كوريا الشمالية تطلق 3 صواريخ باتجاه بحر اليابان

أطلقت كوريا الشمالية، أمس الأربعاء، ثلاثة صواريخ باليستية يُعتقد بأن أحدها عابرٌ للقارات، بعد ساعات على مغادرة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي جاء إلى آسيا خصوصا لتأكيد دعمه لسيول وطوكيو في مواجهة التهديد النووي من بيونغ يانغ.
واستدعى إطلاق الصواريخ هذا، وهو بين عشرين تجربة مماثلة أجرتها بيونغ يانغ حتى الآن هذه السنة، إطلاق صواريخ ووضع طائرات مقاتلة أميركية وكورية جنوبية في حالة تأهب، مع تأكيد هيئة الأركان المشتركة أن «استعراض القوة الذي قام به جيشنا يهدف إلى تسليط الضوء على عزمنا على الرد بحزم على أي استفزازات كورية شمالية، وقدرتنا الهائلة واستعدادنا لتوجيه ضربة دقيقة لمنشأ الاستفزاز». وقالت سيول إن ثلاثة صواريخ على الأقل أطلقت من سونان في ضواحي بيونغ يانغ باتجاه بحر اليابان.
وأعلنت رئاسة أركان الجيش الكوري الجنوبي في بيان أن «الصاروخ الباليستي الأول (يفترض أنه صاروخ باليستي عابر للقارات) بلغ مداه حوالي 360 كيلومتراً ووصل إلى ارتفاع حوالي 540 كيلومتراً». وأضافت أن الصاروخ الباليستي الثاني «وصل إلى ارتفاع 20 كيلومتراً واختفى أثره»، والثالث صاروخ باليستي قصير المدى اجتاز حوالي 760 كيلومترا ًعلى ارتفاع حوالي 60 كيلومتراً.
وعقد الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول اجتماعه الأول لمجلس الأمن القومي، الذي ندد بشدة بعملية الإطلاق الأخيرة، ووصفها بأنها «استفزاز خطير»، خاصة أنها جاءت قبل عودة بايدن إلى الوطن.
وقالت حكومة يون في بيان منفصل: «الاستفزازات المستمرة من جانب كوريا الشمالية لن تؤدي إلا إلى زيادة قوة وسرعة الردع الكوري الجنوبي الأميركي وفرض عزلة أعمق على نفسها».
ودعا متحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الجنوبية «جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية إلى الامتناع عن المزيد من الاستفزازات والدخول في حوار مستمر وموضوعي».
وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن بايدن، الذي غادر اليابان مساء الثلاثاء، أُطلع على عمليات الإطلاق وسيواصل تلقي المستجدات.
وتوازياً، نددت وزارة الخارجية الأميركية بإطلاق الصواريخ الباليستية.، وقال متحدث باسمها إن «الولايات المتحدة تدين إطلاق جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية عدداً من الصواريخ الباليستية»، مستخدماً الاسم الرسمي لكوريا الشمالية.
وأضاف «ندعو جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية إلى الامتناع عن القيام بمزيد من الاستفزازات وإلى الانخراط في حوار جوهري وبناء».
وأشارت الخارجية الأميركية إلى أن وزير الخارجية الكوري الجنوبي بارك جين ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن تحادثا هاتفياً بعد إطلاق الصواريخ، وقال الوزيران إنهما «يأسفان بشدة» لأن كوريا الشمالية «تستخدم مواردها المالية الرئيسية لتطوير السلاح النووي وصواريخ بدلا من تحسين سبل عيش سكانها» ووسائل مكافحة (كوفيد - 19) الذي ينتشر فيها.
وعلى صعيد متصل، قالت القيادة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي إنها كانت على علم بعمليات الإطلاق المتعددة، وإنها تقوم بـ«التقييم والتشاور عن كثب مع حلفائها وشركائها».
في طوكيو، أكدت وزارة الدفاع اليابانية إطلاق كوريا الشمالية ثلاثة صواريخ، وقالت إن هناك صاروخين على الأقل كانا باليستيين والثالث لا يزال قيد التحليل، بحسب ما نقلته وكالة أنباء «كيودو».
وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية (إن إتش كيه) إن الصواريخ سقطت على ما يبدو خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان.
وتعمل بيونغ يانغ على تطوير تكنولوجيات تسمح للصواريخ بالمناورة من خلال تغيير مسارها بعد إطلاقها، بما في ذلك خصوصاً «تكنولوجيا التحليق الانزلاقي الفرط صوتي»، مما يزيد من صعوبة اعتراض هذه الصواريخ من جانب منظومات الدفاع الجوي.
عمد النظام الكوري الشمالي الخاضع لعقوبات دولية بسبب برامجه للتسلح، إلى تسريع تجاربه الصاروخية في الأشهر الماضي، وعزا ذلك إلى الموقف الأميركي «المعادي».
وفي مارس (آذار) الماضي، أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات للمرة الأولى منذ 2017 وتشتبه أجهزة الاستخبارات الكورية الجنوبية والأميركية في أنها تحضر لتجربة نووية وشيكة، ستكون في حال حصولها الأولى منذ خمس سنوات.
وقال الأستاذ في جامعة إيهوا في سيول، بارك وون - غون، إن التجارب كانت «مبرمجة بوضوح عند عودة الرئيس بايدن بعد زيارته كوريا الجنوبية واليابان».
وخلال زيارته كوريا الجنوبية، أجرى بايدن محادثات مع نظيره الجديد يون سوك - يول، والتي شددا خلالها على ضرورة تكثيف التدريبات العسكرية لمواجهة تهديدات الشمال. وقال سوك - يول إنه تم أيضا البحث في نشر طائرات مقاتلة أو صواريخ في شبه الجزيرة «للاستعداد لمواجهة هجوم نووي».
وقال بارك إن إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية كان يهدف إلى إظهار «معارضة كوريا الشمالية» لهذه التصريحات. وفي اليوم الأخير من زيارته كوريا الجنوبية، قال بايدن للصحافيين إن لديه رسالة واحدة فقط للزعيم الكوري الشمالية كيم جونغ - أون «مرحباً. نقطة على السطر».
وهي طريقة للإشارة إلى أن واشنطن تبقى منفتحة على الحوار مع كوريا الشمالية رغم عدم ظهور موقف مماثل من قبل بيونغ يانغ.
المفاوضات مع بيونغ يانغ مجمدة منذ فشل قمة في 2019 بين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون والرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب. وتجاهل النظام الكوري الشمالي كل عروض الحوار التي قدمتها واشنطن.
يذكر أنه خلال زيارته كوريا الجنوبية، قال بايدن أيضا إن واشنطن عرضت تقديم لقاحات ضد (كوفيد - 19) لكوريا الشمالية لكنها «لم تتلق ردا».
فمنذ مطلع مايو (أيار)، أصيب أكثر من ثلاثة ملايين شخص بـ«حمى» بحسب التعبير الذي تستخدمه وسائل الإعلام الرسمية الكورية الشمالية، وتوفي 68 في البلاد بحسب آخر حصيلة رسمية نشرت أمس الأربعاء.
وكوريا الشمالية التي تضم 25 مليون نسمة غير مطعمين، كانت مقطوعة بالكامل عن العالم منذ بدء انتشار الوباء من أجل تحصين نفسها، لكن انتشار المتحورة أوميكرون في الدول المجاورة أدى في نهاية المطاف إلى فشل هذه الاستراتيجية.