تقرير دولي: الحروب في العالم أقل عددا.. لكنها أكثر فتكا منذ 2008

المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية قال إن 63 حربًا اندلعت قبل 7 سنوات مقابل 42 العام الماضي

تقرير دولي: الحروب في العالم أقل عددا.. لكنها أكثر فتكا منذ 2008
TT

تقرير دولي: الحروب في العالم أقل عددا.. لكنها أكثر فتكا منذ 2008

تقرير دولي: الحروب في العالم أقل عددا.. لكنها أكثر فتكا منذ 2008

أصدر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، ومقره لندن، الطبعة الأولى لتقريره حول النزاعات المسلحة في العالم، تشير إلى أن الحروب كانت أقل عددا في 2014 لكنها أكثر فتكا.
وأشار التقرير إلى توسعات تنظيم داعش في سوريا والعراق، وقال إن «داعش» تركز على السيطرة على المدن، وليس على الأراضي الشاسعة في البلدين. وأشار التقرير، أيضًا، إلى الحرب في أوكرانيا، وقال إنها جزءًا كبيرًا من القتال هناك يستهدف المدن، سواء التي تؤيد حكومة أوكرانيا، أو التي تؤيد الانفصاليين الذين تدعمهم روسيا.
وينشر معهد الأبحاث البريطاني سنويا حصيلة استراتيجية وتقريرا حول توازن القوى في العالم. وهو يملك أيضا منذ 2003 قاعدة بيانات حول النزاعات المسلحة استخدمت لتغذية النشرة الجديدة التي قدمت في مقر المعهد الواقع على ضفاف نهر التيمز في لندن. ويتناول التقرير بالتفصيل طبيعة ونتائج 42 نزاعا مسلحا (حروب أهلية وحركات تمرد) سجلت في العالم في 2014. أي أقل بـ21 من النزاعات الـ63 التي أحصيت في 2008.
ولفت نايجل انكستر الأخصائي في التهديدات العابرة للحدود في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إلى «أن عدد النزاعات المسلحة تضاءل تدريجيا منذ أن أطلقنا قاعدة المعطيات.. لكن هذا التراجع عوض بتزايد كثافة العنف المترافق مع هذه النزاعات». فبينما أسفرت النزاعات الـ63 في 2008 عن سقوط 56 ألف ضحية في الإجمالي، سقط أكثر من 180 ألف شخص قتلى في النزاعات الـ42 العام الماضي، أي أكثر بثلاثة أضعاف.
والحرب في سوريا التي أوقعت 70 ألف ضحية في 2014 من إجمالي يزيد عن 200 ألف خلال أربع سنوات، مسؤولة إلى حد كبير عن هذه الزيادة. إلى ذلك تسبب تقدم تنظيم داعش العام الماضي بمقتل 18 ألف شخص في العراق البلد الثاني الذي شهد أكثر النزاعات دموية متقدما على المكسيك بحسب تقرير المعهد. وأضاف هيغل انكستر أن النزاعات تؤدي أيضا إلى «تزايد عدد النازحين داخل بلدانهم وكذلك اللاجئين في سائر أرجاء العالم». وأعلنت وكالة الأمم المتحدة للاجئين العام الماضي أن هذا العدد تجاوز في 2013 الخمسين مليون شخص للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية.
وأضاف التقرير أنه، رغم انخفاض عدد الحروب والاشتباكات، زاد عدد القتلى بمقدار ثلاثة أضعاف منذ عام 2008. وقال التقرير إن من بين النتائج الجانبية لهذه الحروب: سهولة الحصول على الأسلحة، وإيذاء النساء والأطفال، وزيادة أعداد اللاجئين سواء داخل أوطانهم أو في دول أخرى.
حسب التقرير، في عام 2008، تسببت 63 حربًا واشتباكًا في قتل قرابة ستين ألف شخص. وفي العام الماضي، تسببت 42 حربًا واشتباكًا في قتل قرابة مائتي مليون شخص، بما يساوي ثلاثة أضعاف الذين قُتلوا قبل ذلك بست سنوات. وقتل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني 2500 شخص في العام الماضي، أغلبيتهم من المدنيين. وفي العام الماضي أيضًا، تضاعف عدد القتلى في ليبيا واليمن وجمهورية أفريقيا الوسطى بسبب الحروب والاشتباكات هناك.
حسب التقرير، في عام 2013، تجاوز عدد اللاجئين، في الداخل والخارج 50 مليون شخص. مع توقع أن السكان المدنيين سيستمرون في دفع ثمن الصراعات. وتوقع مزيد من التفكك في الدول، وانهيار الخدمات الحكومية، خصوصًا التعليم والرعاية الصحية والنهضة الاقتصادية. في العام الماضي، قال تقرير أصدره البنك الدولي إن أكثر من مليار شخص في العالم يتأثرون بهذه الحروب والنزاعات. وإن هذا يساوى خُمس سكان العالم.
وجاء في مقدمة تقرير المعهد العالمي للدراسات الاستراتيجية: «كشفت الحرب في أفغانستان والعراق حدود القوة العسكرية الصارمة. وأدت إلى زيادة أنواع أخرى من الحروب (مثل القصف الجوي، وعمليات طائرات «درون»). وأيضًا، زيادة ما ترى دول أنه ليس إلا هيمنة أميركية». حسب التقرير، في العام الماضي، قتلت الحرب الأهلية في سوريا خمسين ألف شخص تقريبًا. وحرب المخدرات والجرائم في المكسيك عشرين ألف شخص تقريبًا. وحروب أميركا الوسطي، السياسية والإجرامية، خمسة عشر ألف شخص تقريبًا. وحرب العراق، عشرين ألف شخص تقريبًا. وحرب جنوب السودان اثني عشر ألف شخص تقريبًا. وحرب أفغانستان أربعة آلاف شخص تقريبًا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.