقع لم يكن كذلك، ففي شهر مايو (أيار) 2016 تقدمت هيرد بدعوى طلاق متهمة ديب بإيذائها جسدياً حين يكون تحت تأثير المخدرات والكحول. نفى ديب الاتهامات وتوصل الطليقان إلى تسوية، نالت هيرد بموجبها 7 ملايين دولار.
في عام 2017 أصبح الطلاق رسمياً ونهائياً، ونصت وثيقته على عدم تصريح أي من الطرفين بأمر سلبي عن العلاقة التي جمعتهما. إلا إن هيرد لم تلتزم بالاتفاق، ففي نهاية 2018 نشرت مقال رأي في صحيفة «واشنطن بوست» أشارت فيه إلى أنها تتحدث باسم النساء من ضحايا العنف الزوجي، لكن من دون أن تذكر اسم ديب.
https://twitter.com/realamberheard/status/1075503279323242496
ومنذ ذلك اليوم اشتعل الفتيل الفعلي للقضية؛ إذ سارع ديب إلى مقاضاة هيرد، عادّاً أن المقال يُبرز بشكلٍ خاطئ أنه قام بتعنيفها، مطالباً إياها بمبلغ 50 مليون دولار تعويضاً عن التشهير. وأكد في الدعوى أن طليقته ليست ضحية عنف منزلي، بل هي التي تسببت فيه. وتصديقاً على أقوال ديب، نشرت الـ«ديلي ميل» سنة 2020 تسجيلات هاتفية بين الطرفين تقر فيها هيرد بأنها تعرضت لديب بالضرب. وفي تلك الأثناء، كانت آثار العاصفة القانونية قد بدأت تنعكس سلباً على مسيرة ديب الفنية؛ إذ صار يخسر عقود عمل وأدواراً سينمائية.

«مواجهة ديب - هيرد»... الموسم الثاني

في أبريل (نيسان) الماضي، دخل جوني ديب وآمبر هيرد إلى قاعة المحكمة في ولاية فيرجينيا الأميركية بوصفهما نجمَين لطالما احترفا لعبة الأضواء. استؤنفت المحاكمة للبت في دعوى التشهير التي كان قد رفعها ديب ضد هيرد، على خلفية مقالها في «واشنطن بوست». على مدى 4 أيام أدلى بشهادته أمام المحكمة، وسط أخذٍ ورد من قِبل محامي الطرفين حول ماضيه مع الكحول والمخدرات. أما هو؛ فاختصر حالته بالقول: «لقد خسرت كل شيء بسبب ذاك المقال».
لم يحصل ذلك أمام عيون الحضور في قاعة المحكمة فحسب؛ بل أمام العالم أجمع. فالمحاكمة منقولة مباشرة ومجاناً عبر الإنترنت، مع العلم بأن تصوير المحاكمات وبثها ممنوع في بعض الولايات الأميركية، غير أن القانون الخاص بولاية فيرجينيا يسمح بذلك.
وبما أن الناس يحبون الدراما ويمضون ساعاتٍ يومياً أمام المسلسلات، فكان من الطبيعي أن يحصد «مسلسل ديب - هيرد» نسبة المشاهدة الأعلى، خصوصاً أنه واقعي ومتابعته غير مكلفة على الإطلاق! بسرعة اختارت غالبية المشاهدين بطلها في القصة؛ إنه جوني الذي حصد التضامن الشعبي فور انتهاء جولته الأولى. ولعل أبرز مشاهد تلك الجولة كان عندما تحدث ديب عن خسارة جزء من أصبعه، بعد أن ضربته هيرد بزجاجة في أحد شجاراتهما.
https://www.youtube.com/watch?v=fKTqvXX8CKs
كان على المتابعين أن ينتظروا أسبوعين حتى تطل عليهم هيرد في 4 مايو الحالي، في شهادة ركزت فيها على إدمان ديب وتعنيفه المتواصل لها.
https://www.youtube.com/watch?v=1T - Mkj7xIsg
ولم يوفر محامو الطليقين أي تسجيل صوتي أو فيديو للشجارات إلا وشاركوه مع المحكمة، فاتحين أبواب بيت ديب وهيرد الزوجي أمام عيون الفضوليين.
https://www.youtube.com/watch?v=xsBN_7vUP0U
وفي أحدث فصول القضية؛ عاد ديب لينفي اتهامات هيرد وفريقها القانوني، أما هي فأعلنت عن تلقيها آلاف رسائل التهديد بالقتل يومياً منذ انطلاقة المحاكمة: «يريد الناس وضع طفلتي في المايكروويف»، قالت، واصفة المحاكمة بأنها «الاختبار الأكثر إيلاماً وإهانة وبشاعة في حياتها».
https://www.youtube.com/watch?v=k8DDSp1HhKI
وبانتظار الحكم النهائي المؤجل، تبقى قضية ديب - هيرد الشغل الشاغل للصحافة ولرواد وسائل التواصل الاجتماعي، في ظاهرة لم يُشهَد لها مثيل.

