مطالبات بتحرك أسرع لاحتواء «جدري القردة»

خبراء يحثون على تفادي ما حدث في بداية جائحة «كورونا»

مختبر لفحص الميكروبات تابع للجيش الألماني يبحث «جدري القردة» (رويترز)
مختبر لفحص الميكروبات تابع للجيش الألماني يبحث «جدري القردة» (رويترز)
TT

مطالبات بتحرك أسرع لاحتواء «جدري القردة»

مختبر لفحص الميكروبات تابع للجيش الألماني يبحث «جدري القردة» (رويترز)
مختبر لفحص الميكروبات تابع للجيش الألماني يبحث «جدري القردة» (رويترز)

طالب بعض الخبراء البارزين في مجال الأمراض المعدية، السلطات الصحية العالمية باتخاذ إجراءات أسرع لاحتواء التفشي المتزايد لمرض جدري القردة الذي انتشر في 20 دولة على الأقل. ويقول الخبراء إن على الحكومات ومنظمة الصحة العالمية عدم تكرار ما حدث من عثرات في بداية جائحة «كوفيد – 19»، الأمر الذي أدى إلى التأخر في اكتشاف الحالات، ما ساعد على انتشار الفيروس. وفي حين أن جدري القردة ليس قابلاً للانتقال أو خطيراً بنفس درجة «كوفيد – 19» يقول هؤلاء العلماء إن هناك حاجة إلى إرشادات أوضح حول كيفية عزل الشخص المصاب، ونصائح أكثر وضوحاً عن كيفية حماية المعرضين لخطر الإصابة وتحسين سبل الفحص وتتبع المخالطين.
وقالت إيزابيل إيكرل، الأستاذة في مركز جنيف للأمراض الفيروسية الناشئة في سويسرا: «إذا أصبح هذا وباءً في المزيد من البلدان، فسنواجه مرضاً سيئاً آخر، وسيتعين اتخاذ الكثير من القرارات الصعبة». قال مسؤول لـ«رويترز» إن منظمة الصحة العالمية تدرس ما إذا كان ينبغي تقييم تفشي المرض على أنه حالة طوارئ صحية عامة محتملة تثير قلقاً دولياً. ومن شأن اتخاذ منظمة الصحة العالمية قراراً باعتبار المرض حالة طوارئ صحية عالمية، كما حدث مع فيروس كورونا أو الإيبولا، أن يساعد في تسريع البحث والتمويل لاحتوائه.
ومع ذلك، يقول الخبراء إن من المستبعد أن تتوصل المنظمة إلى مثل هذا القرار قريباً، لأن جدري القردة يمثل تهديداً معروفاً يمتلك العالم أدوات لمكافحته. وسُجلت هذا الشهر أكثر من 300 حالة مؤكدة أو يشتبه بإصابتها بجدري القردة، وهو مرض خفيف عادة وينتشر عن طريق الاتصال الوثيق بشخص مصاب ويتسبب في أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا، وطفح جلدي مميز. وظهرت معظم الحالات في أوروبا وليس في بلدان وسط وغرب أفريقيا، حيث يتوطن الفيروس. ولم يتم تسجيل أي وفيات خلال التفشي الراهن.
ومع ذلك، أبدى مسؤولو «الصحة العالمية» قلقهم إزاء الانتشار المتزايد للمرض في البلدان غير الموبوءة. وقالت منظمة الصحة العالمية إنها تتوقع ارتفاع الأعداد مع زيادة المراقبة. وأكدت المنظمة، الجمعة، مجدداً أن فيروس جدري القردة قابل للاحتواء بإجراءات تشمل الاكتشاف السريع للحالات وعزلها وتعقب المخالطين. وتشمل النصائح الموجهة للمصابين، وفي بعض الحالات للمخالطين لهم، العزل لمدة 21 يوماً، لكن ليس من الواضح إلى أي مدى سيلتزم الناس بهذه الفترة الطويلة بعيداً عن العمل أو الالتزامات الأخرى. ولا يُعد التطعيم الجماعي ضرورياً لكن بعض الدول، ومنها بريطانيا وفرنسا، تقدم لقاحات للعاملين في مجال الرعاية الصحية والمخالطين المقربين.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد دعت دول العالم، مؤخراً، إلى اتخاذ مختلف التدابير لمواجهة الانتشار غير المعتاد لمرض جدري القردة، الذي قالت إنه ليس هناك داعٍ للقلق بشأنه. وقالت الخبيرة بمنظمة الصحة العالمية سيلفي برياند، في مؤتمر صحافي للدول الأعضاء، في جنيف يوم الجمعة، إنه «ليس مرضاً يجب أن يقلق عامة الناس منه. إنه ليس مثل كوفيد». وأضافت برياند: «أمامنا فرصة جيدة لوقف انتشار المرض الآن»، مشيرة إلى أنه ليس من المعروف حجم مخزون لقاحات الجدري، التي ينبغي أن تساعد أيضاً في مكافحة جدري القردة.
وتتوقع منظمة الصحة العالمية استمرار ارتفاع حالات الإصابة بمرض جدري القردة، الذي انتشر في أكثر من 20 دولة حتى الآن. واختتمت برياند تصريحاتها بالقول: «في الوقت الحالي، لا نعرف ما إذا كنا نشهد فقط ذروة الإصابات، حيث إنه لا توجد نتائج واضحة حتى الآن حول سبب التطور الحالي».
من جهة أخرى، قالت وكالة الأنباء الألمانية إنها علمت من السلطات الصحية في باريس، أمس (السبت)، أنه تم تطعيم شخصين في فرنسا خالطا فيروس جدري القردة. وتم تطعيمهما في مستشفى بباريس بلقاح «إيمفانيكس» المضاد للجدري، أول من أمس (الجمعة)، بعدما أوصت السلطات الصحية الفرنسية، في وقت سابق، بتطعيم الأشخاص الذين خالطوا الفيروس. وذكرت وكالة الأدوية الأوروبية أن «إيمفانيكس» لقاح يستخدم لحماية البالغين من الجدري.
وتم إعطاء اللقاحات وسط ارتفاع في عدد حالات جدري القردة. وعادة ما يسبب الفيروس أعراضاً طفيفة مثل الطفح الجلدي والحمى والبثور، لكن يمكن أن تكون الأعراض شديدة. وقالت منظمة الصحة العالمية، مؤخراً، إن المرض ظهر حتى الآن في 20 دولة، وإن أعداد الحالات مرشحة للزيادة. وذكرت وزيرة الصحة الفرنسية بريجيت بورجينيون، الأسبوع الماضي، أن هناك سبع حالات مؤكدة للإصابة بالفيروس في فرنسا، وأن الوضع تحت السيطرة. وفي بريطانيا، حيث تم رصد أكبر عدد من الحالات، تم تطعيم أكثر من ألف شخص بعد مخالطتهم للفيروس. واشترت بريطانيا أكثر من 20 ألف جرعة من «إيمفانيكس».


