أول اكتشاف لحارس العين من العدوى الفيروسية

يقول المثل العربي «العين عليها حارس»، في إشارة إلى بعض الأدوات التي توفّر حماية لها، مثل وجودها في التجويف العظمي الذي يمنحها حماية من جوانب مختلفة، ووجود الرموش والأهداب التي تعمل كمصفاة لمنع دخول الأتربة، والدموع التي تقوم بغسلها.
وإذا كانت هذه الأدوات التي تفسر المثل العربي بشكل «مجازي»، فإن فريقاً بحثياً أسترالياً عثر على حارس حقيقي للعين، يحميها من الغزاة الفيروسيين، وهو الخلايا التائية المناعية في القرنية.
وتقوم خلايا الذاكرة التائية المناعية طويلة العمر بدوريات في الجسم لمحاربة الالتهابات الفيروسية، ولكن كان هناك اعتقاد سائد أنها لا توجد في القرنيات، حيث لم يتم النظر سابقاً في وجود الخلايا التائية في القرنية، نظراً لأن العين لا تنتج سوى استجابة مناعية ضعيفة لتجنب الالتهاب الذي قد يعوق رؤيتنا، ولكنّ فريقاً بحثياً من معهد بيتر دوهرتي للعدوى والمناعة بجامعة ملبورن بأستراليا، عثر عليها في القرنية، في اكتشاف عالمي هو الأول من نوعه.
وخلال الدراسة المنشورة أول من أمس، في دورية «سيل ريبورتيز»، أبلغ الفريق البحثي عن تفاصيل هذا الاكتشاف، حيث نجحوا باستخدام مجهر متعدد الفوتونات في توفير صور حية لأنسجة بيولوجية حية وسليمة لدراسة خلايا القرنية في الفئران المصابة بفيروس الهربس البسيط.
وكشفت صورهم عن خلايا ذاكرة تائية طويلة العمر تنتج في عيون الفئران لمحاربة العدوى، وبقيت هذه الخلايا في القرنية بعد القضاء على الفيروس لدرء أي عدوى في المستقبل.
كما كشف التصوير المتقدم للعين لدى الأشخاص الأصحاء عن وجود خلايا مناعية تقوم بدوريات في القرنية، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تصوير الخلايا، وهي تتحرك في عيون الإنسان.
ويقول سكوت مولر، رئيس المختبر في معهد دوهرتي والباحث الرئيسي بالدراسة، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الاكتشاف له آثار مهمة في فهم كيفية درء العين للعدوى الخطيرة.
ويضيف: «الفهم الحالي بأن الخلايا التائية لا توجد في القرنيات السليمة يحتاج إلى إعادة النظر، حيث يظهر اكتشافنا أن خلايا الذاكرة التائية المقيمة في الأنسجة تدخل القرنية، وتبقى هناك لفترات طويلة، وستعمل النتائج التي توصلنا إليها على تحسين فهم كيفية حماية أعيننا من العدوى، التي تسبب العمى الدائم، مثل فيروس الهربس البسيط».