الرزامي... من وهم خلافة مؤسس «الحوثية» إلى «التهام» العقارات

عبد الله الرزامي في صورة متداولة بوسائل إعلام حوثية
عبد الله الرزامي في صورة متداولة بوسائل إعلام حوثية
TT

الرزامي... من وهم خلافة مؤسس «الحوثية» إلى «التهام» العقارات

عبد الله الرزامي في صورة متداولة بوسائل إعلام حوثية
عبد الله الرزامي في صورة متداولة بوسائل إعلام حوثية

أثناء الانتفاضة التي قادها الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح ضد الحوثيين في صنعاء عام 2017، وبعد يومين من فرار معظم مسلحيها من المدينة خشية الانتقام الشعبي، استعان قادة الميليشيات بمجموعة من المسلحين الذين يقودهم قيادي اسمه عبد الله الرزامي، وهو أحد رفاق حسين الحوثي مؤسس الحركة الحوثية، وتولى اقتحام صنعاء وقاد المواجهة حتى مقتل صالح.
وفي حين كان الرزامي يتطلع إلى خلافة مؤسس الجماعة تخلى عن طموحه لتتفرغ قواته التي تمركزت في مواقع مختلفة داخل العاصمة واتخذت من جنوب المدينة مركزا لها بقيادة نجله للبسط على الأراضي والممتلكات العامة والخاصة تحت دعاوى متنوعة، حتى بات يعرف بين الأوساط اليمنية بأنه «يلتهم العقارات».
ارتبط اسم الرزامي بمؤسس الميليشيات حسين الحوثي حيث كان أحد المقربين منه وكان الأكثر إيمانا بمزاعم أنه «صاحب معجزات» وبأسطورة أنه «لن يدخل الجنة أو يكتمل إيمانه إلا برضاه عنه»، وفق ما يتداوله مقربون من دائرة حكم الميليشيات.
وعند مقتل الحوثي في النصف الثاني من عام 2004، رفض الرزامي الاعتراف بمقتله. وجمع مقاتليه في محاولة لقيادة التمرد حينها وكان سببا في اندلاع حرب صعدة الثانية والثالثة، ولكن بدر الدين الحوثي أجهض تطلعاته وبايع ابنه عبد الملك لخلافة أخيه، باعتبار أن الرزامي لا ينتمي إلى نفس سلالتهم.
لهذا اختفى الرجل عن المشهد وتداول الناس روايات عن إحباطه واعتزاله الحياة وأنه ما يزال يرفض الاعتراف بمقتل حسين الحوثي ويؤكد أنه حي يرزق، وعاش الرجل في عزلة تامة وصفها مناصروه بالزهد الإيماني بسبب فقدان صديقه، قبل أن تتضح الأمور بأن موقفه كان غضبا من استبعاده من موقع القيادة.
وحتى بداية الانقلاب واجتياح صنعاء لم يكن يذكر اسم الرزامي إلا نادرا، ومع دخول العلاقة بين الرئيس صالح والحوثيين مرحلة المواجهة، ودعوته لانتفاضة شعبية شاملة ضد الميليشيات، وما ترتب على ذلك من قطع الطرقات واستهداف نقاط الميليشيات في العاصمة ومحيطها، استنجد الحوثيون بالرزامي ومجموعته للمشاركة في إخماد الانتفاضة، وذكرت مصادر قريبة من الميليشيات أن حوالي عشرين ألف مسلح تم إحضارهم من صعدة بقيادة الرزامي وأنهم تمكنوا من استعادة السيطرة على العاصمة بعد يومين من سقوط معظم أحيائها ومواقعها بيد المؤيدين للرئيس صالح.
ووفق ما أكدته مصادر متعددة قريبة من الميليشيات فإن الرزامي أعاد توزيع جزء كبير من قواته في أحياء العاصمة ومحيطها بقيادة نجله يحيى الذي منح رتبة لواء وسيطر على المواقع العسكرية المزروعة وسط الأحياء السكنية في جنوب المدينة وغربها.
وبحسب المصادر، استولى الرزامي الابن على ممتلكات الكثير من الأشخاص بحجج أنها أراضٍ تابعة للأوقاف أو مملوكة للدولة، بخاصة في المنطقة الممتدة من أطراف حي بيت بوس مرورا بحي بيت زبطان ومنطقة سنع وصولا إلى قرية حدة ومنطقة العشاش، إذ إن أغلب أراضي هذه الأحياء تم التلاعب بوثائق ملكيتها، بعد أن كان جزء كبير منها عبارة عن ممتلكات عامة تم منحها لمنتسبي قوات الجيش كأراض سكنية.