مقالات ذات صلة

واشنطن وسيول يؤكدان استمرار تحالفهما «القوي»

آسيا هان داك سو القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية (رويترز)

واشنطن وسيول يؤكدان استمرار تحالفهما «القوي»

أجرى هان داك سو القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأميركي جو بايدن، حسبما أفاد مكتب هان في بيان اليوم الأحد.

أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
المشرق العربي المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

«لقاء العقبة» يدعم حكومة «جامعة» في سوريا

أكَّدت لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا، في اجتماعها بمدينة العقبة الأردنية، أمس، الوقوف إلى جانب الشعب السوري وتقديم كل العون والإسناد

«الشرق الأوسط» (عمّان - دمشق)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يختار ريتشارد جرينيل مبعوثاً رئاسياً للمهام الخاصة

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، اليوم، إنه اختار ريتشارد ألين جرينيل، رئيس مخابراته السابق، مبعوثاً رئاسيا للمهام الخاصة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)

«حزب الله» يقر بخسارة «طريق الإمداد»

أقرَّ «حزب الله» على لسان أمينه العام، نعيم قاسم، بخسارة طريق الإمداد عبر سوريا، مؤكداً في الوقت عينه أنَّ «المقاومة» باقية ومستمرة وأنَّ حزبه «قوي ويتعافى»

«الشرق الأوسط» (بيروت)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».