«جيش ديب» يهزم «كتيبة هيرد»

الجميع يريد أن يدلي بدلوه، والرأي العام غير بريء من الجدلية الصاخبة التي أحاطت بالقضية. فالإعلام والمؤثرون والمتابعون لم يبخلوا في صب الزيت على النار من خلال التعليقات التي غصت بها صفحات التواصل الاجتماعي، إلى جانب الصور والفيديوهات والـ«ميمز» (memes) الساخرة التي امتلأ بها الإنترنت.
أما كبرى المعارك؛ فقد دارت على منصة «تيك توك»، حيث سجل هاشتاغ #JusticeForJohnnyDepp (العدالة لجوني ديب)، أكثر من 17 مليار مشاهدة. فيما لم يتخطَّ هاشتاغ #IStandWithAmberHeard (متضامن مع آمبر هيرد) 10 ملايين مشاهدة. وبسرعة اتضح أن الغالبية اختارت الوقوف في صف ديب والتهجم على هيرد، من خلال فيديوهات صورتها على أنها ممثلة بارعة في الكذب.

https://www.tiktok.com/@anne.styled/video/7095533264110144774?is_from_webapp=v1&item_id=7095533264110144774

أما ديب فجرى تظهيره على أنه بطل الحكاية.

https://www.tiktok.com/@jessvalortiz/video/7093663951313095982

وعلى جبهة «تويتر»، جرى تداول هاشتاغ #JohnnyDeppIsInnocent (جوني ديب بريء) و#AmberHeardIsALiar (آمبر هيرد كاذبة)، فتحولت المواجهة بين ديب وهيرد إلى معركة بين جيشيهما الإلكترونيين، وسط احتمالٍ كبير بأن محركات وهمية قد شاركت بقوة في الصراع الإلكتروني.
لكن لماذا فاز جوني بالتعاطف الشعبي وبحرب الـ«سوشيال ميديا»؟
أجوبة عدة قد تفسر ما حدث، لعل أبرزها أن جوني ديب هو في الأساس بطل في عيون محبيه، ولديه ملايين المعجبين الذين يصعب عليهم التصديق أن القرصان الخارق «جاك سبارو» تعرض للتعنيف من قِبَل امرأة. وقد لعب وقوفه على قوس المحكمة قبل هيرد دوراً كذلك في موجة التضامن معه، فهو حصل أولاً على فرصة الكلام متهماً إياها بالاعتداء عليه، مما أدى ربما إلى الظن بأن تصرفاته العنفية جاءت رد فعل.

آمبر هيرد في أحدث جلسات المحاكمة (رويترز)

بنظر المتابعين، بدا جوني أكثر صدقاً وإقناعاً من هيرد التي لم يسعفها أداؤها المبالغ والقريب من الدرامية في استمالة الأكثرية، فاتُهمت بالتمثيل والافتراء.

قضية إنسانية معرضة للتسخيف

إلى جانب تنصيب أنفسهم قضاة، ساهم المغردون والمؤثرون في تحويل الموضوع من قضية قانونية إلى عرض ترفيهي قد يسخف عنواناً كبيراً: «التعنيف الزوجي». فما تدوول على «تيك توك» و«تويتر» وغيرهما، هو الذي كون المواقف لدى الرأي العام، وليس وقائع المحاكمة؛ وهذا دقيق جداً.
ضجيج النكات والفيديوهات المتداولة كاد يفقد الموضوع؛ ليس جديته فحسب؛ بل إنسانيته. فالقصة في الأساس قصة إنسانية مؤلمة: عنف وصراع وطلاق. وقد ينعكس هذا التعاطي سلباً على قضايا النساء المعنفات ويعرضها للتسطيح والاستخفاف وحتى التكذيب، بعد واقعة آمبر وجوني.



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض