احتجاز صحافيين وحقوقيين في معسكرات تابعة للحرس الجمهوري

خلو صنعاء من الصحافيين على خلفية مضايقات وتهديدات لهم

طفلان يمنيان يرقبان دخانا يتصاعد من أحد معاقل الحوثيين بعد قصف التحالف له في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
طفلان يمنيان يرقبان دخانا يتصاعد من أحد معاقل الحوثيين بعد قصف التحالف له في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

احتجاز صحافيين وحقوقيين في معسكرات تابعة للحرس الجمهوري

طفلان يمنيان يرقبان دخانا يتصاعد من أحد معاقل الحوثيين بعد قصف التحالف له في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
طفلان يمنيان يرقبان دخانا يتصاعد من أحد معاقل الحوثيين بعد قصف التحالف له في صنعاء أمس (إ.ب.أ)

قال مروان دماج أمين عام نقابة الصحافيين اليمنيين إن «الصحافة اليمنية تمر بأسوأ مرحلة في تاريخها»، واصفًا الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون من قبل قوى الانقلاب بـ«الخطيرة وغير المسبوقة»، وقال دماج في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «استمرار النهج الميليشياوي تجاه المؤسسات الإعلامية الذي سيؤدي إلى انهيار كامل للمؤسسات الإعلامية ومكتسبات حرية الرأي والتعبير في اليمن».
وذكر دماج أن نقابة الصحافيين نظمت وقفات احتجاجية للمطالبة بالإفراج عن الكثير من الصحافيين المختطفين لدى جماعة الحوثي، ومن جملتهم مدير مكتب قنوات mbc السعودية الصحافي جلال الشرعبي المختطف لدى الحوثيين منذ 23 أبريل (نيسان) الماضي، في سجن الأمن القومي، وتمنع عنه الزيارة أو الاتصال مع أسرته أو إبداء أسباب الاعتقال والسماح بالإجراءات القانونية المتعارف عليها.
وأعرب أمين نقابة الصحافيين اليمنيين عن قلقه من «استمرار الانتهاكات والاعتقالات التعسفية بحق الصحافيين والحقوقيين الذين باتوا عرضة للخطر أكثر من أي وقت سابق»، مشيرًا إلى «تزايد المخاوف في أوساط الصحافيين جراء تردد معلومات تفيد أن جماعة الحوثي أودعت الكثير من الصحافيين في سجون غير نظامية داخل معسكرات ومقرات عسكرية تتعرض للقصف من قبل قوات التحالف العربي كدروع بشرية».
وقال دماج لـ«الشرق الأوسط» إنه تلقى اتصالات من أسرتي الزميلين الصحافيين يوسف العيزري مراسل قناة سهيل، وعبد الله قاسم مراسل قناة يمن شباب أفادت أن ميليشيات الحوثي تحتجزهما في إحدى المعسكرات التابعة للحرس الجمهوري، التي تعد ضمن بنك أهداف غارات طيران تحالف إعادة الأمل إلى اليمن.
ونوه دماج إلى النقابة «تواصلت أكثر من مرة مع القوى الانقلابية للسماح لها بزيارة الصحافيين المختطفين لدى الجماعة دون جدوى»، مضيفًا أن «نقابة الصحافيين اليمنيين طلبت من مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، أثناء زيارته إلى اليمن، التدخل لدى جماعة الحوثي للإفراج عن الصحافيين المختطفين».
إلى ذلك، اعتقلت ميليشيات الحوثيين الكثير من الصحافيين بعد أيام قليلة من إطلاق سراح مراسل «الشرق الأوسط» في صنعاء الزميل حمدان الرحبي. ويبدو جليًا أن الصحافيين الأكثر عرضة للاستهداف والاعتقال من قبل الانقلابيين هم الصحافيون الذي يعملون، أو يراسلون وسائل إعلام سعودية.
وتمكن الصحافي نبيل الأسيدي المراسل السابق لجريدة «عكاظ» السعودية، ورئيس لجنة التدريب في نقابة الصحافيين اليمنيين، من الإفلات من قبضة ميليشيات الحوثي، قبل ساعات قليلة من مداهمة منزله من قبل الحوثيين، على خلفية اتصال تلقاه من أحد أقارب الصحافي جلال الشرعبي يوم اعتقاله. ويختبئ الأسيدي حاليًا في إحدى القرى النائية في محافظة أخرى بعد مغادرته صنعاء. وقال نبيل الأسيدي في اتصال لـ«الشرق الأوسط» إنه يتلقى الكثير من التهديدات على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تحتفظ الشرق الأوسط بأحدها، وتتهمه بـ«تجنيد الصحافيين لصالح المخابرات السعودية والأميركية».
وبخلاف الأسيدي، تمكن الصحافي محمد الصالحي رئيس تحرير موقع «مأرب برس» من مغادرة اليمن بصعوبة، عن طريق البر إلى المملكة العربية السعودية. وقال الصالحي، الذي تحجب السلطات الانقلابية موقعه، ضمن عشرات المواقع الإخبارية المحجوبة: «إن الطاقم المحلي يعمل في ظروف صعبة، ولا يستقرون في مقر دائم خشية مداهمة من ميليشيات الحوثي».
