غيبرسوس مديراً لـ«الصحة العالمية» لولاية ثانية

غيبريسوس محتفلاً بإعادة انتخابه أمس (أ.ب)
غيبريسوس محتفلاً بإعادة انتخابه أمس (أ.ب)
TT

غيبرسوس مديراً لـ«الصحة العالمية» لولاية ثانية

غيبريسوس محتفلاً بإعادة انتخابه أمس (أ.ب)
غيبريسوس محتفلاً بإعادة انتخابه أمس (أ.ب)

بعد عامين ونصف العام على ظهور أكبر جائحة عرفها العالم في العصور الحديثة، وأوقعت أكثر من 15 مليون ضحية حسب التقديرات الأخيرة، وبعد أن تعرّض طيلة أشهر لانتقادات شديدة من الدول الغربية التي اتهمته بخدمة مصالح الصين والتغاضي عن تجاوزاتها وعدم كشفها معلومات أساسية عن الوباء في المرحلة الأولى من الجائحة، جدّدت جمعية الصحة العالمية أمس (الثلاثاء)، بالتزكية، للإثيوبي تادروس أدهانوم غيبريسوس ولاية ثانية على رأس منظمة الصحة التي تخضع منذ أشهر لعملية إصلاحية واسعة بهدف توسيع صلاحياتها ومدّها بموارد إضافية لمواجهة جوائح المستقبل التي لم يعد يدور الجدل حول ظهورها بقدر ما يدور حول توقيتها وطبيعتها ومدى خطورتها.
لكن العملية الإصلاحية التي كانت موضع إجماع بين الدول الأعضاء في مرحلة انطلاقها، راحت تتباعد المواقف حول عمق أبعادها ومضمون أهدافها، خصوصاً فيما يتعلّق بالصلاحيات الجديدة التي ستناط بها المنظمة في الطوارئ الصحية الدولية، وبنفوذ القطاع الخاص الذي يتمتّع حالياً بتأثير واسع في دوائر القرار، إذ يموّل وحده أكثر من نصف ميزانية المنظمة. ومما لا شك فيه أن الأجواء الدولية الراهنة الناشئة عن الحرب في أوكرانيا ستكون وقوداً لمزيد من التوتر الذي بدأ يسيطر على النقاش الدائر حول الإصلاحات.
وتقول الدول المعارضة للذهاب بعيداً في العملية الإصلاحية، أو المتحفظة عليها، إن الاقتراحات المطروحة في مسودّة المعاهدة الجديدة قيد النقاش تمنح المنظمة، ومديرها العام، صلاحيات شبه مطلقة في نظام مركزي لمراقبة المشهد الصحي العالمي وإدارته خارج سيادة الدول والرأي العام.
ومن البنود الأساسية التي تعترض عليها هذه الدول، مدعومة من عدد كبير من المنظمات غير الحكومية، أن التعديلات المقترحة على بعض المواد في دستور المنظمة تمنح المدير العام صلاحية إعلان حالة طوارئ صحية في أي دولة كانت، حتى في حال عدم موافقة الدولة المعنية أو اعتراضها.
يضاف إلى ذلك أن الاقتراحات التعديلية على اللوائح الصحية العالمية، التي أعدّتها مجموعة من الخبراء ووزعتها المنظمة على الدول الأعضاء مطالع السنة الحالية، تعطي المدير العام صلاحية إعلان حالة طوارئ صحية إقليمية من غير الرجوع إلى البلدان المعنية، والإنذار بحالة طوارئ صحية عامة على الصعيد الدولي.
ولا تنصبّ مآخذ الدول المعترضة على الإصلاحات والمنظمات التي تدعمها على الدور المحوري للمنظمة في إدارة الطوارئ الصحية والجوائح في المستقبل بقدر ما تستهدف الدور شبه المؤكد الذي يمكن أن تلعبه شركات الأدوية الكبرى، وحكومات الدول التي تنتمي إليها، في تحديد مسار التصدّي لهذه الطوارئ والجوائح وشروط الاستجابة لها مثل تدابير الإقفال والقيود على التنقل والسفر وفرض اللقاحات الإلزامية، على غرار ما حصل خلال جائحة كوفيد. كما يقول المعترضون إن هذه التعديلات على دستور المنظمة، في حال إقرارها، ستكون بمثابة معاهدة تأسيسية جديدة مفصّلة على مقاس الدول الغنيّة ومصالح شركات الأدوية، فضلاً عن أنها تشكّل انتهاكاً لسيادة الدول التي تعد من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الأمم المتحدة.
وتذهب بعض المنظمات الدولية غير الحكومية الوازنة في انتقاداتها الإصلاحات المقترحة حد اتهام «الصناديق الخاصة» في المنظمة، التي تموّلها شركات الأدوية الكبرى وبعض حكومات الدول الغنية، بأنها وراء «الفساد الذي يشكّل الخطر الأكبر على الصحة العامة الدولية في هذا العصر». وتشير على وجه الخصوص إلى التوصيات التي تصدر دوريّاً عن منظمة الصحة بشأن العقاقير، بما فيها «قائمة الأدوية الأساسية» التي يرى فيها كثيرون انحيازاً واضحاً إلى بعض الشركات المنتجة ويشككون في مصداقية المسوّغات العلمية التي تستند إليها.
في موازاة ذلك، وبينما واصلت منظمة الصحة تأكيداتها بأن خطر انتشار فيروس «جدري القرود» على نطاق واسع ما زال محدوداً جداً، «لكن المعلومات القليلة المتوافرة عنه حتى الآن في البلدان الأوروبية تنصح بالحذر ومراقبة الوضع عن كثب». وحذّر مدير قسم الامراض المعدية في مستشفى جنيف الجامعي لوران كايزر، من التقليل من المخاطر المحتملة لهذا الفيروس، خصوصاً أن معظم الأنظمة الصحية ترزح تحت ضغط كبير منذ بداية جائحة كوفيد، وهي ليست جاهزة بعد لمواجهة انتشار وباء جديد، حتى وإن لم يكن عالي الخطورة.
وقال كايزر في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط» أمس: «كلنا يتذكّر تلك التصريحات الأولى حول فيروس كورونا الذي لم يكن يُعرف عنه شيء تقريباً، وما هي سوى أسابيع قليلة حتى بدأ ينتشر إلى أن أصبح جائحة». وإذ استبعد كايزر أن يتحوّل جدري القرود إلى جائحة، نبّه إلى احتمال ظهور موجة جديدة لـ«كوفيد - 19» بحلول الخريف المقبل، حيث «سيكون من الصعب جداً على معظم المنظومات الصحية التصدّي لوبائين في الوقت نفسه».


مقالات ذات صلة

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صحتك لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صُمم جهاز طبي مبتكر يُعرف باسم « Genio» يهدف إلى تحفيز الأعصاب في اللسان لتحسين التنفس أثناء النوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي سوريون ينتظرون في طابور للعبور إلى سوريا من تركيا في منطقة ريحانلي في هاتاي بتركيا في 10 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

الصحة العالمية: نزوح مليون شخص منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الثلاثاء، إن نحو مليون شخص نزحوا منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أن قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)

مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

لم تمنع الضغوط والأعباء المادية الكبيرة التي تتكلفها مصر جراء استضافة ملايين الوافدين، من علاج الآلاف منهم من «فيروس سي»، ضمن مبادرة رئاسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».