وتتهم المصادر الرزامي المعين في منصب المفتش العام بوزارة الداخلية في حكومة الميليشيات بأنه تمكن من استخراج مجموعة من الأوراق والمحررات المزورة، لشرعنة عمليات السطو على أملاك الدولة والمواطنين عبر القضاء، حيث قام أتباعه بالاعتداء على القاضي خالد الأثوري المعين من الحوثيين رئيسا لمحكمة جنوب شرقي الأمانة، لأنه رفض التصديق على الوثائق التي تمكنه من مصادرة الأراضي المنهوبة.
ومع ذلك فقد أظهرت بيانات مكتب الأوقاف في محافظة صنعاء أن الرجل الذي حاولت الميليشيات تقديمه طوال عقدين من الزمن على أنه ورع وتقي ونموذج للمؤمنين بأفكارها أقدم على نهب أراض زراعية وتلال في منطقة بيت زبطان من خلال قائد الموقع العسكري لقواته في تلك المنطقة المعروف باسم أبو عبد الله الشغدري.
الرزامي الأب أطلق يد قواته للسطو على أراضي الجمعيات السكنية الخاصة بمنتسبي قوات الجيش والأمن في مرتفعات نقم وسعوان وصرف وشملان وعطان وقرية العشاش وفي مناطق عصر في شارع الخمسين وبيت بوس، وحزيز، وعمد، والألجام، وريمة حميد، وهمدان وغيرها.
وبالتنسيق مع من يسمى برئيس هيئة الأركان الحوثية عبد الكريم الغماري شكل الرزامي لجنة بقيادة المدعو أبو حيدر جحاف، وبدعم من عبد الخالق الحوثي، وعمه عبد الكريم الذي يشغل منصب وزير الداخلية في حكومة الانقلاب، حيث منحت هذه اللجنة سلطة بيع الأراضي المنهوبة ومنع ملاكها من أي استحداث فيها أو الوصول إليها، وتوريد أثمانها إلى حساباتهم الخاصة.
وقال متضررون من هذه الإجراءات إن لجنة الحوثيين حجزت مدينة ضباط الجوية في حي شملان، كما بسطت على أراض زراعية بمنطقة الروضة تابعة لوزارة الزراعة، إضافة إلى مزرعة في منطقة بني حشيش تتبع الهيئة العامة لأراضي وعقارات الدولة وأراض زراعية في منطقة فج عطان مملوكة لسكان حي بيت زبطان.
في أثناء ذلك برزت واحدة من القضايا التي قام فيها نجل الرزامي بالاستيلاء على بيت يملكه شخص اسمه عبد السلام النجار بعد أن رفض تأجيره لهم، وذكر الرجل في شكوى وجهها لقائد الميليشيات عبد الملك الحوثي، أنه خسر قرابة 17 مليون ريال (الدولار حوالي 600 ريال) وهو يتوسل العدالة والإنصاف.
كما ذكر النجار في شكواه أنه سافر إلى صعدة كي يقابل زعيم الميليشيات ليحصل منه على أمر بإخراج الرزامي من بيته، ولكن وبعد مرور عام ونصف العام على ذلك يتم توجيه الخطاب إلى الرزامي الأب والذي أبلغه في نهاية المطاف أنهم سيعيدون منزله بعد انتهاء الحرب بحجة أن حي «بيت زبطان» منطقة عسكرية.
ويقول المشرف الاجتماعي لميليشيات الحوثي في مديرية السبعين جنوب صنعاء واسمه أبو غالب هشام في تقرير رفعه لقادة الميليشيات إنه أبلغ مكتب الرزامي بما حصل من استيلاء على أراضي الناس، وأنه فوجئ أن مجموعة مسلحة تتمركز في منزل مكون من ثلاثة أدوار وبداخله عشرات من سيارات الدفع الرباعي.
وبحسب ما قاله المشرف الحوثي، هناك المئات من الناس الذين يشتكون من نهب ممتلكاتهم، حيث حولت مجموعة الرزامي المنزل إلى نيابة ومحكمة خاصةً تفصل في قضايا الأراضي، متهما القيادي الشغدري بأنه مدعوم من الرزامي حيث أعطاه الضوء الأخضر لظلم الناس، حيث لا يعترف بأي سلطة، وقال «كل سكان المنطقة يكرهونهم (مجموعة الرزامي) ويشكون منهم لارتكابهم أعمالا معاكسة للأخلاق والقيم». وفق تعبيره.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.