على صعيد متصل، توقفت جميع الصحف اليومية الأهلية عن الإصدار ما عدا صحيفة «اليمن اليوم» التابعة لنجل الرئيس المخلوع أحمد علي عبد الله صالح، إما نتيجة اقتحامها من الحوثيين ومصادرة أجهزتها ومطابعها كما هو الحال مع صحيفتي «المصدر» و«أخبار اليوم»، وإما نتيجة انعدام وقود الديزل المشغل للمطابع، وانقطاع خطوط النقل بين المحافظات، مما يجعل مسألة توزيع الصحف في المحافظات أمرًا متعذرًا، ومن جملتها صحيفتا «الشارع» و«الأولى»، فضلًا عن إعلان قناة السعيدة، واسعة الانتشار، التوقف عن بث البرامج المباشرة والإخبارية الحية لذات السبب، في ظل تردد معلومات عن استحواذ الانقلابيين على 40 في المائة من المشتقات النفطية التي دخلت إلى اليمن خلال أيام الهدنة الخمسة، حسبما أفادت لـ«الشرق الأوسط» مصادر في شركة النفط.
وتخلو العاصمة صنعاء من الصحافيين منذ نحو شهرين، على خلفية مضايقات وتهديدات تلقاها الصحافيون المستقلون ومراسلو وسائل الإعلام الدولية من قبل الانقلابيين الحوثيين بالتزامن مع بدء عمليات عاصفة الحزم. وفي حين تمنع السلطات الانقلابية الصحافيين الأجانب من دخول اليمن، يختبئ عدد كبير من الصحافيين ومراسلي وسائل الإعلام الدولية في قراهم وفي الأرياف النائية خارج العاصمة صنعاء الخاضعة كليًا لسيطرة ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق.
وشهدت الثمانية والأربعون ساعة الماضية جملة من الانتهاكات الخطيرة بحق صحافيين وقانونيين ومدافعين عن حقوق الإنسان.
ففي صنعاء اختطفت ميليشيات الحوثيين صباح أمس الخميس المحامي والناشط الحقوقي عبد الباسط غازي، على خلفية ممارسة واجبه القانوني في متابعة قضايا كثيرة أوكلت إليه من قبل أهالي المختطفين لدى جماعة الحوثي. وقالت مصادر حقوقية لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين اختطفوا غازي أثناء تردده على سجن البحث الجنائي في العاصمة صنعاء للمطالبة بالإفراج عن العشرات من موكليه المحتجزين دون مسوغ قانوني، في سجن البحث الجنائي أوامر مباشرة من قبل ميليشيات الحوثي.
وفي صنعاء أيضًا، اختطفت مساء أول من أمس ميليشيات الحوثيين، الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، الناشط الحقوقي البارز أكرم الشوافي رئيس «مؤسسة شباب شفافية وبناء» من قلب العاصمة واقتادته، دون إبداء أسباب ودون إذن قضائي، إلى المنطقة الرابعة قسم شرطة حدة، حسب بلاغ من المؤسسة.
وعبرت مؤسسة شباب شفافية وبناء عن إدانتها واستنكارها لـ«الاعتقال التعسفي الذي طال رئيس المؤسسة أكرم الشوافي، وما صاحب ذلك من إجراءات تعسفية حيث منعت عنه الزيارة أو الاتصال بأي من أقاربه. كما لم يتم التحقيق معه أو مواجهته بأسباب اعتقاله». وقالت المؤسسة، في بيان صادر عنها، إن ممارسات وانتهاكات الحوثيين التعسفية والقمعية والاعتقالات تعد «خارج إطار القانون وتمثل انتهاكًا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وللعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والقوانين والتشريعات المحلية وتعاملا بشكل غير مقبول مع حالات التعبير عن الرأي المناهض والمخالف لها».
وكانت مؤسسة «حرية للحقوق والحريات والتطوير الإعلامي» قد رصدت، في تقريرها السنوي، نحو «359 حالة انتهاك تعرض لها صحافيون وإعلاميون ووسائل إعلامية مختلفة في اليمن» في فترة وجيزة لم تتعد أربعة أشهر فقط منذ اجتياح جماعة الحوثي للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) 2014م.
ويتعرض الصحافيون والكتاب اليمنيون في مختلف المدن والمحافظات لجملة من الانتهاكات والاعتداءات في ظل انفلات الوضع، وانهيار مؤسسات الدولة وسيطرة ميليشيا الحوثي على السلطة. وتنوعت الانتهاكات من اعتقالات تعسفية خارج القانون، واعتداء بالضرب، والخطف، والتهديد بالقتل، بالإضافة إلى اقتحام المنازل، ونهب واقتحام الكثير من وسائل الإعلام والصحف اليومية، وليس انتهاء بحجب العشرات من المواقع المستقلة والخاصة بالتزامن مع بدء عمليات عاصفة الحزم.
وقالت نقابة الصحافيين في بيان سابق إن «الصحافة اليمنية شهدت منذ سقوط العاصمة صنعاء في أيدي الجماعة أكبر وقائع الانتهاكات والاعتداءات ضد الصحافيين ووسائل الإعلام بمتوالية تكشف عن التوجه العدائي الذي حملته هذه الجماعة ضد منابر إعلامية مختلفة أو ناقدة لها، وإن الحريات الصحافية تواجه أكبر تهديد لها منذ إقرار التعددية السياسية بعد إعلان الوحدة اليمنية في عام 1990».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.