سيارات رباعية الدفع تبعد شبانًا ليبيين عن ساحات النزاع المسلح

القره بوللي أصبحت مركزًا للاستعراض والسباقات

سيارات الدفع الرباعي خلال السباق (أ.ف.ب)
سيارات الدفع الرباعي خلال السباق (أ.ف.ب)
TT

سيارات رباعية الدفع تبعد شبانًا ليبيين عن ساحات النزاع المسلح

سيارات الدفع الرباعي خلال السباق (أ.ف.ب)
سيارات الدفع الرباعي خلال السباق (أ.ف.ب)

تصعد السيارات الرباعية الدفع التي كانت ممنوعة على الليبيين في زمن النظام السابق، الواحدة تلو الأخرى، تلة رملية في منطقة ساحلية قرب طرابلس، في استعراض أسبوعي يشكل متنفسا لعشرات الشبان، بعيدا عن يوميات النزاع المسلح في بلدهم.
وعند فترة العصر من كل يوم جمعة، يتجمع هؤلاء الشبان في المنطقة الواقعة على بعد أمتار قليلة من البحر في بلدة القره بوللي (نحو 60 كلم شرق طرابلس)، يقودون سياراتهم صعودا ونزولا، فيما يكتفي آخرون بالتفرج عليهم والتصفيق لهم.
ويقول أحمد عبد القادر عتيقة، أحد المشرفين على الاستعراض، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «سيارات الدفع الرباعي كانت ممنوعة على الليبيين قبل الثورة، ومسموح بها لدوائر أمنية وحكومية معينة، لكن بعد الأحداث فتحت السوق أمام الجميع (...) وبدأ يشتريها الشبان، ثم شرعنا في تنظيم هذا الاستعراض».
ويضيف: «هذا المكان ملتقى للشباب الليبيين الذين يأتون من عدة مدن كل يوم جمعة. إنه صورة جميلة تمنح الأمل بأن الرياضة قادرة على حل الخلافات وحقن الدماء».
وتشهد ليبيا صراعا على السلطة ورغم المعارك المستمرة، والانقسام بين الليبيين، فإن في منطقة استعراض السيارات الرباعية الدفع، تختفي آثار الحرب كليا، حيث تبدو هذه المنطقة، وكأنها جزيرة معزولة عن الواقع اليومي لبلاد لم يهنأ شبانها بحياة طبيعية منذ أكثر من أربع سنوات.
وقبيل بدء الاستعراض، توزعت نحو 50 سيارة رباعية الدفع في أرجاء المكان، بعضها تسلقت التلة العالية، وأخرى اتخذت من ظل الأشجار المنتشرة في هذه البقعة موقفا لها.
وجلس بالقرب من هذه السيارات الحمراء والصفراء والبيضاء والبرتقالية وغالبيتها مكشوفة السقف، عشرات الأشخاص الذين أتوا ليتفرجوا أو ليشاركوا في الاستعراض، بعضهم اتخذ من الرمال مكانا للجلوس، وبعضهم الآخر لجأ إلى صندوق سيارته.
ويشرح محمد، وهو طبيب أسنان: «نذهب إلى البحر، ثم نأتي إلى هنا لنتفرج على هؤلاء الشبان ونعيش معهم التحدي. آتي إلى هنا منذ عامين، لكنني كلما أحضر إلى المكان أشعر بأنه أمر جديد (...) وبأنها زيارتي الأولى».
ومع بدء انحسار أشعة الشمس خلف التلة، أعطى عتيقة إشارة انطلاق الاستعراض، لتتصاعد أصوات المحركات الصاخبة معا فجأة، وسط تصفيق المتفرجين الذين تمركزوا على أطراف الوادي الواقع في أسفل التلة، حاملين هواتفهم النقالة استعدادا لتصوير الحدث.
وانطلقت سيارة برتقالية مكشوفة السقف بسرعة عالية من أسفل الوادي في محاولة لبلوغ أعلى التلة، وما إن وصلت إلى المكان المنشود، حتى همت بالنزول إنما بسرعة أقل من أجل تفادي الاصطدام بالسيارات الأخرى التي كانت قد بدأت بدورها محاولة الصعود.
ولم تمض دقائق قليلة حتى اكتظت المساحة المخصصة للاستعراض بالسيارات التي لم تكتف فقط بصعود ونزول التلة، بل بدأ بعضها بالسير ببطء جنبا إلى جنب في مسار أفقي، مما تسبب بتصاعد الرمال في سماء المكان.
ومع أن بعض السائقين لم يتمكنوا من بلوغ أعلى القمة، واضطروا إلى العودة خائبين نحو أسفل الوادي والمحاولة من جديد، إلا أنهم كانوا يصرخون للحاضرين طالبين منهم الهتاف لهم تشجيعا، وهو ما حدث مع سيارة بيضاء فشلت ثلاث مرات في بلوغ قمة التلة، إلى أن نجح سائقها أخيرا وتلقى صيحات وتصفيق المتفرجين.
ووضع السائقون الشبان على سياراتهم العلم الليبي، وألصق آخرون عبارات مثل «شباب ليبيا»، أو «ملك الطريق».
وقال منير رمضان صاحب سيارة الجيب البرتقالية التي يعود تاريخ تصنيعها إلى عام 1981 وقد أضيف إليها محرك أكثر حداثة: «شعورنا بأننا نقود سيارات كانت ممنوعة علينا لا يمكن وصفه».
وأضاف: «نأمل في أن تتطور هذه الرياضة وأن تستمر، ونحن نطمح إلى أن نصل إلى مستويات أعلى، لكننا نحتاج إلى الدعم».
ومرت ساعة على الاستعراض قبل أن يتحول إلى مسابقة في الدوران بالسيارة وسط الوادي، ثم إلى سباق قصير في التسبب بنشر أكبر كمية من الرمال في الهواء، بينما كانت تتصاعد شيئا فشيئا رائحة الإطارات المحترقة.
واستمر الاستعراض لمدة ساعتين، قبل أن يجمع السائقون سياراتهم الواحدة وراء الأخرى، وينطلقون في مغامرة أخيرة تتمثل في القيادة على الشاطئ الرملي إلى جانب البحر لنحو ثلاثة كيلومترات قبل الوصول إلى الطريق السريع.
وقاد هؤلاء سياراتهم على الشاطئ بسرعة عالية في خط مستقيم، فيما كانت الشمس في المرحلة الأخيرة من فترة المغيب.
ويقول عتيقة: «ينتقدنا كثيرون، إذ يقولون إن البلاد تعيش حربا ومشكلات داخلية بينما نحن نتسلى ولا نهتم بما يجري. لكن على العكس، نحن مهتمون، وبيننا عسكريون وموظفون حكوميون، إلا أن هذا اليوم هو للترفيه وإزالة ضغوط الأسبوع».
ويتابع: «ليبيا في هذا المكان ليست كما نراها على شاشات التلفزيون. ليبيا هنا فيها الخير».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.